|
اليمين الاسرائيلي يريد انتفاضة ثالثة
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 3950 - 2012 / 12 / 23 - 20:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خلال انتفاضة الشعب الفلسطيني الاولى والثانية عمد جلاوزة الاحتلال بكل اطيافهم السياسية والعسكرية على توفير كل مبررات القمع والقتل وتدمير البيوت والمزارع وتشديد الحصار واستخدام كل ما عرفه التاريخ من الات القمع ضد ابناء الشعب الفلسطيني ، كان يتم ذلك تحت غطاء تواطؤ عربي ودعم امريكي وغياب موقف اوروبي . باستثناء القمع والقتل والحصار اتخذت السلطات الإسرائيلية منحى سياسي ومخطط سعى الى الاستمرار بمواصلة الاحتلال ودفع عجلته الى الامام لفرض سياسة الامر الواقع ، ادعت السلطات الإسرائيلية حينها بأنها غير مستعده لأجراء أي مفاوضات مع الجانب الفلسطيني ما دام هناك انتفاضة بكل ما يتخللها من اعمال نضالية لكنس الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال . هذا هو شأن كل الشعوب التي رزحت تحت الاحتلال الاجنبي فقد انتزعت حريتها انتزاعاً بكافة الطرق والوسائل ، نذكر من هذه الشعوب الشعب السوري والشعب الجزائري والشعب الفيتنامي والكوبي وغيرها . على الرغم من ان اسرائيل وليدة الصهيونية الا ان شعبها اكثر من يعرف طعم مرارة الاحتلال ، ويعرف معنى مصادرة ارادة وحرية شعباً اخر ، لأن الاجيال التي سعت لأقامة هذا الكيان نادت دائماً بالحرية للشعب اليهودي ، ولم تكتف بأعتبار اليهود جزءاً من الاوطان والبلاد التي تواجدوا فيها على مر العصور وتمتعوا بحقوقهم الكاملة ، سعت الصهيونية لدفع هؤلاء اليهود بالهجرة الى فلسطين مستخدمة نفوذها واموالها ، كما استخدمت الارهاب لتحقيق هذه الغاية من خلال تفجير الكنس اليهودية والمقاهي التي كانوا يرتادونها في الاقطار العربية ، في نفس الوقت سعت الصهيونية لانتزاع وطناً لليهود بكافة الطرق والوسائل ومن بينها هدر دم الاخرين واستخدام القوة ، كان شعارها دائماً ( سقطت يهودا بالدم والنار وسوف تعود يهودا فقط بالدم والنار ) ، كانت تعرف مسبقاً بأن ضحايا اعمالها هذه هم العرب في فلسطين . ان اول ما قامت به الحركة الصهيونية للوصول الى غاياتها قيامها بعض الايادي التي امتدت لاحتضانها وتبنت كل مشاريعها وهي بريطانيا ، طالبت هذه الحركة بواسطة اذرعها الارهابية من بريطانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بأخلاء فلسطين وتسليمها لليهود حسب ما ورد في وعد بلفور الذي اصدرته بريطانيا عام 1917 ، كانت العصابات الصهيونية في عجلة من امرها ، اذ انها لم تنتظر ولية نعمتها وهي بريطانيا كي تكمل ما تبقى من مشوار مؤامراتها بمنح وطناً لا تملكه لشعب لا يستحقه بالطرق الماكرة وبالخديعة وتحت ستار التفتيش عن حلول يرضى عنها كلا الشعبين العرب واليهود . بدأت هذه العصابات بالاعتداء على القوات البريطانية المتواجدة في فلسطين ، كما تعرضت الكثير من مؤسسات حكومة الانتداب الى مثل هذه الاعتداءات من قبل عصابات الهاغاناه والبلماخ وغيرها ، مع ان سلطات الانتداب كانت على علم بوجود هذه العصابات لكنها غضت انظارها عنها ولم تلاحقها وهذا كان جزءاً من سياستها في دعم المشروع الصهيوني في فلسطين . من بين المراكز التي تمت مهاجمتها قيادة القوات البريطانية في فلسطين التي كانت متواجدة في فندق الملك داوود في القدس سنة 1947 ، ومن بين الذين شاركوا بارتكاب هذا العمل الارهابي كل من مناحم بيغن وموشي شمير ، رغم ذلك فأن نتنياهو وحزبه يعتبران هذان الارهابيان مرجعية في الوطنية ومدرسة في الفكر اليميني الصهيوني المتطرف ، وهما نموذجاً للحركة الصهيونية التي تعتمد على نص بعض الآيات في نهجها كما ورد في كتاب التلمود وتقول هذه الآيات كلها ملكي ، من اجل ذلك اقام رموز هذه الحركة من بن غوريون الى نتنياهو براك اسواراً طويلة وعالية امام كل مشاريع السلام مع الفلسطينيين ، وضعت هذه الحركة دائماً نصب عينيها غزو التاريخ وتجاهل وتفكيك الثقافة والحضارة العربية ، سارت في نهجها حسب شعارها المعروف دائماً ، بالخديعة تصنع لك حرباً وانتصاراً ، فكرها لا يحتمل الشراكة في شيء خاصة الارض او في الحياة مع احد ، القدر الذي تؤمن به ( اما ان تكون ذابحاً او مذبوحاً ) . من هذه المدرسة تستوحي الاحزاب الصهيونية فكرها وكل مخططاتها في الحكم اليوم ترفض جميع هذه الاحزاب صوت العقل الذي يحذر بأن الاستمرار في تجاهل مطالب الفلسطينيين بالتفاوض لوضع حد للاحتلال ، لأن الفلسطينيين اصبحوا غير قادرين على احتمال المزيد من الاحتقان الذي ينذر بأنفجار شعبي في كل وقت ، لا احد يستطيع رصد وتقدير عواقب هذا الانفجار وعدد الضحايا الذين سيقتلون خلاله . عندما كان القادة والزعماء الصهاينة يصمون اذانهم اثناء الانتفاضة الاولى والثانية ويرفضون سماع لغة المنطق التي تطالبهم بوضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني ، كانت بعض الدول في العالم خاصةً تلك التي تنظر الى الصراع بعيون اسرائيلية فقط ، كانت هذه الدول تتعاطف مع الموقف الاسرائيلي بسبب الاعمال الاستشهادية التي طالت المدنيين و العسكريين الاسرائيليين ، لكن منذ ان توقفت مفاوضات عباس اولمرت دون جدوى شهدت الضفة الغربية حالة من الهدوء النسبي ، وهذا ما انتظرته وما تريده سلطات الاحتلال ، تريد احتلالاً صامتاً يذعن الفلسطينيون خلاله لكل مشاريع اسرائيل التوسعية، ما شجع الاحتلال على المضي بهذه السياسية النهج الذي تبنته السلطة الوطنية الفلسطينية التي اخذت تعتبر المواجهات والاحتجاجات لمقاومة الاحتلال نوعاً من العنف الى درجه الارهاب ، هذا اضافة الى التعاون الامني الكامل بين الطرفيين الاسرائيلي والفلسطيني لكسر شوكة كل الاحتجاجات المسلحة خاصة وغير المسلحة التي تقوم بها جميع حركات المقاومة . لم تقدر حكومة نتنياهو خاصة موقف الفلسطينيين هذا ، بل على العكس اعتبرته نوعاً من الافلاس واليأس والاستسلام للاحتلال ، وهذا دفعها لتكثيف سياستها الاستيطانية خاصةً في مدينة القدس العربية والمناطق الاستراتيجية والهامة والغنية بالمياه داخل الضفة الغربية ، شجعت هذه السياسة العدوانية على ازدياد شهوة اوباش المستوطنين بالقيام باعتداءاتهم على دور العبادة الفلسطينية الاسلامية والمسيحية اضافة الى الغارات التي يقومون بها لتدمير الاملاك الفلسطينية . حكومة نتنياهو تريد اليوم وتسعى وتضع المخططات للمزيد من التوسع الاستيطاني ، فقررت اقامة الاف الشقق الجديدة في المستوطنات ، اهمها ربط القدس بمنطقة الخان الاحمر معاليه ادوميم لإكمال مشروع تهويد القدس ، وسوف يبدأ العمل في هذه المخططات بعد الانتخابات القادمة ، لكن نتنياهو وحكومته القادمة كما يتوقع المراقبون يدركون بأن الهدوء والاستقرار داخل الضفة الغربية ليس في صالحهم فهم بحاجة الى انتفاضة فلسطينية ثالثة كي تتوفر الاجواء لمزيد من اعمال القتل والحصار والمصادرة وتوسيع الاستيطان والخروج من الغربة الدولية التي سببتها هذه الحكومة بسبب سياستها الاستفزازية . هذا هو مخطط حزب نتنياهو في حالة وصوله مرة اخرى الى السلطة ،قيام انتفاضة جديدة تسفك خلالها المزيد من دماء الفلسطينيين واليهود وتمهد الطريق امام اكمال المشاريع الاحتلالية ليس في المستوطنات الحالية فقط ، بل بضم غالبية مناطق الضفة الغربية وتهويد ما يمكن تهويده .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لكل قديس نزوة
-
الجيش خاسر إن لم يربح الحرب والمقاومة رابحة إن لم تخسرها
-
الازمات تلد الهمم
-
حق القوة لا يهزم قوة الحق
-
عباس فرط بكل الثوابت الفلسطينية وماذا بقي ؟؟؟
-
السجن في الوطن ولا الحرية في المنفى
-
من مذكرات معلم سابق (1): مدير ليوم واحد .. !
-
أمريكا تحصد زرعها..!
-
نتنياهو ومرسي ينفخان في قرب الخداع
-
الحشاشون الجدد
-
مبروك لمصر بعد أن استقر مرسي تحت عباءة عبد الله وإبط كلنتون
-
صمام أمان القومية العربية مربوط بأيدي حماة الديار .
-
صمام أمان القومية العربية مربوط بأيدي حماة الديار
-
ابنكم نظيف ( الى روح الشهيد اسامة عقل حسن منصور )
-
في حديقة الربيع العربي أمريكا ترفع يدها..!
-
انقلاب طنطاوي الابيض
-
وعِزُّّ الشرقِ أوّلهُ دِمشق
-
من دلف الإخوان إلى مزراب الفلول
-
الحكام العرب صبية تلاعبهم امريكا
-
سحيجة نتنياهو وطبل موفاز
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|