أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل عبد الأمير الربيعي - مقابر الطائفة اليهودية في العراق















المزيد.....

مقابر الطائفة اليهودية في العراق


نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)


الحوار المتمدن-العدد: 3969 - 2013 / 1 / 11 - 14:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يعود تاريخ الطائفة اليهودية في العراق إلى الموجة الأولى التي جلبها الآشوريون من بلاد كنعان إلى إقليم كردستان في عهد الملك سنحاريب عام (701) ق.م من خلال هجومه على مملكة يهودا فقد احتلَ ست وأربعين مدينة محصنة وأسرَ (200) عائلة يهودية , أما التهجير الكبير الثاني فكان أبان الملك نبوخذ نصر عام (597) ق.م لاحتلاله أورشليم ثم احتلها مرة أخرى عام (586)ق.م , حيث أسرَ خمسين ألف شخص كما يذكر الدكتور فاضل عبد الواحد في (ألواح سومرية ) ص242.
كان لأبناء الديانة اليهودية وجود طبيعي في العراق على مرّ التاريخ كمواطنين مميزين عملوا مع أبناء الطوائف الأخرى في البلد وبجميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية , إضافة إلى أنهم كان لهم حضور ديني متمثل بالعديد من مقامات الأنبياء لبني إسرائيل ومحلات ودور وأسواق ومعامل ومزارع كبقية أتباع الديانات الأخرى في العراق كالمسلمين والمسيحيين والصابئة والأيزيديين , فلهم طقوسهم ومقابرهم في بلاد الرافدين ,حيث تقام خارج المدن في تلك الأزمنة وفي الشتات ,لهم تقاليد في دفن الميت وقدماه في اتجاه القدس , وشواهد القبور تكون باللغة العبرية والعربية مع تاريخ الولادة والوفاة , فكانت في العهود الغابرة شواهد القبور حجرية صامتة يختار للمقابر الأماكن المرتفعة أو أعلى الهضبة , فيدفن الأموات فرادى أو جماعات منذ فجر التاريخ, وقد تولى الإنفاق على ترميم المقابر والخدمات العامة الطائفة الموسوية من خلال مكتبها في شارع النهر , فهي المسؤولة عن دفع فواتير الماء والكهرباء ورواتب خدمة المقابر ومتعلقاتها المادية الأخرى, لكن أثناء الحكم التتري تم تدمير معظم قبور اليهود ونبشها , مع العلم تعتبر أرض المقبرة أرض مقدسة , وتقام الطقوس الدينية المعينة عند افتتاح المقبرة , ويعتبر إنشاء المقبرة من أولويات المجتمع اليهودي في أي مكان في العالم , فكانت أكبر المقابر اليهودية في أوروبا موجودة في بودابست وبراغ و وارسو وبرلين وخوتين في اوكرانيا ومقبرة ستريت في تشارلستون في ولاية كارولينا الجنوبية للولايات المتحدة ومقبرة ميكيفية في فيلادلفيا ومقبرة ريتشموند في ولاية فرجينيا وهنالك العديد من المقابر , فأينما تواجدت الطائفة اليهودية تواجدت مقابرهم بقرب سكناهم .
أما في العراق فمن أقدم المقابر ما تقع في منطقة العمادية وبابل والبصرة والديوانية والموصل وبغداد , وتعتبر هذه الأماكن مقدسة لدفن المنتمين للديانة اليهودية حفاظاً على التقاليد الدينية , ويطلق عليها في العبرية ( بيت علمين) أو ( بيت كفارت) ومعناها بيت الأبدية , كانت طقوس غسل وتكفين ودفن الموتى مشابهه في الحقيقة للطقوس التي يقوم بها المسلمون في دفن موتاهم , ففي مدينة الديوانية كانت مقبرة اليهود خارج المدينة قرب ما يسمى قرية (ألبو صالح) لكن فترة السبعينات استغلت أرضها لبناء معمل لصناعة الطحين , وفي مدينة الحلة تقع مقبرة الطائفة اليهودية على شارع أربعين وقد تم بناء في عهد النظام السابق جامع كبير على أرضها والآن مستغلة من قبل الجامعة الأهلية , إضافة إلى تواجد مقبرة في الكفل لدفن أبناء الطائفة والتمسك بهذا المكان لتواجد قبر نبي الله ذو الكفل فكان المكان عبارة عن مقبرة وأسواق ومقام يزوره الآلاف من أبناء الطائفة أبان فترة الأربعينات من القرن الماضي وتواجد سوق يدعى (سوق دانيال ) يوجد لحد الآن ومستغل من أبناء المنطقة لبيع الملابس والكماليات , أما في بغداد فكانت مقبرة اليهود تقع قريب من حي النهضة ,كانت حاجز فترة التطور العمراني الكبير في السبعينات من القرن الماضي , حيث اتخذت السلطات بنقل المقبرة خارج المدينة عام 1975 , ويذكر الكاتب ( هادي مرعب جلو) في تحقيق أعده لجريدة البينة الجديدة بعنوان (أكبر مقبرة لليهود في العراق .. أسرار خلف الأسوار)" تم نقل رفاة الآلاف من المتوفين فيها باشراف دقيق من السلطات المحلية ومن وزارة الأوقاف العراقية ورجال دين من الطائفة الموسوية ... (إلى منطقة الحبيبية) تعود ملكية الأرض لمواطن يهودي يدعى دانيال تبرع بها , فضلا عن مبلغ مليون دينار عراقي حينه)" والمقبرة في الضاحية الشمالية للعاصمة بغداد القريبة من العمارات السكنية .
أما في مدينة البصرة , تقع المقبرة في منطقة السعدونية بالمشراق (البصرة القديمة) , ولكن من المؤسف قد شيدت على جزء منها في عهد النظام السابق فرقة حزبية (فرقة المهلب بن أبي صفرة)لكن عام التغيير 2003 أصبحت المقبرة للسكن العشوائي للعوائل ومكب للنفايات وقد تم التجاوز على القبور وبعثرتها ولم يبقى من المقبرة إلا ثلاثة قبور, فتم القضاء على معظم المساحة التابعة للمقبرة , مما تحولت إلى تجمع سكاني وضاعت المعالم النهائية للمقبرة , إضافة إلى تشييد ملعب رياضي شعبي من قبل أبناء التجمع السكاني العشوائي , وساحة وسوق لبيع المواشي والخيول والأبقار.
يصف الكاتب عبد الكريم العبيدي في روايته (الذباب والزمرد) ص84 واقع الموسيقى الجنائزية لمقبرة البصرة " كانت موسيقى الموت في البصرة من صنع يهودي ظلت تهدر ليلاً من مقبرتهم في السعدونية لما يقرب من قرن , أنغام تشبه أنين العظام والجماجم, يشترك في صنعها صيون كوهين وفلفل كخوفجي وسليم زبلي وعزرا هارون وصالح طقوا , حيث يجلس نسيم مراد يشرَع بقراءة مقاماته الخالدة , يستيقظ موشي شماش ويوسف زعرور وسلطانة وصالح الكويتي وأخيه داود " تبقى مقبرة اليهود في السعدونية هي عروس المقابر , التي تتحول في الليل إلى أكبر بار شعبي يضم العشرات من السكارى واللصوص والهاربين من الجندية أبان النظام السابق .
مع كل ما وقع من حيف واضطهاد على أبناء الطائفة اليهودية في العراق حتى رحيلهم وتهجيرهم بعد إسقاط الجنسية العراقية عنهم عام1951 وهجرة ما تبقى منهم عام 1974 , كان آخر من هاجر من يهود العراق بعد عام 2003 من مدينة البصرة سليمة موشيه , يذكر الكاتب عبد الكريم العبيدي في روايته الآنفة الذكر ص89 " كانت تسكن في بيت قديم لوحدها في العشار والبالغة من العمر نحو 80 عاماً هي آخر شخصية يهودية تغادر محافظة البصرة بعد سقوط النظام السابق , حيث كانت تسكن وحيدة في شقة ذات آثاث متواضع تقع في منطقة العشار , وكانت تعتمد في معيشتها على إيجار المحل الذي يستأجره العراقيين ويعود ملكيته إلى زوج أختها التاجر اليهودي صالح يعقوب حزقيل , وقد قامت وكالة الهجرة اليهودية بنقلها جواً مع مجموعة من العراقيين اليهود إلى إسرائيل بعد سقوط النظام ضمن إطار قانون ( العودة) الذي يسمح ليهود العالم بالاستقرار في إسرائيل , وبرحيل السيدة سليمة أغلق باب الوجود اليهودي في محافظة البصرة الذي بلغ تعداد المواطنين اليهود فيها (6956) نسمة في العام 1920 أي بواقع 3ر4% من مجموع السكان البالغ آنذاك (1656090) نسمة " .
تعايش العراقيون بكل أطيافهم الدينية والقومية بسلام و وئام وتآلف ومحبة جمعتهم الجيرّة والطيبة والزاد والملح والفقر والمرض والموت والحزن الذي مرّ على العراقيين أبان الحكومات السابقة, مع أيام الأفراح والمسرات والزواج وأيام شهر رمضان وعاشوراء والسبت اليهودي وسفراتهم الجماعية في نهر العشار , لكن هجرتهم القسرّية نهاية الأربعينيات من القرن الماضي بعمليات الهجرة الجماعية والتي سميت بعملية ( عزرة ونحمية ) قد ضاع كل جميل بعدهم وحلّ الدمار والخراب والحروب والهجرة الجماعية لبقية المكون العراقي من الديانة المسيحية والمندائية والأيزيدية , وما زلنا مغفلين وآخر من ظلَ شاهداً على موت بلاد الرافدين .



#نبيل_عبد_الأمير_الربيعي (هاشتاغ)       Nabeel_Abd_Al-_Ameer_Alrubaiy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يهود العراق أبانَ العهد الجمهوري1958
- قرة العين (زرين تاج )هي تاريخ لصوراً رائعة وخالدة عن نضال ال ...
- يهود العراق والهوية الوطنية
- ساسون سوميخ .. الباحث في الأدب العربي
- السادية في الجهاد باسم الدين
- الهوية العراقية والسياسة ومَن أُحِب
- شاعر المقاومة والثورة ...مظفر النواب
- الديانة البهائية والعالمة في امور الدين قرة العين (زرين تاج)
- الصابئة المندائيون
- الحركة الفكرية والثقافية في أربعينات القرن الماضي
- حوار مع معاون عميد كلية الإدارة والاقتصاد – جامعة بابل الدكت ...
- جدل المعرفة والحضارة والوجود
- واقع الشخصية العراقية اليوم بعد الغزو الأمريكي
- أنسام وسحر شهيدتين لمدينة جنوبية مسكونة بالإبداع والحب والجم ...
- يهود الحلة ...تأريخهم وعلاقاتهم الاقتصادية والاجتماعية
- الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية
- عزيز الحاج ورحلة مع تحولات مفصلية
- الشهيد باسل الطائي(أبو تغريد)...مفخرة مدينة الحلة
- الأنشطة الاقتصادية ليهود العراق
- آهرون ساسون معلم ودوره في تأسيس الجمعيات الصهيونية في العراق


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل عبد الأمير الربيعي - مقابر الطائفة اليهودية في العراق