أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين السلطاني - علي حرب :- التفكيك والتشكيك في ( لعبة المعنى )














المزيد.....

علي حرب :- التفكيك والتشكيك في ( لعبة المعنى )


حسين السلطاني

الحوار المتمدن-العدد: 3942 - 2012 / 12 / 15 - 19:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




يعد المفكر علي حرب واحدا من المفكرين الذين يسعون لموضعة الفكر العربي تموضعا جديدا، اذ ما انفك يحاول مساءلة الثابت والقار والمقدس في متون الثقافة العربية، وممارسة ذلك الضرب من الزحزحة لجدار المفاهيم السائدة، واقامة حقل جديد من التصورات لوضع هذا الفكر في مناخ مختلف وقادر على الاسهام في انتاج فكر بوسعه التعاطي مع مشكلات فكرية بعينها، وكان ذلك جليا منذ صدور كتابه "التأويل والحقيقة ــ 1985" مرورا بكتبه الاخرى "مداخلات ــ 1985" "الحب والفناء ــ 1990" وليس انتهاء بكتابه "لعبة المعنى ــ فصول في نقد الانسان" والذي نحن بصدده الان.
ففي كتابه هذا يقدم مقالات متفرقة يعبر عنها بالقول انها (آراء واقوال) او هي (حدوس والتماعات) او هي (اذواق ومواجيد) وهذا يعني انه يسعى لرصد تحولاته الفكرية بالاستفاد الى تجربته الصاخبة والمريرة "كذا" التي صنعها وتشكل في اتونها، وها هنا تتلاشى الحدود بين الذات والموضوع، فالذات تنفرد بقوة التحولات.. التحولات التي اصابت جوهر الموضوع من خلال اعادة النظر في البديهيات والمسلمات ونقد المصطلحات والمفهومات، وبذلك يتأول معنى الوجود تأولا جديدا، ويعقل ما لم يكن ممكنا عقله، أي انه يعيد تعريف الاشياء ويتعرف في الوقت نفسه الى ذاته من جديد كما عبر عن ذلك في كتابه (لعبة المعنى).
ان علي حرب يعتقد ــ كما يعتقد غيره من المفكرين ــ بان الفكر العربي الراهن يمر بمأزق حاد، وهذا المأزق هو ما دعاه الى اعادة التعريف بالاشياء الامر الذي يتطلب معرفة الانسان، وبالتالي نقد هذا الانسان كونه مركز الاشياء، أي نقد المنزع التشبيهي، والميل الانسانسي، والنرجسية الانسانية، وبالتالي كل ما يمارسه الانسان ويصنعه، لغته، رموزه، مصطلحاته، مفهوماته، تصوراته ومعتقداته، طقوسه وخرافاته، اهواءه ولعبه، قواه وستراتيجياته، فجميع هذه المجالات ينصب عليها عمل النقد والتحليل.
لا يخفي علي حرب في كتابه هذا انشغاله بالرؤية الصوفية للعالم، ويعتقد ان هذه الرؤية تمثل مرجعا لقراءة الواقع في ضوئه، دون ان يخفي نزعة ملحة لأعادة الموقف الصوفي وتجديده على ضوء منجزات الثورة المعرفية، وهنا تريد هذه المداخلة ان تسجل تقاطعا مع هذا المنطلق، بوصف الرؤية الصوفية تمثل منظارا ذاتيا يستند الى كمية غير قليلة من الشعرية والتأمل والحدس، والرؤية من هذه الزاوية تقدم اضاءات جماعية اكثر منها تصورات معرفية قادرة على زحزحة المشكلات بادوات الوجد الصوفي.
يتخذ المؤلف من آليتي التشكيك والتفكيك مجالا لمجابهة المشكلات التي تصدى لها، فهو يعتقد ان الشك هو بداية العلم، ومن لا يشك لا يتيقن، بل يرى ان الشك هو منتهى العلم، منوها الى التجربة السقراطية في هذا المجال، معترفا بعجز الفكر لبلوغ الحقيقة واكتناه اسرار الاشياء، ومعرفة اصولها، وكأن الشيء يغيب بقدر ما يحضر والموجود يتناسى بقدر ما يعرف، وهذا الموقف اراد اضفاء طابع النسبية على كل الحقائق مهما كانت، وهكذا تقف جميع مواقفه بالضد من القطع والبت، بيد ان هذا الميل لعدم التمركز حول مجال الحقيقة مهما كان محدودا ونسبيا افرغ تحليلات هذا الكتاب من ذلك الضرب الذي ندعوه بتفاؤل المعرفة، بما تسبب بسيادة نزعة تشاؤمية تتخفى خلف الاعتراض والتشكيك، وهذا يعكس حجم الايمان المفرط بطغيان النزعة الذاتية في رصد ما هو موضوعي مرتبط بالذات.
يبدي علي حرب في كتابه هذا دفاعا باسلا عن نسبية الحقيقة وكذلك المعنى ويرى ان للحقيقة أي حقيقة ــ وجهها الاخر، وان للمعنى اختلافاته وتنازعه، وان للاقوال تنازعاتها وفجواتها، وهو بذلك يمارس ما يشبه التعطيل لتوصلات المعرفة، تلك التوصلات التي تتعالى على الركون لأي معتقد جازم، دون ان تنسى حيازتها لحقيقة من نوع آخر هي حقيقة التوصل المعرفي، وهذا ما جعل من كتابه هذا عرضة لتأثيرات الشك والتشاؤم بوصفهما واحدة من آليات الكشف عنده، صحيح ان النموذج العقائدي ــ كما يذهب هو ــ يعمل على عسكرة الفكر، متخذا من العقائد والمذاهب والنصوص متاريس لشن الحرب على الآخر ــ المختلف ــ، من هنا يبدو اندفاعه مبررا لأعادة تشكيل الحقيقة ثم المعنى، وبالتالي فان منهجه يتسم بمناهضة الفكر المنغلق وامبريالية المعنى، فالمؤلف هنا يناهض الاستبداد السياسي، والطغيان الجمعي، والانضباط الفاشي والنرجسية العقائدية.
ان التفكيك الذي يعمد المؤلف لمواصلته يستمد مشروعيته من انهيار القيم، وضياع المعنى، وخراب الروح، انه يريد ان يقدم قراءة من المأزق الانساني، وكشف البراقع عن ممارسة الزيف والخداع والتستر على اغتيال القيم وانتهاك الحقوق وتخريب المعنى من خلال منازعات استبدادية ومشاريع كليانية وستراتيجيات سلطوية، فالتفكيك الذي يدافع عنه علي حرب هو تفكيك من اجل ايجاد منظار قادر على التمييز بين الخير والشر، والمشروع واللامشروع، والسوي والشاذ، فهو قراءة جديدة للاشياء، يحاول من خلالها ادراك الواقع وفهم الظاهرة من اجل فكر اشد اصابة، ورؤية اكثر رحابة، ومعنى اكثر اتساع، وهوية اقل تعقيد واكثر اختلاف، انها قراءة تلتفت الى ما يستبعده الخطاب وينفيه النص ويحجبه القول، انها قراءة تذهب صوب ما يسميه محمد اركون (المسكوت عنه، او المستحيل التفكير فيه)، انها قراءة في الممكن والضد واللامعقول واللامتوقع وحتى الممتنع، عندها سينظر الى المعاني بوصفها تشكيلات خطابية مختلفة، وللعقائد بوصفها اشكالا للحقيقة متقابلة، والى الثقافات بوصفها انماطا لوجود، وبذلك يكون التفكيك نأيا بالمعنى عن الموت ليصير قراءة في مأزقه ومحنته.

*علي حرب، لعبة المعنى ــ فصول في نقد الانسان/ المركز الثقافي العربي/بيروت



#حسين_السلطاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنتباهات
- على ناقة الى بغداد
- الصديقان المحو والاثبات
- مهرجان بابل .. صدمة المثقف أم أسلمة الفنون
- تأويل ما سأرى
- قصيدة النثر .. التحامل عليها ، لماذا ؟
- نحو قراءة وسطية لظاهرة الحجاب
- كاف ياوثري ج3
- كاف ياوثري.. نص البديعة .. ج2
- كاف.. يا وثري ... نص البديعة
- أمشي مع النفري
- كلمات ساتركها على الارض
- جدل
- حمل في مرايا الذئاب
- وصية ماركيز الأخيرة
- كلمات سأتركها على الارض
- إبعدوا الصخرة عن سيزيف
- ياقوت الحيلة
- أمرأة الدهليز


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين ...
- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين السلطاني - علي حرب :- التفكيك والتشكيك في ( لعبة المعنى )