|
ظُلامة الحسين في العصر الحديث
علاء جاسم
الحوار المتمدن-العدد: 3958 - 2012 / 12 / 31 - 22:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ربما لم أكن مخطئـا عندما أقول أن الأمام الحسين بن علي (عليهما السلام) ظـــــُلم واستشهد مرات متعاقبة ومتتالية وآخرها في العصر الحديث وتحديدا في هذه الأيام ،..!؟ وقد يبدو للوهلة الاولى غرابة ما أقوله ولكن الواقع يقول أنّ أبا الاحرار ظـُلم واستشهد أولا على يد ابن زياد اللعين وجيش ابن سعد عندما لقي مصرعه بصحراء كربلاء .، و ثانيا فان الحسين ظـــــُلم عندما سعى إذناب بني أمية إلى تشويه سمعته وثورته وصوروها لأهل الشام على "أنهم مجموعة من الخوارج" ..!! وقد تبدو الامور طبيعية لتبرير فعلتهم الشنيعة بقتل سبط رسول الله وسيد شباب اهل الجنة.. وهذه كلها ظلامات الحسين في عهد بني أمية..! أما أن يُـــظلم الحسين في العصر الحديث فهنا يجب علينا ان ننبري للدفاع ونقول : ان الظلم آلاخر والأخير للامام الحسين(عليه السلام) يتمثل بالعصر الحديث وتحديدا على يد بعض من يدعي أحياء شعار عاشوراء من بعض (الـجـُهال) الذين يرتقون هذه الايام المنابر ويرددون قصص وحكايات ما انزل الله بها من سلطان. هؤلاء الثلة حولوا الثورة الحسينية العظيمة إلى معركة على (ماء) أو ما شابه ذلك متناسين عظيم الفكرة الحسينية والثورة على السلطان الجائر والفكرة الجهادية التي جاء بها أبو الاحرار والتي لم تكن معرفة سابقا في عصر الاسلام ، فأبو عبد الله كان كان الثائر الاسلامي الاول على من يدعي الاسلام من حكام بني أمية .... وحتى اكون منصفا عليّ ان اعترف بان ما يردده الخطباء من قصص وحكايات حدثت في كربلاء بدأ من قطع الماء عن الحسين و أصحابة ونزولا عند السبي لحرمه فهذه كلها حقائق لا غبار عليها تاريخيا ولا جدال فيها ولكن لا ينبغي أن تضخم بالنحو الذي يؤثر بعض الشيء على قيام أبي عبد الله الحسين وثورته الخالدة عبر التأريخ . فالثورة الحسينية ظلمت على يد السلاطين والحكام لسنوات طويلة سواء على يد الأمويين أو العباسين و لكن أن تُظلم في العصر الحديث فهذا ما يجب ان نتصدى لها أو عدم السكوت عنها . فالحسين(عليه السلام) قادَ ثورة بدأت بتحرك من هناك في المدينة المنورة وانتقلت إلى الكوفة مرورا بمكة والبصرة ووصولا الى الكوفة وتحديدا في ارض (الطف) كربلاء .، قاد أبو الشهداء مسيرة بين المدن الاسلامية ، كان يحدث الناس ويدعوهم لدعم ثورته ويذكرهم بضرورة الخروج على السلطان الظالم واعتبار انه جهاد اكبر يضاهي الجهاد في سبيل الله ضد المشركين . كانت تلك الفكرة جديدة على العالم الإسلامي وهنا يكمن سر عظمة النهضة الحسينية الخالدة التي ينبغي التغني بها وكتابة الأشعار وتسليط خطباء المنبر الضوء عليها . ربط الأمام الحسين (عليه السلام) في مسيرته الثوروية بين الجهاد في سبيل الله ضد المشركين وبين الجهاد على السلطان الجائر حتى وان تزين بزي الإسلام وما أعظمه من ربط بقى يدرس في مدارس الثوار جيلا بعد جيل .، أقنع أبو عبد الله كل من التقى بهم بان" الجهاد على ابن مرجانه" ومن خلفه يزيد واجب شرعي لا مناص عنه. قال لهم (ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا و أنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كي آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.. أوصلهم الامام لحقيقة ان " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب شرعي في اي بقعة من بقاع العالم وسنة يجب الاقتداء بها . لقد كانت الثورة الحسينية عظيمة برمتها فلماذا تـــُـغتال وتــُستشهدْ ويـُظلم على مرأى ومسمع ألان ومن دون أن يقال لهم (قفوا أنكم مسؤولون) ... أعود لأقول : ان الحسين استشهد مرات وظلم مثلها ... الحسين استشهد أولا على يد جيش الكوفيين في واقعة عاشوراء المؤلمة .، والثانية على يد بني أمية الذي أساءوا لمقام الثورة الحسينية عبر تزيف الحقائق في وقائع لم يشهد لها مثيل عبر التأريخ وهذه حقيقة التاريخية لا جدل فيها ولا يمكن أن نعدها مصيبة ما دمت قد صدرت من بني أمية الذين أوغلوا قتلا في بني هاشم و سيتبوءون الدرك الأسفل من جهنم أن شاء الله ..! ولكن المصيبة الأعظم أن الحسين يــُظلم من جديد ولكن هذه المرة على يد بعض الخطباء والشعراء الذي تناسوا الاهداف العظيمة للثورة الحسينية وبدلا من تسليط الضوء على جوهر الثورة الحسينية ركزوا على امور اخرى وان كانت حقائق تاريخية وصور مؤلمة تعرض لها الحسين أو حرائر آل بيت النبوة . أنا لا أنكر بشاعة ما جرى في عاشوراء من قصص مؤلمة ومآسِ ولكن ينبغي أن نتناول الفكرة الحسينية من منظور يستلهم ابرز الدروس والعبرة و الأهداف السامية لتلك الثورة العظيمة التي تخلدها البشرية حتى الان. خطباء بعض المنابر او بعض الشعراء الحاليين تناسوا المبادئ العظيمة لتلك الثورة و بدأو يرتكبون الخطيئة الكبرى فكان الاستشهاد الأعظم والفجيعة الكبرى التي نعيش أيامها اليوم والتي تصور ان الامام الحسين كان يقاتل من اجل الحصول على الماء أو حماية أطفاله في مشاهد وسيناريوهات تعرض ويراد منها فقط البكاء والدموع .... فالحسين ظُلم بما نسب له من تلك الأساطير، والروايات القاصرة عن أن تصبح تاريخاً يألفه أو يقبله العقلاء . ظُلم الحسين لأن تلك الروايات عتمت على أهداف ثورته ومقاصدها.. ظُلم؛ على يد "الرواديد" ومن اعتلوا منبره ونسبوا له - ولأهل بيته- حوارات ومواقف وهمية ملؤها بالانكسار لاستدرار الدمع. فصوروه - وهو المحارب الجسور الذي افتدى مبادئه بروحه ودمه - وهو يلتمسُ الماء بكل ذلٍ ومهانة من أعدائه، وصوّروا زينب -الطود الشامخ- التي دخلت على الطاغية يزيد فزلزلته بخطبتها؛ على أنها امرأة جزعة بكاءّه تثبّط همة أخيها في الحرب، وتثنيه عن القتال بل وفي بعض القصائد تناشد الآخرين عن عدم القتال وتبحث عن أخيها أبي الفضل وتناجيه عن كيفية قيامه بتركها وحيدة... !!؟ ظلم، وأي ظُلم هذا، عندما حُوِّلت ثورته الراقية على الوحشية كمناسبة لتعذيب وجلد النفس وتجريح الرؤوس(التطبير). ظُلم..عندما زُج بمظاهر الغلو في مجالسه.. وظُلم عندما اتخذت بعض مجالسه وسيلة لترسيخ الفروقات بين الأمة المحمدية التي بذل روحه لجمع شتاتها والحفاظ على هويتها. ظُلم .. عندما دُرست في المدارس قصص أمرئ القيس والمعري والمتنبي وأبو نؤاس ضمن المناهج الدراسية وما دُرست ملحمته حتى يومنا هذا !! ظُلم.. عندما صارت ذكرى استشهاده فرصة التبذير وهدر المال في الولائم المبالغ فيها - تحت اسمه- وهو ابن البيت الذي يتصل فيه الصوم لإيثار التبرع بالزاد على أكله!! ظُلم ومازال يظلم .. لأن رسالته التي كان تهدف الى رفع مستوى الفكر البشري؛ ولكنها غُيبت لصغر العقل وتقفل القلوب. لقد خُلدت الثورة – نعم- بتوجيه رباني ربما فمن يتصفح مظاهر إحياء عاشوراء حول العالم ، ويلمح العبرات التي تنهمر من وجوه المسلمين، لا يكاد يصدق أن الواقعة المرثية قد مضى عليها أكثر من 1200 سنة ً. ذلك أن الله - في عُلاه- أراد لهذه الواقعة أن تُخلّد ليوم القيامة لما فيها من أرث، ومن دروسٍ تختصر الصراع الدنيوي بين معسكري الخير والطغيان، وتشرح مفهوم النصر الخالد - ولو- عبر الهزيمة الآنية.. وتلك فلسفة إلهية خاصة بالثورة الحسينية حصرا. تلك الدروس التي فهمها المهاتما غاندي فقال تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر ، أو كما قال عنها المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون " أخذ الحسين على عاتقه مصير الروح الإسلامية، وقتل في سبيل العدل بكربلاء. و لقد غابت عن فهم (الرواديد والشعراء) وفهم بعضا ان تلك الدروس هي سر بقاء الثورة الحسينية فكيف كان استثمارنا لها .. فبين فئةٍ ركّزت على تراجيديا الثورة على حساب رسائلها وأهدافها الكبرى، وبين فئة أخرى أهملتها وتجاهلت معانيها وتعامل معها على أنها لا تخصه.. تبدد الإرث.. وبقي الرثاء.. وظلم بذلك الحسين واستشهد على يد محبيه ومناوئيه آلاف المرات.. .. فلماذا تــــُغتال اليوم تلك الثورة العظيمة...
#علاء_جاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يخلفْ الربيعي صابر العيساوي ..؟!
-
ما هو دور الشعوب العربية القادم ؟
-
مصطلحات شعبية عراقية ..(الطنگرة)
-
مصطلحات شعبية عراقية( هيلكي)..
-
مصطلحات شعبية عراقية ( اللكلكة).
-
شرعية التزوير أم تزوير الشرعية...!!
-
شتان بين(سليفا) و(كريم)..!
-
لهفي على العراق هل ضاع وسط المصالح..؟
-
عالم الطمر الصحي
-
( توسنامي) الفساد يجتاح المؤسسات الحكومية!!
-
سر وراء تأجيل الموافقة على استقالة أمين بغداد..؟
-
اسألوهم (ماذا قدمتم لنا)..؟
-
آية المتظاهرون احذروا المندسين...!!
-
(ثورة الخدمات) قد تقضي على العملية السياسية برمتها..!
-
هل ستصل رياح التغيير للعراق..؟!
-
الازمة المصرية وضعف التحليل السياسي ... قناتي( العراقية والم
...
-
شتان بين مواقف جيشنا ضد شعبه ومواقف الجيش المصري
-
هل يفاخر وزير المالية أمين بغداد؟
-
لماذا ضُرب( جند السماء ) ألان؟
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|