حسين طعمة
الحوار المتمدن-العدد: 3958 - 2012 / 12 / 31 - 01:34
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
.تضل امسيات الميلاد الجميلةوذكرياتها مثل محطات مضيئة ملقاة على طول دروبنا الغائمة , فتتسع وتزهر في الذاكرة , ندية ورقراقة وعذبة جدا ,رغم انها تأخذ معها ثلمة من وجودنا وأيامنا المعدودات وبقاء بستحيل معه البقاء .لا زلت محكوما بتلك الذكريات, فكلما اقترب عام جديد ,وبدأت تتهاوى ايام اخيرة من عام يمضي نحوالمجهول , تعود بي الذاكرة الى تلك الاماس ,كنا نهيأ لها اجواءا متواضعة ولكنها باذخة ومرهفة الاحاسيس ,نسموا بها بعيداعن الضجر والرتابة واللامعنى ,عن الحروب والجبهات والاجازة الدورية ,عن القائد وابواقه وقناة تلفزيونية واحدة كانت تمجده وتألهه وتسخره وتستحضره ,في مختبرات العهر السياسي ,تصدره مستحلبا عصريا ,ينسكب في كؤوسنا الثكلى ,يصير سما زعافا ,وارقا وخوفا وتوجسا وخيبة .نمضي الى حتوفنا رغما عنا ,نتأرجح على حافات بركان بين مد وجزر نضل نحترق ونصارع ونقاوم الوقوع في فوهته ,لكننا ,لم نبرح الحلم ,نضل نمسك به ,بأهدابه واذياله وحتى شعرة منه ,فنحن جئنا من حلم وعشنا في حلم واليه نصبوا ونهجس . بداية الحرب ,كنا نحرص على تفقد الاخرين ,نسأل عن فلان وفلان ,يغمرنا هاجس عنيد ,مترقب ووجل ,من خسارات اخرى ,لسنا على استعداد لتحملها وتقبلها ,لكننا نسينا الامر بعد اتساع البركان وتناسل فوهاته وأمده وأتساع دائرة حممه وحرائقه المستعرة ,تلك التي بدأت تعصف بنا كهشيم يتاكل رويدا رويدا .بدت خسائرنا تترى وتتوالى ,نفقد بين الحين والحين احبة لنا ,كانوا بالأمس معنا بأحلامهم وضحكاتهم وتوجسهم وبوحهم ومشاريعهم المؤجلة .رغم كل هذا اليأس والتلاشي والقلق كنا نحاول ان نعبر الى ضفاف اخرى ,رغما عنا وعن واقع يستفزنا ,ويكيد لنا .اوسع تجمعاتنا كانت في ليلة الميلاد ,نقضيها في واحدة من الكازينوهات التي تجاور الفرات الذي يغدق علينا محبة وطمأنينة ,و بنداه وعبقه نتوضأ ,تتسع الدائرة شيئا فشيئا ,تلتقي وجوه غيبتها الحروب والجبهات في اجواء رائعة نحاول ان نهرب فيها من قسوة وقتامة الحرب واجوائها .ولكن حين طال امد الحرب ,وكبر حجم المعاناة ,كبرت معها الفجيعة والضياع ,واحلام مستحيلة ,واسماء تغيب بين الحين والاخر,ضاعت معها هذه اللقاءات الجميلة ولحضات تومض في عتمة وجودنا البائس .وحين صحونا من اهوال الوطن الموبوء بالكارثة ,لم نجد حتى شتاتنا ,انه زمن مضى دون عودة ,وايام تشد وثاقها نحو أعناقنا تأبى ان تغادر الذاكرة,نحن الذين تركنا خلفنا ركام من احلام وامنيات مستحيلة ,عبثت بها عواصف واقدار مرسومة بعناية فائقة .
#حسين_طعمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟