|
التموضع في المركز
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 3956 - 2012 / 12 / 29 - 12:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قراءة في الخارطة الحزبية الاسرائيلية منذ العام 1977 ، حينما اعلن المذيع الاسطوري حاييم يافين من على شاشة التلفاز ، جملته المشهورة " انه انقلاب ايها السادة " ، معلنا فوز حزب مناحيم بيغن بالانتخابات ، منذ ذلك التاريخ لم تتمكن الاحزاب المحسوبة على الوسط "واليسار" من تسنم رئاسة الحكومة الا لفترات قصيرة ، هي فترة حكم اسحاق رابين ، الذي قام يميني مهووس باغتياله على خلفية مفاوضات السلام ، التي كانت ربما ستؤدي الى ، توقيع اتفاقية سلام مع الفلسطينيين وانهاء حالة الصراع . جاء بعدها باراك ايهود ، وزير الدفاع في كل حكومة ، وفاز بانتخابات رئاسة الوزراء التي كانت مباشرة انذاك ، وحطم احلام كل من ايده ، وخاصة دعاة السلام بأعلانه وترويجه لفكرة ، ان لا شريك على الطرف الاخر ، اي طرف الفلسطينيين ، وانهم اي الفلسطينيين لا يريدون السلام ، وما الى ذلك . فكرة يتمسك بها لحد هذه اللحظة كل من لا يريد حلا للصراع . تحولت مقولة باراك هذه ،الى سلاح جاهز يشهره المعارضون للحل السلمي للقضية الفلسطينية ، امام كل من "تسول " له نفسه ، التعاطف مع الشعب الفلسطيني ، وتأييد حقه في دولة على حدود الرابع من حزيران 1967 ، ولم تنحصر هذه المقولة داخل الحراك السياسي الاسرائيلي ، بل تعدته الى اوساط ، تتبنى الموقف الاسرائيلي من الصراع دون تمعن او تمحيص ، وتعتبر الفلسطينيين كلهم حماس ، ولا يريدون الحل . على الرغم ان الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ، قد عملت على تقوية حماس ، ولو عن طريق غير مباشر ، من خلال اعتداءاتها المتكررة على السلطة الوطنية ، التي لا تملك حق الدفاع عن نفسها والا فالتهمة جاهزة بانها سلطة ارهابية . واللافت للنظر ، ان الخطاب السياسي الاسرائيلي ،لدى كل الاحزاب التي تطلق على نفسها ، احزابا صهيونية ، هو متشابه في خطوطه العامة ، فكل هذه الاحزاب "تريد " انهاء الصراع ، حتى ان نتانياهو ، افتتح فترة رئاسته للوزراء التي قاربت على الانتهاء ،باعلان بار -ايلان ، حينما القى خطابا في الجامعة واعلن انه مع حل الدولتين لشعبين . وهذا هو حال بقية الاحزاب ، فعلى مستوى التصريح ، تعلن انها مع حل ، لكن اي حل ؟؟؟ حل تكبله شروط مسبقة لا يقبل بها الجانب الفلسطيني ، كبقاء المستوطنات ، وعدم تقسيم القدس ، والتنازل عن حق عودة اللاجئين ، وما شابه ذلك من شروط تعجيزية ، لن تؤدي الى اي مكان. وهناك قناعة في اوساط الناخبين الاسرائيليين ، ذوتها الجميع تقريبا ، ان اليمين فقط هو من يستطيع أن يتوصل الى حل مع الفلسطينيين . وذلك لعدة اسباب ، اهمها ،أن مصوتي اليمين هم من يعارضون الانسحاب الكامل من الاراضي الفلسطينية المحتلة ، واذا جاء هذا الانسحاب على ايدي ممثليهم في السلطة ،فيكون من السهل عليهم قبول اية خطوات يتخذها زعماؤهم ، وهو ما يطلقون عليه في الحراك السياسي الاسرائيلي ، اتخاذ تنازلات مؤلمة !!!! ومع ذلك ، فأن التوصل الى قناعات مغايرة للخطاب الرسمي ، كان دائما يحاط بالكتمان الى حين الوصول الى السلطة ، فشارون صاحب المواقف الرافضة لاي تنازل ، فاجأ انصاره من اليمين حينما قام بأنسحاب احادي الجانب من قطاع غزة ، مدمرا المستوطنات !!!! فلو كان هذا ضمن برنامجه السياسي ، لما وصل الى رئاسة الوزراء!!!!! فطبيعة الناخب الاسرائيلي هي طبيعة يمينية ، ناتجة عن عقود من التثقيف على أن اي تنازل يعني دمار اسرائيل !! ومع ذلك هناك فروق بين الاحزاب الصهيونية ،في موقفها من قضيتين مركزيتين ، الاولى الصراع العربي الاسرائيلي ، او للدقة انهاء الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية ، والاخرى هي القضية الاقتصادية الاجتماعية . فبينما نتانياهو واحزاب اليمين واضحة في حملتها الانتخابية ، والتي تعتمد على أن نتانياهو هو الشخص القوي في مواجهة النووي الايراني ، والتهديد الحماسي ، فالقوى التي تقف في المركز واليسار ،لا تعطي اية حلول واضحة او خارطة طريق لانهاء الصراع ، بل ان زعيمة حزب العمل شيلي يحيموفيتش ، بعد أن صمتت دهرا ، حينما صرحت تصريحا سياسيا ، كان هذا التصريح حول استمرار دعم حكومة برئاستها في دعم المستوطنات !!!!!وقد تكون هذه مراوغة للحصول على بعض اصوات اليمين ، او الاصوات المترددة !! رغم أنه ، لا احد يستطيع الانكار ، بأن قائمة حزب العمل لانتخابات الكنيست تضم شخصيات من اليسار وبوضوح جلي . الشركاء الأخرون ، في مركز الخارطة السياسية ، حزب او حركة "يوجد مستقبل " التي يتزعمها صحفي سابق وابن زعيم وصحفي سابق ، يئير لبيد ، ابن الوزير السابق تومي لبيد ، الذي اسس حزبا يقوم على قضية واحدة ، هي قضية الدفاع عن الطبقة الوسطى ، وتحسين احوالها المعيشية ، والمساواة في الخدمة العسكرية ! فالاحزاب الدينية الغير صهيونية (شاس واغودات يسرائيل ) تعارض الخدمة العسكرية لابناء المدارس الدينية المتزمتة !! لكنهم يقفون مع السياسة الرافضة لكل حل سلمي ، والتنازل عن "ارض اسرائيل "!! الحزب الوحيد في المركز والذي يضع على رأس اجندته ، الحل التفاوضي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، هو حزب تسيبي ليفني ، التي شغلت منصب وزيرة الخارجية في حكومة اولمرت ، والتي قضت بمعية المفاوضين الفلسطينيين ساعات طويلة دون جدوى!!! لكن حزبها الذي اطلقت عليه اسم " الحركة " هو الوحيد من بين الاحزاب الصهيونية ، الذي يضع القضية السياسية على سلم اولوياته !!! هذه الاحزاب المتمركزة في المركز ، وللتوضيح فأن الليكود -بيتنا (حزب نتانياهو ) ،يعتبر نفسه حزبا من يمين الوسط ، ولا يعتبر نفسه حزبا يمينيا !تجعل المركز مكتظا جدا ، والتنافس على اشده ، بينما القضية المركزية ،قضية انهاء الاحتلال ،لا تأخذ من هذا الحيز ،سوى مكانا صغيرا ، فكل هذه الاحزاب ، تؤمن بطريقة او بأخرى بالحل والشعار فارغ المضمون ، دولتين لشعبين ، ولكنها لا تعلن صراحة عن الانسحاب الى حدود الرابع من حزيران 67.ناهيك عن الشرط الذي يطلب من الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة !!! وكأنها دولة لا يسكنها 20% من العرب!!! هل يعني هذا ،أن الامل مفقود من وصول قوى او احزاب الوسط "واليسار" الى السلطة ، في وقت ما ؟؟والاجابة على هذا السؤال ،تشترط أولا ،أن تقوم هذه القوى ، بطرح برنامج سياسي واضح ، بعيد عن الضبابية ، وخاصة من القضية المركزية ، الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، وتتقدم بناء عليه ،للحصول على ثقة الناخب . أما التحرج عن الاعلان ، ونشر الضبابية فلن يؤدي الى السلطة ،فالناخب الاسرائيلي يفضل وضوح وفظاظة نتانياهو -ليبرمان-بينيت ، على ضبابية شيلي !!!! وملاحظة ،قبل النهاية ، فأن غالبية الاحزاب الاسرائيلية ، لا تنتهج نهجا ديموقراطيا ، ولو شكليا، في اختيار مرشحيها للبرلمان بل يعينهم حاخام او زعيم الحزب، ما عدا احزاب الليكود ،العمل ،ميرتس والاحزاب العربية !!!!يا للمفاجأة!!!! على يسار الخارطة ، تقف بوضوح الاحزاب التالية :ميرتس والذي هو حزب صهيوني ، ولكن افكاره وطروحاته يسارية ، يدعم فكرة انهاء الاحتلال ،وايقاف الاستيطان ، والعدالة الاجتماعية وحرية التعبير والمعتقد . ويتبقى من المشهد الحزبي الاسرائيلي ، الاحزاب العربية ، واحدها على الاقل ليس حزبا عربيا ، سالجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة ، المعروفة بقائمة راكاح ، فهي قائمة يهودية عربية منذ نشأتها ، اضافة الى حزب التجمع والقائمة العربية المشتركة ، وسنخصص لهذه الاحزاب مقالا منفردا. وللتنويه ، فقد ركزنا على الاحزاب صاحبة الحظوظ في الوصول الى البرلمان ، والا فأن هناك حركات واحزاب كثيرة على الساحة واخص بالذكر حزب دعم العمالي ، الذي يقوم بعمل رائع في الدفاع عن حقوق العاملين ، لكن حظوظه قليلة ، وهو حزب يهودي عربي تترأسه امرأة عربية ، ويا للمفاجأة مرة اخرى !!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انتخابات محسومة سلفا -نظرة على الاحزاب الاسرائيلية
-
صراع الهويات
-
وحدة وصراع الهويات
-
أمي .. وأنا
-
اليسار الاسرائيلي 2
-
اليسار الاسرائيلي
-
خارج التداول
-
مهاجرون من العربية الى العبرية - سيد قشوع
-
الحسين بن علي واطفال غزة
-
سوناتا الوجد
-
صواريخ
-
كنت في تل ابيب وركضت مع الراكضين
-
مقاطعة الانتخابات ليست كمقاطعة المنتوجات
-
اللعب في ملعب الخصم
-
السرنامة وثقافة السجون
-
PANIC DISORDER
-
الجنس ...الميول ...الاعتداءات والثقافة
-
اليسار الذي احلم به
-
يارون لوندون والعرب في اسرائيل
-
الهولوكوست وعرب اسرائيل
المزيد.....
-
إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط
...
-
إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
-
حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا
...
-
جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
-
الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم
...
-
اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا
...
-
الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي
...
-
مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن
...
-
إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|