إبراهيم محمد صالح
الحوار المتمدن-العدد: 1142 - 2005 / 3 / 20 - 13:56
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
هناك حكاية شعبية كنا نسمعها في العراق، صارت مع مرور الزمن تضرب مثلا، تمتاز هذه الحكاية بان أحداثها ترتبط مع بعضها البعض بشكل يختلط فيها المنطق و اللا منطق. الحكاية مفادها: إن في قديم الزمان كان أحد تجار بغداد جالسا في متجره في السوق وجاء ولده ليخبره إنه سمع من حديث الناس في السوق إن مئذنة جامع الدولة في مدينة سامراء قد انهارت و تهدمت، فتنهد التاجر وعبس بوجه ولده، قائلا له: سيصلنا غبارها. فتعجب الولد من قول أبيه، و قال له: كيف يمكن أن يصل غبار المئذنة المنهارة من سامراء إلى بغداد؟!. و بعد أيام قليلة بينما كان التاجر مع ولده في المتجر و إذا برئيس ديوان الضرائب و معه قائد الشرطة و حرس الوالي يطوفون في السوق و يطلبون من جميع التجار التبرع بالمال لغرض إعادة بناء مئذنة جامع الدولة في سامراء، فالتفت التاجر إلى ولده وقال له: هل رأيت كيف وصل غبار المئذنة إلينا في بغداد؟!.
وليس بعيدا عن تلك الأجواء، نقرأ أمامنا المشهد العراقي، فقبل أيام قليلة (انهارت وتهدمت) المحادثات بين النظام الإيراني و كل من الولايات المتحدة والدول الغربية عندها خرج الرئيس الأمريكي بوش و هو يهدد إيران بأنه سيعمل مع حلفائه الأوربيين على نقل ملف التسلح النووي الإيراني إلى الأمم المتحدة، و ما يعقبه من تداعيات ستصعد من الأزمة بين إيران و المجتمع الدولي، حيث سيتم حصر الحكومة الإيرانية في زاوية ضيقة تجعلها في مواجهة المجتمع الدولي، لتزيد من عزلة النظام. كما حدث مع شقيقتها و حليفتها البعثية الصغرى (سوريا)، التي طالما تبجحت بالعروبة و القومية و بحزبها (النازي) و بالصمود والتصدي للإمبريالية ....الخ. ولكنها في نهاية المطاف هربت من لبنان في ليلة ظلماء غاب عنها القمر. و لكن إيران تراهن اليوم في مناوراتها مع الولايات المتحدة و الدول الغربية على ورقة أخرى و هي الورقة العراقية التي طالما استخدمتها إيران بكل طاقتها و بأسلوب خالي من الشرف والرحمة و من دون أدى مراعاة لحرمة الإنسان العراقي، و للروابط الإسلامية و تعاليم الدين الحنيف، لتجعل من العراق ساحة مفتوحة تحقق من خلالها (وعلى حساب الدم العراقي و السلم الأهلي في العراق) مكاسب سياسية و اقتصادية. نعم ولم لا... فبعد وقت وجيز من (انهيار و تهدم المحادثات) و بعد خطاب الرئيس بوش.. بدأت إيران بتحريك الوضع في العراق، وبالتحديد في مدينة البصرة هذه المرة، لتلوح للعالم من هناك و تقول لهم بأنها تملك يدا ضاربة في العراق يمكنها من أن تحرق الأخضر و اليابس في هذا البلد. و ربما نتذكر جميعا عبارة مقتدى الصدر التي قالها مرة في إحدى خطبه (النارية و الدوغمائية) ولعلها العبارة الوحيدة التي كان فيها صادقا طول حياته وهي: إن مليشيا المهدي تعتبر اليد الضاربة لحزب الله و حركة حماس في العراق. نعم اليد الضاربة؟!!، التي تضرب العراقيين (ولا أحد غير العراقيين) و تسحل أبنائهم إلى محاكمها (الشرعية) التي تحكم طبقا لدرجة حرارة الموقف في طهران. اليد الضاربة التي تهدم كل ما بناه العراقيون أو ينوون بنائه، و ذلك بمجرد أن يشعر النظام الإيراني بأنه في موقف حرج أو بمجرد أن يتم التصعيد في ملف التسلح أو مسألة لبنان وحزب الله (و الذي هو الآخر يعتبر اليد الضاربة لإيران). و ما الأحداث الأخيرة في البصرة إلا مثالا صارخا لنشاط هذه اليد (اللعينة) الضاربة، فهذه المرة كانت ردا على موقف الولايات المتحدة من خلال التهديد المباشر الذي وجهه الرئيس بوش إلى النظام الإيراني حول ملف التسلح النووي.. فراحت هذه اليد تمتد إلى مجموعة من الشباب من طلبة كلية الهندسة في جامعة البصرة و هم يحاولون أن يعيشوا لحظات بريئة من عمرهم المليء بالمرارة (كبقية العراقيين) أثناء سفرة أقاموها في حديقة عامة من حدائق البصرة و إذا بـ(غبار) خطاب الرئيس بوش قد وصل إليهم، حيث كانت اليد الضاربة تقف بالمرصاد لهؤلاء الشباب لتجمع منهم (من أعمارهم و دمائهم و كرامتهم و حريتهم و جميع الحقوق الطبيعية لهم في بلدهم) ضريبة إعادة بناء الموقف (المنهار) بين النظام الإيراني و الولايات المتحدة. إذن كلما انهار وتهدم الموقف بين إيران وكل من الولايات المتحدة والدول الغربية، فلابد من أن يصل (غباره) إلينا في العراق. و لا أدري ماذا نصنع نحن في العراق؟؟!!. فلا نعلم والله من الآن و إلى حين توصل جارتنا(الإسلامية و أختنا العانس الكبرى والتي تصنع و تتعاطى المخدرات) إيران إلى اتفاق حول ملف التسلح، كم من اللكمات و الضربات سينالها العراق و شعب العراق بواسطة يدها (اللعينة و الخبيثة) الضاربة؟؟!! و إذا ما سهل الله تعالى و تم توقيع الاتفاق، فماذا لو بدأت مفاوضات إيران مع الولايات المتحدة حول الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية أو حول رفع الحظر النفطي عن الشركات الأمريكية للعمل في إيران أو حول تزويد إيران بقطع غيار الطائرات أو ... أو ... ألخ. فكم مرة سـ(تنهار) هذه المفاوضات و يصل إلينا (غبارها) وكم لكمة وضربة سننالها في العراق من قبل اليد الضاربة؟؟!! خصوصا إذا علمنا بأن هذه اليد الضاربة لا شغل عندها ولا عمل (لأنها لا تعمر البلد ولا تزرع الأرض ولا تفكر ببناء الوطن) وإنما هي جاهزة و متأهبة للضرب، بانتظار صرخات أحد (ثعالب) طهران أو قم لتنقض بعدها على العراق والعراقيين.
ساعد الله تعالى العراق و شعب العراق على التخلص من هذه اليد الجحودة اللعينة الضاربة ومن العقل المريض بالزهايمر الذي يوعز لها بضرب أهلها.
الدكتور: إبراهيم محمد صالح
#إبراهيم_محمد_صالح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟