|
موت القديس -عبد السلام ياسين- وبداية نهاية جماعة العدل و الإحسان بالمغرب
علي لهروشي
كاتب
(Ali Lahrouchi)
الحوار المتمدن-العدد: 3941 - 2012 / 12 / 14 - 00:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كما يعرف العام و الخاص من دارسي التاريخ الإسلامي ، فإن وفاة الرسول- محمد - قد تلاه صراع على الخلافة حتى قبل أن يدفن في قبره ، وقد نتج ذلك الصراع عن عقد لقاء عاجل ، ومستعجل لحسم أمر الخلافة بين المقربين و المحيطين بالرسول بما سمي أنذاك بعقد لقاء السقيفة ، وليس بمؤتمر السقيفة لأن المؤتمر يتطلب مالا و وقتا ، وما يلزم ذلك من تحضير لكل المشاريع المستقبلية لأي توجه فكري ، سياسي ، ديني ، أو عقائدي يجمع الناس حوله ، وهو اللقاء الإستعجالي الذي عرف صراعا أدى إلى التهديد بالسيوف ، وإشهارها في وجه كل من له رأيا مخالفا عن رأي و رغبة ، وإرادة محيط الرسول المتوفي ، الذي هو ضرورة تنصيب - أبو بكر الصديق - ليواصل مسيرة الرسول في نشر الإسلام ، و التحكم في شؤون المسلمين بتربعه عن كرسي الخلافة ، بدون إستشارة باقي المسلمين في ذلك ، و بهذا غاب منطق الشورة ، المشار إليه في الإسلام ، و الذي يقارنه بعض المسلمون حاليا بالديمقراطية ، و الحرية في إلإدلاء بالرأي عبر التشاور ، حيث أن المؤيدين لأمر تولي - أبي بكر الصديق – تلك الخلافة برروا رايهم و رغبتهم تلك عملا بالتعيين الغير مباشر الذي تفوه به الرسول – محمد - قبل أن يلفض أنفاسه الأخيرة ، حيث أنه لما شعر بالدوخة و العياء ، من جراء شدة مرضه أمر بذلك - أبي بكر - قائلا : " صلي بالناس يأبو بكر " ثم غادر المسجد متجها لمقر سكناه ، حيث وافته المنية بعد ذلك . وقد حاول من كان يحيط به التستر على موته ، وتأخير إعلانه ، حتى يستتب الأمن ، و الإستقرار في صفوف المسلمين ، خاصة أن الكثير من أتباع الإسلام عن جهل ، قد لا يعتقدون أن الرسول سيموت بتلك الطريقة لكونه رسولا ، أي شخصا متميزا ومميزا من قبل الله ، حسب إعتقادهم ، وليس بذلك كالإنسان العادي ، وقد كان على رأس المتسترين عن وفاة الرسول كل من زوجته - عائشة - محبوبته ، و كاتمة أسراره ، و أبوها - ابو بكر- ، وأخرون من المقربين إليه ، حتى يتمكنوا من نزع كرسي الخلافة ، و الإستلاء عليه لصالح - أبي بكر الصديق - لكونه والد - عائشة - زوجة الرسول من جهة ، ولكونه صهر ، و صاحب الرسول إلى درجة الأخوة من جهة ثانية ، لما يمثله - أبو بكر- من تأثير قبلي ومالي على الأتباع و الأنصار من المسلمين ، و لأن الرسول لم يكن لذيه ولد ذكر كي يرث الخلافة ، و يتولى منصب تسيير شأن المسلمين أينما وجدوا ، كما أن المقربين من الرسول يعلمون علم اليقين كون الإسلام و المسلمين قد يتصارعون في حرب قاتلة إذا تم تعين مثلا - عائشة - في مكان زوجها الهالك لتتولى الخلافة ، كما أنهم كانوا يرغبون في جعل مسؤولية الخلافة تدور فيما بين العائلة المحمدية فقط ، دون أن تفلت من بين أياديهم بأي ثمن ، من هنا كان عليهم من الضروري تنصيب – أبوبكر الصديق - كي يكون خليفة على المسلمين في الواجهة ، فيما أن بنته - عائشة - ستبقى في الظل ، تسير ، وتتحكم ، وتحكم من وراء الستار، ومن هنا لن يتم إستفزاز المسلمين بأمر تولي إمرأة شأن الخلافة في تسيير شؤونهم ، خاصة وأن المرأة تحظى بالدونية لذا المسلمين ، ونعتها بالإنسان الغير كامل ، كما يؤمن المسلمون بذلك ، فهي لا ترث مثل حظ الذكر ، كما أنها لا تتمم صيام شهر رمضان كاملا ، لما يسببه لها دام الحيض أو النفاس ، كما أنها لا يمكنها أن تؤدي بالشهادة ، و الإشهاد أمام القضاء لوحدها كفرد ، إلا إذا تم إحضار أنثيين أي إمرأتين لأكمال ، واستكمال ، و قبول ، و تقبل الإدلاء بشهادتها ، و إشهادها في أية قضية ، ومن هنا ينظر الإسلام إلى المرأة كونها ناقصة عقلا و دينا ، و من هذا المنطلق تم إختيار - أبو بكر الصديق - صهر الرسول لتولي الخلافة مباشرة ، للإحتفاظ بالخلافة بالبيت المحمدي ، رغم أنه في الواقع لم يكن سوى خليفة الواجهة ، فيما أن بنته - عائشة - هي في واقع الأمر خليفة الظل ، فقد لا تظهر على الواجهة كما يظهر الزعماء من الخلفاء ، و لكنها المسيرة الشرسة لشؤون المسلمين من داخل المطبخ المحمدي ، لأن ذلك يدخل في إطار ممارسة حقها في إرثها للمال و الجاه و السلطة ، ولما لا وكل شيء يعود إلى ملكية زوجها الهالك ، وأبوها العجوز؟ ولكن ما علاقة ذلك بوفاة الشيخ القديس عبد السلام ياسين ؟ من بين الأخطاء القاتلة لبعض المسلمين المتحكمين في تسيير شوون أتباعهم ، منذ بروز الإسلام كعقيدية إيديولوجية إلى يومنا هذا ، أن القلة القليلة التي لا تتجاوز غالبا أفراد عائلة ، أو قبلة ، من المقربين للحاكم ، و المتحكم في الشأن الإسلامي ، و التصور الديني و العقائدي لأتباعه ، أن الأسرار تبقى حبيسة جدران بيت القديس ، أو الزعيم ، أو القائد ، أو المرشد ، أو الخليفة ، فالتسمية هنا لا تهم مادامت توجهات و ممارسة الزعيم غالبا ما تكون إنفرادية ، ميزاجية تتحكم فيها الأوامر ، و القرارات الفوقية التي لا علاقة لها بالقواعد من الأنصار و الأتباع ، وصولا حتى وقاحة التستر لبضعة أيام على وفاة القديس ، و الهدف من ذلك يكون دائما هو رغبة محيط المقربين من الزعيم القديس نسج سيناريهات ومؤامرات ، و حبك خطط و مخططات للإستلاء على كرسي الزعيم القديس من قبل أقرب المقربين إليه عبر طريقة الإرث إن كان للزعيم القديس ذكر يرث كرسيه مباشرة ، بدون نقاش ولا جدال في الأمر ، وفي حالة عدم وجود هذا الوريث الذكر ، فإن المحيطين و المقربين بالقديس خاصة إذا تعلق الأمر بالشأن الإسلامي المذل ، و المبعد للإنثى ، و استثنائها من هذا الإرث ، كما حدث مع عائشة ، وهو نفس الأمر الذي تكرر في وفاة القديس عبد السلام ياسين مرشد ، و قديس جماعة العدل و الإحسان ، فقبل اعلان تلك الجماعة عن وفاته الطبيعي الذي لا يحتاج في واقع الأمر إلى ذلك التكتم ، بالرغم من تلك الوفاة الطبيعية فقد كان هناك تكتم كبير حول وفاته ، ، كما كانت الدائرة السياسية للجماعة مطبقة لصمت المقابر فيما وصلت إليه الحالة الصحية للقديس " ياسين " حتى يتمكن المقربون و المحيطون به من التحكم في الصراع حول خلافته بين كل من مجلس الارشاد والدائرة السياسية ، و الحسم في من سيتولى مقعده كخليفة له ، وقد صمم المقربون من القديس على إبقاء الخلافة بالبيت الياسيني ، ولكن ليس عبر مبايعتهم لبنته المعروفة ب - نادية ياسين - ، لكون الهالك لم يخلف ذكرا ، من هذا الباب فقد يحدث إتفاق من قبل المقربين للقديس على جعل الجماعة تبايع المدعو - عبد الله الشباني – زوج بنت القديس - نادية ياسين - وجعله خليفة في الواجهة ، فيما أن بنت القديس هي الخليفة الحقيقية في الظل ، وبهذا يتكرر سيناريو لقاء السقيفة و إن إختلف الزمان و المكان بين تلك المرحلتين التاريخيتين ، ومهما إختلف الزمان و المكان في الواقعتين ، فإن المسلمين من الأتباع سواءا في عهد - أبي بكر الصديق - وبنته - عائشة - ، أو في عهد - عبد الله الشوباني - و - نادية ياسين – لم يتغيروا في شيء لأنهم دائما أتباعا أوفياء للقديس ، ولعائلته ، ولقبيلته في كل الحالات ، مهما إدعى أتباع جماعة العدل و الإحسان أن عدم الاتفاق حول الشخصية الكاريزماتية مثل " عبد الله الشباني" سيؤدي الى انشقاق حتمي داخل الجماعة ، لأن الهدف في عيون المقربين للقديس في الواقع ليس هو مستقبل هذه الجماعة ، ومصلحة اتباعها من أبناء الشعب المغربي المقهور ، وإنما الغرض من ذلك هو إبقاء الخلافة بالبيت الساسيني ، في إنتظار أن يأتي الذكر من رحم بنت القديس ياسين كوريث ليحسم أمر تلك الجماعة لصالح العائلة الياسينية نهائيا. ومن خلال هذه الممارسات اللاديمقراطية المتنافية مع مبدأ الشورة ، فإن وفاة القديس - عبد السلام ياسين - الذي يحظى بإحترام لامثيل له مغربيا ، ودوليا ، ليس لتوجهه العقائدي و الديني ، وإنما لوقوفه بكلمة الحق في وجه الديكتاتور الملك المفترس السفاح ، هي في الحقيقة بداية لنهاية جماعة العدل و الإحسان لغياب الشورة بين أتباعها ، ويبقة السؤال الذي سيكشف عنه التاريخ القريب أو البعيد : ما هي اخر وصايا الشيخ حول من سيتولى الشأن في خلافته على تسيير الجماعة ؟ من هو الشخص الحقيقي الذي أوصى الشيخ أن يتولى خلافته في السر بعد موته ؟.
مواطن مغربي مع وقف التنفيذ أمستردام هولندا
#علي_لهروشي (هاشتاغ)
Ali_Lahrouchi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على هامش الدعوة لمساعدة بعض المنكوبين المغاربة : الحقيقة تؤل
...
-
عاجل من هولندا : بيان المعتقل السياسي الأمازيغي يفضح حكم الد
...
-
بيان المعتقل السياسي الأمازيغي يفضح حكم الديكتاتور محمد السا
...
-
مخابرات الديكتاتور محمد السادس تختطف اليساريين بالمغرب وتلفق
...
-
حقيقة الحكم الملكي الديكتاتوري الهمجي في المغرب
-
الديكتاتور بالمغرب يدمر عائلة أمين حمودا اللاجئ السياسي ببلج
...
-
الملتحون المتأسلمون بالمغرب يهرولون خلف الديكتاتور محمد السا
...
-
الديكتاتور محمد السادس يريد شراء صمت الغرب بأموال الشعب المغ
...
-
تفاصيل إختطاف مخابرات الديكتاتور محمد السادس بالمغرب للطالبة
...
-
من هو - حسن أوريد- الذي نُريد ؟
-
رسالة إلى الشعب المغربي الحر: لنجعل فاتح ماي يوم الثورة ضد ا
...
-
الديكتاتور محمد السادس المفترس يحتل ضيعة إسمها المغرب ويتاجر
...
-
النص الكامل لتقرير لجنة التحقيق في أحداث مدينة – تازة – بالم
...
-
رسالة إلى برلمان الاتحاد الأوروبي ولكل أحرا العالم لتوقيف ال
...
-
أقنان وعبيد الديكتاتور محمد السادس تحاصر بني بوعياش بمدينة ا
...
-
بلاغ هام جدا حول قرصنة عبيد وأقنان الديكتاتور محمد السادس لص
...
-
القوات القمعية للديكتاتور محمد السادس تُحاصر مدينة تازة المن
...
-
الديكتاتور محمد السادس يعين حكومة العبيد وأمريكا تضغط على جم
...
-
الضابط العسكري المغربي السابق اللاجئ السياسي باليونان يدخل ي
...
-
الدستور و الإنتخابات ومايسمى بعلماء المغرب وفتوى - من نكح أم
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|