|
الصابئة المندائيون : حصتهم من الاضطهاد كبيرة ...ومن الغنائم والمحاصصات صغيرة
يحيى غازي الأميري
الحوار المتمدن-العدد: 1143 - 2005 / 3 / 21 - 12:49
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
الصابئة المندائيون : حصتهم من الاضطهاد كبيرة ......ومن الغنائم والمحاصصات صغيرة
التأريخ هو سجل الأحداث والسير والعبر ....... وبدايته بعيدة قصية في قدمها والكتابة والتدوين إحدى ثمار صراع الإنسان مع الطبيعة وهي من اجمل مخترعاته ، وبفضلها حصلنا على شتى العلوم والمعارف والتي سخرت لخدمة البشرية جمعاء . تربطنا نحن الصابئة بالكتابة والتدوين رابطة وثيقة منذ التكوين الأول لنا فأسم مندا يعني بيت العلم والمعرفة فمنه ننهل وهو خير مساعد ومعين لنا بعد الله طبعا ً. نال الصابئة منذ بدأ ظهور الأديان السماوية ليومنا هذا أنواع شتى من الاضطهاد الفكري والديني والسياسي والاجتماعي .... ولست هنا بصدد سرد لتأريخ طائفة الصابئة ومعاناتها لكني سوف أتناول بعض أهم الأحداث الكبيرة والمشهورة في تأريخ الطائفة بهذا الخصوص والتي أثرت سلبيا ً بمسارها ! ....فأولها قبل آلاف السنين تعرض الصابئة إلى اضطهاد اليهود لهم ومحاولة إبادتهم وقتل 360 من علماء دينهم !! وقد هجروا ديارهم من بقوا منهم أحياء والتي دونها الصابئة ضمن إحدى مخطوطاتهم القديمة (حران كويثا ) باللغة المندائية . ومن ثم صراع الصابئة مع المسيحية منذ بداية نشأتها واضطهاد الأخيرة لهم واتهامها لهم بالهرطقة والثنوية وبالتالي محاربتها كل من ينطق بالآرامية واتهامها إياه بالمندائية إذ كانت تعتبر كل من يتحدث الآرامية صابئي أو مندائي .
وكذلك حالها مع الإسلام وقد عانوا من فترات عصيبة أكبرها فتوى الأمام أبو سعيد الاصطخري الذي حرض على عدم اخذ الجزية منهم واعتبرهم ليسوا أصحاب دين أو كتاب!! وقد نالهم من جراء فتواه أقسى أنواع الاضطهاد والذل . والذي يريد الاطلاع بإمكانه أن يبدأ من كتاب( الخراج ) الذي ألفه أبو يوسف للخليفة هارون الرشيد ويحكم بنفسه على الواقع الذي كانت تعيشه الاقليات الدينية غير المسلمة .... والكتاب يعد من أول كتب القانون في الجزية والخراج في الإسلام. كل هذه الأسباب وغيرها جعل طائفة الصابئة تتمحور حول نفسها وتتخذ من الاهوار وحافات المياه والأماكن القصية والبعيدة عن مراكز الحضارة أماكن لسكناها في ذلك الزمن . وحتى في هذه المناطق النائية والقصية وعند بداية حملات التبشير المسيحية في القرن السادس عشر الميلادي نالهم من الاضطهاد ومن التحريض عليه من قبل البعثات التبشيرية المسيحية والتي عمدت إلى تحريض الوالي العثماني في ولاية البصرة آنذاك على إجبارهم على اعتناق الإسلام بحجة كونهم ليسوا أصحاب دين وليس من اتباع المسيحية كما كانوا يدعون !!! وذلك بعد أن تيقنت بأنهم لا يدخلون المسيحية بعد أن تفاجئ المبشرون بوجودهم بهذه الأعداد وتزمتهم والتزامهم بدينهم !!! وفي التأريخ الحديث نال الصابئة الكثير من الظلم والحيف والاضطهاد رغم تفانيهم وحبهم وتضحيتهم في سبيل وطنهم سواء أكان ذلك في العهد الملكي أو العهد الجمهوري وقد تجلى الحقد الكبير والواضح بعد ( انقلاب 8 شباط الدموي الأسود عام 1963) ، وكانت حصة الصابئة من الاضطهاد شيء يفوق تحملها وحجمها فراح ضحيته العديد من الشهداء وزج بآلاف من أبنائها (من النساء والرجال والشيوخ) بالسجون والمعتقلات لسبب سياسي أو غير سياسي إذ اعتبر كل من تحدث بالديمقراطية والتقدمية والحرية والمساواة هو شيوعي وملحد وراح كل الحاقدين من الرجعية الدينية و من حملة الأفكار القومية العربية الشوفينية يمارس ابشع أنواع الاضطهاد والإذلال لهم وقد لحقت بالطائفة مآسي كبيرة من جراء ذلك ، وخير دليل هو ما صدر منذ اليوم الأول( لهيئة انقلاب 8 شباط) بحق أحد أبنائها النجباء العالم الجليل( عبد الجبار عبد الله) البيان الذي يحمل الرقم (6) وقد ناله من التعذيب والإذلال والتحقير الشيء الكثير ، لا لذنب اقترفه ألا لكونه صابئي أولا ولكونه يحب العراق ويعمل وعمل بإخلاص له ...... ( تصور بيان رقم ( 6 ) وفي اليوم الأول بأسم شخص و كان كل عمله رئيس جامعة بغداد !!!! ((( والذي لم تستلم طائفة الصابئة أي مركز مثله أو اقل منه أو مشابه له من مؤسسات العراق التي زاد عددها اكثر من آلف مؤسسه ووزارة بعد هذا المنصب إلى يومنا هذا ))) . وقد امتد الاضطهاد والتعسف والغبن على طوال فترة الحكم العارفي للأخوين( عبد السلام وعبد الرحمن ). وفي حقبة حكم البعث وصدام وجلاوزته التي امتدت اكثر من خمسة وثلاثون عاما ً نالنا الشيء الأكثر من الاضطهاد الفكري والديني والسياسي و الاجتماعي .
أخذنا حصتنا من حروبه التدميرية القذرة التي لا يوجد لها راس ولا اساس والتي راح ضحيتها شعب العراق وخيراته والتي فرخت نتائجها الكارثية الطبيعية التي تلقي و تخيم بخيمتها وضلالها الوارفة على بلدنا الآن!!!!
رغم وجود بعض السفلة المنحرفين الانتهازيين من أبناء طائفة الصابئة الذين جندوا أنفسهم للنظام الفاشي وخدمته ونصبوا أنفسهم أوصياء على الطائفة ! ! وشاركوا في إشاعة إرهاب الدولة على أبناء جلدتهم لتحقيق مكاسب ومنافع لهم ولعائلاتهم تنوعت بين طلب جاه وكسب مال ومناصب !!وقد اقترفوا ارذل الأفعال في سبيل تحقيق مأربهم الدنيئة .
وأخيرا ً استبشرت طائفة الصابئة خيرا ً بالتغير الجديد وكتبت أقلام الشرفاء والخيرين من أبناء الطائفة و من العراقيين النجباء الذين يهمهم خير وسعادة ووحدة شعب العراق !!!! وكذلك صرح معهم قادة بعض الأحزاب الدينية والعلمانية من اجل أن يكون للصابئة موطأ قدم في بلدهم وفي تشكيلات ومؤسسات الدولة وفي ( كتابة الدستور الجديد )
أن كل المجتمعات المتقدمة والتي تعيش الآن باستقرار سياسي ورفاه اقتصادي وتنعم بالراحة والصحة والأمان والسلام كتبت دساتيرها الثابتة بعد أن استنبطت الدروس والعبر والخبرات من التأريخ . وقد شارك في صياغة دساتيرها كل مكونات شعبها وقومياته وأحزابه ، وذلك من اجل العيش حياة افضل و أرقى واسعد يحيط بها الرفاه والمحبة والتسامح والسلام . وينعم بفضل قوانين دساتيرها البيئة والحيوان والإنسان بكل حرية وأمان ، ولن تكتب في تشريعها امتيازات لابن البلد على اساس الجنس أو الدين أو الانتماء القومي أو الطائفي أو للمرجعية أو إلى فلان أو علان !!
وحدث الذي حدث ولم يحصل ممثل طائفة الصابئة ومرشحها الرسمي ( صبحي مبارك مال الله ) على مقعد في البرلمان الجديد ، لأسباب عديدة يعرفها اكثر منا السادة رؤساء القوائم الفائزة بالحصص الكبيرة من المقاعد البرلمانية !!
وقد كُتبت قبل أيام بعض المقالات في العديد من مواقع صحف الانترنيت المهتمة بأحوال العراق و التي تشير إلى ضرورة إشراك طائفة الصابئة المندائيون بكتابة الدستور الجديد وإعطاءهم موقعا في البرلمان الجديد !!! ( مثل مقال الأستاذ الحقوقي عربي فرحان الخميسي وكذلك مقال الأستاذ مثنىمجيد حميد ) وكذلك عبر اتصالات ومذكرات المؤسسات الرسمية للطائفة في داخل القطر (رئاسة طائفة الصابئة ) أو في المهجر متمثلة( باتحاد الجمعيات المندائية في المهجر) . والتي كانت بدعواتها مبتعدة عن الأنانية والنعرات الطائفية ذات الأهداف الهدامة واضعين نصب أعينهم المشاركة البناءة للعراق الجديد . أني إذ أشارك كل هذه الأصوات الخيرة بدعواها هذه وارجوا من كل القوى النبيلة والمحبة للعراق ووحدته أن تضع نصب أعينها مطاليبنا المشروعة هذه ، وفي حالة عم تحقيق ذلك فأن أبناء الطائفة ومؤسساتها وكل الخيرين معهم لن يستكينوا ويهدأ لهم بال وسيطرقوا كل الأبواب الشرعية وبكل الوسائل الديمقراطية من اجل حقوقهم التي ضحوا من اجلها الغالي والنفيس من مال ودماء !!! وتأريخ الطائفة حافل وخير شاهد للجميع!!!
يحيى غازي الأميري مالمو / السويد في آذار / 2005
#يحيى_غازي_الأميري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلاما ً يا أحبتي
-
قديس أسمر من الناصرية أسمه سلمان منسي
-
من يضمــــــــــــد جراحنا ؟ من يوقف مآسينـــــــــــــــا؟
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|