سهيل كرام
الحوار المتمدن-العدد: 3960 - 2013 / 1 / 2 - 15:30
المحور:
المجتمع المدني
اليهود والعرب في اسرائيل: ماذا يجب ان يكون؟
ماذا ستكون الحال في الكنيست القادمة؟
نحن لسنا سياسيين, نحن لسنا باحثين, نحن مشكبي الرأي العام, نحن حماة الدمقراطية, راديو الشمس يفتح المجال أمام العرب الفلسطينيين في اسرائيل لتشكيل شخصيتهم في الإطار القانوني، الشرعي والديمقراطي.
الشعور السائد في اوساط الجمهور العربي في اسرائيل هو وجود فجوة هائلة بين ما يجب ان يكون وما سيكون عليه الواقع بعد الانتخابات القريبة.
استطلاعات الرأي الاخيرة تشير الى شعور الجمهور العربي باليأس والعزل من المؤسسة الحاكمة عامة ومن الكنيست خاصة, لم يعد يؤمن انه يمكن انجاز تغيير في الكنيست وسياسة الحكومة ولهذا الامر معنيان هامان، التصويت بالارجل وهو تصويت سياسي اجتماعي احتجاجي ، ومن جهة أخرى تعبير عن الياس من كل الجهاز السياسي الاسرائيلي.
50% من اصحاب حق الانتخاب العرب انهم لن يصوتوا، ان الاحزاب العربية والاحزاب التي تصف نفسها كأحزاب وسط – يسار لم تنجح ان تقنع الجمهور العربي بأنهم حقا سينفذون التغيير.
الاحزاب التي تطمح لتكون احزاب وسط يسار تفتقد للأجندة الواضحة, كل شيء يتغير حسب الاستطلاعات وحسب جمهور الهدف, كلهم يريدون الاصوات, لذلك ينحرفون الى اليمين وراء الشعب.
بنيامين نتنياهو ليس بن غوريون الذي قال: "انا اعمل ما هو لصالح الشعب, وليس ما يريده الشعب". مهما كان حجم الاحزاب العربية كبيرا لن يستطيعوا احداث التغيير.
التغيير يتحقق عبر أكثرية في الكنيست تؤمن بديمقراطية حقيقية وبدولة متعددة الثقافات، وليس بديمقراطية لليهود فقط، مما يعمق التمييز وعدم المساواة في جميع مجالات الحياة.
الجمهور العربي قلق، وقلقه لا يختلف عما يقلق الجمهور اليهودي . على رأس ذلك تقلقه المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، فقط في الايام الاخيرة قرأنا تقرير مجلس سلامة الاطفال الذي يشير الى ان 66% من الأولاد العرب هم فقراء. في الناصرة المدينة العربية الأكبر نسبة الاولاد الفقراء يرتفع الى 73% ، الفقر ليس نقص بالغذاء فقط, انما تعليم اقل، خدمات اقل ومستقبل غامض.
الجمهور العربي قلق من غياب المساواة وارتفاع حاد في الحوادث العنصرية, والتمييز ضد العرب، وضد الغرباء والأثيوبيين، اسرائيل تتقدم بتزايد نحو دولة ابرتهايد, وهذا ينعكس داخل المناطق المحتلة وأيضا داخل الخط الأخضر.
العنف يتنامى في المجتمع العربي, الشعور السائد ان السلطة تريد من العرب ان يدمروا بعضهم بعضا, عربي يطلق النار على عربي, هذا حادث إجرامي او نزاع بين زعران, او نزاع عائلي, الشرطة تقول انها تخصص ميزانيات وقوى بشرية, ولكن بالمقابل لا نشعر بالردع وتراجع العنف.
كل يوم نقدم في اذاعة الشمس تقارير عن حوادث إطلاق نار, المؤسسة الحاكمة تتعامل مع المسالة كمجرد اخلاقيات , لا توظف في التعليم والبنى التحتية ما يبعد الشباب عن الجريمة.
الآفاق السياسية مقلقة تماما, وهذا ينعكس على حياتنا اليومية، حتى الحديث عن الاحتلال وبؤسه يمكن ان يفسر كمخالفة, الشباب اليهود الذين ولدوا بعد الاحتلال يعتبرون مشروع التقسيم مشروعا خياليا, استوعبوا آراء وتهديدات اليمين كوعد للهدوء. في النتيجة شعار "سلام وامن" حرف الى "قوة = أمن" .
شعور نقص الاهتمام واللامبالاة التي ترافق الجمهور العربي, مصدرها فقدان الثقة الكامل بالمؤسسة التي تدفعه أكثر وأكثر الى الزاوية.
ان التمييز والحرمان لمواطني اسرائيل العرب من قبل المؤسسة الحاكمة ليس وليد الصدفة, ولا تحل المشكلة اذا اكتفت حكومات اسرائيل بزيادة المصادر المالية, المطلوب تغيير عميق يتضمن تعريف جديد للأهداف التي توجه سياسة المؤسسة الحاكمة بما يخص المواطنين العرب, ويتضمن تعريف جديد لمفهوم المواطنة.
الكنيست القادمة مثل الكنيست السابقة, يبقى العرب ككيس ملاكمة للتمرين من عدة أحزاب, بعضها تطرح مواقف معادية للجمهور العربي من اجل الحصول على تأييد جمهور ناخبيهم، اإحزاب التي تعرف نفسها وسط- يسار تتجاهل ما يجري ولا تفتح فمها.
التحريض ضد العرب هو أمر المشروع.
تندفع الدولة اليوم باتجاه دولة يهودية تفقد ديمقراطيتها، تتحول الى ديمقراطية يهودية اثنية.
استيقظوا قبل فوات الأوان!!
الفكر السياسي يطرح اسلوبان سياسيان للتعامل السياسي في الدول التي تعاني مثل إسرائيل من وجود مواطنين ذوي انتماء اثني قومي غير قابل للذوبان- الأسلوب الأول تعرفه العلوم السياسية باصطلاح "السيطرة" وهو الأسلوب الذي تتبعه المؤسسة الحاكمة في إسرائيل, وتحد من قدرة الأقلية على التأثير. الأسلوب الثاني تعرفه العلوم السياسية باصطلاح "المصالحة" وهو نقيض للسيطرة , المصالحة تفترض دمقرطة كاملة بعلاقات الاكثرية مع الاقلية, بما في ذلك انجاز مساواة كاملة واتوماتيكية في مجالات معينة تحقق الهدوء وتؤمن استقرار طويل المدى.
الدول التي اتبعت طريق المصالحة مثل بلجيكا, سلوفاكيا, واخيرا كرواتيا , خصصت استثمارات مادية سياسية للأقلية وأنجزت علاقات أثنية ثابتة أكثر وخفضت العنف والصراع ألاثني داخل مجتمعها.
نحن العرب فخورين بتاريخنا, فخورين بثقافتنا, نريد ان نتقدم, ان نتطور مثل كل شعوب الأرض. الآن نحن مواطنين في دولة إسرائيل, أيضا بعد السلام الإسرائيلي الفلسطيني سنظل مواطنين في دولة إسرائيل. أيضا بعد السلام مع العالم العربي, سنظل مواطنين في دولة اسرائيل. نحن ولدنا فوق هذه الأرض ونريد ان نعيش بمساواة مع كل من يقيم فوقها.
هدفنا ان نكون شركاء ونشطاء في مجتمعنا, ان نساهم في انجاز السلام ووضع حد للصراع في الشرق الأوسط، باقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل، وان نكون مشاركين متساوي الحقوق في التقدم والرفاه داخل المجتمع الاسرائيلي.
كمدير عام "إذاعة الشمس" أؤمن انه يمكن التغيير. إذاعة الشمس تفتح المجال للإسرائيليين اليهود من اجل التعبير عن مواقفهم أو إجاباتهم على أسئلتنا ومساءلاتنا.
هل باستطاعتكم ان تدلوني على وسيلة إعلامية عبرية واحدة تعطي للعرب حق التعبير؟ لا بد من التغيير. لا يمكن استمرار التمييز القومي, المسالة تتعلق بأقلية قومية واعية وتناضل من اجل المساواة, لكن يجري تجاهل صوتهم وكانه صراخ في صحراء.
ــــــــــــــــــــ
سهيل كرام – مدير عام اذاعة الشمس ، عضو ادارة مجلس الصحافة، المقال هو نص كلمة القاها كرام في مؤتمر يافا السابع للوفاق الوطني.
#سهيل_كرام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟