لطيف الحبيب
الحوار المتمدن-العدد: 3949 - 2012 / 12 / 22 - 19:34
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
كيف نختلف عن نسق ونمط حركة الاحزاب اليسارية في عراق تحكمه الفاشية الدنية؟؟ ,اذا كان التيار الديمقراطي قد خرج من معطف الموسسات السياسية اليسارية , فلابد له من ارتداء معطفا جديدا و معطفه الخاص به , ليس معطف فراء ,بل رداء من سوق الشورجه, تختلط فيه عطر شعبنا وشارعنا . عندما اعتدى المالكي على مقرات الحزب الشيوعي |, اقترحت على هذا الحزب ان يترك املاكه ويعود الى الشارع فهو بيته الاساسي لايخشى من صاحب الملك او دائرة طابو .وأسال اليوم هل استطاع التيار الديمقراطي ان يوجر شقة ولو بغرفة واحدة عند الشعب العراقي؟؟؟.
بعد ندوة ضاجة بالصراحة والنقاء لانها - خرجت وبكل جرأة من قبضة منظمة حزبية شاخت مع الزمن ولكن صراخها مازال يتعالى - عقدت في برلين بمناسبة الاعتراف الرسمي بالتيار الديمقراطي كمنظمة ,تناولت الاحاديث والحوارات فيما بعد , جملة من مهامه الانية في الوطن و صعوبات العمل التى تواجهه حركة التيارالفتية بين الجماهير, ابرزها, سيطرت حركات واحزاب الاسلام السياسي على مفاصل الدولة , وتغلغل افكار التغيب والخرافة وارتفاع سطح المقدس الديني الى حدود التأليه, مكنها من تسير الزيارات المليونية الى الاماكن المقدسة في العراق , وتناولت ايضا قدراته المالية والتنظمية ,التى تسير حثيثا وببطئ شديد , التى لم تمكنه الا من بعض المشاركات المتواضعة في نشاطات شعبية على ضفاف دجلة . من بين الاشكاليات والصعوبات التى تواجه التياروالمثيرة للجدول والحوار ,هي معاناته من هيمنة سياسي الفكر الستيني , وهذا ما يحفزني لمناقشة هذه الرؤية االمفزعة والتي عبر عنها كهل جليل من قادة التيار الديمقراطي ,لايشك احد في نزاته وتوجهاته العلمانية ودفاعه عن الديمقراطية واليسار في العراق وهو يعرفها بدقة ,خاصة بعد معاناة تحوله من فكر لاهوتي مقدس, لا يعرف معنا للديمقراطية الى ناشط ديقراطي علماني , وايمانته العلمانية شفيفة نابعة من فهم الواقع العراقي, وارثه الاهوتي المقدس الطاغي على اغلب ابناء الطوائف الدينية في العراق فالعلمانية عنده " فصل الدين عن الدولة وهي مدافع صلب عن حرية المعتقدات الدينية وحرية ممارسة طقوسها وشعائرها" وليس الالحاد, والعلمانية عنده ايضا هي الاكثر قدرة من نظام اى دولة على حماية الدين , هذا ما فهمته من بعض طروحاته في الندوة. واغلب ظني انه يتوجس الخشية مما تجلبه سيطرة- اباطرة الفكر الستيني- على مسارات التيار الديمقراطي من نتائج وخيمة على حركته بين جماهير الشارع العراقي, وحتى على بنيته التنظمية .
لماذا التوجس والخشية عند الكثير من الديمقراطين واصدقاء التيار من سيطرة فكر سياسي ستيني يساري النزعة , وبقائه تحت رحمة تجليات هذ الفكر تارة بتراكم خبراته , وتارة اخرى بصلابة عوده, تحت تميمة (احنا المشينه. على الجسر وسط النار. احنا المشينه),وهي اشارة اعتزاز وتخليد الى انتفاضة الشعب العراقي ضد معاهدة بورتسموث و من خصائص حركة التحرر الوطني التي انجزتها ثورة تموز, الا ان الفكر اليساري العراقي اختلط عليه الزمان والمكان وليس هناك اية اشارة لتطوير هذا الفكر والارتقاء به الى مسار الاشكاليات الحضارية الجارية ,لقد فقد الاجتهاد الفكري والبحث العلمي السياسي للوصول على الاقل الى رؤية واضحة الى الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي لعراق اليوم- ولا اريد القول عليه وضع الحلول والرؤى المستقبلية لحلم مجتمعنا الاشتراكي القادم – لكنه بقى اسير تجاربه السابقة التي دخلت في عتمة التاريخ ,ولم تعد قادرة على تحمل سطوع شمس ساحة التحرير ,وبتجاربهم تلك - يحالون لي ذراع الشباب- الذي يحاول شق طريقة في ادغال وحشية الرجعية وخرافاتها الدينية ,بطرقهم النضالية المعاصرة الحديثة , واستخدام تقنية الاتصالات والتحشيد الالكترونية عبر وسائط التواصل الاجتماعي المتعددة , وتوظيف المسرح والبانتميم في ساحات بغداد , وانشاء مواقعهم التحريضة في الفيس بك . الجيل الستيني يتوهم قيادته التاريخية للحراك الجماهري وهو المكلف بها "شرعا " وهوالقادر على الوصول بشعبنا الى مرافئ الامان والازدهار, بحجج وتبريرات واهية " كامتلاكه الخبرة الكافية عبر سنوات النضال السري " ,خبرات لا تعرف الا كيف تعبأ محاضر الاجتماعات الحزبية " في تنكات الدبس " او" جدرالدولمة " او خط الشعارات بالبوية سوى على القماش اوعلى جدران درابين بغداد ,خبرات ومهارات "التخفي" للخلاص من شرطة نوري سعيد او مخبري قاسم , خبرات البيوت الحزبية والمطابع السرية , خبرات لها نهكتها الخاصة ,لها عتقها وجمالها وقسوتها وعذاباتها, قادت الى التحشيد الهائل لحزب سري وطني في شراين شعب, مرهق بالفقر والامية , لكنها اليوم يجب ان تجد لها مكانا في متحف عقولنا ,تحفة نادرة زاهية مثل الحروف المسمارية والعجلة الاولى " حرز يشد على المعصم " ,حدثني صديقى في برلين عن احد المناضلين عمال المطابع السرية اختص بنقل حروف الرصاص للمطابع وتصفيفها في خمسينيات العراق ,طلب العمل في مطابع حزب يساري الماني, لخبرته في ممارسة مهنة الطباعة لسنوات وفي الظروف سرية , وعندما ذهب الى المطبعة في برلين لم يعثر على حروف الرصاص , ولا صفائح رصها ,وحين سال عنها قالو له , تجدها في الحاسوب , قفل راجعا الى البيت ليحل هذا اللغز , العهدة على صاحبي ,فناقل الكفر ليس بكافر .ومن البصرة طرق سمعي خبر في مطلع الالفية الثانية, ان رفاقنا هناك رفضوا استخدام جهاز الفاكس المهرب لهم لاستقبال جريدة الحزب المركزية طريق الشعب , لانها ستفقد اسطورية عملية نقلها ,والتهيأ والرهبة البطولية التى ترافق العملية من كردستان اوالحدود السورية الى داخل العراق .
خبرتكم ياسادتي في العمل العلني وتكويناتها الاولى كانت في زمان ومكان ثورة تموز, ومظاهرات اول ايار في 1959المليونية في شارع الرشيد ,حينها كانت خرفات الدين واساطيره تتعبد في قمقمها , ولم تتمكن بعد من تنظيم نفسها في احزاب الدين السياسي -1- ولم تستطع تسير مظاهرة , بل قوى حركة السلام كانت ناشطة بشكل فاعل في المدن الدينية النجف وكربلاء والكاظمية وقيادلتها رجال دين اخيار تبؤوا مواقع في حركة السلام العالمية مثل الشيخ عبد الكريم الماشطة في الحلة واستشهد البعض منهم اغتيالا على يد الرجعية الدينية واداتها الحركات القومية انذاك .اليوم اصبح الامر معكوسا , فخبرتكم لم تقدر على تحشيد الناس للوقوف ضد اجراات الحكومة, الدعوجية, التعسفية في ساحة التحرير, فحركات الشباب التي اطلقت الشراراة في ساحة التحرير وجمرها مازل يتاجج ,استطاعت وبخبراتها البسيطة ان توقظ الشارع وتوصل رسالة المقاومة الى المالكي وحزبه.
ان انقطاع الحركة اليسارية عن شارعها على مدى اكثر من ثلاثين عاما ,فوت عليها الفرص السانحة , اضعفها ,ان لم يكن دفع بها الى زوايا النسيان وخاصة عندالجيل الذي ولد في اواسط الثمانينيات تجاوز الان سن العشرينيات ,ليس له علاقة على الاطلاق باليسار او الحزب الشيوعي , فهم يخرجون من عتمة وظلمة البعث الى نور الله ,وخفق رايات طقوس الدين وخرافات الضلالة والتكفير, واسلام السياسي يحشد زيارات مليونية , فالفكر الستيني اليساري مازال يتخبط في التباساته الفكرية والتنظمية , وينتظر مصعوقا يرقد في غيبوبته على ابواب ( سرداب الغيبة ) لعله يخرج امامهم المنتظر " بوريس بونماريوف" لتحديث تنظيراته الستنية , فلا فرق بين الاتحاد الاشتراكي او العدل الالهي ,بعيدا عن احداث الالفية الثانية .فلماذا يمسك رجال الفكر الستيني اليساري بخناق المنظمات الجماهرية والنقابية وتجمع التيار الديمقراطي ؟؟ الم يصل بهم العمر بعد الى التقاعد, ليجلسوا في بيت دافئ, ويتمتع باستراحة بعد هذه الرحلة المضنية في حياض السياسة وعذاباتها , لم احصل على جواب , الا ان رأي صديقي المسرحي , اراحني من ارق التفكير والبحث عن جواب ,الذي وجدته في راس عريف بالجيش العراقي, يروي صاحبي : ( في اوائل السبيعنات ساقونا الى الجيش ووجدت نفسي في فصيل في مركز مدينة الديوانية ,يقوده رئيس عرفاء متذمر من طوال عمله في الجيش حتى تجلل شعره بالبياض , يدعو الله صباحا ومساء ان يخلصه من هذه" الشغله " , حزنت لهذا الرجل وخبرته الطويلة بالجيش , تقدمت له موديا التحية العسكرية بعد استراحة في ساحة العرضات وقلت : عريفي انا اسمع دعائك يوميا , فلماذا لا تقدم طلب للتقاعد,نظر لى بحزن , وقال : وماذا افعل بعد ذالك ياناصح.؟ , اضيع في المقاهي ؟؟ او ابيع "يس.. يم" في سوق المدينة ) ,وهذا هو حال جيل الستين السياسي اليساري, يتمسك بقيادة فصيله افضل من ان يبيع بضاعة كاسدة في اسواق المدينة .
التيار الديمقراطي ينتج فكره المعرفي من خلال حركة وتفكير الشباب التي تتجلى صورها في تجمعاتها وعلى صفحات بعض الصحف الجادة , رغم انه ينمو في ارض ملغومة بالفكر الظلامي ومسكونه بالارواح والتعاويذ والادعية والحرز الاخضر" وجف العباس".ان الشباب اليوم يعرفون طبيعة هذا المقدس ,ويعرفون ايضا ان الشارع العراقي بسيط ويحب الدين والائمة, ويستغل هذا الدين من قبل سلاطينه ببشاعة لم يعهدها الدين الاسلامي وطوائفه من قبل , والناس لاتعرف ان مرشدهم الاسلامي هو الحاكم الذي يسومهم العذاب.
تدخلات الاحزاب الشيوعية ومحاولاتها للسيطرة على المنظمات المهنية والسياسية الديمقراطية لها تاريخ طويل, وباعتبارات استالينية , فهي السياج الجماهيري الذي يذود عن الحزب,وهي الحاضنة التى تزود الحزب بروح شبابية جديدة . الحزب الشيوعي العراقي له ممارسة وخبرة بارعة في اتحاد الطلبة العام ورايطة المراءة ونقابات العمال, في توظيف هذه القوة الشباب وكسبها الى عضويته, التي شكلت الجزء الاكبر من جسمه التنظيمي , وانطلقت منها حركته الاحتجاجية في الشارع , ولكن الحزب بقرار وبامر قيادي فوقي في عام 1976 حل هذه المنظمات والغى تاريخها النضالي المهني الديمقراطي .
تذكر" ليليان هلمان" في كتابها "زمن المارقين" ص 85 هذه الواقعة عن تدخل الشيوعين في شوؤن الاحزاب الديمقراطية التقديمية التي ادت الى خسارة هنري ويلس الديمقراطي الانتخابات الرئاسية الامريكية
(بعد يومين التقينا في فترة ما بعد الظهر في منزل صديقي وكان ثلاثة رجال من كبار المسؤولين الشيوعيين ، لأنني كنت أعرف أسمائهم تركنا صديقي وحدنا، أوضحت لهم في صفوف الحزب التقدمي يجلس 6 من الشيوعين , اثنان منهم اذكياء ويتمتعون بروح مرنة , بيد الاربعة الرفاق يرتكبهم العناد وقلة الدراية والحكمة , وليس لهم اى اهتمام سوى فرض اراداتهم . قلت: " أنا أعتقد اني، أفهم هنري ويلس ,فهولا يعارض ناسكم بسبب تطابق اهدفه في هذا الوقت مع اهدافكم , ولكنه اذا خسر الانتخابات سيجعلكم كبش فداء ,وهذا ما تستحقونه بجدارة , لكم حزبكم فلماذا تزجون رفاقكم في المنظمات الاخرى , هذا تدخل فاضح في الشؤون الداخلية لتلك المنظمات ارجو ان توقفو مثل هذه التدخلات ).2-
اطالب وبصدق ان يتوقف البعض في تاشير مسارات التيار الديمقراطي وممارسة دور الاستاذية والاشراف على جماهير التيار ,واعتباره من حواضن الحزب الشيوعي الشبابية كما حدث لاغلب المنظمات الجماهيرية والنقابات الطلابية والعمالية فقياداته غير مؤهلة للمارسة الحريات الديمقراطية والموتمر التاسع خير دليل , ولحسن النية ,افترض انها تجهل اساليب العمل الديمقراطي.
1- نشأ حزب الدعوة الحاكم كما يروي الشيخ طالب الرفاعي من مؤسسي الحركة الاسلامية السياسية التي سجلها ونشرها الدكتور رشيد الخيون بحرفية المؤرخ العراقي المحايد , الباحث عن تاريخنا تاريخنا المشوه والمزور والضائع قي اقبية وملفات المخابرات العراقية والاجنبية في اماليه ) في كتابه " امالي السيد طالب الرفاعي "الصادرعن دار مدارك
(ابدا بالقول: لقد جعلت تلك الحوادث , التي وردة في الفصل السابق , وغيرها محمد مهدي الحكيم يعيد النظر من جديد , فيما كان يطرحه علي عام 1955 من محاولة تأسيس عمل اسلامي سياسي , اي تشكيل حركة تنظمية في اطار اسلامي واضح , فجاء لي قائلا ما العمل ؟ فقلت له هانت جاد في ذلك , الايؤثر ذلك سلبا على في مرجعية والدك ؟ فقال : انا جاد . فقلت اذا كنت جادا فما تلحث عنه موجود . فقال . هل تصلح انت قائدا ؟ فسألته :من خلال معرفتك بي هل اصلح انا لقيادة هذا العمل ؟ قال : لا . فسالني : من تراه صالحا ؟ قلت : السيد محمد باقر جاهز , فقط اذهب اليه واعرض عليه الفكرة , فانا لا اتمكن من مفاتحته في الامر فانت ابن مرجع , ويمكن ان تؤثر فيه افضل مني , على الرغم من صداقتي معه . فقال : اتتصور انه لا يطردني ! فقلت: لماذا يطردك انها مجرد قكرة اطرحها عليه ...)ص 155
(......أخذبنصيحتي وتواجه الاول مع محمد باقر الصدر في داره . كان ذالك بعد تموز (يوليو )1958 بل في منتصف تموز (يوليو )1959.اقول : أين قول اولئك القائلين بانهم اجتمعو العام 1957 في بيت الحكيم , بكربلاء , وفي يوم المولد النبوي وغير ذلك من الكلام , واتو باسمي من الموجودين وانا لم اكن موجودا , وليس لدي فكرة على الاطلاق , هذا كله تلفيق في تلفيق , غير صحيح جملة وتفصيلا , خذ مني هذا الجوهر ومن ارخ خلاف ذلك فتلك مجرد قشور ) ص 156
2- في عام 1946 ساعد ويلس على تشكيل الحزب التقدمي وقاد حملته الانتخابية في عام 1948 داعيا فيها لتوثيق التعاون مع الاتحاد السوفيتي , مما دفع البعض من القادة الشيوعين الى دفع اعضاء الحزب الى الانتماء الى حزب ويلس , حصل في الانتخابات على اكثر من مليون صوت ولكنه خسر الانتخابات الرئاسية واعتزل الحياة السياسية , ويعلل البعض سبب فشله بروز اعضاء من الحزب الشيوعي الامريكي قي حملته الانتخابية
Lillian Hellman
Die Zeit der Schurken
Autobiographische Erzählung 1987
#لطيف_الحبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟