أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احسان جواد كاظم - دولة القانون... العشائري !!!















المزيد.....

دولة القانون... العشائري !!!


احسان جواد كاظم
(Ihsan Jawad Kadhim)


الحوار المتمدن-العدد: 3966 - 2013 / 1 / 8 - 06:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استفحال العشائرية وفرض قيمها البالية على المجتمع العراقي بديلا عن قانون الدولة الرسمي حدث بعد تراجع مؤسسات الدولة عن مسؤولياتها ازاء المواطن وفقدانه الثقته بهذه المؤسسات.
وفي ايام الكوارث والخيبات وعندما يتعرض كيان الدولة للخطر وتتهدد هيبتها وتضعف قوتها يتراجع الالتزام بقوانينها لتظهر مكانها قوانين وشرائع وارادات فرعية تقسيمية لتفرض نفسها. وقد شهدنا هذه الحالة عدة مرات في تاريخنا المعاصر, فمنذ نزول قوات الاحتلال البريطاني عام 1916 في البصرة وتوالي انكسارات الجيش العثماني التجأت السلطنة الى العشائر لنجدتها... وحتى بعد استتاب الامور للمحتل البريطاني فان ادارة المندوب السامي شرعت قانون العشائر وجرى اثره توزيع اخصب الاراضي الزراعية على شيوخ العشائر لتنشأ طبقة اقطاع موالية لها و للحد من تمردها. واستمر العمل بهذا القانون ساريا طوال فترة الحكم الملكي حتى الغته حكومة ثورة 14 تموز/ 1958 واخضعت جميع العراقيين لقانون الدولة الموحد ثم شرعت قانون الاصلاح الزراعي الذي وجه ضربة قاصمة للاساس المادي للعشائرية وللاساس الطبقي الذي قام عليه النظام الملكي, الاقطاع, وعلى المتعاونين مع دولة الاحتلال.

ثم كان الانبعاث الجديد للعشائرية بعد اختطاف البعثيين للسلطة مرة اخرى عام 1968 وتقريب ابناء العمومة لاشغال المفاصل المهمة في الدولة لضمان الطاعة والولاء لهم ومستفيدين من تجربة شباط الاسود 1963.

وكان لفرض الحصار الدولي على العراق بعد فشل مغامرة النظام في احتلال الكويت ثم اندلاع انتفاضة آذار الشعبية عام 1991 ضده, جعلت النظام يعيد تقييم اوضاعه ويرتب اوراقه على ضوء فقدانه القدرة على السيطرة الفعلية على مناطق البلاد بسبب تنامي الرفض الشعبي له, والذي دفعه ذلك الى بعث العشائرية مجددا وبحدة وتلفيق شيوخ عشائريين موالين له سموا ب( شيوخ التسعينات ) في مناطق الوسط والجنوب وكردستان, يتمتعون بامتيازات وسلطات واسعة واغدق عليهم بمكرماته في المناسبات.
وقد اجبرت ظروف العوز وارهاب النظام وانتشار عصابات الجريمة المنظمة من عناصر النظام او من خارجه قد اجبرت المواطن على البحث عن ملجأ يجنبه طوارق الزمان فكانت العشيرة هي الملجأ.

بعد سقوط النظام عام 2003 وجدت القوى وخصوصا الاسلامية التي استلمت السلطة, الطريق ممهدا امامها بوجود شيوخ التسعينات, ومستفيدة من تجربة النظام السابق في اساليب جذبهم الى جانبها, هي التي كانت بأمس الحاجة الى ظهير يسندها, فكانوا ضالتها, لاسيما وان المنظومة القيمية البطرياركية التي تجمع بين العشائرية وافكار الاسلام السياسي متوافقة مصلحيا تماما. وقد اثبتت الاعوام الماضية الفائدة العضوية لتحكم العامل العشائري في حياة المواطنين التي جنتها الاحزاب الدينية بالخصوص لصالح استمرار هيمنتها على المجتمع والدولة , بالرغم من تراجع الظروف والمبررات التي استوجبت اعطاء دور مؤثر للعشائر حينها في الدولة الديمقراطية الجديدة, والمتمثلة بعجز الاجهزة الامنية لوحدها عن مواجهة ارهاب القاعدة والميليشيات الطائفية الاخرى, وللسيطرة على الوضع الامني. فقد بلغ عديد قوات الجيش والشرطة اليوم ما يقارب المليون والنصف وقد تنامت قدراتها القتالية والتسليحية كثيرا.
ولأن النظام الحالي ليس مماثلا للنظام السابق من حيث نهجه الدكتاتوري فهو يتضمن مظاهر ديمقراطية لاتنكر رغم تشويهها وهي وجود مشاركة اوسع على اساس المحاصصة الطائفية العرقية, التي ضمنت مشاركة ( رؤساء طوائف وقوميات ) ومن بينهم شيوخ عشائر و دين في نهب موارد البلاد وليس كما كان يحدث سابقا عندما كانت كلها تذهب الى جيب الدكتاتور الفرد, لذا فقد انتفت الحاجة الى وجود دور مستقل لشيوخ العشائر.

كما ان استمرار التمسك بالعشائر كأدوات وبالعشائرية كقيم ينبع من حاجة القوى المتسلطة على الحكم في استخدامها في صراعاتها السياسية. وقد شهدنا استجلاب السلطة لبعض اعوانها من شيوخ العشائر لقمع متظاهري ساحة التحرير المسالمين باستعمال الآلات الجارحة والهراوات .
وتابعنا ايضا جلسات صلح عشائري بين مسؤولين حكوميين استعاضوا بها عن اللجوء الى المحاكم الرسمية, كما بين المفتش العام لوزارة الصحة ووزير سابق لنفس الوزارة, تبادلوا الاتهامات بالفساد واستغلال السلطة.

وكم من مرة جرى اطلاق سراح قتلة شعبنا من السجون ارضاءا لشيوخ عشائر, لتذهب دماء ضحاياهم الابرياء هدرا وفداءا لرغبات ومصالح اهل السلطة.

الزائر للعراق يسمع عجائب وغرائب عن شيوع ظاهرة" العطوات " وتحولها الى تجارة ابتزاز, ويؤكد البعض وجود ( خبراء تفاوض عشائري ) يمكن استئجارهم, لهم مقاهيهم الخاصة لاستقبال من ليس لهم ولي ولا نصير بعد ان تخلت الدولة عن مسؤولياتها القانونية لصالح تجار العطوة العشائرية.

ومن الامثلة التي يجعل المرء يضحك بمرارة:
صدم احدهم بسيارته الصالون سيارة دفع رباعي, ورغم تهشم مقدمة سيارته وعدم تأثر السيارة الاخرى بسبب ارتفاعها, رأى من اللياقة الاعتذار لركابها عن الحادث لكن لسوء حظه تبين ان احد ركابها شيخ عشائري وقد رد على اعتذاره :" عمي كلشي يروحلك فدوة ويهون... بس آنه اعكالي وكع !". واسقط في يد المسكين وكانت الطامة الكبرى التي هجمت بيته بسبب التعويضات الباهظة لسقوط عقال الشيخ.

والحكاية الثانية تشبه الخيال: عمل احدهم حديقة بيته مخزنا لبضاعة ما, والذي اصبح مع الوقت مرتعا وملجأ للجرذان... ورغم شكاوى الجيران المتعددة له الا انه لم يحفل بهم, مما اضطر احد جيرانه وضع السم لها, ثم اخبره بموت احد جرذانه, ليتفاجأ هذا الجار بعد ايام بأناس من عشيرة الجار يطالبونه بميتهم ( الجرذ ) وفرضوا العطوة اي وجوب عقد جلسة عشائرية لفض النزاع وديا والا... كلفته تعويضات ميتهم ملايين عديدة من الدنانير.

اكتفي بهذين المثالين ولكني انوه الى ان مراجع الدوائر الرسمية يلاحظ انتشار ظاهرة ظريفة جديدة فيها تتعلق بالتعامل الوظيفي بين الموظفين حيث استبدل التعامل الرسمي المتعارف عليه بطريقة التعامل المستخدمة في اسواقنا الشعبية. فلم تعد المناداة بين الموظفين بالاستاذ والست وانما اصبحت بعمي ابو فلان وخالة ام علاّن!!!

اثبتت تجارب الامم انه لايمكن بناء دولة المؤسسات التي يتمتع بها المواطن بالمساواة امام القانون باعتماد قانون عشائري تجزيئي متخلف وانما بتأكيد هيبة القانون وتعزيز قوة الاجهزة المنفذة له وتنمية الثقة الشعبية بهذه الاجهزة وبنفاذ القانون.



#احسان_جواد_كاظم (هاشتاغ)       Ihsan_Jawad_Kadhim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيشنا- مشكلة مأسسة... تعدد ولاءات !!!
- المسألة اكبر من بذرقة حجيج
- شعواط فسادهم
- صنوان مهدا لعملية الهروب الكبرى
- حل الازمة السياسية بين عصا جلال الطالباني وطيبة احمد طيب ارد ...
- عن شرعية تشبثهم بالسلطة ومشروعية سياساتهم
- حجب الحريات وسفور ايديولوجيا الاقصاء
- هل التهام جني كانيبالزم ؟
- عضني من علباتي... عضيته من اذانه !
- مبادرات نوعية... تردد مجتمعي
- تصريحات المالكي - نفخ في بالون ام انعطافة سياسية ؟
- السقوط عن صهوة اللسان
- صحوة نيابية ام هرج اعلامي ؟
- تغيير الحال... عجن رمال ؟!!!
- بٌحت أصواتهم... وهو في آذانه وقر
- قضيتهم المركزية... المحاصصة !!!
- عرض/ ملحمة الأسطى حراجي الگط القادم من جبلاية الفار
- شعرة معاوية... سذاجة الاستخدام
- شباب الإيمو الى بلاد الاسكيمو !!!
- تغدى بهم قبل ان يتعشوا به !!!


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احسان جواد كاظم - دولة القانون... العشائري !!!