أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - اليأس من وجود الله














المزيد.....

اليأس من وجود الله


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 3963 - 2013 / 1 / 5 - 18:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عزيزي القارئ، إذا كنت من أسرى التفكير المثالي الذي يفترض أن النعمة ثواب أو ابتلاء وأن الألم عقاب أو ابتلاء، وأن المصير عقوبة أو مكافأة، وأن من يبحث بلا جدوى غير مستحق لأن يجد، وأن من يفترض أنه وجد ويركن إلى ذلك، فراحته هي ثوابه أنه لم يكابر وسار مع الركب.. فهذا الموضوع لن يروقك ...

وقد يروقك إذا كنت قد أفلحت أخيرا في الابتعاد عن البحث عن ايديولوجيا الحق المطلق والشر المطلق الزائفين، لتتقبل كل ذلك التعقيد في الخير والشر ونسبيتهما، وفي الحق والباطل اللذين يجتمعان في القاتل والمقتول، في المصيب والمخطئ... وتفهم كل تلك المساحات الرمادية التي كلما اطلعت عليها أكثر كلما غفرت أكثر، وتقبلت أكثر، وأحببت أكثر، وأدركت معنى اللاغاية، ونشوة اللاشيء...

حدثنا المتصوف المتمرد..

أنه خلال مسيرته العبثية الدائرية نحو الوعي أو الغفوة، نحو التمرد أو التكيف، نحو المعرفة اللامجدية، نحو اللاشيء الذي انطلق منه، كانت ثمة لحظة فارقة لم يكن من الممكن ألا يخوضها... لحظة بدء الاغتراب، وتحمل مسؤولية الذات في وجود غاص داخل نفسه حتى أصبح الوعي الشاهد عليه (على نفسه) متخبطا في متاهة السببية

كانت تلك اللحظة،التي واجه المتصوف المتمرد فيها أكبر مخاوفه، واعترف لنفسه: "لعل الله غير موجود"

وبدأ يدخل في غربة شديدة، ووحشة لم يعهدها، أصبح يفتقد ذلك العزاء الذي كان يجده كلما شعر بمرارة الحرمان والألم، العزاء الجميل حين يعتقد أن هناك من يشهد ذلك، ويفهمه تماما، وأن هذا الشاهد، هو أعلم العالمين، وأرحم الراحمين ....

أصبح يخاف أن تفلت منه الأفكار والذكريات فتضيع في وجود لا نهائي أصم وأعمى، لا يدرك ألمك ولا شيء فيه سوى صمت غابت فيه الشهادة، صمت محايد تجاه كل شيء...

وقبل ذلك كان يعتقد أن لا فكرة تذهب، ولا ذكرى تضيع، وكله تحت هيمنة ذاتٍ شاهدةٍ واعية، ذات هي لا محالة شخصية، لوعيها استقلالية عن كل شيء آخر ... وتلك الذات تسيطر على كل شيء دون جهد . . .

وقد أصيب عندها بالاستغراب.... فكيف لم يفرح بحريته،، فقد افتك أخيرا من "آخر" يشهد كل أفكاره، وكل تخيلاته الماجنة، وتمنياته الحمقاء... وأصبح تفكيره حقلا حرا يبحر فيه دون أي استحياء أو خوف.... تلك حرية لم يفرح بها حين افتقد ذلك العزاء، تلك العناية الإلهية ...

ورغم أنه روحاني جدا، إلا أن روحانية تحكمها آليات صماء مثل التناسخ والكارما وتسير في لانهائية لامبالية، هي روحانية أسيرة، فاللانهائي ليس كالإله الشخص، الإله الشخص المباشر البسيط، الذي هو كالأب، لكن هذا الأب مطلق القدرة ومطلق المعرفة .... افتقد وجود شاهد على أفكاره التي لا يستطيع أن يعبر عنها بالكلام، ولو عبر عنها، فلن يجد من يفهمها أو من يبالي لفهمها...

افتقد ذلك الشاهد الموجود على الدوام، الذي يمكن أن يعاتبه فيقول: لا أريد أبدية من إعدادك، أريد أن أعدها، وأن أحتفظ فيها بذكرياتي، أريد أن أبقى مع هذا وهذا وهذه إلى الأبد، شبابا لا يسأم بعضهم من بعض، ألست كلي القدرة، أنا أطلب منك أن تجمعني بمن ماتوا وأن تعيد شباب من شاخوا، وأن تجعلنا ضد الموت وضد الملل وضد الفراق وضد المرض وضد الفقد ... ألست كلي القدرة، أنا عاتب عليك أنك حرمتني من هذا وذاك الآن وهنا، فعاهدني أن أذوق ما حرمتني منه...

افتقدَ ذلك .... افتقد ذلك الأمل،، ووجد أنه أصبح أمام سنن غريبة للوجود، كدورات النسيان والتذكر، كالسير الحتمي نحو إدراك أنه لا شيء ... ونسيان ذلك مرارا ... كل ذلك أصبح موحشا بالنسبة له .... حين اكتشف أنه إذا لم يكن هنالك من إله،، فإنه هو الله... يستئنس بنفسه ...

وحين اكتشف الله أنه الله، أدرك أن القدرة المطلقة سجن لا مفر منه سوى بنسيان تلك القدرة، اختيار النسيان ...أن يستخدم قدرته المطلقة ليجعل من نفسه أسير تجربة واعية يكون فيها هشا وعاجزا، ومحتاجا... فيتحول الله إلى كائن حي، إنسان يبحث عن الله .... ولا يمكنه أن يكون كذلك إلا إذا ما نسي الله أنه الله ...

والله مطلق القدرة، لذا فهو قادر على أن يـُـنسي نفسه ذاتها،، ليكون عجزه هو حل مسألة الفراغ التي مل منها ... فالعاجز محكوم بالسعي، يسعى إلى اللذة، يتجنب الألم، يرغب ويتمنى، يجهل فيصيبه الفضول،، أما المطلق القدرة المطلق المعرفة فهو سجين اللاشيء ... لا حل لديه لكسر ذلك الفراغ سوى أن يستخدم قدرته ليجعل نفسه ينسى قدرته ...


http://1ofamany.wordpress.com



#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين اكتشف الله أنه الله
- تناسخ الأرواح، تلك المعضلة
- معنى النسيان
- معنى الذاكرة
- دوامة الوعي
- المتصوف المتمرد 5
- النوم كغاية يومية
- ثوري .. وهذه الثورات لا تمثلني
- المتصوف المتمرد ... 4
- المتصوف المتمرد ... 3
- صهيونية، بما لا يخالف شرع الله
- المتصوف المتمرد ... 2
- المتصوف المتمرد ... 1
- لست حرا ما دمت تسعى
- هل يمكن أن نصبح أنا وأنت والآخرون.. أنا فقط
- كيف نعيش ما تبقى من وقت للعالم
- ماذا لو انتهى العالم غدا؟
- الماتريكس الحقيقي !!
- ما هو الإيجو؟ وكيف تمنعه من حجب سلامك الداخلي ومحبتك غير الم ...
- بانغلوس ينتظر البيان رقم واحد


المزيد.....




- اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا ...
- العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال ...
- سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص ...
- شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك ...
- خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق ...
- الجيش الإسرائيلي ينذر سكان 5 بلدات في جنوب لبنان بإخلائها
- سحابة تسقط من السماء في إندونيسيا: سئمت من الطقس الممطر هناك ...
- ترامب يستكمل تشكيلة حكومة باختيار بروك رولينز وزيرةً للزراعة ...
- ترامب ينتهي من تشكيل إدارته باختيار وزيرة لتولي حقيبة الزراع ...
- بوتين يوقع مرسوما: قاتل وسدد ديونك مع زوجتك


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - اليأس من وجود الله