|
دستور الإخوان عودة للاستحواذ والدكتاتورية
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 3946 - 2012 / 12 / 19 - 19:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ الإعلان الدستوري الذي أعلنه الرئيس المصري محمد مرسي ممثل الإخوان المسلمين وحزبهم حزب الحرية والعدالة انقسمت مصر شعبياً تقريباً إلى نصفين وليس هذا فحسب فقد تزامن مع توجهات الإعلان الدستوري تصاعد الاحتقان والغضب الجماهيري الذي ساد الشارع المصري وصولاً إلى صدامات مع قوى الأمن ومعارك جماهيرية بين الطرفين المؤيدين للرئيس والمعارضين للإجراءات التعسفية وقد سقط فيها العديد من الضحايا بين قتيل أو مصاب، وعندما وصلت الأمور إلى طريق مسدود قد يؤدي إلى حدوث كارثة كبيرة تراجع محمد مرسي، لكن كما نعتقد أن تراجعه بقى تكتيكي من اجل تمرير مسودة الدستور وتحقيق الاستفتاء بأي طريقة كانت، هذا السعي الحثيث المصر على عدم تهدئت الأوضاع باتخاذ خطوات تعالج الاحتقان وعدم التأجيل من خلفه مخطط واسع ذو أبعاد غير سلمية، لان الأخوان المسلمين ومحمد مرسي وحزبهم يراهنون على الواقع الانتخابي الذي هو بجانبهم في هذه الفترة الحرجة التي تعتبر مخاضاً لصراع طويل للهيمنة على السلطة بالكامل والتوجه لبناء الديكتاتورية الدينية على الرغم من أنهم لم يعلنوا عن ذلك إنما بالعكس فهم خلال تلك الحقبة استبدلوا خطابهم بخطاب التوجه المدني تقيةً وراحوا يتحدثون عن الديمقراطية والحريات العامة والدستور العادل الذي يساوى في المواطنة بين الجميع لكن ولمجرد وضع محمد مرسي قدمه في " الرِجاب*" وأصبح الأخوان المسلمين وحزبهم في قمة السلطة كحزب حاكم بان معدنهم وظهرت توجهاتهم بقبضات البلطجة من قنابل الملتوف والآلات الجارحة والاعتداءات والاشتباكات العنفية مع الجماهير المعترضة سلمياً، كما ظهر أن القرارات التي أخذها محمد مرسي تنحاز إلى جهة دون أخرى وهذا ما ثبت أن محمد مرسي فشل في الاعتدال وان يكون رئيساً لجميع المصريين، وبعدما ازدادت ردود الشارع الرافضة للإعلان الدستوري المكمل الذي كرس فيه تعزيز صلاحيات الرئيس وظهور التوجهات لإعادة إنتاج الدكتاتورية عن طريق التشريع بالشريعة دون حساب لآراء المعترضين الذين يخالفونهم . وحسب تصريح أستاذ علم الاجتماع السياسي ( عمار علي حسن ) "إن الإعلان الدستوري الصادر اليوم يمثل ارتباكاً في سلسلة قرارات الرئيس، على الرغم من ما به من شق إيجابي فيما يخص حقوق الثوار، ولكن اتخذ هذه النقطة ذريعة لكي تصبح لديه سلطة مطلقة"، وعلى أثر ذلك حمى وطيس الجدل حتى بان مدى استخفاف محمد مرسي وجماعة الأخوان والسلفيين وحزبيهما بالرأي الآخر على الرغم من كونه قوة أساسية في المجتمع المصري ولا يقل عددياً إلا بنسب بسيطة وهو يعد بالملايين، ولم يتوقف الاستخفاف والاستهانة عند هذه الحدود بل استمرار التجاوز على الحقوق وهي عملية مرفوضة ولا سيما تزامنت معها اتهامات باطلة فضلاً عن استعمال القوة وإلصاق تهم الخيانة ووجود مؤامرة بالضد من الشرعية وغيرها من التهم، وبعد أن عجز محمد مرسي والأخوان وحلفائهم من فرض الإعلان الدستوري وما أضيف له . ظهر الدستور كعلامة جديدة لحسم الخلاف بكلمة ( نعم ) أو كلمة ( لا ) على الرغم من انه ومنذ البداية جوبه الاستفتاء بالرفض الواسع لكن الرفض تغيير بعد ذلك بالمشاركة وبقول بكلمة " لا " بدلاً من " نعم " وهكذا توجهت الملايين على الرغم من مخاوف عمليات التزييف والتزوير لأن الذي بيده السلطة وهدفه الاستحواذ عليها لا بد أن يلجأ إلى أتعس الأساليب كي لا تفلت من يديه وبخاصة محمد مرسي والأخوان، وهي حالة متزامنة في الكثير من البلدان التي تحكمها الدكتاتورية باسم الديمقراطية، ولقد صدق حدس الذين كانوا يتوقعون التزوير حيث كان أول تزوير حسبما أشير باشر فيه محمد مرسي فقد قام بالتصويت في حي مصر الجديدة بينما سجله في الزقازيق محافظة الشرقية على الرغم من ادعاء مكتبه بأنه انتقل بعد أن أصبح رئيساً للجمهورية، وحسبما نقل عن متابعين وعن وسائل الإعلام العديدة بمجرد بدء الاستفتاء حتى ظهر القضاة المزيفين وسجل أكثر من (1400) محضر ضدهم، فضلاً عن الاشتباكات بين المصوتين وبين قاضي مشرف على لجنة انتخابية رفض عملية الكشف عن الهويات بالقاهرة، إضافة إلى العديد من حالات عدم الاستجابة لإظهار الهويات الخاصة بالقضاة وامتناع العديد منهم لا بل رفضهم عندما طالب البعض من المقترعين إظهار هوايتهم للتأكد من أنهم فعلا قضاة وليسوا مزيفين، ولم تكتف قضايا التزييف على القضاة أو الأشخاص الذين ينتحلون صفات القضاة وهم ليسوا بالقضاة بل ظهرت العديد من الانتهاكات التي تخللت عمليات الاقتراع مثل وجود استمارات تصويت غير مختومة بأختام اللجنة الانتخابية وهناك الآلاف من الشكاوى قدمت إلى منظمات حقوقية ومنع ممثلي المنظمات المدنية من المشاركة إضافة إلى أن أعضاء من حزب الأخوان المسلمين حزب الحرية والعدالة الموجودين داخل اللجان كانوا يوجهون المصوتين حول التصويت بنعم وهو أمر ينافي القوانين والالتزام بالتوجهات التي تدعو إلى عدم التدخل فسي الانتخابات أو إصدار التوجيهات إلى المقترعين والتأثير عليهم ليصوتوا لجهة معينة، ولقد طالبت المنظمات الحقوقية المصرية بإعادة الاستفتاء كما طالبت أكثرية قوى المعارضة المصرية إلى إعادة الاستفتاء بعد ما قدمت ( 4 ) شكاوى حول غياب الحبر الفسفوري في البعض من اللجان وعدم وجود إشراف قضائي والتصويت بدلاً عن النساء وجرت مطالبات واسعة بإجراء تحقيق نزيه في الأربعة آلاف شكوى ونحو ألف وخمسمائة محضر رسمي سجل في مراكز الشرطة حول الانتهاكات والتجاوزات وغيرها والتي تخالف القوانين وتعتبر ممنوعة ومرفوضة أثناء عمليات الاقتراع والاستفتاء. إن الذي يريد أن لا تعود مصر إلى الهيمنة والدكتاتورية ويعمل من اجل الشعب المصري وبخاصة طبقاته وفئاته الكادحة والفقيرة عليه أن يتوجه منذ البداية للبناء والتخلص من آثار الماضي وخلق أسس صحيحة للحريات العامة وللديمقراطية وتبادل السلطة سلمياً، أن يلتفت لبناء الدولة المدنية التي يسن فيها دستور وطني يحقق المواطنة لجميع مكونات الشعب المصري لا دستور يستطيع بواسطته فرض أهدافه وسياسته بما فيها قيام سلطة تعاقب بالنار والحديد معارضيها وتفتح أبواب السجون والمعتقلات لكي تؤوي فيها من يعترض عليها وعلى سياستها، ولا بد من تقديم نصيحة لمحمد مرسي والأخوان وحزبهم " لعلهم يعقلون " أن أمامكم تجربة تاريخية طويلة ودروس غنية بان الذي انتهج سياسة لإرهاب المواطنين كان حتفه في مزبلة التاريخ وهذا الأمر سينجر عليكم لأن الذي جرى هذه الأيام لا بد أن يجعلكم تفكرون ملايين المرات بأن مصير سياسة الاستحواذ والاستئثار وفرض العنف والقوة لن تجدي نفعاً مع شعب اسقط آخر فراعنة مصر الدكتاتوريين وحزبه وعصابته المعروفة وبالتأكيد سوف يواصل مشواره وتقدمه من اجل دستور عادل ودولة مدنية دستورية ديمقراطية لكي يمنع من يسعى لإعادة المسيرة للخلف وكأنها نحو الأمام. ـــــــــــــــــــــــــــــــــ * ركاب الفرس
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وعلمتُ الصبر من نفسي
-
تهانينا فالعراق في المرتبة الثالثة في قائمة الدول الأكثر فسا
...
-
بعد الدستور حرية الإعلام المصري في دائرة السواد
-
تداعيات الفتنة الطائفية في العراق
-
الصراع حول الدستور والدولة المدنية في مصر
-
مشروع لقتل الأطفال في الحرب
-
مهزلة افتعال الأزمات لإنقاذ تردي أداء الحكومة
-
متى يُسن قانون الأحزاب الجديد؟
-
ما المشكلة من تحديد فترات الرئاسات الثلاث؟
-
العداء للقمة عيش الفقراء وأصحاب الدخل المحدود
-
كاتم الصوت الملعون
-
السعي لتوحيد النضال بين الحركات الاجتماعية والقوى التقدمية
-
مخاطر السلاح والتسليح في المنطقة؟
-
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وآيات شيطانية والفيلم المسيء
-
طلسم ورقة الإصلاحات السياسية موجودة وغائبة
-
نزيف الدم في يوم 9/9 امتداداً لمسرحية عرس الدم
-
قوة ترتدي الزي العسكري بالضد من منظمات المجتمع المدني
-
تداعيات اجتماع دول عدم الانحياز في طهران
-
هل مصالح الأحزاب والكتل السياسية فوق مصلحة الشعب أم العكس؟
-
عقدة العداء لحقوق النساء في الفكر الطائفي الرجعي
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|