أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - خلدون النبواني - كهف أفلاطون والتعصب للهوية وللمعتقدات:














المزيد.....

كهف أفلاطون والتعصب للهوية وللمعتقدات:


خلدون النبواني

الحوار المتمدن-العدد: 3968 - 2013 / 1 / 10 - 16:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



في الفصل السابع من كتاب "الجمهورية" يعطي أفلاطون مثالاً مجازياً رائعاً حول التعصب gلحقائق الموروثة ورفض مواجهة الحقيقة ورفضها:

يقول أفلاطون أن كهفاً تحت الأرض يعيش فيه أُناس مقيدون إلى الجدار بحيث لا يستطيعون الحركة أو الالتفات؛ وجوههم إلى حائط الكهف وظهورهم إلى فتحة الكهف الصغيرة التي يتسرب منها الضوء الناتج عن نارٍ مشتعلة خارج الكهف. بهذه الوضعية الثابتة لا يستطيع سكان الكهف أن يروا سوى أشباح ظلالهم وظلال الأشياء التي يعكسها ضوء النار على جدران الكهف. وهكذا فإن كل ما يعرفونه عن العالم هو الأخيلة والظلال والأشباح الباهتة التي يرونها على حيطان الكهف فهم لم يروا يوماً ضوء النهار.
أحد هؤلاء الأشخاص المقيدين يدفعه الفضول للتحرر من قيوده وينجح بفكها. يلتفت نحو مدخل الكهف فيبهره الضوء القادم منه والذي يراه لأول مرة بل إنه يشعر بالخوف منه فعيناه لم تعتادا الضوء يوماً بل فقط العتمة والظلمة والظلال. يستجمع هذا الشخص المغامر شجاعته ويتخطى مدخل الكهف خارجاً منه فيرى ما لم يكن يتصوره: فبدل ظلال الأشياء المنعكسة على الجدار يرى عالماً ملوناً جميلاً ألقاً بهياً ممتداً واسعاً أوسع بكثير من الكهف الذي يظن سكانه أنه العالم وأن حدوده هي حدود الكون وأن ما يرونه على جدرانه هي الحقيقة المقدّسة التي نقلها لهم آباؤهم وأجدادهم. في البداية يرفض هذا الشخص الذي تحرر من قيوده تصديق ما يرى فهو يتعارض مع مقدساته ومعتقداته، ولكنه لا يلبث أن يُدرك أن وضوح العالم الجديد لا يمكن مقارنته بالظلال الباهتة والحقائق القاتمة التي ظنها مُقدّسة ولازال أقرانه في الكهف يؤمنون بها ويقدسونها كحقائق مطلقة لا يرقى إليها الشك.
يعود هذا الشخص الذي تعرّف على العالم الجديد إلى الكهف ليخلِّص الآخرين من وهمهم وقيودهم فيروي لهم ما رأى ويؤكد لهم أن العالم خارج الكهف هو العالم الحقيقي الرحب الواسع وأن كل ما عليهم أن يفعلوه هو التحرر من قيودهم والخروج من الكهف. ولكن أولئك الذين يقدسون الظلال والمتمترسين على هويتهم وهوية أجدادهم التي راكموها من خلال تقاليد الكهف يعتبرونه مجنوناً ومهرطقاً وأنه قد فقد عقله ويريد تدنيس حقائقهم ومقدسات أجدادهم الخالدة التي لا تقبل النقاش والشك وأن الكهف هو المكان المقدّس ثم يجهزوا عليه ويقتلوه...

يمكن لنا أن نتصور هنا أن كهف أفلاطون هنا هو رمز للانتماء الضيق الذي يشبه عندنا الانتماء العشائري بأشكاله المتعددة الطائفة أو العشيرة أو العائلة الكبيرة بحيث تسود ظلال قوانين الأجداد وتصبح مقدّسة لا يمكن النقاش فيها. ويمكن لنا أن نؤكّد أن هذه المعتقدات هي القيود التي تمنع أصحابها من التحرر وتوثقهم إلى جدران الكهف وأن التحرر منها هو تحريرٌ للوعي أو العقل والانفتاح على الحياة والعالم بدل رطوبة الكهف الذي تعشش فيه الخفافيش ويكتنفه اللون القاتم. ولا شك أن من يقوم بتحرير قيوده هو الفيلسوف فهو بالنسبة لأفلاطون من يسعى نحو الوعي الذي يقوم بتحطيم القيود وهوى المغامر الشكّاك الباحث عن أفقٍ يتجاوز حدود الكهف (مقدسات الماضي الباهتة التي تمُلها القيود على الفكر والوعي). ولا شك رفض أهل الكهف لروايته ومقاومتهم لها واعتباره مجنوناً مُهرطقاً خطراً على معتقدات الكهف هو تمسك أصحاب الانغلاق الطائفي أو ما كان يسميه ابن خلدون بالعصبية القبلية بالمعتقدات الدوغمائية التي يرتاحون إليها بدل الخوض في مغامرة السفر إلى العالم سواء أكان عالماً خارجياً يتعلق المجتمع والطبيعة أو السفر إلى الذات لكسر قيودها والبحث عن سبل خلاصها...



#خلدون_النبواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من المعلم الدكتاتور إلى الأستاذ الديمقراطي
- لماذا تتعاطف قطاعات واسعة من اليسار التونسي مع نظام الأسد؟
- مَنْ كَتب حكاية: ذات القبعة الحمراء المعروفة عندنا بقصة ليلى ...
- كيوبيد الأحول
- برهان غليون كما أعرفه رداً على سعدي يوسف
- المقدمة غير الضروريّة
- من محادثة ليلية على الفيس بوك
- من شهادة حمار نجا من المجزرة
- كي لا تتقمص الضحية دور جلادها: الثورة السوريّة ومخاطر انزلاق ...
- أنا وصديقتي - الشبيحة -
- مغامرات أليس في بلاد العساكر
- بركان جبل العرب الخامد: السويداء والعطالة الثورية
- تحية لطيب تيزيني مثقفاً ملتزماً


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - خلدون النبواني - كهف أفلاطون والتعصب للهوية وللمعتقدات: