|
نود أن نصدّقك يافخري كريم... ولكن!
قادر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 3950 - 2012 / 12 / 23 - 19:54
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
منذ أكثر من عام وأنت تشن حملة على نوري المالكي متهمّا إياه بارتكاب خطايا وانتهاكات للدستور وممارسات طائفية وتقريبه لأزلام. كل هذا قام به المالكي وأكثر. أكرر أن معظم الإتهامات التي وجهتها للمالكي صحيحة وكان يجب أن تُكشف للرأي العام. فلا مجال للقول بأنني أكتب هذا المقال دفاعا عن المالكي أو محاولة لتملّقه. أكتب هذا للتساؤل عن مصداقيتك ومبدأيتك ودوافعك لشن تلك الحملة، بل للتساؤل عن مبدأية سلوكك منذ انخرطت في العمل السياسي. أصدّقك واؤيدك حين تهاجم المالكي لإعادته إنتاج نظام حكم العائلة الفاسد وتضرب بذلك مثالا هو تعيين المالكي لإبنه مديرا لمكتبه. وأشتبه بدوافعك، بل أشتمك لجبنك حين تكتفي بهذا المثال للتدليل على إعادة إنتاج نظام حكم العائلة الفاسد. لعل المشاهد العادي لمقابلتك مع قناة الحرة أبدى إعجابه بجرأتك ومبدأيتك حين هاجمت تعيين المالكي لإبنه. بدوت متسامحا حين أقسمت بأن الأمر سيكون عاديا ومقبولا لو تم تعيين أحمد المالكي في وظيفة دبلوماسية. ولكن لماذا اخترت هذه الوظيفة بالذات للتدليل على مقبولية الأمر؟ ربما لأن السيد قباد الطالباني إبن فخامة الرئيس كان يعمل آنذاك ممثلا لحكومة إقليم كردستان في واشنطن؟ لابأس. وليكن أن العمل الدبلوماسي مسموح به لأن إبن راعيك يمارسه ولاتريد أن تدرج هذا ضمن قائمة المحسوبية. لكننا نريد أن نصدّق أنك تشن حربا مبدأية على المحسوبية. الحرب المبدأية تقتضي أن نسمع منك أو نقرأ لك كلمات ولو خجولة لاترقى إلى مستوى النيران المسلطّة على خصوم رعاتك. نود أن تفسّر لنا لماذا لايكون تولّي إبن أخي رئيس الإقليم منصب رئاسة الوزراء دليلا على الفساد والمحسوبية؟ لماذا لاتكون تولية مسرور البارزاني إبن رئيس الإقليم لقيادة أجهزة الأمن والقمع دليلا ومؤشرا لا على الفساد والمحسوبية فقط بل على تأسيس نظام بوليسي كذلك؟ حين تفعل ذلك، ولن تفعله، سنثق بأن هجماتك ليست مدفوعة الثمن، ولا هي تنفيذ لمواقف خصوم المالكي بل بأنك تتصدّى بمبدأية لمن ينتهكون أبسط مبادئ النظم الديمقراطية أيا كانوا. لعلك صادق في نفيك لإستلام أي راتب مقابل عملك الإستشاري لدى رئيس الجمهورية، فماذا سيضيف هذا الراتب إلى ثرواتك الطائلة؟ لكنك لست صادقا في القول بأنك لم تستفد من عملك تحت إمرة الرئيس. لن أدخل في لعبة التكهنات والإشاعات، بل سأكشف ما يعرفه كل مثقف عراقي وهي أنك لاتدفع دينارا واحدا من جيبك لتسديد رواتب كتبتك في المدى، فقد عيّنتهم وآخرين مستشارين إعلاميين في ديوان رئاسة الجمهورية. ولانعرف أي استشارات إعلامية قدمها هؤلاء الإستشاريون سوى كونهم عبيدا لك تمت مكافأتهم على ارتضائهم العبودية من خلال المال العام. وتقول بأن نزاهتك منعتك من الإستفادة من عقود الدولة ومقولاتها. هنا نقول لك: لقد تجاوزت الحد يا أستاذ فخري. وصفت شعبنا في افتتاحية كتبتها (أو كّتبت لك) في المدى بأنه طيب يمكن استغفاله. لكنك وصلت في استغفالك له حد الإهانة، مثلما أهنته يوم سُئلت عن مصدر تمويل صحيفة المدى، فأجبت بأن صديقا ثريا لك تبرع برأس المال!!! لا ننكر أنك عدت من المنفى مليونيرا. وليس هنا مجال تفسير تحولك الغامض إلى مليونير في المنفى. لكنك صرت مليارديرا بعد تسع سنوات من سقوط النظام. إسأل أي مواطن كردي وسيدلّك على العقارات الشاسعة التي وضعت يدك عليها في كردستان واستثماراتك الهائلة هناك بمشاركة أو مباركة السيدة هيرو زوجة الرئيس الطالباني. لذا نصدّقك حين تقول بأنك لم تستلم راتبا. بل إنك تمنح الرواتب من المال العام لجيش من المواطنين الذين اضطرتهم الظروف إلى أن يوالوك. إنك تضع يدك على مبنى أثري وتراثي تلو آخر في بغدادنا. أي جبين شاسع نزّ كمّ العرق الهائل الذي مكّنك من السطو على كل ما تقع يدك عليه. سيفرحك أن يصفك أحدهم، وأنا من هؤلاء، بأنك سياسي محنّك. فكيف عرّفت السياسة يا أستاذ فخري؟ في افتتاحية المدى قلت بالحرف: أن النبل لايستقيم دائما مع السياسة. لأن للسياسة أهواء، والكلام لايزال لك، تعصف بها المتغيرات، وهي متغيرات ترتبط بالمصالح... ولاتستوي مع نوع من الساسة الذين يعيشون حالة من التحول السريع تتغير فيها أوضاعهم الحياتية ومواقعهم في السلّم الطبقي والإجتماعي. انتهى كلامك. يالصدقك وصحة ودقة ماقلت. ترى هل كنت تتحدث عن نفسك من دون أن تدري؟ أنت سياسي، والسياسة لاتستقيم مع النبل حسبما قلت. وأهواء السياسة لا تستوي مع الساسة الذين يعيشون حالة من التحول السريع. وقد عشت حالة من التحول خارق السرعة في أوضاعك الحياتية ومواقعك في السلّم الطبقي والإجتماعي. يعترف لك خصومك قبل أعدائك بأنك تمتلك حاسة شم سياسية نافذة. عرفت متى تقفز من مركب الشيوعية التي كنت من أكثر المدافعين عنها دوغمائية. وعرفت منذ سنتين أو أكثر أن ميزان القوى يميل لغير صالح الرئيس المسن الطالباني وحزبه المتهاوي فكررت إعلانك بأنك لم تعد كبير مستشاريه وانتقلت إلى معسكر رئيس الإقليم. لكنك لاتمتلك لسوء الحظ حاسة الإحساس بالزمن. لقد تجاوزت السبعين من عمرك، فماذا تنتظر؟ بمَ يفكر إنسان سوي حين يدرك إن ما تبقي له من عمر لا يعدو غير بضع سنوات؟ هل سيظل متمسكا بطموحات لاتتحقق إلا بسحق الأخرين؟ سيكون من التجنّي إن نطالبك بإيقاظ ضميرك لأن هذا مطلب تعجيزي. ولكن هل من حقنا أن نطالبك بألا تهين ما تبقى لدينا من ذكاء حين تعلن أنك تتخذ مواقفك على أسس مبدأية؟
#قادر_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|