|
الإسلام في القرون الحديثة (تشخيص)
أحمد آدم السرطاوي
الحوار المتمدن-العدد: 3966 - 2013 / 1 / 8 - 10:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
1400 عام وأكثر، مضوا في خبرة الإسلام وسيرته الذاتية وخبرته العملية، نعم أعلم أن الرسالات الإلهية غير متعددة وأنها رسالة واحدة تدرجت بين الأنبياء، ولكنني أقصد في 1400 عام، الإسلام التام الذي جاء على محمد، وما زال هناك أناس بعد هذه الأعوام يظنون حقّاً ويقيناً أنهم على ذات النهج والطريقة في التفكير التي كانت في زمن القرآن والنبوة، قبل 1400 عام!!! في حين أنني أقولها وبكل اختصار تمهيداً لمقالتي، إن محمداً لو عاد الآن إلى هذا الزمان لكان أول من يعارضه هم أولئك أكثر الناس إيماناً بأنهم على ما جاء به محمد قبل 1400 عام!!! لأنه لو عاد (افتراضاً فقط) لعرض إسلاماً من القرآن ذاته يخالف تماماً كل طرق الإسلام والإتجاهات الموجودة في القرون الحديثة في كافة أرجاء الأرض.
كيف لا؟ كيف لا يعارضه الناس لو جاء بدعوة الإسلام من القرآن مرة أخرى والناس تتبع في فهمها للأمور طريقة البرمجة، وهي طريقة الآباء، فتجد أن أكثر الناس يرددون ما جاء سابقاً وكأنها أمور قطعية الهداية!!! فالقرآن ليس هو نفسه القرآن، وخصوصاً إذا علمنا بأن القرآن فكر وطريقة للإنسان، فالقرون الحديثة تمسك القرآن ولكنهم لا يرونه، وإنما يذهب بهم عقلهم عند قراءته إلى استدعاء التفاسير التي قرؤوها وحفظوها والتي لو كان لي عليها سلطة لأحرقتها جميعاً.
ثم إن الحقيقة التي نراها اليوم أمام أعيننا في كافة الدول العربية التي حضرت ما يسمى بالربيع العربي، والدول التي لم تحضره أيضاً وإنما حضرت لمسات إصلاحية (بغض النظر عن رأيي فيها) إن كافة الناس في تلك الدول أبدوا صراحة شديدة في رفضهم للإسلام، ولست أبدي أي تعجبٍ او استغراب، فإن الإسلام الموجود بين أظهر الناس غير مقنع أبداً.
وأذكر بعض الأمثلة على عدم تناسق الإسلام المعاصر الذي بين الناس، وأبدأ بما يسمونه الكتاب الثاني بعد كتاب الله!!! (صحيح) البخاري، إن طريقة الإيمان بهذا الكتاب تخلو من كافة المعايير العلمية، تقوم على إلغاء الذات وما أسميه وبمنتهى الموضوعية (استحمار الذات)، فإنني أعلم فعلاً بأن الحديث الصحيح هو ما رواه فلان عن فلان آخر ويصرح بأنه سمعه منه فيقول حدثنا فلان، حدثنا فلان ، حدثنا فلان. هكذا قال البخاري في كتبه بأنهم حدثوه بالتواصل المباشر، ولكن!!! كيف وصل إلينا كتاب الصحيح (صحيح البخاري) وما هي المسيرة التاريخية التي مر فيها؟ ومن هو البخاري فنحن لم نره ولم نسمعه ولا نعرف الأسماء التي يتحدث عنها؟ حتى التوثيقات التي في كتب الرجال المستخدمة في توثيق صحة الحديث نحن لا نعرف عن حقيقتها شيئا، وخصوصاً أنها مرت بعصور حكم مختلفة، ليست مختلفة فقط، وإنما مخالفة لبعضها تماماً، ونحن لا نجهل أبداً دور السياسة في استخدام الدين أفيوناً للشعوب، مما يزيد من نسبة الشك في مصداقية (الصحيح) بل و(الصحيحين)... غناك عن طريقة عرض الحديث على شكل قصاصة صغيرة صنفها البخاري على طريقته الخاصة، طريقته الخاصة شيء خاص فيه يخلو من الموضوعية، أما طريقة عرض الحديث على شكل قصاصة فهو أمر آخر يجدر البحث فيه، حيث أن الحديث فقد سياقه ومعناه الحقيقي، بل وبذلك تحول محمد وتحولت أحاديثه إلى فلاشات تخطر في الأذهان تماماً كالفلاشات التي في البخاري وغيره من الكتب.
وإنني كمسلم حر أتجرأ الآن وأتساءل، هل تنطبق هذه التساؤلات على القرآن؟ أقول: نعم. ولذلكَ إن كنتَ مؤمناً بالقرآن فليكن إيمانك به إيمان موضوعي، دعك من القصة الخرافية المنقطعة عن منهج البحث العلمي وانظر فيه كعنصر وجدته في الوجود فأخذته إلى المختبر.
مثال آخر على انفصام الإسلام المعاصر عن الإسلام الذي سيعرضه محمد (جدلاً)... الواقع، إنني لأستغرب كثيراً كيف أن أكثر الناس يظنون أن طريقتهم في الإيمان هي الطريقة الصحيحة في حين أن واقع الأمة واضح، أمّة مستعمرة، مسروقة، منهوبة، سلبية، مكبوتة، متناقضة، متناحرة، مقهورة، محبطة!!! كيف يعقل أن تصح هذه النتائج بوجود هذه المعادلة (كتاب إلهي + إنسان)!!! يقول قائل بأن الأمة مبتعدة عن دينها وهو ما نسمعه كل أسبوع في الخطب التي يلقيها جمع المكشّرين، ماذا عن الدولة الأكثر تأثيراً في العالم الإسلامي والتي يظن أتباعها أنها تقيم لهم حكم الله في الأرض؟!! هل يصح منطقياً أن تستفيق الأمة كلها بالألف مليون مسلم فيها حتى نقول بأن الصحوة تحققت؟؟؟ بل إن جمعاً قليلاً من الناس تقوم عليهم الحضارات والصحوات والثورات وهذا ما يقوله التاريخ وما لن يحيد عنه التاريخ، فهذا الجمع الذي في تلك الدولة التي تدعي بأنها تقيم حكم الله هو جمع خاضع لفكرة خاطئة (الإسلام المعاصر). إذاً ففي المعادلة خلل ليس هو الكتاب الإلهي الذي سبقت له التجربة بنجاح منقطع النظير، وإنما هو الإنسان الذي يستخدم مع ذاته فن (إستحمار الذات) وهو ما تحدثت عنه سابقا.
والأمثلة كثيرة لو خضنا في تفاصيل كثيرة يستخدمها خاصة القوم (علماء الدين) في تكبيل القرآن وفي إلغائه بطريقة برمجية عقلية، ولكنني أود الاقتصار على ما ذكرت في مقالتي لأن موضوعاً كهذا لا يختزل في مقالة.
#أحمد_آدم_السرطاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقيقة صراع الأفكار (الأديان و اللاديان)
المزيد.....
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|