أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حمزة رستناوي - سوريا: تصحيح خطأ طائفي... بخطأ تاريخي















المزيد.....

سوريا: تصحيح خطأ طائفي... بخطأ تاريخي


حمزة رستناوي

الحوار المتمدن-العدد: 3952 - 2012 / 12 / 25 - 22:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الخطأ الطائفي : مصادرة الهوية الوطنية للجيش السوري و تحويله من قبل جنرالات أبرزهم الاسد - منذ عقود خلت - إلى جيش طائفي خاص بالنظام الاستبدادي .
الخطأ التاريخي : بناء جيش سوري ما بعد سقوط الاسد يقوم على استبعاد العلويين أو غيرهم لاعتبارات فئوية أو عقائدية.
*
*من أهم ميزات النظام السوري الذي أسسه الأسد الأب كونه : نظام استبدادي أحادي + نظام طائفي. حيث يشكل الجيش و الأجهزة الأمنية عصب أي نظام استبدادي و منه النظام السوري , فأن تحكم أي بلد بطريقة استبدادية هذا يعني أن تضمن ولاء المؤسسة العسكرية فيه , و قد أثبتت المؤسسة العسكرية في سوريا ولائها لسلطة الأسد , فبعد حوالي سنتين من بداية الثورة و استخدام الأسد للجيش السوري في حرب مفتوحة ضد الشعب لم يظهر أي تمرد لتشكيل مقاتل واحد أو انشقاق عامودي فيه , بل إنّ هناك حالة من التآكل التدريجي و الاهتراء , فرغم كل المجازر و القتل و التدمير المُمَنْهَج للبلد فما زال ولاء الجيش النظامي و ضباطه الكبار للأسد , مما يدعوا إلى الدهشة , و يكاد يكون حدثا فريدا من نوعه في التاريخ المعاصر , و ما سبق لا يمكن فهمه و تفسيره دون الأخذ بعين الاعتبار الطبيعة الطائفية للنظام السوري و مؤسسته العسكرية , فالقنّاص الذي يقتل مدنين لم يقوموا بأي عمل عدائي تجاهه , و الجندي الذي يرمى براميل المتفجرات من الطائرة بشكل عشوائي و في حالة من عدم اكتراث أو ربما بمتعة على أبناء بلده , و كذلك الذي يغتصب الأطفال و النساء الرهائن , أو الشبيح الذي يذبح بالساطور بدم بارد مدنيين ابرياء , كل هذا لا يحدث دون وجود بعد طائفي وازن يتحكم في قرارات النظام و الأفراد الموالين له , و بما يخلق حالة من الاغتراب الشديد بين السوري الذي يَقتل و السوري الذي يُقتل , حيث تتلاشى الوطنية السورية و الشعور المشترك بالانتماء إلى شعب واحد , نحن أما نظام و جيش خاص للأسد و ميليشيا طائفية ربّما أكثر منه جيش وطني .
*كيف وصلنا إلى هنا ؟ في تاريخ سوريا ما بعد الاستقلال وجدت أنظمة حكم ديمقراطية , و لكنها كانت ديمقراطيات هشّة غير مُحَصَّنَة إذ سرعان ما يتم الانقضاض عليها بالانقلابات العسكرية المتكررة و التي خلقت حالة من عدم الاستقرار فتدخل الجيش في السياسة وُجِدَ باكراً منذ الانقلاب الاول لحسني الزعيم عام 1949 م , إن السماح للجيش بالتدخل في السياسة و مصادرة الدولة هو الخلل الأول و الاساس ,فرغم وجود قوى سياسية متنوعة آنذاك ذات قواعد شعبية ,و لكنها كانت تستعين على بعضها بالعسكر , و راح كل فصيل سياسي منها يسعى لإنشاء تنظيم له في الجيش , و لم يوجد آنذاك وعي ديمقراطي كاف عند الطبقة السياسية يسمح برفض تدخل الجيش في السياسة , وعي سياسي يرى في الجيش إحدى مؤسسات الدولة و فقط. *في فترة الانقلابات كان الجنرالات المغامرون – بحكم طبيعة تركيب الجيش السوري آنذاك - من المسلمين السنة غالباً من أبناء العائلات الارستقراطية آنذاك : الزعيم - الشيشكلي – الحناوي – النحلاوي ..الخ و كانت الانقلابات الذي يقومون بها مؤقتة , كون الجيش السوري آنذاك و كبار الضباط لم يكونوا يشتركون في عصبة عائلية , طائفية , ايديلوجية منظّمة , و لكن مع بداية المد القومي الاشتراكي شكّل البعثيين و الناصريين تدريجيا قوة وازنة في الجيش و العمل السياسي معاً حيث توصلوا في النهاية للقيام بانقلاب الثامن من آذار 1963 م و حكموا البلد , في ذلك الوقت كان المد الايديولوجي طاغيا و كان عابرا للمناطق و الطوائف , و لكن وُجِدَ بعدٌ طائفي للصراع بين البعثيين و الناصرين عقب نجاح انقلاب آذار انتهى بانتصار الضباط البعثيين.
* ما علاقة ذلك بالطائفية العلوية و الطبيعة الطائفية للنظام السوري الأسدي ؟ كون العلويون من أبناء الريف الفقير , هذا يعني توجُّههم بقوة للتطوع في الجيش لعدم وجود بدائل اقتصادية أفضل مقارنة بأبناء المدينة مثلا , و لكون العلويين من أبناء الريف الفقير فهذا يعني موالاتهم للتيار القومي الاشتراكي و انخراطهم الباكر في البعث بقوة , و بحكم ينتمون إلى طائفة دينية مُنْشَقَّة غير مُعترف بها رسميا لدى قطاعات واسعة من المسلمين السنة , لذلك فإن التأكيد على العروبة كانتماء مشترك مع بقية السوريين كان له الأولوية , خاصة القومية العروبة بصيغتها العلمانية بما يوفّر لهم امكانية تجاوز التهميش العقائدي و الاجتماعي الذي عانوا منه , و قد وفّر الانخراط في الجيش حافزا و طريقا للترقي في السلم الاجتماعي و لعب دور سياسي , خاصة عقب فترة الفوضى التي تلت انقلاب الثامن من آذار , كل هذه العوامل أدّت إلى حضور أكبر للعلويين في المؤسسة العسكرية , حضور يتجاوز التمثيل الديمغرافي لهم , و إذا أخذنا بعين الاعتبار الصراعات الداخلية على السلطة في المؤسسة العسكرية , و كونها كانت مؤسسة فاسدة في بلد غير ديمقراطي و لا تخضع لإشراف سياسي , فهذا يعني أن جنرالات الجيش سوف يتكتَّلون و يتفرقون في صراعهم على السلطة وفقا لعوامل شتى : شخصية - ايديلوجية – فئوية طائفية ..الخ. لقد واجه الاسد الاب معارضة شعبية له كرئيس للجمهورية من موقع انتمائه العقائدي للطائفة العلوية بالإضافة لأسباب أساسية أخرى أهمها أنه طاغية و مستبد , و هنا يمكن تذكّر انتفاضات حماة المتكررة و موقف فصائل من الاخوان المسلمين , كل هذا أعطاه فرصة ذهبية للمضي في علونَة المؤسسة العسكرية بذريعة أن العلويين مهددين و كونه الملاذ و المخلّص لهم , لقد استطاع الاسد الاب - بعد قمعه العنيف لانتفاضة حماة 1982 م - استغلال الفرصة للقضاء على آي فكر أو سلوك معارض في سوريا .
*إنّ الطبيعة الطائفية للنظام الأسدي ليس نتيجة مؤامرة و تخطيط مسبق , بل نتاج سياقات و ظروف تاريخية عرضتُ لبعضها اعلاه , و هذا البعد الطائفي للنظام السوري لم يكن في صيغة إيديولوجيا علوية كما في البعد الطائفي للنظام الايراني حيث العقيدة الاثنى عشرية مذهب رسمي للدولة , بل هو بعدٌ ترسَّخ في سياقات الصراعات على السلطة , و قد بقي هذا البعد قويا , لكونه يؤمِّن كنز الولاء للنظام و تماسك السلطة , فالنظام هنا يستخدم الطائفة العلوية لخدمته و دوام بقاءه , و بديهي أن هذا ما كان له أن ينجح لولا وجود قصور و قابلية لذلك في الطائفة العلوية في هذه المرحلة من التاريخ السوري المعاصر . بالمحصلة استطاع نظام الاسد تأسيس نظام استبدادي طائفي , و بدا للغالبية الساحقة من السوريين أن الاسد قد خدعهم فأسس لنظام عائلي طائفي , تحت ستار من شعارات القومية العربية و التصدي للمشروع الامبريالي الصهيوني ..الخ.
*كيف يتم تصحيح هذا الخطأ الطائفي ؟ سمعتُ تعليقات و قرأتُ بعض مقالات لكتاب "مناصرين للثورة السورية " تدعو لاستثناء العلويين من الجيش السوري ما بعد سقوط الاسد , أو تقيد نشاطهم في المؤسسة العسكرية في المستقبل , و يفسرون ذلك بحجة عدم تكرار تجربة استيلاء الضباط العلويين في على الثورة في الستينيات و من ثم إعادة انتاج نظام حكم طائفي من جديد . الخطأ الاساسي لم يكن في وجود كثرة و نفوذ لضباط ينتمون إلى الطائفة العلوية في الجيش السوري آنذاك , و لكن الخطأ الاساسي كان في السماح للمؤسسة العسكرية بالسيطرة على الحكم و البلد , و قصور الوعي الديمقراطي لدى الطبقة السياسية آنذاك و عدم تصدّيها للانقلابات العسكرية , و ما تلاه من تحويل سوريا الى دولة مخابرات و جمهورية خوف. ففي ظل مؤسسة عسكرية و أمنية تمارس فعلها في دولة ديمقراطية مستقرة , مؤسسة خاضعة لإشراف سياسي و برلماني , ليس من المهم آنذاك البحث عن الفئويات و الخلفيات الاجتماعية و العقائدية للضباط و افراد الجيش , فالجيش في الدول الديمقراطية مؤسسة تتألف من موظفين يحكم علاقتهم فيما بينهم و علاقتهم بالدولة قوانين واضحة . و بالإضافة لذلك فإن القول باستبعاد مواطنين سوريون من المؤسسة العسكرية بناء على انتمائهم العقائدي او الخلفية الاجتماعية هو فعل تمييزي ينمّ عن جوهر طائفي , فإذا كنتَ – في الحقبة الاسدية - ضد استبعاد الضباط السنة من الجيش النظام لاعتبارات عقائدية , فيجب ان نكون أيضاً ضد استبعاد أي مواطن سوري لهكذا اعتبارات في سوريا الحلم و المستقبل , و أي صيغة لمحاصصة طائفية كما هو الحال في لبنان و العراق يعني تحويل سوريا الى دولة فاشلة على المدى البعيد.
&



#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفكار عامة حول القضية الكردية في سوريا
- ثلاث دلالات لأحداث القرداحة الاخيرة
- عن كتيبة (الشهيد صدام حسين) و هوية الثورة السورية؟
- من ضريح (القائد الخالد)..إلى متحف الاستبداد
- دروس غير مستفادة : عن المسلمين و الدوغما و الفلم المسيء ؟!
- معاهد (أبو علي) بوتين لتحفيظ القرآن الكريم
- عن الأسد و الكراهية , و مستحقّاتها.
- حوار مع صديقي الصربي , و مجزرة سربرنتسا
- مصارحة عن العمليات الانتحارية / الاستشهادية في سوريا
- المنطق الحيوي و الموقف الغير حيويّ لرائق النقري ؟! ج 2 /2
- المنطق الحيوي : الموقف الغير حيويّ لرائق النقري ؟! ج1/2
- تنظيم القاعدة بين النموذج السوري و النموذج اليمني
- حوار على تخوم الطائفية: حمزة رستناوي- رائق النقري
- الطبعة السورية من شيطان القاعدة
- حول العنف , و لنا في العراق الفاشل قدوة لا تقتدى
- أدونيس في مرمى شباك الظلام.
- العنف شكل ,العنف مصلحة
- مقابسات على هامش مقال الطائفية و الضابط السنّي الطرطور
- خطاب وحدة المعايير في الثورة السورية
- عن الطائفيّة و- الضابط السنّي الطرطور - ؟! ج 2/2


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حمزة رستناوي - سوريا: تصحيح خطأ طائفي... بخطأ تاريخي