ميس اومازيغ
الحوار المتمدن-العدد: 3948 - 2012 / 12 / 21 - 20:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
امريكا لا تناصرالأسلام في الحكم
المثير للستغراب هو هذا الرأي القائل بان الولايات المتحدة الأمريكية تقف في صف الأسلاميين, الذين تولوا تدبير امور بعظ الشعوب التي عرفت ثورة الحرية والكرامة في شمال افريقيا. سيما ما يردد ويكرر من قبل بعظهم ومنهم كتابا من الوزن الثقيل بشان الأخوان المسلمين في مصر ,حتى ليخال المخاطب من قبلهم ان امريكا هي صانعة الخير والشر في هذه الأقطار,بل هي وحدها التي تزيح من لا رغبة لها فيه لتنصب محله خادما جديدا .وبالتالي يكون حكم الأخوان المسلمين انما هو من اعدادورعاية وتشجيع من قبل مسؤولي هذه الدولة ,بتبرير حفاظها على مصالحها هذه التي يقرنونها دائما برغبة هؤلاء في الأبقاء على الشعوب في اقطارنا محصورة في دائرة الأمية والتخلف.فما مدى صحة هذا الراي وهل حقا لأمريكا مصلحة في حكم الأخوان المسلمين ا وغيرهم من محاولي الركوب على الدين من اجل السلطة؟
لقد فشل ساستنا وجانب كبير من مثقفينا في الحصول على احترام المواطنين لسبب وحيد هوالفشل في قرائة الواقع وما يفرضه من جديد, الأمر الذي افظى بهم الى التعالي وحب الظهورومخاطبة المتلقي من ابراج عاجية جعلتهم يعيشون عالمهم المتخيل والذي هو غير عالم شعوبهم. اناس لايعيرون مبدأ المسؤولية ما يستحقه من اعتباراناس يكونون افكارهم في مكاتب فاخرة وارائك وثيرة في فنادق عالية درجة التصنيف ,لتجدهم وقد لفظتهم شبيبة مجتمعاتهم بعدادراكها انهم يعيشون خارج الزمن ,حتى ان ثورات الحرية والكرامـــــــة يصرحون بانها قد فاجئتهم وان كانت لم تفاجىء غيرهم سيما الحكيـــــم الغربي حتى وان صرح بعظ مسؤولي العالم الغربي هذا بانها ثوارت مفاجئةلأنه تصريح لا يعدو ان يكون سوى محاولة لأبعاد الشبهات عن دوره فيها.
ان المثقف الفاشل هوذلكم الذي لا يستطيع الخروج من دائرة مرسومة له مسبقا من قبل الغير,لتجده يجتر ما سبق لهذا الغير ان اعتمده من اراء وافكاربعد ان شحن بها في زمان لم يكن فيه قادرا من حيث الرصيد المعرفي على التمييز والأختيار, ويكون الأيمان الأعمى باعتماد هذا الغيرلأدوات الأقناع من الواقع بناءا على فهم خاطىء له في الغالب الأعم. ادوات الأقناع هذه هي ايضا المعتمدة من قبل كثير من مثقفينا لحمل المخاطب على الأقتناع بفكرة خاطئة في الأساس والتي هي اعتبار امريكا مناصرة للأسلاميين المعتبرين في عرف البعض بالمعتدلين ومنهم بالطبع جماعة الأخوانالمسلمين ,باعتبار هؤلاء حماة لمصالحها. فنجد من يرى في مجرد التقاء مسؤولةاو مسؤول امريكي برئيس الدولة هو توجيه او تأييد له فيما اتخذه من قرارات وحرصا منهما على بقاء ودوام نظامه ,في حين ان المثقف العضوي هو الملزم بالدراسة والتحليل للوقائع والأحداث اعتمادا على المنطق والعقلانية هذين الذين يفرضان تدبر مجرياتها حاضرا ,هذا الحاضر الذي هو بدوره وليد الماضي للتمكن من استشراف المستقبل.فكيف يا ترى يعقل القول بمناصرة امريكا للأسلام في الحكم وهي المعلنة لحرب شعواء عليه في شخص المعتبرين متطرفين ؟اخفي على العقلاءان الأسلام عقيدة واحدة لا تمييز فيها بين متطرف ومعتدل ما دام ان منهل الطرفين واحد لا شريك له؟
اذا كان مايعتبره البعض اسلاما قابلا للتعايش مع غيره من العقائد هو هذا الموروث عن الأباء والأجداد فيما يعرف بالشعوب المغزوة ,فانه فهم خاطىء للأسلام او تهرب منه نتيجة الشعور بخطورته على غرار النهج الذي اختاره اسلافنا وتهدئة للخواطر بالقبول بهذا الأسلام الموروث تفاديا لما يطلق عليه الفراغ الروحي .ان التساهل وغض الطرف عن حقيقة هذه العقيدة واعتبار هذا الموروث هو الأسلام الحقيقي من قبل بعض نخبنا لم يثني الحكيم الغربي الذي يزعمون بانه يناصرخدامه المعتدلين لتولي تدبير امور شعوبنا .اقول لم يثنيه عن التشبث بحكمه العقلاني بخطورته وبالتالي العمل على تفادي هذا الخطر وان على المدى البعيد. وقد سبق ان تطرقت للموضوع في مقال لي تحت عنوان (المواجهة العقلانية للأسلام) ولمزيد من الأيظاح اود ايها القارء الكريم ان اذكربان القضاء على عقيدة دينية ما انما يقتضي زمنا قد يطول وقد يقصر بالنضر الى الوسيلة او الوسائل المعتمد عليها لتحقيق هذه الغاية .والأداة المستعملة والمرتهن عليها حاليا من قبل الحكيم الغربي هي ابعاد الدين عن المجال السياسي.
ان الحكيم الغربي يعلم وبشكل مدهش احوال شعوبنا بناءا على دراسات وابحاث عهد بها الى مختصين كل في ميدانه لدرجة ان استعمل فيها الجنس للحصول على المعلومة(تصريحات تسيبي ليفني بشأن مضاجعة رموز فلسطينية) ان الأسلام اريد به عقيدة للبشرية جمعاء .وهو امر معلوم من قبل الحكيم الغربي الذي لا يمكن استبلاده بالقول بألآيات القرآنية من مثل( لكم دينكم ولي ديني) او (لو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعا) وغيرهما مما يلجأ اليه لتبرير قابلية المسلم للتعايش مع الغير اذ ان مجدر القول بعالمية هذه العقيدة اظافة الى الأوامربنشره والتي لا تخلوا من استعمال العنف المجرد ,كافية لوحدها لعدم اعتبار التبرير السابق لظرورة استجابة المسلم لهذه الأوامر مادام انه يعتبرها اوامر الهية يتعين تنفيذها.
الأممية الأسلامية والأخوان
ان ادراك الحكيم المذكور لصفة التنظيم العالمي لجماعة الأخوان المسلمين ومرجعيتها الوحيدة التي هي الأسلام ,الى جانب ما يميز اعظائها من تنظيم وسهولة استنفارهم من قبل زعمائهم عند الأقتضاء ,وادعاؤها السلمية فيما تسميه بالتدافع السياسي واعلانها الرغبة والقابلية في الأستجابة لمطلب الدولة المدنية ,كل ذلك كان وراء استعمالها لتحقيق هدف ابعاد الدين عن السياسة .لعلمه المسبق بالفشل الذريع الذي ستمنى به بشأن تلبية المطالب الشعبية التي يفرضها الواقع المر الذي تعيشه شعوب المنطقة. هذه المطالب التي لن ينفع معها الركون الى الغيبيات والأتكال على السماء .وان كل محاولات ايهام مسؤولي هذا الجماعة بالقدرة على التغلب على الصعاب الواقعية عن طريق المساعدات المالية التي تمنح لهم انما هو تحفيز لهم على تحمل المسؤولية وحملهم على الظهور العلني على ارض الواقع الملزم لهم بابداء ما كانوا يعدون به تبعهم من استحقاقات سياسية واقتصادية ,باعتمادهم ما يعتقدون جديته من برامج .هذه التي سيكون طبعا في صدارتها الرغبة في اسلمة كل مناحي حياة الشعب .وهي الرغبة التي كانت اس انطلاق كل جماعة من الجماعات الأسلامية المختلفة في الرؤية في هذا الأيطار من حيث اولوية الزمن المعول عليه لتحقيق الغرض. والحكيم الغربي باختياره مسايرة الأخوان المسلمين موقف لم يأتي من فراغ ,او انه اتخذ عن عدم المام ودراية باهدافهم, بل هو موقف على درجة عالية من العقلانية ,لكونه يعلم جيدا ان الأتجاه المضاد المتمثل فيما يطلق عليه الليبيرالي العلماني والذي هو في الحقيقة الأتجاه الممثل للأسلام الشكلي الوراثي ليس باستطاعته ان هو تولى تدبير امور الشعب بعد الثورة التخلص من جماعات الأسلام السياسي, لما تتسم به من تنظيم بناءا على قدرتهاعلى التاطير بالحشو التخديري لعقول الأتباع .مما سينتج عنه صراعات لن تسلم من صفة الدموية اكثر مما ستكون عليه ان كان الصراع هو بين هذه الجماعات ذاتها.اظافة الى ادراكه لظعف هذا الند العلماني في استقطاب المواطنين لأسباب كانت هي ذاتها وراء فشله في منافسة الأسلام السياسي لبلوغ كراسي المسؤولية بعد الثورة.
ان الحكيم الغربي يدرك التناقض الذي لم تستطع النخبة الليبيرالية العلمانية التخلص منه والمتمثل في ادعائها الأسلام دينا ومطالبتها بابعاده عن الساحة السياسية لأن الأسلام دين ودولة. وشرعته الغير قابلة للتطبيق في زماننا والتي هي هدف الأسلام السياسي هي التي ستدفع بالأتجاه الليبيرالي العلماني الى مزيد من الأفصاح عن نواياه عندما يواجه بارادة واصرار هذه الجماعات على تطبيقها. وبالتالي اختيارها العلني التبرؤ من هذه العقيدة ولو على المدى البعيد للدفع بجماعات الأسلام السياسي الى الأختيار بين امرين اما اعلان الجهاد واللجوء الى العنف المجرد ضد مخالفيهم وهو ما لن يستسيغه المجتمع الدولي وما سيحمله على مواجهتها واما ان تقبل هذه الجماعات بالعيش المشترك مع المخالفين .الأمر الذي ستظطر معه الى التخلي عن استعمال الدين لتحقيق اهداف سياسية وتتحقق بذلك دولة المواطنة التي يتساوى في ايطارها المواطنون دون تمييزايا كان نوعه.ان فشل الأسلام الحاكم والذي يدخل في دائرة ما يعرف بالأسلام المعتدل ,اقول فشله في تحقيق اهداف الثورةا لتي تم التعبير عنها في كلمتين =الحرية والكرامة= من قبل مشعليها الشباب الغير منتمي لأية هيئة سياسية سيجعل خدامه المعتدلين في مواجهة ليس فقط مع العلمانيين بل ايضامع السلفيين او ما يعرف بالأسلام المتطرف .هؤلاء الذين سيناصرون الأولين مرحليا في انتظار الأنقضاض عليهم لكونهم لن يستجيبوا لمطالبهم الا في حدودها الدنيا. وهو ما سيساعد المواطن العادي على الأنتباه الى تبادلهم للأدواروتوحدهم تارة ليختلفوا ويتنافروا اخرى ,ويتسائل بالتالي عن كنه هذا الأسلام وما يكونه الأسلام الحقيقي ليتبين له وبمجهودات المخلصين من العلمانيين واللادينين والملحدين الذين سوف يجهرون بخطورته على الأمن والسلم العالميين بفظح آيات سفك الدماء من مثل (جاهدوا في سبيل الله بانفسكم واموالكم) و(قاتلوا الذين لا يومنون بالله واليوم الآخر حتى يومنوا او يؤدوا الجزيةعن يد وهم صاغرون) وغيرها الكثير الى جانب الأحاديث التي تسيرفي نفس الأتجاه, ويدركون ضرورة تنحيته جانبا للعمل على الأرض جنبا الى جنب مع شعوب المجتمع الدولي. و التعامل معها بالندية بالشكل الذي يسمح بالأحترام المتبادل والأستفادة من الثروات المتوفرة بكل الطرق المؤمنة لحماية مصالح الأطراف المختلفة.
ان الحكيم الغربي يتعالى ويترفع عن الأقدام على اشعال الفتن في اقطارناالتي يدرك الحالة المزرية التي عاشتها وما تزال تعيشها شعوبنا على يدعصابات حكام من ابناء جلدتنا الا اذا كانت هذه الفتن من اجل خروجها من وضعها الذي لم يعد يرضاه اخونا الأنسان لأخيه الأنسان ,نتيجة ما حققته البشرية من تقدم لم يسبق ان عرفت له مثيلا. ان نضرية المؤامرة التي كانت وراء الزعم بان امريكا تناصر الأسلام في الحكم وبالتالي الأبقاءعلى حالة التخلف والجهل سمة لشعوبنا بقصد الأستحواذ على ثرواتهاانما هي فكرة لا علاقة لها بالواقع المعاش, وما هي الا ترديد لسابق ما اعتمدته العصابات الحاكمة والنخب التي كانت تدور في فلكهــــــا.ان الزمن تغير وعقلية اخينا الأنسان محكوم عليها بان تساير هذا التغير
#ميس_اومازيغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟