|
قومةنواب الأمة!؟
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 3940 - 2012 / 12 / 13 - 20:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ـــــــــــ قومة نواب ــــــــــ تعتبر التعديلات التي تقدمت بها الأغلبية والمعارضة للجنة المالية بمجلس النواب، حول مشروع قانون المالية لسنة 2013، بالقياسية والأعلى في تاريخ مشاريع قوانين المالية، حيث بلغت في مجملها حوالي 250 تعديلا. ولاشك أنه سيتبادر إلى أذهان الكثير من المواطنين المغاربة الطيبين، وسيتخيلون أن تلك التعديلات تُقُدِمَ بها كلها لمصلحة الشعب، وأن غايتها الصرفة، هي التخفيف عن الطبقة الفقيرة منه، ومواساتها على ما تعيشه طبقاته المسحوقة من ضيق وكمد، وفقا للمصلحة العامة التي تتنوع ما بين التطوير وحل المشكلات، والارتقاء بمستوى نوعية حياة المواطنين، وتحسين الخدمات المخصصة لرفع الحيف والظلم عنهم، والمتمثلة في الثلاثي الخطير "الجهل والفقر والمرض"، والتي استشرى وباؤها في بلدنا "الجميل" بين الفئات المحدودة الدخل التي اتسعت دائرتها، ونزلت عتبة الفقر فيها إلى ما دون عشرة دراهم في اليوم الواحد للأسر المعدمة، والتي يستوجب انتشالها مما فرض عليها من ذل وهوان، الامتثال لسنة نبينا وقدوتنا المبينة في الحديث الشريف الذي يقول صلى الله عليه وسلم فيه: ما منا من بات شبعانا وجاره جائع" وقوله: "مثل المؤمنين في توادههم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد". كما سيحسب العديد من المواطنين غير مشوهي الوعي والإدراك والوجدان، واللامنتمين إلا للمغرب وأهله البسطاء الخيرين، أن غرض واضعي تلك التعديلات الكثيرة، هو اهتمامهم بما يجلب الثروات، ويحقق الرفاهية، ويقلل الشقاء، ويحارب آثار الفقر ويدمر أسبابه الاجتماعية والاقتصادية والسياسة والثقافية وحتى الدينية، لأنهم من الذين سمعوا الكلام ووعوا أخيره واتخذوه أحسنه قدوة لإصلاح أمور البلاد والعباد أثناء ممارسة لمهامهم الخطيرة، وأدائهم لوجباتهم نحو من انتخبوهم، والتي تتطلب الزهد والتقوى لتطبيق مقولة الامام علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه: "أأبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرّى؟ أأرضى أن يقال لي امير المؤمنين ولا اشاركهم مكاره الدهر؟ اليك اليك يا دنيا غرّي غيري" نبراسا ومرجعية. لكن الحقيقة هي غير ذلك تماما، فالقرارات التعديلية المقدمة لمشروع قانون المالية لسنة 2013، والتي لم تشكل اضافة مهمة للفكر الإنساني، ولم تخلق نظريات قادرة على احداث ثورة في عالم السياسة والاقتصاد والاجتماع، بقدر ما بلورت –عن قصد وتربص، وبإدراك ماكر- تزييف وتزوير وعي الجماهير ودغدغة عواطفهم، بهدف خداعهم وتشتيت تركيزهم و إحباط وتسفيه أحلامهم في أي محاولة لتطوير قدرتهم على التحليل والفهم العميق الواعي لواقعهم المأزوم المهزوم، الذي يدخل ضمن مجموعة الظواهر السلبية، المفعمة بالتناقضات والاختلالات التي تملأ البلاد، والمرتبطة في شقها الأكبر بالهيئات السياسية، التي تعمل على افتعال الصراعات الجانبية والهامشية، التي ليس لها هدف سوى إشغال الساحة عن قضايا رئيسة ترتبط بهموم الناس وتطلعاتهم، وفي الشق المتبقي ترتبط بالتناقضات الصارخة بين خطابات الفاعلين السياسيين وممارساتهم التي تظهر بكل وضوح وبدون مبالغة أو مزايدة، في ما تعرفه الساحة من خلافات واهية، ومعارك هامشية، ونقاشات وخطب شعبوية، ومهاترات إعلامية فارغة، ترتكز في غالبيتها على مزايدات واهية بين مختلف الفرقاء، تكشف عورتها تلك القرارات التعديلية التي تدفع بها بعض الفرق البرلمانية، المنتمية للأغلبية والمعارضة على حد سواء، في اتجاه رفع الحد الأدنى للاقتطاع من الأجور العليا لحساب صندوق دعم التضامن حتى لا يشمل أجور بعض البرلمانيين أنفسهم، الذين تتراوح أجورهم بين 28 و33 ألف درهم، والتي تُقدم بها رسميا للتصويت عليها، خلال المصادقة على القانون المالي 2013، والتي لا تعدو في مجملها سوى قفزات تكشف، بدون كبير عناء، عن السيرة الذهبية والمستوى التعليمي والثقافي والحس الوطني، لبعض أصحاب تلك القرار التي تستحق التأمل من عدة وجوه أهمها، أول الوجوه هو: ان اكثريتهم لم يشبعوا من الامتيازات الخيالية والرواتب الفرعونية، والمنح العديدة المتميزة، -والتي لا يحلم بها حتى وزراء الولايات المتحدة- والتقاعد الجيد مدى الحياة، والكثير من الامتيازات الاخرى التي لا يملك الرأي العام وثائق عنها، والتي لم تشبع جوع الكثير منهم للمال، إلى درجة أن دنت نفوسهم الى مطالبة بعض من الأغلبية والمعارضة، بالمزيد والمزيد منه عبر الزيادات في التعويضات والامتيازات، ومؤخرا برفع الحد الأدنى للأجور التي يشملها الاقتطاع من 25 الف درهم إلى 30 ألف درهم، وتخفيض نسبة الاقتطاع من 3 في المائة، التي جاء بها مشروع القانون المالي إلى 2 في المائة، حتى يفلت عدد من البرلمانيين الذين لا يصل دخلهم الصافي إلى عتبة 30 ألف درهم بهذا التعديل من مقص الاقتطاع الضريبي، وحتى لا يتجاوز الاقتطاع 650 درهما كل من سيشملهم الاقتطاع. الوجه الثاني: هو أن جوع بعض نوابنا المحترمين، للمال وصل تحكم في سلوكيات وتصرفات الكثير منهم، الى مرحلة تجاوزت عندهم مشكلة الحياء من اعلان الأمر، وتخنثت جلودهم إلى درجة، لم يعد يهمهم ما يقال فيهم وعنهم، ولم يعد يهمهم ستر ركوبهم على المصالح العامة لتحقيق المصالح الخاصة، وتحريك الأدوات السياسية للحصول على أموال الشعب بدون حق، ولو كانت المبلغ تافها، ومع ذلك ويسعون للحصول عليها باعتباره مكسبا ضمن الفرصة الذهبية التي اتاحها لهم فوزهم بالمقعد، الذي ربما لن يتكرر ما يدعونه من تمثيلهم للشعب او التعبير عن ارادته مرة أخرى. الوجه الثالث: هو أن الكثير من أصحاب التعديلات المصلحية لم يستوعبوا أن في بعضها، شيئا شريرا يضمر سوء فهم ليس فقط لمشاعر وعواطف المواطن المظلوم، الذين يغرقون في أوحال الظلم، والجوع، واللامساواة، وإنما جهل خطير بقدرهم، وإذلالا لمقدارهم، واستهتارا بصبرهم وتحملهم على تسويق الظلم والنهب والفساد. وكأن بعض نوابنا المحترمين، لم يسمعوا ان رئيس الاوروغاي تبرع بأغلب راتبه للشعب. ومن دون شك، فإن التاريخ سيحاسب كل مسؤول تهاون في مصلحة البلاد ومستقبلها، أو قصر في حماية مصالح الشعب، لان مصالح الشعوب ليست لعبة، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم كلكم راع...الحديث. وخاصة إذا لم يكن الراعي، إنسانا غير عاد، وكان من نواب الأمة، لكن لم يهتم بأمور من أنابوه عن شؤونهم، ولم يكن حمقى أبداً، بل كان - وتلك هي الطامة الكبرى- من العقلاء الذين يعون ما يفعلون وما يقولون، لكن غابت عنه الروح الوطنية، وانمحت معالمها من أجنداته وممارساته، التي لا تعرف إلا لغة المصالح، التي تضع النتائج قبل المقدمات، حسب الهوى الذي تضيع معه كل العبقريات، ويستوي فيه الجاهل وقاطع الطريق، مع مدعي المثقف وحامل ألقاب العلم في المنطق والنطق، ويشترك الكل دون أي فرق، أو ندم في نشر مآسي الشعوب ودمارها، الذي اطلب من الله، أن يحفظ مغربنا العزيز وأهله من بلواها، اينما حلوا أو ارتحلوا ... حميد طولست[email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكلاب لا تغتصب بعضها، مثل ما يفعل الإنسان
-
الزعامة أو الرئاسة؟
-
حكومة تقسيم وتشتيت بامتياز!؟
-
القاهرة مدينة مجنونة 2
-
حق المدينة وبرج شباط!!!؟
-
القاهرة مدينة مجنونة
-
كل نكتة وانتم بخير!
-
العيد في عاصمة -أم الدنيا- القاهرة.
-
تدهور الارصفة
-
أزمة صحافة أو أزمة سياسة؟
-
الثورات لا يطلقها المنظّرون، والمفكرون، وإنما البسطاء والفلا
...
-
قضية حزب الاستقلال، بين منطق العقل ومنطق العاطفة والاندفاعية
...
-
أغرب مأدونيات وزارة التجهيز والنقل تصاريح -20D -!
-
ذكرياتي المرة مع المستشفيات العامة والخاصة.
-
حتى لا تنسينا قضية -الغزيوي/النهاري- قضايانا الحساسة !؟
-
خطاب بنكيران بين الشعبوية والدهاء السياسي !؟
-
مؤتمر حزب الاستقلال، تمرد أم ثورة؟
-
مذكراتي مع المستشفيات العامة والخاصة. الحلقة الثانية: سياسة
...
-
ذكرياتي المرة مع مستشفياتنا الخاصة والعامة.
-
إلى متى هذا العجز عن القضاء على الفساد بالكاملة؟
المزيد.....
-
جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR
...
-
تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
-
جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
-
أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ
...
-
-نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
-
-غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
-
لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل
...
-
ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به
...
-
غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو
...
-
مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|