عبدالله حسين حميد
الحوار المتمدن-العدد: 3947 - 2012 / 12 / 20 - 16:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لاتزال بعص الاصوات النشّاز في الساحه الفلسطينيه لاتدرك ماهيه الربيع العربي واهدافه , بل لاتدرك أن حقبه الابوات و الدكاكين الفلسطينيه قد انتهت بلا رجعه وأن عهد الانظمه الدكتاتوريه بائد هو وكل الابواق المثقفه الرخيصه التي صفقت له , هذه الابواق التي إعتاشت على قوْتّ الشعب الفلسطيني و حصلت على امتيازات كثيره منه , في حين أن الشعب الفلسطيني يرزح تحت نير الفقر والجوع والظلم بكل اشكاله .
الربيع العربي قادم ولن تعيقه المحاولات البائسه من الانظمه الرجعيه و الامبرياليه العالميه لحرفه عن مساره و التشكيك بنزاهته وجوهره, ومحاولات تهدئته بحقنّ مخدره أو تزيينه بتنصيب الاحزاب الاسلاميه هنا وهناك أرضاءا للمزاج العام وللشارع العربي و اضفاء انطباع أن الربيع العربي قد ينتهي بوصول الاسلاميين للسلطه.
الكل يعلم أن الربيع العربي يعاني من مؤامرات عديده تحاول حرفه عن أهدافه الصحيحه بترسيخ الديمقراطيه وبناء المجتمع المدني , لكن هذا لايعني بأي شكل من الاشكال أن الربيع العربي في طريقه للعافيه و أن طال الوقت فهكذا المريض هو بعد سنيينَ عديده يصارع المرض المزمن فلابد له من سننين عديده ليستعيد عافيته الكامله و ما هذه الارهاصات التي نشاهدها هنا و هناك الا مراحل من الصراع التي تخوضها الشعوب العربيه ضد المؤامرات الداخليه و الخارجيه التي تظهر تحت مسميات مختلفه لحرفها عن مسارها الصحيح.
بعض السياسين و المثقفين الفلسطينيين وللاسف يحاولون جاهدين عزل الشعب الفلسطيني عن محيطه العربي الذي طالما إستمدّ قوته عبر السنيين من ذلك المحيط وإن الامل يحدوه دائما بأن ذلك المحيط لابد أن يتخلص من شوائبه ولا بد أن يأتي ذلك اليوم الذي تتوحد فيه كل الجهود المخلصه لعودة ذلك المحيط الى الخط الصحيح حيث لا يمكن فصل القضيه الفلسطينيه عن عمقها العربي والاسلامي بأي شكل من الاشكال.
بعد سبعين عاما وربما اكثر من العيش المشترك بين الفلسطينيين و السوريين يأتي هؤلاء ليدعوا الجماهير الفلسطينيه للوقوف على الحياد (طبعاً الحياد الجبان ) ضاربين بعرض الحائط كل ما يعانيه الشعب السوري من ظلم وطغيان على مرور اربعين سنه و أكثر وخاصه بعد اندلاع الثوره و المجازر التي يقوم بها النظام في المدن والقرى على مدى السنتين الاخيرتين.
يختزلون العلاقه بين الفلسطيني و السوري بأنها مجرد اوراق ثبوتيه و جنسيه فقط يحملها الفلسطيني , متجاهلين العمق الادبي و الاخلاقي الذي يجمع هذين الشعبين كما يقال على الحلوه و المرّه, متجاهلين الروابط الوثيقه بينهما حيث لاتستطيع أن تفرق بين السوري و الفلسطيني لا في اللغه و لا في العادات وهذا الواقع ليس مختلقا بل هو بفعل الحقيقه التي لايمكن تجاهلها فلا فرق بين القدس و دمشق وحلب و نابلس هذا هو التأخي المتأصل منذ الازل.
ألا يخجل هؤلاء من دعواهم هذه , ألم يقدم الشعب السوري يد المساعد للشعب الفلسطيني في كل مراحل نضاله عبر السنيين , ألم يقدم السوريون أغلى ما عندهم من الشهداء من أجل فلسطين بدءًا من سعيد العاص و عز الدين القسام و غيره و غيره المئات بل الالوف من ابناءه , ألم يخض السوريين كل المعارك الى جانب الفلسطينين و لم يخذلونا ابدا فكيف لنا أن نخذلهم في أحلك الظروف التي يمرون بها , كيف لنا أن ندير ظهرنا للقتل والتقتيل اليومي .ولعل أبو شاور قد أصابه العمى الاخلاقي فهولايفرق بين النظام السوري و الشعب السوري ويضعهما في خانه واحده , وان كان هذا صحيحا فهذه هي واحده من أكبر المصائب التي اودت بشعوبنا الى الهلاك , هو أن يكون مثقفينا بهذه الصفاقه و الجهل والانتهازيه المقرفه , وأن يكونوا أبواقاً للانظمه العاهره التي تاجَرت و تُتاجر بدماء ابناءها و بالقضيه الفلسطينيه من خلال شعارات كاذبه , لايمكن أخلاقيا للفلسطيني أن يتجاهل عمليات القتل اليومي لآخوانه السوريين بحجه الحياد و عدم التدخل في الشؤون الداخليه للبلدان المجاوره وهذا الشعار ربما يكون في مرحله من المراحل صحيحا كماهو الحال في حرب الكويت فقد كان إعتداء دوله على دوله , لكنه و الحال في سوريه لاينطبق أبدا فهو كلام حق يراد به باطل, بل يراد به مجامله النظام و التملق له وبالتالي ترك السوريين وحيدين في معركة الخلاص مما يصب في خيانه الشعب السوري.
لاأحد منا يريد خراب سوريه و قتال أبناءها وتدمير البنى التحتيه والمرافق العامه و لكن القضيه ليست قضيه مرافق عامه و انجازات , القضيه ليست خلاف في وجهات النظر , بل انها ثورة تحرر و إنعتاق , إنها ثوره على الظلم والعبوديه والاستبداد التي طالما دعى اليها هؤلاء المثقفين وانتظروها , والتي طالما أنتظرتها الشعوب العربيه و خاصه الشعب الفلسطيني لكنهم الان ينحازون الى الانظمه والى مصالحهم الضيقه ويدعون الى حياديّة الفلسطينيين الذين وعلى العكس تماما يجب أن يشكلوا رافعه اساسيه و رافد للثوره السوريه من خلال الخبرات العسكريه الميدانيه و حرب الشوارع التي يزخر بها المخيم فهل يبخل الفلسطينيين بهذه الخبرات العظيمه التي أَرُيدَ لها أن تضمحل و تختفي والتي يعلمها ابو شاور والتي تحولت الى شرّيبة شاي و دخان في المكاتب و دب فيها الخمول و الكسل.
لايمكن لعاقل أو ذو ضمير أن يدعوا للفصل بين مصير الفلسطينيين و السوريين في هذه الظروف الصعبه التي يواجهها ابناء سوريه بحجج واهيه كاذبه و للاستهلاك السياسي الانتهازي , فنحن الفلسطينيون سورييي الهويه والهوى متلاحمين جغرافيا و تاريخيا شئنا أم ابينا أمامنا مستقبلٌ واحد لاتفصله أو تعيقه تصريحات السياسين و لا فتاوي الطائفيين .
هي نعم بلاد الشام التي تنصهر في بوتقه و احده في علاقاتها الاسريه و الثقافيه و تاريخها المشترك , فعاداتها وتقاليدها واحده لاتنفصم.
من يدعوا الفلسطينيين للحياد هؤلاء الجبناء الذين يعيشون خارج البلد لايشعرون مايشعره الفرد و المواطن الفلسطيني العادي ,ولاينظّرون الى شعبنا الذي يعاني الامرين في المخيمات , ولهم مصالح شخصيه ضيقه فهم كانوا يعتاشون على هذه الانظمه وأجهزتها الاستخباريه يُعاملون معامله القيادات و الابوات ولهم امتيازات كثيره فهم يتنقلون بين لبنان و سوريه وليبيا و اليمن كمسؤلين وقيادات محترمه, وبهذه الثوره سوف يخسرون الكثير من تلك الامتيازات لقد كانوا يدخلون من والى لبنان بسيارات فاخره على الخط العسكري دون تفتيش, يتاجرون ويهربون الذهب والدخان وما الى ذلك , وسوف يتحسرون على ليالي دمشق الحمراء و مصايفها في عين الخضره و بقين , دمر والهامه وغيرها .
أبو شاور يدافع عن أحمد جبريل و عن محاوله العبور بكل سذاجه يستهبل شعبنا ويستغبيه حيث لم يكن هجومهم على مجمع الخالصه إلا أدراكا منهم لتلك الالعوبه السياسيه التي ترقى الى مستوى الخيانه والمتاجره بدماء ابناءهم وهذا ما إعتاد عليه أحمد جبريل في مسيرته الطويله سيئة الصيت في قتل وتعذيب للمناضلين الشرفاء مرورا بقصف طرابلس و محاصرة فئه من أبناء الشعب الفلسطينيي فيها, ثم مروراً بالاقتتال الداخلي في بيروت وقتل المئات من الفدائيين الشرفاء الذين صمدوا في حصار بيروت وما مخيم شاتيلا وبرج البراجنه إلا شاهداً عيان على رجال أحمد جبريل في ترويع ابناءه واستهداف نساءه كذلك على حاجز الرميلي التي كان يختطف الفلسطينيين ويختفون من على وجه الارض بمساعده المخابرات السوريه .
عداك عن تمزيق وحدة الصف الفلسطيني وتشتيت القوى و الجهود من أجل التحرير بحجج اليمين المنحرف وما الى ذلك من شعارات واهيه عدميه .
في الحقيقه أن الشعب الفلسطيني هو صاحب المصلحه الحقيقيه في تغيير هذه الانظمه المهترءه والتي تاجرت بقضيته و استعملته في صراعاتها الجانبيه, فكل تغيير يتم هنا و هناك هو في النهايه يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني و قضيته العادله , وإن تمتع الشعوب العربيه بديمقراطيه حقيقيه هو الضمانه الاساسيه للقضيه الفلسطينيه , لان مشكله القضيه الفلسطينيه ليست بعدالتها ولكن بالمدافعين عنها, إن كان هذا التغيير سيكلف هذه الشعوب الكثير من التضحيات و الدماء فلا مناص من ذلك , فمن يتباكا على الخسائر و الدمار فحريات الشعوب لا تقاس بالخسائر فكم دفع العبيد السود في امريكا من تضحيات مقابل الحريه , الحريه التي صنعها الاجداد و التي سيحافظ عليها الابناء , كم دفع الجزائريين من الشهداء لصنع الحريه . تاريخ الشعوب مليئ بالامثله الحيه تلك الشعوب التي دفعت أبناءها على مذبح الحريه لتصنع مستقبلا مشرقا لاجيالها القادمه.
أمين ع أحمد
بوخارست 12 - 12 - 20
#عبدالله_حسين_حميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟