أحمد الناجي
الحوار المتمدن-العدد: 1140 - 2005 / 3 / 17 - 12:08
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لا أظن إنساناً سوياً يقبل بارتكاب جريمة تقارب أنسنته بسلوكية الوحوش لان كل الشرائع السماوية والقيم الإنسانية المتحضرة تأنف من هذه الأعمال البربرية، وتضعها في عداد الجرائم ضد الإنسانية، تلك الفعلة الدنيئة التي قام بها المجرم الأردني رائد منصور احمد البنا في مدينة الحلة يوم 28 شباط الماضي، حين جاءها متربصاً، يحمل إرثه الرعوي المتهالك، مفجراً نفسه المليئة بالأحقاد ليقتنص روح الطمأنينة في قلب المدينة، ويزهق أرواح (140) شهيداً، ويسقط أكثر من (150) جريحا من أبنائها الأبرياء، لا ذنب لهم سوى عراقيتهم.
إن الاحتفاء بهذا المجرم القاتل من خلال تلقي التهاني كما زعم والده، وإقامة المأتم له، يمثل أنموذجاً صارخاً لامتهان كرامة الإنسانية جمعاء، واستفزازاً وقحاً لمشاعر عوائل الضحايا، واقترافاً لجريمة ثانية مع سبق الإصرار بحق الحلّيين، نكأًت جروحهم التي لم تجف دماءها بعد، وهي بنفس الوقت لا تخرج عن إطار كونها أداة تحريضية سافرة مستغلة الحدث لإشاعة أعراف الكهوف المظلمة، والدفع الى مزيد من التقتيل للعراقيين.
لقد طفح للملأ عبر الفضائيات ما كان مستبطناً في جوف وأغوار والد هذا المجرم من حقد اسود بغية تزين الفعل الإرهابي الدنيء، ومنه يتبين لنا على نحو لا يقبل الشك قناعته بنتائج ومسوغات جريمة ولده النكراء، وربما كان على دراية بتفاصيلها، ذلك ما يجعله مشاركاً فيها، متحملاً جريرتها، وكل ما يترتب عليها من مسائلة وتبعات قانونية، كجزء من المنظومة التحريضية التي دفعت هذا المتوحش على ارتكاب مجزرة بشرية.
أما كان الأجدر بصاحب الفكر المتصحر أن يقارع القوات الأجنبية حيث يعيش، ويكون أميناً لشعار الأردن أولاً، بدلا من قطع مسافات طويلة لقتل العراقيين، أم أن اتفاقية وادي عربة قد بُرقِعَتْ بجبة مفتيه اللعين، ولم يعد يراها، وغيبت بصيرته عن سارية وسط عمان تحمل نجمة داود.
إن جميع شهداء الحلة عراقيون، شباباً وأطفالاً ونساءاً وشيوخاً، تواجدوا في ذلك المكان ابتغاء لقمة عيش شريفة، لم يكن بينهم أجانب قط، على عكس ما جاءت به بعض منابر التدليس الإعلامية، وإن الدم العراقي الذي سفك غدراً في الحلة ليس رخيصاً وله حرمته، وعلى الأردن ملكاً وحكومة وبرلماناً وشعباً أن يتحمل مسؤوليته التاريخية لاعتبارات تفرضها الإنسانية والإسلام والعروبة والجوار، لكون المجرم الأثيم والمحرض أردنيين، استغلا الظرف الاستثنائي في العراق، ليقترفا جريمة يندى لها جبين الإنسانية.
استنكار الحكومة الأردنية الذي جاء على لسان ناطق حكومي لا ينطوي أكثر من ذر الرماد في العيون، ولنا أن نذكر الملك الأردني الشاب سليل الدوحة الهاشمية، بوجوب الإقتداء بأبيه المغفور له الملك حسين حينما ذهب مقدماً الاعتذار الى إسرائيل بعد ما قتل أحد الأردنيين اسرائلياً على أحد المعابر.
وعلى الحكومة العراقية أن تخرج من صمتها، وتتخذ موقفاً رسمياً يرتقي الى حجم المأساة، تطالب فيه قضائياً بتعويض عوائل الضحايا على غرار ما أتفق عليه دولياً في حادثة لوكربي لان الفاعل معروف، ومنظومة التحريض معروفة بأطرافها المتعددة، وما زالت تتلمض دماء العراقيين.
#أحمد_الناجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟