|
صراع الاديان ...والحوار
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 3966 - 2013 / 1 / 8 - 13:20
المحور:
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن
صراع الأديان..والحوار من قراءاتي المتواضعة لكتب التاريخ ، لم اصدف يوما أن قرأت أن الاديان الكبرى والصغرى قد أتفقت فيما بينها ،على قاسم مشترك بسيط ، والذي قرره المثل العامي الفلسطيني البسيط " كل مين على دينه ،الله يعينه " ، والذي يهدف الى القول ،بأن لكل فرد او مجموعة ،دينا تعتنقه ،تؤمن به وتؤمن أنه الدين الصحيح ، الذي فيه منجاة البشر ، يوم الحساب . ولهذا فأن المثل يطلب العون من الله ،بأن يعين الجميع على القيام بواجباتهم الدينية . لكن ما يحمله هذا المثل اعمق بكثير من مجرد طلب العون ، بل يقرر حقيقة التعددية العقدية ، والحرية في اعتناق الدين الذي يراه الانسان مناسبا له ، وفي المحصلة ، فالدين للله والوطن للجميع .وتمشيا مع هذا القول ، فقد خاض ابناء الديانات المختلفة ،نضالات مشتركة ضد الاحتلال الاجنبي ،منطلقين من الشراكة الوطنية ،دون الالتفات الى الانتماء الديني للمشاركين في العمل الوطني . ولا يمكن اغفال الحقيقة ،بأن رجال دين مسلمين ومسيحيين شاركوا في النضال الوطني . لكن هذا لا يعني ،بأن هؤلاء الرجال قد تخلوا عن ايمانهم ،بأن دينهم هو الدين الحق والصحيح . لكن ما يلفت النظر ،أنهم وجدوا في دياناتهم تعاليم تحض على الاخاء والتعاون ، وقبول الاخر والتعددية ، واختلاف الرأي الذي لا يفسد للود قضية . لكن ما يجري على الساحة في عصرنا الراهن ، يتناقض مع مباديء الحرية الفردية في اعتناق الانسان ما يراه مناسبا من معتقد أو فكر ، مع التأكيد على احترام معتقدات الأخر ، ولو بدت لنا غريبة وبعيدة عن العقل والمنطق . فكما يعلم الجميع ، فأن الايمان هو قناعة ذاتية غير مبنية بألضرورة على براهين علمية . وحسنا فعل " الحوار المتمدن" بأن فتح الباب على مصراعيه ، امام الكتاب والمفكرين ، الذين يقدمون للقراء ، قراءة نقدية للفكر الديني ،ولتاريخ التشريع البشري "المعتمد " على النصوص . والاهم من ذلك ، التدقيق في صدقية النصوص ، وهل هي منحولة او منسوبة زورا. ولا شك أن القامات الشامخة ،كالاساتذة سيد القمني ، احمد صبحي منصور ، جمال البنا ، والشيخ مصطفى راشد ، والشيخ احمد القبانجي ، لا شك أن هذه القامات الفكرية الشامخة ، قد اسهمت في عملية التنوير الفكري ، ولعبت دورا بارزا ، في طرح "المسلمات " على طاولة التشريح الفكري ،بهدف الوصول الى الحقيقة ، قدر الامكان . واعتذر أنا الصغير ، عن اقحام هؤلاء الكبار في مقال ، لأنهم "اكبر من هيك " ، كما نقول في لهجتنا . لكن في الفترة الاخيرة ، لا يخلو عدد من "الحوار " ، من مقالات يحاول اصحابها ، البرهنة على أن ما يعتنقونه من معتقد ، هو الدين الحق ، وأن الاديان الاخرى مغلوطة وليست من عند الله ! والكتاب هم ابناء ديانات متعددة ، ومذاهب متعددة ، ويخطر ببالي في هذا السياق سؤال ارى أن له اهمية قصوى : هل البرهنة على أن الدين الفلاني ، هو الدين الحق ، سيحل مشاكل البشرية ؟؟ لنفترض ، أن الجميع سيؤمنون ،بأن اهل السنة على حق ، هل ينتج عن ذلك ، زوال الجوع ،المرض، الفقر ، الظلم ، الاستبداد ،الجشع واستغلال الانسان لاخيه الانسان ؟؟ ولنفترض ايضا ، أن الجميع سيعتقد ، أن المهدي المنتظر ، هو محمد بن الحسن ، هل ستتحول الكرة الأرضية الى نعيم مقيم ؟؟ ولنفترض جدلا ، ان الجميع سيقبل المسيح مخلصا له ، هل سيغير هذا القبول ،طبيعة الحياة على الأرض ؟؟ وهذه التساؤلات تنطبق على كل المعتنقين للديانات والذين يعتقدون ،أن دينهم هو الحق ، وكل ما سواه باطل !! فلليهود مسيحهم المنتظر ، ولعبدة الارواح في منغوليا مثلا ، ايمان راسخ ،بأن ارواح الشجر والحيوان تقودهم وتسدد خطاهم ، وارواح الاجداد في الصين واليابان ، وكل الديانات الاخرى ، لها معتقدات راسخة تؤمن بها وبتأثيرها على حياتهم ومماتهم . لسنا بحاجة ، وتحديدا من على صفحات هذا المنبر ، الى تعميق الصراع بين الاديان ، وكتابة مقالات مفاضلة بين دين ودين !! اما نقد الفكر الديني ، فهو الأساس الذي ستبنى عليه ، الحرية الفردية ، التعددية وقبول الأخر ! وأنا احبذ ، ان يكتب المنتمون الى دين أو مذهب ، مقالات في نقد الفكر الديني ، دون المفاضلة بين دين ودين ، لأن الاديان كلها متشابهة في الخطوط العامة ، وتختلف في المسميات فقط !! وهمسة اخيرة للاخوة في هيئة التحرير ، واؤمن بسعة صدورهم ، مشكلة اليسار ليست مع المؤمنين ، فالمؤمنون اهلنا ، وأنما مع من يجند الدين لمصلحة الظلم والاستغلال واثارة الفتن ، فحذار حذار من الانزلاق الى " طائفية بغيضة ". واخيرا ، اكرر المثل القائل " كل مين عدينه الله يعينه " ، وتحياتي لكل المؤمنين الشرفاء ، مهما كان دينهم .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكاميرا الخفية وصناعة الوهم
-
العرب...خارج الاسوار
-
التموضع في المركز
-
انتخابات محسومة سلفا -نظرة على الاحزاب الاسرائيلية
-
صراع الهويات
-
وحدة وصراع الهويات
-
أمي .. وأنا
-
اليسار الاسرائيلي 2
-
اليسار الاسرائيلي
-
خارج التداول
-
مهاجرون من العربية الى العبرية - سيد قشوع
-
الحسين بن علي واطفال غزة
-
سوناتا الوجد
-
صواريخ
-
كنت في تل ابيب وركضت مع الراكضين
-
مقاطعة الانتخابات ليست كمقاطعة المنتوجات
-
اللعب في ملعب الخصم
-
السرنامة وثقافة السجون
-
PANIC DISORDER
-
الجنس ...الميول ...الاعتداءات والثقافة
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
مَوْقِع الحِوَار المُتَمَدِّن مُهَدَّد 2/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
الفساد السياسي والأداء الإداري : دراسة في جدلية العلاقة
/ سالم سليمان
-
تحليل عددى عن الحوار المتمدن في عامه الثاني
/ عصام البغدادي
المزيد.....
|