أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد بطاش - المثقف بين إرادة تكريس التبعية والجمود الفكري... دعوة لفاعلية أكثر...















المزيد.....

المثقف بين إرادة تكريس التبعية والجمود الفكري... دعوة لفاعلية أكثر...


محمد بطاش

الحوار المتمدن-العدد: 3959 - 2013 / 1 / 1 - 02:21
المحور: المجتمع المدني
    


لم تعد هذه المفردة – المثقف – تشكل هاجسا كبيرا، لكون أننا اليوم أصبحنا نتمتع بالقدر الكافي لهذه الفئة بمختلف مشاربها الفكرية .. على أننا نتفق أن دلالة الكثرة في المنسوب العددي للمثقفين لا يوازيه بالضرورة وجود زخم فكري وثقافي بنفس حجمها الملموس سواء من حيث المؤهلات العلمية أو حتى الإنتاج الفكري والثقافي...
أسمح لنفسي في هذه المقاربة أن أشير إلى بعض الملاحظات في أعمال مثقفينا الذين تؤخذ أعمالهم على محمل الجد على سبيل أنها اجتهادات تعكس واقعنا المعاش في جميع الأصعدة حسب تنوع الاهتمامات والاختصاصات وحسب الظرف الحياتي الذي يستدعي من كل مثقف أن يحمل على عاتقه هموم بيئته ومجتمعه، كون أن رؤيته عادة ما تكون أكثر فهما ومن ثم أكثر نجاعة وفاعلية .. وفي ذلك يساهم المثقف العربي من خلال أعماله في التأثير بشكل مباشر أو غير مباشر على مجريات الأحداث ، محاولا بذلك وفي كل مداخلة له في ميدان من الميادين أن يفتك رموز الشفرة التي تحيّر العامة من الناس حتى أولئك الذين قد يوجدون في أعلى مناصب السلم الاجتماعي .. لأن المثقف بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى أدرى الناس بشؤون الحياة ومجرياتها .. أو أن هذا ما يناط به عادة من طرف تلك الجموع التي تحيط به...
إن الكلام عن مهام المثقف أو بالأحر المفكر قد تبدو رأس الحربة التي عادة ما توجه لهذه الفئة في أحلك الظروف وبالخصوص عندما تسد أمام الناس جميع السبل لاستدراك مأزق ما أو إيجاد الحلول المناسبة له، بينما أثناء معترك الأحداث قد يجد نفسه بعيدا جدا عن مجرياتها يقف موقف المتفرج من على هامشها...
... لكن في حال ما تجاوز هذا المثقف الخط الفاصل الذي عادة ما يبعده عن مسرح الأحداث ووجد نفسه طرفا فاعلا فيها، هل بإمكانه أن يحدث أثرا ذا بال ، حيث من خلاله نستجدي نفعا، ويبرز بواسطته ذلك الخيط الرفيع الذي يفصله عن باقي الفئات الاجتماعية الأخرى.
... سوف أحاول من خلال هذه المقاربة أن أتكلم بصفة عامة عن مساهمات المثقف العربي اليوم وفق الأحداث الراهنة، لعلنا من خلالها يمكننا إبراز أهم العوائق التي تحول دون إحداث الفاعلية المنشودة.
.. تكريس التبعية...
... المقصود بالتبعية هنا هو مسايرة الأحداث وفق مكانها وزمان وقوعها ، والاكتفاء بمجرد عرضها وتناولها بالتحليل ودراسة متغيراتها والتنبؤ وفق ذلك بالمسار الذي سوف تتخذه... وقد كان أكثر مثقفينا شجاعة أولئك الذين أخذوا على عاتقهم محاولة تغيير مسارات الأحداث لكن هذا التغير لم يكن في منأى عن توجهاتهم وإيديولوجيات أفكارهم .. وهذا ما هو حاصل اليوم .
لكن لا يبدو لي أن المثقف في الحالتين معا قد وفق في مسعاه، على أني أستدرك هنا أن المثقف المقصود هو ذلك الإنسان الواعي بأصل المشكلة الحاصلة في مجتمعاتنا العربية والتي تستبق في حلها أي توجه أو إيديولوجية. فلا يمكننا الحديث مثلا عن اللون الذي سوف نضفيه على الجدار ونحن بعد لم نهيئ الأرضية الملائمة لإقامة البناء.
يتجلى هذا التصور أكثر ويظهر جليا من خلال مساهمات المثقف العربي في المجال الاجتماعي والسياسي، وهما في اعتقادي المحوران الأساسيان في تقويم الصدع.
ما الذي أضفته مساهمات الوعي العربي من أجل الإسهام في الخروج من مأزق الصراع العربي سواء القائم بين الأقطار العربية أو الصراع بمفهومه العام ضد الهيمنة الغربية بدءا بالاحتلال الصهيوني.
ماذا نتج عن إسهامات المثقفين العرب في محاولتهم تجاوز المستنقع العراقي، غير تلك الحلول التلفيقية القائمة على أساس إلغاء الآخر وتكريس سياسة الإقصاء التي هي في الأصل الأطر الأساسية التي يستند عليها رجل السياسة من أجل خدمة مصالحه الخاصة لا غير.
والدور نفسه الحاصل في لبنان وفلسطين واليمن والسودان مرورا إلى دول المغرب العربي.
في محاولة استقرائية سريعة نجد أن دور المثقف العربي قد انحصر في كونه الناطق الرسمي للفئات السياسية المتعاركة تارة والمتناحرة تارة أخرى.
فأهم محاور الدراسات القائمة في مراكز البحوث الاستراتيجية والجامعات العربية نجد أنها لا تخرج عن كونها مجموعة من الأطروحات التحليلية ومشكلات تعبر عن حالة تم لها أن وقعت .. من خلالها يسوغ الدارس العربي المنحى الذي سوف تؤول له الأحداث.
فنجد مثلا من أهم الإشكالات والمحاور الفكرية:
- الثورة وما بعد الثورة – مسار التحول الديمقراطي – دراسات مقارنة بين الأنموذج الغربي والعربي - الإسلام السياسي – إشكالية التعثر الديمقراطي. ناهيك عن الدراسات التاريخية التي تحاول أن تضفي مشروعية للصراع القائم على أساس أنه نتاج تراكمات تضفي إلى مخاض صحي، يبعد لدينا كل تصور عن وجود تناقضات كبيرة لا تمت بصلة لأي استمرارية تاريخية.
لم نجد المفكر العربي أو المحلل السياسي في إعلامنا العربي إلا ذلك العرّاب الحاذق الذي يسوّق للسّاسة نفايات أفكارهم، كونه دائما ينطلق من منتصف الطريق. وهو بهذا يجعل من نفسه مجرد مركز عبور ليس إلا.
في حين أن الدور المنوط به هو أن يكون منطلقا للسير نحو التغيير أو التجديد، وفق شرط هام لا يتوفر إلا عند هذه الفئة وهو الموضوعية في الفهم والطرح معا.
الجمود الفكري:
لا أقصد بهذه العبارة ما يفهم منها عادة، إنما نحن نتكلم هنا عن إنسان يفكر وفق آلية ممنهجة وهادفة، وهي سمة كل عضو في هذه الفئة. لكن هذه الآلية لا يجب أن نعتبرها شرطا كافيا اليوم، لأن هذا المثقف لا يقف على منصة ليحاضر أو يعتلي منبرا للتنظير والدراسة لمشكلة سبق وأن أوضح العلم معالمها. إنما هناك سمة أخرى تفرضها سياسة العولمة اليوم وشروط الحاضر الذي نعيشه بحيث يتوجب على المثقف أن ينظر بعين ثاقبة نظرة المتصفح الذي يتجاوز دوما أعراض الظواهر المطروحة أمامه ليجعلها مطية لكشف اللبس عن أسبابها ودوافع ظهورها. فإذا كان مفكرونا يتمتعون بكل شروط الوعي الحضاري التي تعكس الروح العقلانية والروح العلمية والموضوعية إلا أن أهم عنصر مفقود من هذه الشروط هو الروح النقدية التي من خلالها دوما يعبر المثقف عن ذاته الحقيقية. وذلك لأننا في عصر الشراكة العلمية والثقافية لا مناص أمامنا من تقبل شروط الآخر المفروضة علينا بعدة أساليب، ليبقى الرقيب الوحيد على هذا التبادل هو المثقف ولا أحد غيره.
أليس من الجمود الفكري أن يتكلم مفكرون عرب سواء في وسائل الإعلام أو ضمن مقالاتهم عن الوعي السياسي الحاصل في مجتمعاتنا الذي أنتج ثورة تشرين وثورة الياسمين دون أن يحدثونا عن تلك البوارج الحربية التي ترسوا على ضفاف شواطئنا..!
أليس من غير المجدي بتاتا عن نتكلم عن ضرورة التكاتف من أجل إنجاح ثوراتنا شعوبنا العربية وننادي بالربيع المشرق في جميع المحافل السياسية والفكرية وفي الحين نفسه نغفل ونغض الطرف عن ثورة البحرين، وعن إرهاصات في باقي دول الخليج.
هل هذا هو الوعي الذي وصلت إليه مجتمعاتنا عندما أُسقط النظام المصري بفضل إرادة الشعب ويعتلي الإخوان وجهه الثاني بفضل إرادة الشعب.. وفي اليوم الثاني تعود الجموع مرة أخرى تنادي بإسقاط النظام... !
هل يمكن هنا أن تكلم عن إرادة شعبية واعية ليأتي المثقفون ينظّرون فقط حول أساليب إنجاحها والبحث فقط عن الرؤى السياسية الناجعة للحفاظ على مكتسبات الثورة.
لم نقرأ لحد اليوم عن ذلك التناقض السياسي الحاصل بين الفرقاء اللبنانيين، هل هو منبني عن اختلاف في الرؤى والطموحات السياسية أم هم فرقاء في العمالة والتبعية.
حماس فلسطين المدعومة من طرف سوريا وإيران وفق محور الممانعة منذ تأسيسها هي اليوم تحت رعاية قطر وتركيا.. ألا يحتاج هذا الانقلاب على الأقل طرح مجموعة من التساؤلات... !
لم نتساءل يوما عن سر النضوج في شخص صلاح الدين التركي وملاحم البطولات التي يترأسها أردوغان، وكله غيرة وأنفة على الوطن العربي والمسلمين في ظل العلاقات الحميمية بين تركيا وإسرائيل، وفي ظل الهيمنة المتزايدة للسياسة الاستيطانية والتصفيات العرقية التي تدور رحاها في جميع البقاع التي يتواجد بها المسلمون.
لم نتساءل يوما عن تلك الحملة العالمية العسكرية التي أثقلت العراق بأطنان الذخائر النووية والكيميائية، فقط لتقتل رجلا واحدا هو الشهيد صدام حسين، ولتخلف مستنقعا ذهبت معه كل معالم بلاد الرافدين وحضارتها... وفي الأخير يعتذر وزير الخارجية الأمريكي كولن باول عن زيف المعلومات التي قُدّمت بشأن امتلاك صدام لأسلحة دمار شامل... إنه لشيء مضحك إذا تجاهلنا كل هذا الاستهتار بعقولنا... !
دوما نتكلم عن الحرب المعلنة ضد الإرهاب التي ترعاها الولايات المتحدة، لكننا لم نتساءل يوما عن سر عدم وجود الإرهاب بالدول الغربية في أميركا أو فرنسا أو بريطانيا أو إسرائيل...
أليس من الضرورة البحث عن علة تواجد الحركات المتطرفة تحت حماية الديمقراطية البريطانية والأمريكية ثم تأتي جيوشهم تبحث عنهم في أزقة الشوارع العربية وأريافها... !
هل تساءل المثقف العربي عن مفهوم طالما ردده وتناوله بالتحليل والتركيب وهو"القاعدة" هاجس أمريكا الذي يبيت في العراء ويحمل بندقية... !
كل مثقف عربي مسؤول عن ترجمة جميع هذه المفاهيم وطرح مثل هذه التساؤلات، عله بهذا يوقف ذلك التدافع الوجداني غير الواعي للشعوب العربية التي فقدت الأمل تماما في إصلاح أوضاعها وأضحت تبحث عن آمالها في أساطير ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة التي يرويها لها اليوم فتى اسمه " فوكوياما"...!
إن كشف الزيف وإماطة اللثام عن وجه الشبح الذي يظلل شعوبنا، لهو الأساس لجعلها تستعيد الثقة بمن هم أولى بذلك وهم الفئة المستنيرة
والمثقفة، لأن التفكير دوما فيما يسمى بعملية البناء التي تصاغ عادة في شكل عناوين ضخمة وعبارات رنانة لن يجدي نفعا، مادام أننا لم نتخلص من رواسبنا القديمة، وكأن جميع محاولات التغيير في محيطنا العربي عبر تاريخه الطويل هي مجرد محاولات لإعادة ترتيب أثاث قد وجدناه موضوعا داخل البيت، لكن لم يجرأ أحد على التساؤل: من أي لنا بهذا الأثاث...؟

...لا أحسب نفسي كذلك .... أقدّر جميع إسهامات مثقفينا ومفكرينا ..
ولن ننسى تاريخ فكرنا العربي في جميع العصور حتى هذه اللحظة
الحافل والزاخر بإنجازاتهم العظيمة التي أبهرت العالم...
... مع ذلك لا يجب أن نتخاذل أبدا...



#محمد_بطاش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ... لماذا كانت ثورة الربيع العربي بدون وازع أو مشروعية فكرية ...


المزيد.....




- دول تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو وزعيم أوروبي يدعوه لزيارت ...
- قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
- مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط
- كيف -أفلت- الأسد من المحكمة الجنائية الدولية؟
- حماس تدعو للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لجلب نتنياهو و ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يوقف الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن ...
- 133 عقوبة إعدام في شهر.. تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في إيرا ...
- بعد مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت.. سيناتور جمهوري يوجه تحذي ...
- قادة من العالم يؤيدون قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الا ...
- معظم الدول تؤيد قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الاحتلال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد بطاش - المثقف بين إرادة تكريس التبعية والجمود الفكري... دعوة لفاعلية أكثر...