العقلانية التراثية مقابل العقلانية الحداثية

ليث العربي

الحوار المتمدن-العدد: 3942 - 2012 / 12 / 15 - 21:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

تتميز العقلانية بأنها الحجر الاساس لسمات الحداثة التي لا يمكن اجتنابها , والتي لا يمكن التخلي عنها في عصرنا الحالي , كما لا يخفى ان للعقلانية الاسطورية التراثية قيمة , حيث كانت هي المثل الاعلى في زمانها , ولا يمكن بخس حقها في زمانها , اما الان تكاد ان تكون عقلانية خرافية ولا تعط جداوها..تتلخص الفروق في العقلانية التراثية والحداثية (كإنسان تقليدي وكإنسان حداثي) بما يلي :

1-ان العقل التراثي هو عقل مخزني , يستخدم العقل كسبب (reason) للوصول الى الاثبات , اي انه عقل تعبدي بالمعنى الأساس وليس عقلاً استدلالياً

مثلاً/ حينما تسأل فلان من الناس لماذا (س) = (ص) ؟ , فسينبري لك قائلاً لأن (ع)قال ذلك !! , وقد يكون( ع )صاحب منبر او خطيب او قائد , او يكون قرأها في كتاب وعد ذلك حقاً , دون معرفة الدليل على صحة ذلك.

بقدر ماتشمئز من هذا الاسلوب التراثي , اعلم انك حداثياً بنفس درجة الاشمئزاز تلك , هنا اذاً لا بد لنا من بيان ان العقلانية الحداثية هي برهانية استدلالية , وان صاحبها لا يمتلك عقلاً مخزنياً ثابتاً بل هو باحث عن حقيقة , ولا يدع انه يمتلك الحقيقة اطلاقاً , فمثلاً لو سألت احدهم لماذا (ا) نفسه (ب) ؟ , هنا لا بد له , ان كان حداثياً ان يبرهن صحة هذا:
1- ا يساوي ط
2- ط يساوي ب
اذاً ا نفسه ب

واذا لم يقتنع المقابل عليك التفصيل اكثر , مثلا ي=و , و=ط , ط= ا , وكما نعلم ان ط = ب , و ط=ا , اذا ا=ب .

2-ان العقل التراثي هو ارسطي , بمعنى انه غالباً ما يتبنى مقولة ان الحق مايطابق الواقع , فهو يبتني على ان تكون الحقيقة بسيطة وسهلة , في مقابل العقل الحداثي الذي يقر ان الحقيقة لا يمكن امتلاكها كاملة , بل يمتلك مايظهر له منها , وتشترك الحقيقة وحواس ورغبات الانسان في الظاهر منها وتكون متدرجة حسبما ينكشف منها.
اذاً
العقل التراثي يدع امتلاك الحقيقة كاملة وانها ذات طريق واحد , مقابل عدم امتلاك الا جزء منها في العقلانية الحداثية , وان للحقيقة طرقاً مختلفة.

3-العقلانية التراثية هي ميتافيزيقية شمولية , ولتوضيح هذه النقطة
سابقاً حينما تسأل ارسطو او ابن سينا او توماس الاكويني , فأنه يجيبك على كل شيء , مدعياً ان منهجه وعلمه يتسع كل شيء (علوم الاولين والاخرين!)
ونعط على ذلك مثالاً / لو ذهبت لطبيب , وكتب لك وصفةً لعلاج مرضك , لكنه اشترط حتى يوم الدواء فعالاً يجب ان تعتقد انه متخرج من الجامعة الفلانية !
كما ان ذلك لا يكفي احياناً , حتى يقول يجب ان تعتقد ايضاً حتى تشفى , ان الطبيب الفلاني المشهور هو احد طلبتي الذين تخرجوا على يدي ! , والا لن تنفع الوصفة!

حتى يتزايد عدم اطمئنانك منه.

والان اذا سألت احدهم , عن الزمان , واجابك , عفواً هذا ليس اختصاصي , بل انا مختص بكذا وكذا
سوف تطمئن له

ونكمل في حلقة اخرى ..

#ليث_العربي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات