أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - المذهبيون السياسيون والاستبداد














المزيد.....

المذهبيون السياسيون والاستبداد


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3944 - 2012 / 12 / 17 - 08:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تشكلت المذاهبُ المفككةُ للمسلمين عبر ثقافة الاستبداد المتصاعدة منذ القرن الثاني الهجري، ففي ثقافة التوحيدِ التي جمعت الخاصة والعامة معاً، التجار والعاملين، لم تكن أدوات الدولة تتوجه إلى الاستغلال والعسف ضد جماعة، لكن هذه الوحدة تفككت، وغدت أسرُ الأشراف تسيطرُ على الثروات وأدوات السلطة.
والفقهُ التوحيدي الذي عبرَ عن زمنية غير زمنه، تلاشى وظهر رجالُ الدين التابعين للدول، الذين غيّبوا عناصرَ التوحد والنضال المشترك وجنين الدولة الديمقراطية.
من هنا أُخذت آراء الاجتهاد والتفسير على أساس أنها معبرة عن جماعة كلية، غابت فيها ثنائية التجار والعاملين المتحدة حكماً المختلفة معاشاً، وظهرت دولةُ الخلافة التي غيّبت التنوعَ الاجتماعي، والتنوع القومي الغائر.
دولةُ الخلافةِ بدت أنها معبرةٌ عن مذهبٍ كلي راح يلغي التنوعَ الاجتماعي ويجرد المواطنين من خصائصهم الملموسةِ الحقيقية في كلمة (الرعية)، والتحالف الذي قدم الملكية العامة دعماً للعاملين والمواطنين، أُستبدلَ بدولةِ الخلافة وبالفئات المستفيدة منها، المُقرّبة من الخلفاء، الساكتة عن أخطائها المعلية لوجودها ورموزها، سواءً كان ذلك فقهاً أم شعراً.
ولهذا، فإن طبقات العاملين سواءً كانوا تجاراً صغاراً أم عاملين أم عبيداً أم نساء، غُيبتْ من المواطنة ومن المعاش المستقر وتدهورت ظروفها.
ويستتبع مذهبُ الدولةِ المركزي المتصاعد عبر تنحية الخصائص الايجابية للإسلام التوحيدي وتصاعد سمات العزل والإفقار وشكلنة العبادات، استثمارُ قوى أخرى ذلك في تعميق التفكيكِ بين المسلمين، في مهماتِ الاحتجاج الحقيقية والزائفة ولتصعيد الزعامات القبلية والمناطقية والقومية المتوارية والدينية المختلفة.
حين يتجابه مذهبُ السنة ومذهب العلوية في الشام، يتكونُ ذلك بسبب المركزية الطويلة للعاصمة وسيطرة الأشراف وتنحية عوامل التوحد والمشاركة في المال العام والتعاون المشترك، وتغدو عناصر من التطورات في مصر كقيامِ الدولةِ الفاطمية وزوالها، مغذيةً لصعودِ المذهب العلوي في الشام، وتضادهِ مع مذهب السنة.
يحدث التصاعد الصراعي الممزق بسبب تدهور مكانة العاصمة وظهور الانقسامات السياسية الجغرافية والتحول للولايات، وتغدو المناطق الجبلية مناطق صالحة للاستقلال وتعميق الصراع المذهبي.
كذلك هناك عناصر عقلية ثقافية بين ثقافة النصوص المجردة والجامدة التي لا تأخذ بالحسبان مصالح العامة الحقيقية، وثقافة نصوص الخوارق والأساطير التي تخلقُ هوةً بين المذاهب، أي بين الناس، وبين العامة المُستغَّلة هنا وهناك، وتجعل النضال المشترك مستحيلاً.
ولهذا حين يأتي عدو مستعمرٌ من دينٍ آخر لا تستطيع المذهبياتُ المُسيّسة أن توحدَ (الشعب) السوري. فلا بد له من ثقافةٍ توحيديةٍ مستوردة مأخوذةٍ من تطور الغرب الديمقراطي، أي من خارج التطور الديمقراطي الذي توقف عند المسلمين.
لكن هذه القشرةَ الحداثيةَ المستورّدة تُركبُ على بناءٍ عتيق متخلف، فالقشرةُ المجلوبةُ من الغرب تعكس تطوراً ديمقراطياً علمانياً نحى التسيسَ الديني المحافظ مفتقدةً في المشرق وسوريا هنا، وهذه القشرةُ تتآكلُ حين تقوم الدولة (الوطنية) بتصعيد مذهب دون آخر، أو حين تقرب جماعة دينية دون أخرى، أي تظهر بأنها دولةٌ مذهبية وليست دولة وطنية.
العاملون والتجار بين الجماعتين المذهبيتين السنية والعلوية يتصارعون هم كذلك، ولم ينتجوا أفكارهم المعبرة عن تكونهم الاجتماعي السياسي التحديثي المشترك، في حين تقوم الفئات الوسطى الصغيرة، وأهم فئة فيها هي الضباط الكبار، باستغلال الثروة والصعود المالي الاقتصادي الكبير، لكنها تخربُ البناءَ الوطني وتجعل الطائفتين تَدخلان في حربٍ أهلية ضارية من دون أن تكونا سبباً للحرب والنزاع.
تاريخ الفقهاء والمثقفين في الطائفتين لم يعمل على قراءة هذا المسلسل الخطير، الأولون عبر ذلك الفقه المجرد والمجزأ والتابع، والآخرون عبر استيرادِ الايديولوجيات الخارجية وإحلالها القسري في الأجهزةِ الحزبية والعامة.
الأخطر هو أن يتصادم الأهالي العائشون في تكويناتهم الاجتماعية السياسية المنفصلة، من دون بيئةٍ سياسية مستقلة تجعل المذهبيات التقليدية في مدارات جديدة، مخصصةً للإصلاح الطويل، وأن تتكون سياسةً وطنية ترعى تنوع مصالح الطبقات المختلفة والمناطق والطوائف، مركزةً على برامج العيش الاقتصادي المشترك ومساعدة المتضررين المنكوبين من تاريخ العنف والجهل والاستغلال الفظ.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكرُ الغربي في حقبتهِ الحديثة
- حقبتانِ من الدين
- سلبياتُ التحديثيين والدينيين
- دعْ الإنسانَ حراً
- المنضمون إلى التقليديين
- الطائفيون والهياكلُ السياسية
- مرحلةٌ جديدةُ للريفيين
- الأساسُ الفكري للانشقاق
- الوحدة الأوروبية نموذجا للخليج
- لعبةُ الكراسي الاجتماعية
- الطليعيون والتحول إلى الطائفية
- ثقافة النهضة والتوحيد
- الأمم الكبرى الشرقية والديمقراطية
- ما هوية الأمة؟
- روسيا الاتحادية وتحولاتها السياسية (2-2)
- روسيا الاتحادية وتحولاتُها السياسية (1-2)
- تذبذبُ الإخوان
- مراعاةُ قوانين التطور التاريخية
- وجها النظام التقليدي
- قلقُ الأردن الجغرافي السياسي (2-2)


المزيد.....




- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - المذهبيون السياسيون والاستبداد