أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - دستور مرسى وسلب ثروات المصريين بالأوقاف:(9 / 1) الاوقاف بين الاسلام والأديان الأرضية















المزيد.....


دستور مرسى وسلب ثروات المصريين بالأوقاف:(9 / 1) الاوقاف بين الاسلام والأديان الأرضية


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3961 - 2013 / 1 / 3 - 23:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مقدمة
1 ـ قلنا إنّ عقيدة الاخوان هى فى الاستحلال ، وانّ المعبود الأكبر للإخوان ( المستحلّين ) هو المال ، وأنه بالتمكين وأخونة الدولة تشريعيا وقضائيا سيكون بإمكانهم تطبيق الاستحلال بالقتل السلب والنهب والسبى والاغتصاب ( بالقانون ) عبر شهودهم وقضاة شرعهم السلفى الوهابى وبالتلاعب بالألفاظ والتعبيرات ليصبح شرع الظلم والسلب والنهب والسبى تشريعا إسلاميا ، وليصبح كلام الفقهاء فى عصور الظلام شرعا الاهيا أو شريعة الله .
2 ـ ولكن ممّا يلفت النظر فى دستور مرسى هو المادة 22 الخاصة بالوقف : ( تلتزم الدولة باحياء نظام الوقف الخيري وتشجيعه. وينظم القانون الاوقاف ويحدد طريقة انشاء الوقف وادارة الموجودات الموقوفة واستثمارها وتوزيع عوائدها على مستحقيها وفقا لشروط الواقفين.) هى مادة برّاقة شأن كل الشعارات الاخوانية ، ولكنه بريق لفظى ظاهره الرحمة وباطنه العذاب. والتطبيق الاخوانى كفيل بهذا إذا إنصاع الشعب المصرى ورضى بتمكين الاخوان والسلفيين من ركوب ظهره.
3 ـ و المادة (51) ضرورية فى ( تمكين ) جمعيات الاخوان والسلفيين من الاستيلاء على الأوقاف المصرية ، فهى تقول بكل نعومة :( للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية، والأحزاب بمجرد الإخطار، وتمارس نشاطها بحرية، وتكون لها الشخصية الاعتبارية. ولا يجوز للسلطات حلها أو حل هيئاتها الإدارية إلا بحكم قضائى؛ وذلك على النحو المبين بالقانون.). التطبيق العملى أن تنتشر الجمعيات الوهابية فى مصر وتحصل على ريع الأوقاف التى سيتحكّم فيها الاخوان والسلفيين .
4 ـ وقد كانت الأوقاف من قبل فى حوزة السلاطين وفقهاء الشرع السّنى ، وجاء دستور مرسى ليعيدها الى ما كان عليه السّلف (الصالح ) فى عصور تطبيق الشريعة السنية السلفية . لا بأس بأن نذكّر هنا بسلسلة مقالاتنا عن المجتمع المصرى فى عصر السلطان قايتباى فى ظل تطبيق الشريعة السنية ، لنرى وطأة الظلم والقهر. وفى هذا العصر كانت الأوقاف تسيطر على معظم الثروة المصرية من أراض زراعية وعقارت ومساكن وقصور وحوانيت . تحكّم فيها السلاطين وقضاة شرعهم فأخربوها وأخربوا مصر بها . ويريد دستور مرسى إعادة الكرّة . وموضوع الوقف يستلزما شرحا وتأصيلا تاريخيا وأصوليا نحاول تيسيره بقد المتاح فى هذه الحلقات : والحلقة الأولى منها عن الاوقاف بين الاسلام والأديان الأرضية.
أولا : لمحة عن الأوقاف فى تشريعات المسلمين
1 ـ أصبحت الأوقاف أبرز معالم الحياة الدينية للمسلمين خصوصا فى العصر المملوكى كما لو كانت أحد ما يسمونه بأركان الاسلام . والواقع إنها لم ترد لفظا ولا معنى فى القرآن الكريم ، ولم ترد حتى فى السيرة المكتوبة لابن إسحاق ، ووردت لأول مرة ضمن الجدل الفقهى فى اوائل العصر العباسى ، ثم إستقر تشريعها تحت مصطلح الأحباس ، ثم مصطلح ( الوقف ) فيما بعد ، وأضيفت لها مصطلحات أخرى وتقعيدات فقهية عندما إزدهرت وتعاظم تأثيرها الدينى و الاجتماعى والاقتصادى فى العصر المملوكى .
2 ـ الذى جاء فى القرآن الكريم فى هذا الموضوع هو الصدقات والانفاق فى سبيل الله والزكاة المالية ، ولنا سلسلة مقالات عن ( كتاب الزكاة ) فى القرآن الكريم ، وهو منشور هنا ، وليس فيه إشارة عن الأوقاف كتشريع قرأنى ، ولم تكن معروفة فى عصر النبوة والصحابة . ولكن بعد الفتوحات واستقرارها وبداية العصر العباسى واجه المسلمون ظاهرة الوقف التى كانت ـ ولا تزال ـ معلما من معالم الأديان الأرضية ، فقد كانت هناك أوقاف على الأديرة والكنائس والمعابد فى الشرق والغرب ، والذين دخلوا فى الاسلام من أبناء أهل الكتاب ساروا بما وجدوا عليه آباءهم ،فاستمرت مسيرة الأوقاف مع بيوت العبادة للمسلمين كالشأن بها لأهل الكتاب . ولأنه ليس للأوقاف أو ( الأحباس ) تاريخ سابق لدى الصحابة وليس له دليل واضح ناصع فى القرآن لذا عارضه أحرار الفقهاء الأوائل مثل الشعبى ( ت 104 ) وابى حنيفة ( ت 150 ) بينما إخترع له فقهاء آخرون أحاديث كأدلة شرعية له . وكان من أوائل من دافع عن الوقف الفقيه الليث بن سعد ، وهو من إئمة الفقه السّنى القائم على إصطناع الأحاديث . وجدير بالذكر أن قاضى مصر وقتها إسماعيل بن اليسع ، والذى كان مشهورا بالعفة والعدل ـ كان يعارض الوقف ، لذا خاصمه الليث بن سعد وطلب من الخليفة العباسى المهدى عزله فعزله عام 167 .
3 ـ وفى العصر العباسى الثانى حيث سيطر الحنابلة واشتهر علماء الحديث كالبخارى وغيره إجتهد الفقهاء فى صناعة أحاديث تشرّع الوقف وتنسب للنبى عليه السلام أنه أوقف كذا وكذا ، وأن بعض الصحابة أوقف كذا وكذا كما لو أن الصحابة من مصادر التشريع . ولو كان ( عمل الصحابة ) مصدرا تشريعيا لكانت ( الفتنة الكبرى ) والحروب الأهلية من فروض التشريع فى الاسلام .!!.
4 ـ على أن أكبر دليل إخترعه الفقهاء هو ذلك الحديث المشهور : ( إذا مات إبن آدم إنقطع عمله إلّا من ثلاث : صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له ) . والصدقة الجارية هنا تشير الى الأوقاف ، ومن الأوقاف الوقف على مدارس تعليم الحديث ( أى علم ينتفع به ) ، ثم يقوم الطلبة والمدرسون بالدعاء لصاحب الوقف ..وبذلك يظل صاحب الوقف بعد موته يتلقى الحسنات .. وهذا أمر مضحك . فالميت يتم قفل كتاب اعماله بالموت ، ويتحدد مصيره ، وتأتيه الملائكة عند الاحتضار تبشره بالجنة أو بالنار (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوْا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29) وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) النحل ). ويقول جل وعلا : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى (39) ( النجم ). أى ليس للإنسان إلّا سعيه وهو حىّ يرزق ، وإذا مات إنقطع سعيه . وما يتركه من مال لم يصبح ملكا له بل للورثة . ولو عمل عملا صالحا يمكن أن يستمر بعد موته كأن أقام مسجدا أو ألّف كتابا مفيدا فإنّه يأخذ أجره على ما فعل فى وقتها ويضاف الى كتاب أعماله . وهو ليس مسئولا عمّا يحدث فى المسجد بعد موته ، فلو تحوّل المسجد الى مرقص فليس عليه مؤاخذة ، بل هى على من فعل ذلك . ولو ظل كتاب الأعمال مفتوحا بحيث يضيف حسنات للمتوفى فإنه ايضا يظل كتاب الأعمال مفتوحا ليقبل السيئات .
ثانيا : إمكانية الاجتهاد فى تفعيل الوقف الخيرى إسلاميا
1 ـ ونحن هنا لا ننفى ( الوقف الخيرى ) على أوجه البرّ ، بل نرى أنه إجتهاد محمود فى إطار الصدقات والانفاق فى سبيل الله جل وعلا ينبغى العمل به دون الحاجة الى سبك أكاذيب ونسبتها للنبى عليه السلام .
2 ـ لكى تكون الصدقة مقبولة عند رب العزة فلا بد :
(2 / 1) ـ أن يكون مصدرها حلالا فلا يقبل الله جل وعلا صدقة من مال حرام : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)( البقرة )
( 2 / 2) ـ : أن يكون إنفاقها لوجه الله جل وعلا بلا شبهة رياء أو نفاق أو أن يصاحبها منّ وأذى (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنّاً وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264)(البقرة ).
(2/ 3 ) : لا بد أن يتم إنفاقها فى المستحقين حسبما جاء فى القرآن الكريم ، أى أن تكون فعلا فى أجه الخير التى اشار اليها رب العزة فى مصارف الصدقات الفردية والعامة .
3 ـ والمستحقون فى الصدقات الفردية مذكورون فى قوله جل وعلا : :( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) البقرة) (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ (26) الاسراء ) (فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (38)الروم ): أى هم الأقارب واليتامى والمساكين والأغراب أبناء السبيل . ولهم ( حقوق ). ونتأمل كلمة ( حق ) أى فرض لهم حقوقا فى أموال القادرين . ويضاف اليهم السائل والمحروم ، فللسائل أى سائل حق وللمحروم كذلك ، يقول جل وعلا : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) المعارج )(وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)الذاريات).
4 ـ ومن خلال النصوص القرآنية يمكن تطبيق الوقف إسلاميا . فهناك من يعطى الصدقة فورية لأن ظروفه لا تسمح بغير ذلك ، مثل الموظف والأجير الذى يأخذ راتبا يوميا أو شهريا أو سنويا ، وهناك الثرى الذى يستطيع إقامة مشروع يدرّ دخلا يمكن توزيعه على المستحقين ،أو أن يودع وديعة استثمارية فى بنك ، ويوزّع ريعها على المستحقين ، أو أم يشترى عقارا أو أرضا زراعيا يوقف ريعها إبتغاء وجه الله جل وعلا،وبهذا يمكن للفرد المسلم أن يوقف صدقة جارية على الأقارب واليتامى والمساكين والأغراب أبناء السبيل ، وهنا يكون الوقف فى سبيل البر؛ يقوم به الأبرار مصداقا لقوله جل وعلا فى صفات الأبرار : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (177) ) ( البقرة )، أى ليس البر تدينا سطحيا يرائى بالصلاة وتحرير موضع القبلة بالضبط ولكن البرّ الحقيقى هو إيمان حق خالص وإيتاء المال لمستحقيه والوفاء بالعهد والصبر والتقوى . أى مجموعة متكاملة من الأخلاق السامية والعطاء ، وهذا هو المناخ الصحّى المحيط بالوقف البرى الخيرى فى الاسلام .وهو مناخ مستحيل فى ظلّ حكم الاخوان والسلفيين.
5 ـ والتطبيق العملى فى إعطاء السائل فى موضوع الوقف يتسع حسب مفهوم السائل . فهناك طالب يريد أن يتعلم تعليما جامعيا لا يقدر على تكلفته فى الداخل أو فى الخارج ، وهناك شاب يحتاج تدريبا حرفيا فى مهنة يرتزق منها ، وهناك شاب يريد إعانة زواج، وفتاة تريد إعانة تجهيز لجهازها ، وأرملة تريد عونا تبدأ به مشروعا لترعى نفسها . وهناك منظمات مدنية تحمى الضعفاء وتدافع عن حقوقهم وعن حقوق الانسان و تنشر الوعى بين المواطنين ، وتهب لمساعدة المحتاجين عند الكوارث والأزمات ، وتحتاج الى العون . كل ذلك يمكن أن تقوم به مؤسسات وقفية لمساعدة السائلين والمحتاجين والمحرومين ، أو حتى تقرضهم قرضا حسنا .
6 ـ وهناك إجتهاد أيضا فى الانفاق فى سبيل الله جل وعلا فى الدفاع عن الوطن ضد أى عدو يريد الاعتداء ، فيبكون الرد باعداد القوة الرادعة لردع من يفكر بالاعتداء على الدولة الاسلامية المسالمة بطبيعتها وبتنفيذها لشرع الله . السلام هنا يحتاج الى قوة ردع تحميه ، فهى قوة لتدعيم السلام ولردع المعتدى حتى لا يعتدى ، وهنا يكون التبرع واجبا ، بالمال مباشرة أو بوقف مشروع يدر دخلا لصالح القوات المسلحة التى تدافع ، ولا تعتدى ، يقول جل وعلا : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60) الانفال ). هنا يكون الوقف فى سبيل الله جل وعلا تجارة مربحة مع رب العزة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) الصف) .
7 ـ وحتى يترسّخ مفهوم الاسلام وقيم الاسلام العليا فى التسامح والحرية المطلقة فى الدين والحرص على حياة النفس وحق الحياة والعدل والتكافل الاجتماعى فإنّ من أهم وسائل الجهاد فى سبيل الله هو ذلك الجهاد السلمى بالدعوة الى حقائق الاسلام الغائبة المغيبة ، والتى غيّبتها أديان المسلمين الأرضية بحيث يحتاج إظهارها ونشرها الى جهاد سلمى حقيقى تنويرى . الوقف الاسلامى فى الجهاد فى سبيل الله ليس بالاعتداء والارهاب والقتل العشوائى بل يكون الوقف فى تعليم المسلمين القيم العليا للاسلام أخذا مباشرا عن القرآن بعد فهم مصطلحاته ، بحيث يتعلم المسلم أن الاسلام هو دين السلام والعدل المطلق والحرية الدينية المطلقة والديمقراطية وحقوق الانسان وئانه دين الرحمة والتسامح والبر والتقوى و إعلاء قيمة الضمير وحُسن التعامل مع الناس .
8 ـ هذا عن واجب الأفراد . أما دولة الاسلام ـ لو كانت قائمة ـ فعليها جمع الصدقات الفردية وتوزيعها :( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) التوبة ) وكذلك الفىء أو ما يفىء ويدخل الى الخزانة :(مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) ( الحشر ). وفى كل الأحوال يكون الانفاق الخيرى عطاءا مباشرا ، أو مشروعا للخير يدر ريعا يتم الانفاق منه تحت إشراف الدولة أو منظمات متخصصة وبشفافية مطلقة ، وبمعرفتها يمكن تأسيس دور للضيافة لأبناء السبيل ومؤسسات لرعاية الأيتام والارامل و أطفال الشوارع والمتفوقين علميا بتأسيس مدارس لتعليم الطلبة العلم الحديث أخذا عن الغرب أو إرسالهم بعثات تعليمية الى الغرب ليصبح المسلمون منتجى علم وليسوا مستهلكى إختراعات الغرب والشرق ، وفى إنشاء معاهد التدريب ، وبيوت الشباب للراغبين فى الزواج وجهاز العروسين بالتقسيط ..ألخ ..
9 ـ وقد عانت أوربا قرونا طوالا من تحكم الكهنوت الكنسى وإنتشار الأوقاف الكنسية وسيطرتها على ثروات الشعوب ، متحالفة مع الاستبداد السياسى ، ونفس الحال كان سائدا فى تاريخ المسلمين فى العصور الوسطى ، وخصوصا العصر المملوكى ، وهو محل تخصصنا الدقيق . ولكن نجحت أوربا بالعلمانية من التخلص من سيطرة الكنيسة ، والغرب الآن خصوصا فى أمريكا وكندا يطبّق تشريعات الاسلام ، حيث تقام مؤسسات وقفية ينفق عليها الأثرياء منها ما يتخصص فى رعاية المتفوقين من الطلبة ومنحهم منحا مالية ليستكملوا تعليمهم الحديث وليسهموا فى تقدم مجتمعهم ، ومنها ما يتخصص فى رعاية الأيتام والأرامل وأطفال الشوارع وتمويل منظمات حقوق الانسان والمجتمع المدنى ورعاية المحتاجين داخل بلدان الغرب وفى ( العالم الاسلامى ). هل ننسى هنا ( بيل جيت ) الذى تساوى عظمته العلمية العبقرية عظمته فى التبرع الخيرى خلال مؤسسته الخيرية .. وبالمناسبة هناك من المستبدين العرب وتوابعهم من هو أكثر ثراءا من بيل جيتس ، أولئك البليونيرات المسلمون يجمعون أموالهم بالسحت والسلب والنهب وينفقونها فى الصّد عن سبيل الله وفى اللهو واللعب والمجون ، بينما يجمع بيل جيت أمواله بالحلال وينفقها فى البر والخيرات. ومع هذا يعتبره الوهابيون كافرا .!!.. فمن الملعون هنا ؟
ثالثا :الوقف فى الأديان الأرضية هو لحماية الكهنوت والاستبداد
1 ـ ليس من الوقف فى الاسلام أن تؤسس معهدا لتدريس ونشر الأكاذيب والافتراءات والتى تعبّر عن الدين الأرضى وتشوّه دين الاسلام مثل ( الحديث والسنة والتفسير و( التوحيد ) والتأويل وأكاذيب التشيع والتصوف ) على نحو ما ساد فى العصور الوسطى حين تحكمت فى المسلمين أديانهم الأرضية ، وهو ما تفعله الوهابية البترولية التى تتجوّل فى العالم بمنظمات التخريب السلفى الوهابى تنشر فيه ثقافة الموت والكراهية والاعتداء والاستحلال . وليس من الاسلام أن تجمع المال بالسحت ثم تقيم به وقفا خيريا .. أو تقيم به ( وقفا ) اهليا لتحمى أموالك الحرام من المصادرة . ليس من الاسلام ذلك الوقف الذى عرفه المسلمون بأديانهم الأرضية، والذى إزدهر فى العصر المملوكى ، وهو عصر الظلم والفساد والاستبداد ، والتدين السطحى والاحتراف الدينى واللحية والنقاب والانحلال الخلقى. وقامت الأوقاف بالانفاق على هذا السيرك . ويريد دستور مرسى أن يعيد سيرة الأوقاف المملوكية لينهب الثروة المصرية كما نهبها المماليك من قبل عن طريق الأوقاف . العصر المملوكى هو العصر المفضَل للوهابيين السلفيين والاخوان . إنه العصر الذى شهد حياة أمامهم الروحى ( ابن تيمية ) ومدرسته من ابن كثير وابن القيم الى ابن حجر .
3 ـ انتظرونا لنقدم لكم العصر المملوكى فى لمحة سريعة من خلال الأوقاف .. لتعرفوا ما ينتظر مصر من أوقاف مرسى ودستور مرسى .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دستور مرسى : وسلب ثروات المصريين بالاستحلال السّنى : ( 8)
- دستور مرسى : وتطبيق حد الردة على الأقباط : ( 7)
- دستور مرسى : وتطبيق حد الردة على صالحى المسلمين : ( 6 )
- بدستور مرسى يمكن تطبيق حد الردّة على د . محمد البرادعى .!! ( ...
- ملامح التطبيق القادم لدستور مرسى بالقتل العام بحجة الأمر بال ...
- دستور مرسى يبيح قتل كل مصرى بحجة الأمر بالمعروف والنهى عن ال ...
- دستور مرسى : وإرهاصات تدمير الدولة المصرية بحجة الأمر بالمعر ...
- دستور مرسى يبيح قتل كل مصرى ( 1 )
- أيهما الأكثر عداءا للإسلام : مرسى أم موريس ؟
- هذا الحكم المسىء للاسلام الذى يقضى باعدام المسيئين للرسول عل ...
- هذا الحكم المسىء للاسلام الذى يقضى باعدام المسيئين للرسول عل ...
- هذا الحكم المسىء للاسلام الذى يقضى باعدام المسيئين للرسول عل ...
- هذا الحكم المسىء للاسلام الذى يقضى باعدام أصحاب الفيلم المسى ...
- بيان المركز العالمى للقرآن الكريم بإستنكارالحكم بإعدام المسي ...
- كتاب الحج : ب1 ف 5 ( تشريعات الحج فى ضوء التقوى )
- إستنكارا للحكم بسجن المحامى الكويتى الحقوقى الاستاذ خالد حسن ...
- كتاب الحج : ب1 ف 4 :دور التقوى فى إتمام فريضة الحج
- كتاب الحج ب1 ف3 : التقوى أساس الدعوة للحج
- كتاب الحج : ب1 ف2 : التقوى والذّكر فى فريضة الحج
- كتاب الحج :ب1 ف 1 : التقوى الاسلامية فى فريضة الحج


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - دستور مرسى وسلب ثروات المصريين بالأوقاف:(9 / 1) الاوقاف بين الاسلام والأديان الأرضية