أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - الفشل التاسع والعشرون















المزيد.....

الفشل التاسع والعشرون


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1145 - 2005 / 3 / 23 - 12:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أغامر بكتابة هذه الكلمات قبيل انعقاد القمة العربية فى الجزائر التى من المفترض ان تكون قد انعقدت أمس الثلاثاء وتنفض اليوم الأربعاء الموافق 23 مارس.
واغامر أكثر بسبق الأحداث وسبق ما ستسفر عنه هذه القمة من بيانات وتصريحات ووثائق لأقول أن عشم إبليس فى الجنة أكثر واقعية من عشم المواطن العربى فى القمم العربية عموما وقمة الجزائر خصوصا.
وأستند فى هذا الاستنتاج المتشائم الى عدة أمور، أولها وأهمها خبرتنا مع ثمانية وعشرين قمة عربية سابقة تم عقدها منذ تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945، وكانت حصيلة أغلبيتها الساحقة كلمات جوفاء فى معظم الأحوال وغير جوفاء أحيانا لكنها ظلت مجرد كلمات و"أقوال" فى كل الأحوال لانها – كما ثبت من التجربة – قد امتنعت دائما عن الدخول فى حيز "الأفعال".
حتى الاتفاقات التى وقعها أصحاب الفخامة والجلالة والسمو رؤساء وملوك وأمراء العرب ظلت فى الأغلب الأعم حبرا على ورق.
ولا نحتاج الى التدليل على تفاهة حصيلة كل اجتماعات القمة العربية الثمانية والعشرين التى سبقت قمة الجزائر، لأن الواقع العربى المتردى هو فى حد ذاته شهادة لا تحتاج الى تعليق سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية.
يكفى أن نتذكر أن أول قمة عربية عقدت عام 1946 فى أنشاص لبحث تطورات الوضع فى فلسطين عقب الإعلان عن عزم بريطانيا إحالة القضية الفلسطينية الى الأمم المتحدة وبعد هذه القمة – وما تلاها من قمم – ضاع نصف فلسطين ثم كل فلسطين.
ووصل الحال الى أن القمة رقم 29، أى القمة العربية الأخيرة بالجزائر، شهدت فى دهاليز التحضير لها "مبادرة" أردنية تدعو لتطبيع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل، حتى قبل استعادة الأراضي العربية المحتلة عام 1967.
ومعنى هذا ان من بين العرب من أصبح يدافع عن أن تكون العلاقات بينهم وبين إسرائيل "طبيعية"، و"سمنا على عسل" حتى فى ظل استمرار احتلالها للأراضي العربية واستمرار اغتصابها للحقوق الوطنية المشروعة للفلسطينيين!
ولم يكن من باب الصدفة ان ترحب تل أبيب بهذه "المبادرة"، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم بقوله أنه رغم ان دولا عربية أخرى أصرت على تعديل المبادرة الأردنية، إلا أن واقع انها طرحت قد يؤدى إلي إقامة علاقات دبلوماسية مع عدد أكبر من البلدان العربية.
وأضاف "أننا مسرورون للغاية بالمبادرة الأردنية، وأعتقد أن بإمكاننا تحقيق تقدم مع بلدان عربية أخرى".
واعتبر شالوم ان مجرد إقدام الأردن على طرح هذه المبادرة امام القمة العربية يعد مؤشرا الى تغيير فى المناخ الدبلوماسى ويظهر أن الدول العربية "تجس النبض" قبل استئناف العلاقات مع إسرائيل أو إقامة علاقات معها. وقال "أعتقد أن بإمكاننا تحقيق تقدم مع بعض الدول العربية والإسلامية الأخرى. إننا نحاول بكل جد. لقد سبق وحققنا بعض التقدم فى ذلك "مضيفا "أرغب بأن اعتقد بأنه بعد انعقاد قمة الجامعة العربية سيكون من الاسهل لتلك الدول ان تتحرك باتجاه التوصل لتفاهم أفضل مع إسرائيل".
وقال مسئول فى رئاسة الحكومة الإسرائيلية كذلك أن "مجرد أن يعرض الأردن اقتراحا كهذا يعكس بداية تحول فى العالم العربى".
هذه هى محصلة القمم العربية التسعة والعشرين، وهى محصلة لا تقتصر على التفريط فى الثوابت الوطنية والقومية، وإنما تصل الى تقديم مكافأة التطبيع الإسرائيلى حتى فى ظل تشبثها باحتلال الأراضي العربية واغتصاب الحقوق الفلسطينية فحتى ورقة التوت التى كانت تضع الارض مقابل السلام.. قد سقطت .. وأصبح "السلام" هو الهدف حتى دون أرض.. ودون أى مقابل!!.
وليست القضية الوطنية هى المجال الوحيد للخيبة العربية الشاملة، وإنما هى مجرد الواجهة لتبدد الارادة السياسية العربية بحيث أصبحت المنطقة العربية مضرب الامثال فى الاستبداد والتخلف والفساد والبطالة.
وقد وصل الحال بمؤتمرات القمة العربية الى درجة من السوء بحيث ثبت بالوثائق منذ سنوات قريبة أن أحد هذه القمم تم تجهيزها بمعرفة الدولة المضيفة بحيث تستطيع الإدارة الأمريكية متابعة وقائعها ثانية بثانية من خلال أجهزة التنصت التى تم زرعها فى مقاعد أصحاب الفخامة والجلالة والسمو!
أى أن نفرا فى قيادة هذه الدولة العربية المضيفة لم تكتف بقيام عدد لا بأس به من الزعماء العرب بتزويد واشنطن بتفاصيل محاضر الاجتماعات فور انفضاض اجتماعات القمة، فشاءت أن توفر لـ "ماما أمريكا" المتابعة الفورية لـ "المكلمة" العربية!
وحتى على المستوى التنظيمى والاجرائى والشكلى.. أصبحت جامعة الدول العربية، التى هى المظلة الرئيسية لكل مؤسسات العمل العربى المشترك بما فيها مؤسسة القمة ، أصبحت على شفا الإفلاس، ويقال ان الامين العام للجامعة السيد عمرو موسى لم يتقاضَ راتبه منذ بضعة شهور.
يحدث هذا بسبب أن عددا ليس قليلا من الدول العربية امتنعت عن الوفاء بالتزاماتها المالية وتلكأت فى دفع اشتراكاتها السنوية، وهى مبالغ زهيدة إذا ما قورنت بأشكال لا تعد ولا تحصى من السفه المخجل للعرب فى بلدانهم وفى رؤساء أنحاء العالم!
وليس المسألة مجرد تقاعس عن دفع الاستحقاقات المالية، وإنما هو عرض لمرض دفين ومتأصل ومتغلغل ومنتشر، هو احتقار العروبة والعمل العربى المشترك، كما يمثل انهيارا بنيويا لكل مؤسسات العمل العربى المشترك إذا شئنا ان نتحدث بجدية عن واقعنا دون رتوش.
ولذلك أحسب ان من يراهنون على إصلاح هيكل العمل العربى المشترك بعد قمة الجزائر، إنما هم واهمون، لأن فاقد الشئ لا يعطيه.
وتوقع إصلاح "قومى" على مستوى الجامعة العربية يتجاهل عجز معظم الحكومات العربية عن إجراء الإصلاح على المستوى "القطرى". فكيف نتوقع ممن أخفق فى إصلاح بيته أن يشارك فى إصلاح بيوت الجيران؟!
ومن العجيب مثلا أن تشتمل أوراق ووثائق التحضير لقمة الجزائر ورقة عن إنشاء برلمان عربى بينما هذه المؤسسة النيابية غير موجودة أصلا، وغير معترف بها من حيث المبدأ، فى العديد من البلدان العربية، وإذا وجدت فى بلدان أخرى فإنما هو وجود أشبه بالديكور فى الأغلب الأعم، لأنها برلمانات إما جاءت بالتزوير المكشوف أو انها فاقدة لأي صلاحية حقيقية فى التشريع والرقابة على أعمال الحكومات.
فهل هناك سخرية أكثر من ان تقوم حكومة ترفض قيام برلمان داخل حدودها الوطنية بالتصويت لصالح إنشاء برلمان "قومى"؟!
لهذا.. ولأسباب أخرى عديدة .. أغامر اسفا باطفاء الأمل فى أى نتائج إيجابية يعتد بها من قمة الجزائر، ومن هذه الجامعة العربية التى أصبحت نموذجا للعجز والترهل وفقدان الإرادة السياسية والاقتصادية .. وحتى المعنوية.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يد تقود ثورة البرمجيات .. ويد تحمي الحرف التقليدية
- إسرائيل تحتل الأرض التى ينسحب منها -التنابلة- العرب .. فى ال ...
- الوطن اكبر من الاقتصاد .. والمواطن ليس مجرد مستهلك
- أحوال أكبر ديمقراطية في العالم
- باب الشمس ) اهم من المكاتب الاعلامية .. ومقررات التاريخ المي ...
- »ملاسنة« بين أصحاب المعالي
- -يد- أبو الغيط.. و-جيب- السادات
- ! شعار البنوك المصرية : حسنة وأنا سيدك
- لمن تدق الأجراس فى بلاد الرافدين؟
- اغرب انتخابات فى التاريخ
- !عـــدلى .. ولينين
- برلمان العرب .. كوميديا سوداء
- ديمقراطية .. خلف القضبان !
- رجل الأعمال يحاور.. ورئيس التحرير يحمل مقص الرقيب
- لا يموت الذئب .. ولا تفنى الغنم !
- حرب عالمية ضد إرهاب الطبيعة
- إعادة انتخاب بوش أخطر من انفلاق المحيط الهندى
- !الأعمى الإنجليزى .. والمبصرون العرب
- الإعلام.. قاطرة الاستثمار
- ! الحكم فى نزاع -جالاوى- و -ديلى تلجراف- .. يديننا


المزيد.....




- بكلفة مئات الملايين من الدولارات..ما أبرز اللحظات بحفل زفاف ...
- أردى بعضهم قتلى.. غموض بعد جريمة صادمة لأب أطلق النار على وا ...
- باكستان تعلن عن حصيلة القتلى والجرحى في الهجوم على مسجد بسلط ...
- Politico: نموذج السويد للتجنيد العسكري يجذب الدول الغربية وس ...
- يوم عاشوراء في مصر.. من المياتم والأحزان إلى البهجة وأطباق ا ...
- بايدن وترامب -مدمنان- على السلطة - صحيفة التايمز
- بيربوك تروج من السنغال للشراكة الأوروبية الأفريقية
- إعادة انتخاب المحافظة المالطية ميتسولا رئيسة للبرلمان الأورو ...
- لقطات من داخل سيارة -لادا أورا- يقودها بوتين أثناء تفقده طري ...
- حريق الغابات المميت يلتهم منطقة سياحية في إزمير غرب تركيا


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - الفشل التاسع والعشرون