أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عماد البابلي - إلى .. كارمن














المزيد.....

إلى .. كارمن


عماد البابلي

الحوار المتمدن-العدد: 3953 - 2012 / 12 / 26 - 13:45
المحور: سيرة ذاتية
    


ماهي الاهانة ان لم تكن نوعا من التطهير بل انها اشد انواع الادراك ايلاما وسحقا ..
رواية الإنسان الصرصار / دستوفسكي

كيف أشرح لكِ يا كارمن مرارة هذا الزمن الخائن ، الزمن الملتف حول أعناقنا كشجرة لبلاب ملعونة ، منذ رحلت عن الدنيا وشعور بالعتمة وأنا ليس لي مكان في العالم ، كارمن ؟ في وسط هذه العتمة ميل حاد للتطهر من روائحهم المرتجة في تلافيف الدماغ ، أنبياء وباعة متجولون وشعراء يزنون مع طمث اللغة وقادة وسفلة مصابون بالزهري استطالت أضافرهم في عصر الخلل العربي ، هل تدركين مرارة الوحدة ضمن قافلة الكلاب الذين عبدوا ربهم على شكل كلب كبير ، ليتك أخذتني معك لذاك العالم الهلامي العائم والهائم خارج الزمن المكور ، خارج عن المساحات المتسخة من مخلفات الموتى والخطايا ، يقتلني التمثيل ويقتلني تكرار المشهد ، نفس الأحداث ، نفس الحزن ، ونفس الممثلون ، ماذا أفعل سوى البسمة لكل وجه يراني ، أخبرتني ذات مساء عن أهم قواعد اللعبة ( تنحتنى بالسكين فأنزف ابتسامات وضحكات قوية عالية ) ، معك حق في هذه النقطة ، مستوى خارق أن تضحك والفأس في راسك ، فأس من جاهل لا شيء معه سوى نص لا يموت ، لكن تعلمنا أنا وأنتي كيف يولد نشيد الفرح والتملك ، رغم سرعة القطار التي تبتلع الزوايا والمسافات والبشر ، ما معنى هذا الجسد بغياب الاتصال ، نحن منقطعون عن كل شيء ، منذ حادثة التفاحة المأكولة في ثلاجة الرب ، لم يكن الفأر أو القط ولكن كان الطفل المشاكس ، الطفل من يوم طُرد من البيت الكبير والشوارع تحطم أحلامه ، طرده السيد الأعظم سيد العدم المشلول الرحمة تاجر السلاح والحواري ، الشوارع حبلى بالقتل والخطف والعهر ومافيات السياسة ، كيف يعيش الإنسان يا كارمن بهذا البلد ، كيف يهرب والقفص يكبر ويكبر ، وطن نصف سكانه من المجانين والنصف الأخر ينتظر هذه الوظيفة في دورة رئاسة قادمة ، في مدينة الظن الداخلي الواقعة تحت أقبية اللاشعور كنا نعيش كما تفعل الفراشات ، الفراشات وحدها تجيد التأمر على الرب وعلى قوانينه القاسية في صياغة عالم أثني تافه ، عالم الأقوياء والأذكياء وعالم تحته عالم من الضعفاء والحالمون بالشبابيك السحرية ، الفراشات يا كارمن تدرك بأن كل القصص لها نهاية ، اليوم الأخير لم يكن استراحة بل التفكير بالبداية الجديدة ، حلزون لا ينتهي من القصص المملة ثم يأتي الصمت كنوع من الدهشة ، لهذا الفراشات لا تخاف النار ، تجد سعادتها ونشوتها وهي تراقص الأضواء واللهب ، ما قيمة الأجنحة المحترقة مقابل الاستيقاظ مجددا ، نشوة الولادة وضحكة طفل يمسك يد أمه ليخبرها بأنه عاشقها الوحيد بعد أن غاب الأب في الزحام ، بهذه المعادلة الصغيرة والبسيطة أدركت الفراشات بأن ملكوته القاسي ليس كاملا ، وهناك ثغرة علمتها قوانين الروح التي تشتعل كمنارة للتيه ، وهل هناك أروع من دفء أحضانهم أخر ما نتدثر به قبل الموت ، يطالبونني بنسيانك !! وذاكرتك فوق مستوى الجسد ، مثل ذاكرة هذا الوطن ، كم تشبهين هذا الوطن ، بحزنه وبأغصانه وعصافيره المهاجرة واسفلته ، الوطن الذي سرقه الجبناء والأوغاد وضاعت دمعات أبنائه الحقيقيين في طيات المنفى ، حفنة العهرة تنظر ألينا بغرابة وكأننا خارجون عن الوطن ، فائضون عن حاجة الوطن ، كيف أستجيب لدعواتهم يا كارمن وتعلمين بأن التخلي عن أسمك يعني الكفر بالفيروز ، كيف أكفر بالفيروز ونبضك يشبهني مثل جروح الزئبق والحلم الممتد من الوريد للوريد ، الحياة بعد رحيلك فوضى ومكانك مازال كما هو ، دافئا محتفظا بعطره ، الحياة بعدك أرادوها مشروع ترفيهيا لهم عبر طريق مفخخ بالتعدي على حقوق الآخرين ، جغرافيا مقيتة تلك التي تقيم كولسيوم روما بشكل أبدي ، ساحة صراع لا ينتصر فيه الأقوى كما قال دارون لكن من يملك أرصدة أكثر ، لهذا انتصرت تلك البارات حيث الانحراف الفردي نحو جداول الخمر والأحاسيس المنفية والصدوع الداخلية لكهوف العقل الموبؤة عن مشهد دائم بأن الأب لا يموت كما قال فرويد ، لأنه الرازق والشديد الحساب ، الأم متهمة بالعطب الدائم ، رحلتي يا كارمن ولم تحققي لي أمنية أن تكوني أمي الأبدية ، موتك جعل الشحوب يعلن ملكوته الأخير وبأنه أخر الأنبياء ، ما قيمة الإنسان بدون ضوء داخلي ، ما قيمتنا دون العين الثالثة ، تلك الأسطورة الجميلة التي كان إسلافنا في أعالي الشجر يعيشون بها ومعها في سيل من الرؤى والأحلام ، وبدأت كل المشاكل حين هبطت تلك القرود ، بدأت شهوة الدم والإقصاء من ذاك التاريخ الكاربوني الغائر في القدم ، كارمن الجميلة الطاهرة الصادقة ، هل نحن رجل وامرأة أم امرأتين .. أتركك الآن ولي عودة أخرى مع الفيروز وأجنحة الفراشة .

كتبها تافه نصف بشري لسيدة من نسج خياله



#عماد_البابلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وحي إله المتاهة
- شعب ياكل ربه إذا جاع
- الكاربون المصاب بالضجر
- عالم علاء الدين المضطرب .. أغتصاب الأطفال من الناحية النفسية
- أصل المتاعب كانت مهارة قرد .. كتابة برائحة العفن
- فانوس نيتشه السحري .. ومضات شعرية
- ثمة بقرة مجنحة مرسومة هنا .. تحليل نفسي
- نحو تفكيك ناجح لشهر رمضان
- لوط في المصيدة
- ماتركس الذئبة المتعددة الشهوات
- جاموسة مرسي التي باضت ذهبا
- ملاحظتين في الأنثروبولوجيا .. يكتبها حيوان بشري
- الطبعة العراقية لحكاية أليس
- السكر أولا ، السكر ثانيا ... تحليل نفسي
- سايكولوجية الفرد داخل جهنم
- هياج الإوز .. تحليل نفسي
- باراسيكولوجيا الحسد .. تكثيف وأختصار
- قصائد مهداة لروح أسمها سارة
- وجع فلسفي أسمه نور
- العبث عند ألبير كامو


المزيد.....




- -لماذا لا تقوم بعملك يا سيناتور؟-.. حشد أمريكي غاضب بعد ترحي ...
- مسؤولون لـCNN: خفض عدد القوات الأمريكية في سوريا إلى النصف خ ...
- موسكو: كييف تستخدم التعبئة لصالحها
- الذكرى الـ 80 لبدء معركة برلين
- الإمارات: القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لا تمث ...
- وزير الداخلية التركي يكشف عدد السوريين الذي عادوا إلى بلادهم ...
- -بوليتيكو-: تسريح موظفين في وزارة الدفاع الأمريكية بسبب إدار ...
- وزير خارجية مصر: جهودنا لم تتوقف لإنهاء الحرب -الظالمة- على ...
- قازان.. طائرة Tu-144 السوفيتية الشهيرة تتحول إلى متحف
- نجيب بوكيلة لن يستطيع -تهريب- من تم ترحيله خطاً للولايات الم ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عماد البابلي - إلى .. كارمن