|
العلمانية......الشك والمقاصد
مؤمن عشم الله
الحوار المتمدن-العدد: 3957 - 2012 / 12 / 30 - 14:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العلمانية ...الشك .......والمقاصد ====================== في بداية القرن العشرين كانت الحياة السياسية في مصر تتمتع بالزخم فيما يسمي بالحقبة الليبرالية . ورغم أن مصر في وقتها كانت تابعة للباب العالي كولاية عثمانية . ومع ماّخذنا علي تسمية تلك الحقبة بالليبرالية نظرا لأحتكار البشوات -أو ما نسميه اليوم بالنخبة – للحياة السياسية. في حين أن الليبرالية تعني في ابسط معانيها حكم الشعب لنفسه في أطار من حرية التعبير. في تلك الفترة ظهر ما يمكن اصطلاحه بالحقبة التنويرية أو مرحلة النقل التي لم تصل في مصر الي حد التأصيل. تميزت تلك المرحلة بالنقل من الحضارة الأوروبية ورائدها الأول رفاعة رافع الطهطاوي وتلامذته من مفكرين مستنيرين أمثال أحمد لطفي السيد باشا والدكتور طه حسين والأمام محمد عبده وقاسم باشا أمين .....والقائمة تطول. وعلي الرغم من أن العلمانية غير كاملة الوضوح عند هؤلاء الا أنه بالنظر الي كتابات المثقفين المحافظين المعاصرين لهم أمثال توفيق الحكيم وعباس العقادو محمود سامي البارودي ومصطفي باشا كامل ومحمود تيمور......وغيرهم .فبالمقارنة يعتبر ما كتبه علمانيو ذلك العصر –أن صح التعبير –فانه يعتبر ثورة فكرية في حد ذاته. نجد في الوقت الذي كتب فيه عباس محمود العقاد "العبقريات " كان الدكتور طه حسين يتصادم مع المجتمع بكتابه المثير للجدل " في الشعر الجاهلي" .وبالنظر الي هذا الكتاب الأخير تحيدا نجد أنه من المؤلفات الفريدة بل والمتفردة في أسلوبها ، ولا عجب أذن أن يثار ما اثير حوله-ولا يزال حتي الأن – من جدل ونقاش وصل لحد التكفير و الهجمة الشرسة التي تعرض لها كبير ادباء الوطن العربي عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي يستحق اكبر من هذا اللقب. وفي وقت أن كان الأتجاه العام يتجه الي النقل والترجمة من الأدب الأوروبي كأدبيات جابريل جارسيا ماركيز و المسرحيات التي ترجمت علي يد أدباء كتوفيق الحكيم .نجد أن ما كتبه طه حسين يعد بمثابة نسف للتراث .قد يعترض البعض علي هذا المصطلح وقد يقبل البعض الأخر.لكن ادعوك عزيزي القارئ أن تتأمل ما كتبه طه حسين في مقدمة هذا الكتاب " في الشعر الجاهلي" أقتبس لك جزءا منه: يقول عميد الأدب العربي: نحن بين اثنتين : اما أن نقبل في الدب وتاريخه ما قال القدماء، لا نتناول ذلك من النقد ألا بهذاالمقدار اليسير الذي لا يخلو منه كل بحث والذي يتيح لنا أن نقول : أخطا الأصمعي أو اصاب ، ووفق أبو عبيدة أو لم يوفق ، واهتدي الكسائي أو ضل الطريق ، واما أن نضع علم المتقدمين كله موضع البحث.لقد انسيت ، فلست اريد أن اقول البحث بل أقول موضع الشك . اريد ألا نقبل شيئا مما قال القدماء في الأدب وتاريخه الا بعد بحث وتثبت ان لم ينتهيا الي اليقين فقد ينتهيان الي الرجحان . المتامل لهذه الكلمات- وهي بالمناسبة من مقدمة الكتاب وليست من حشاياه- يجدها نسفا للتراث بل أدني شك . ومغزي الفكرة التي تمسنا في هذا المقال أنه لا قبول لأي ديموقراطية مالم نخضعها للشك الديكارتي.يقول الأمام الغزالي: "لقد كان التعطش لدرك حقائق الأمور دابي وديني من أول أمري وريعان عمري فطرة وغريزة اودعها الله في جبلتي لا بأختياري وحيلتي" وفي نفس السياق يبني ديكارت ويؤسس لمبدأ الشك " الأنسان يجب أن يشك ولو مرة واحدة في حياته فالشك مغزي الوجود " وهنا سؤال يفرض نفسه هل من ثمة علاقة بين الشك المنهجي والعلمانية؟ الشك هو الصراع بين الثابت والمتغير . فالشك لا يقبل الثوابت ، الشك هو فكر مدفوع بشعور يمكن تلخيصه في عدم قبول فكرة ما يدفع الأنسان الي رفضها ومن ثم يدفعه الي البحث عن بديل لها أو ينسفها من الوجود. وفكرة قبول التراث بما فيه من رفض لفكرة العلمانية وأرتباط وثيق بين الدين والسياسة ، وبين الثوابت والمتغيرات، وبين رفض التغيير الذي يصل الي حد الجمود من ناحية والثورة من ناحية اخري. نخلص من كل ماسبق ان الشك هو المدخل لقبول العلمانية. أيضاحا نسوق مثالا.... من يقبل بتطبيق الشريعة يذهب الي المواد المتفق عليها في المذاهب الأربعة قطعية الثبوت وقطعية الدلالة . ومن هنا مدخل الي الشك ألا وهو التساؤل .....وهل هناك من ثمة مواد خلافية بين المذاهب الأربعة ؟ وماهو حكم الخلاف بين المذاهب الأربعة في تطبيق الشرع؟ وكيف يمكن تطبيق هذا الشرع أذا وجدت قضية ما تستلزم تطبيق حد من الشريعة ...فأي مذهب نعتمد؟ وما السبب في الخلاف بين هذه المذاهب ؟ وما الهدف من وراء تطبيق الحدود في مذهب من المذاهب؟ الشك هو سلسلة من الأسئلة الممنهجة ، هو السعي لقبول فكرة لا رفضها ولكن بعد الأقتناع بها. وقد يسخر البعض منا فيقول : وهل الهدف من تطبيق العلمانية نسف التراث بالشك في كل الثوابت؟ نرد بنفس المنطق انه حرصا علي الثوابت وعدم المساس بها فأنه يجب الفصل بينها وبين كل ماهو متغير .فلامجال للمطلق حيث النسبي .ليس مقبول ان نقحم عقائدنا وثوابتنا الدينية في السياسة المتغيرة. فهذه الدوجماطيقية لا تقبل الجدل او الشك والنزول بها الي مستنقع السياسة يحط من قدرها و قسيتها عند البعض.فالمقدس عندي قد لا يقبله غيري ولن أقبل ان يكون مطروحا للجدل او السفسطة.لهذا ولذاك أنحيه جانبا وأنزل الساحة متجردا. وهذا مغزي العلمانية. بكل بساطة. نح الثوابت جانبا وتعال الي ساحة القبول والرفض جنب كل معتقداتك وأجعلها لخالقك وأقبل ألي التنافس من أجل القبول ولا قبول. أغلق علي أفكارك ومعتقداتك وتعالي الي ميدان المعارك السياسية. أجعل شعارك دائما: " عليّ أن ألا أقبل أبداً أيّ شيء على أنه صادق إلا إذا كنت أعلم يقيناً أنه كذلك". رينيه ديكارت
#مؤمن_عشم_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلمانية.....لماذا نحن بحاجة الي تنوعنا.
المزيد.....
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|