محمود فنون
الحوار المتمدن-العدد: 3958 - 2012 / 12 / 31 - 12:14
المحور:
القضية الفلسطينية
الانطلاقة المجيدة الى اين؟
محمود فنون
31-12-2012م
كانت عملية نفق عيلبون في 1-1-1965 م هي شكل من اشكال بداية الثورة الفلسطينية المعاصرة .
هي اول نشاط عسكري مباشر تخوضه حركة فتح ضد الوجود الصهيوني على الارض الفلسطينية .
كانت عملية صغيرة ربما لم يسمع بها كثير من الناس .فوقتها لم تكن الفضائيات وحتى الراديو كان في بداية انتشاره ,ناهيك عن التلفزيون .
ولكن من يهمهم الامر جميعا سمعوا بها وعرفوا عنها وتسائلوا وغرقوا في التكهنات والتحليلات عن هذا الجديد الذي تم اعلانه باسم" حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ".
وظل الحدث محصورا ومحدود التأثير في النطاق الجماهيري والشعبي .
ولكنه كان بعيد الاثر بمنظور النظم العربية الرجعية واسرائيل والدول الامبريالية المساندة لاسرائيل
الاردن شمرت عن ساعدها وأخذت تتعقب وتعتقل .والجميع أخذ يتعقب ويحاول الرد لقبر البداية في مهدها .والبداية هذه ظلت محدودة ظاهريا الى ان .
بعد هزيمة 1967 الساحقة والماحقة ,والتي مكنت اسرائيل من احتلال باقي فلسطين وسيناء والجولان ,وسحق الجيوش العربية ,بعدها باسابيع قلائل بدأ شيء جديد يولد .
ولد الفدائي الفلسطيني ,ومن الساحة الاردنية .ومع ميلاد الفدائي الجديد ولدت الحركة الفلسطينية المعاصرة ,والتي اعتمدت يوم 1-1 من كل عام كتاريخ وطني لانطلاقة الثورة الفلسطينية ,ليأخذ بهذا يوم 1-1-1965 م زخما جديدا على مرآى ومسمع الجماهير العربية والفلسطينية ويصبح يوم ميلاد الثورة الفلسطينية المعاصرة ولتصبح حركة فتح مفجرة هذه الثورة .
عاشت الثورة وعاش مفجروا الثورة والمجد للشعب الفلسطيني .
لقد رفعت قوى الثورة شعاراتها الوطنية "تحرير فلسطين المغتصبة "
وفلسطين هنا تعني الاراضي التي كانت تحت الانتداب البريطاني والمحددة بما عرف بالحدود الانتدابية من خليج العقبة جنوبا حتى الناقورة شمالا.ومن البحر الى النهر.
اعادت الحركة الفلسطينية ارض فلسطين وشعب فلسطين على جداول اعمال القوى السياسية الفاعلة في المنطقة والعالم كل وفقا لأهدافه وبدأت عملية الطحن من الجميع وأخذ الصراع مداياته العنيفة ضمن اصطفافات واضحة وفاعلة :مع الثورة وضد الثورة .
مع الحلف المعادي ,ومع الحلف المناضل والوطني .
ان رؤية مثل هذا الامر مسألة على غاية من الاهمية .
ان معرفة الحقيقة ,حقيقة القوى الصديقة والمعادية والقوى الرجراجة المتذبذبة هي مسألة مهمة جدا للتخطيط والفعل السياسي والعسكري والدعاية والاعلام وكل ما يخص العملية الثورية ,بل وكل ما يخص الصراع ومركباته ,وكل ما يخص الصراع العربي الاسرائيلي في لوحة الصراع العالمي الدائر وقتها بين المعسكرات العالمية والاستقطابات العالمية .
كانت الثورة الفلسطينية محاطة بالاعداء ,هم كل الاصطفاف الغربي وتابعوه من القوى والدول العربية الرجعية واسرائيل .هذا لم يكن خافيا بل انه كان مجربا من الاساس وقبل حرب 1967 وقبل 1948 م
وقد عبر هذا الحلف عن نفسه بشكل صارخ في ايلول عام1970 م وما تلاه في عام 1971 حيث صفيت الثورة الفلسطينية في الاردن تماما وسادت البلاد حالة من الارتداد والرجعية بعد ان كانت بدأت تتفتح للحرية والمشاركة الواسعة في الحركة الوطنية الفلسطينية .
كانت هذه بمثابة الضربة القاسمة شيه المميتة والتي ظل الشعب الفلسطيني يدفع ثمنها حتى يومنا هذا .
انه ليس من الصحيح ان انتقال القيادة والوزن العسكري الى لبنان شكل تعويضا او بديلا حقيقيا وجديا عن الساحة الاردنية .هي فقط حالة جزئية ,بل ان الحركة الفلسطينية هناك ظلت كذلك تعيش حالة صراعية ودموية مع القوى الرجعية اللبنانية المحلية مدعومة من امريكا وفرنسا واسرائيل منذ بداية وجودها وتجلى ذلك بقوة منذ عام 1972 وكل ما تلاه بما فيها الحرب الاهلية عام 1976 م واجتياح الجيش الاسرائيلي عام 1978 وابعاد قواعد الثورة عن الجنوب و حتى تم اخراجها من لبنان محطمة اثر اجتياح لبنان على ايدي الجيش الاسرائيلي عام 1982 م وتشرد الذي كان فدائيا الى اصقاع الارض البعيدة .
في ظل هذه اللوحة الصراعية حصلت تغيرات شديدة على الموقف الفلسطيني .حيث دفعت الحركة الفلسطينية الثمن ليس عسكريا فحسب بل ودفعت اثمان سياسية نتاج ضعفها وتراجع مواقعها ,وبفعل العرابة والاغراءات التي قدمتها لها الانظمة العربية الرجعية على شكل كراسي ودفعات مالية واسعة وبساط احمر وكرسي في الجامعة العربية ...الخ
انتقل الشعار منذ عام 1974 من تحرير فلسطين الى المطالبة بالضفة والقطاع وما عرف ببرنامج النقاط العشرة والذي اعيدت صياغته بفعل نصائح العرابين وضغوط "الاصدقاء " ومن اجل ان" يفهمنا الغرب الاستعماري"واصبح ما يعرف بالبرنامج الوطني الفلسطيني وحددت ثوابته شكلا بالحرية والاستقلال والعودة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة .هذه الشعارات التي ترجمت بالتطبيق ببرنامج اوسلو المشهود حاليا بحكم ذاتي محدود للسكان تحت الاحتلال الاسرائيلي ,مزينا باسماء والقاب ورتب وحكومة ورئيس .
ان الذين انطلقوا عام 1967 ,أو لنقل من عام 1965حتى عام 1967 م لم يكونوا ليتخيلوا ان انطلاقتهم وثورتهم ستوصلهم الى التنسيق الامني مع اسرائيل وحماية لأمن اسرائيل .
لم يكونوا ليتخيلوا ان تكون الرجعيات العربية هي حليفة للقيادة الفلسطينية وعرابة واسطة وضغط لصالح اسرائيل .
ان هذه مدرسة البرجوازية الرخوة التي من السهل عليها ان تتساهل في القضية الوطنية مقابل مكاسب اخرى ترتكز على الابهة والمنزلة الشخصية والبساط الاحمر .
لقد كانة تنازلها وتدجينها خطيرا على القضية الوطنية والموقف الوطني والاهداف الوطنية والثقافة الوطنية. والاخطر انها كانت ولا زالت تبرر هذا الهوان كما لو كان فضلا ونعمة منها على الشعب الفلسطيني .
والقضية الفلسطينية تتعرض الآن على ايدي القوى الدينية لمثل هذا الهوان وهي كذلك تبرر هذا الهوان كما لو كان نعمة وفضلا على الشعب الفلسطيني .
لقد قضت هذه القوى على الانطلاقة المجيدة ومما يوجب موقفا انتقاديا يعيد للثقافة الوطنية حضورها بقوة ويجدد لانطلاقة مجيدة جديدة لثورة جديدة وبقوى جديدة يلدها الشعب الفلسطيني .
#محمود_فنون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟