|
منهج العقل الديني في التعامل مع المعارف والمطالب الدينية
أحمد القبانجي
الحوار المتمدن-العدد: 3941 - 2012 / 12 / 14 - 08:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وهو المنهج الذي يستند عليه علماء الكلام والفقهاء عادة في البرهنة على صحة المعارف الدينية، وهو المنهج السائد أيضاً في اوساط المتدينين في مجتمعاتنا الاسلامية، ويتلخّص العقل الديني في أنه يقوم على أساس الإيمان بثوابت دينية مسلّمة لا تقبل النقاش ولا يدنو منها الريب، فالاصل في هذه المعارف هو الوحي، والعقل فرعه حيث يطلب من العقل التحرك في اطار محدّد سلفاً داخل منظومة من الثوابت المعرفية التي يؤمن بها الفرد ولا يسمح له بتجاوزها، بل عليه أن يسعى الى اقامة الأدلة والبراهين على صحتها. قال العلاّمة المجلسي في رسالة الاعتقادات: «فمنهم من سلك مسلك ا لحكماء الذين ضلّوا وأضلّوا، ولم يقرّوا بنبيّ ولم يؤمنوا بكتاب واعتمدوا على عقولهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة (الى أن قال) فهم يؤولون النصوص الصريحة الصحيحة عن أئمة الهدى صلوات الله عليهم بأنه لا يوافق ما ذهب إليه الحكماء (ثم قال) ومعاذ الله أن يتّكل الناس الى عقولهم في اصول العقائد فيتحيّرون في مراتع الجهل، ولعمري أنهم كيف يجترؤون أن يؤولوا النصوص الصريحة الواضحة الصادرة عن أهل بيت العصمة والطهارة لحسن ظنّهم بيوناني كافر لا يعتقد دينا ولا مذهباً» وفي ذلك أيضاً يقول المحدّث الحرّ العاملي في «اثبات الهداة»: «لا يخفى أن الأدلة العقلية اذا وافقت الكتاب والسنّة، كان كلّ واحد منهما مؤيّداً للآخر فلا بأس بها، وقد كان النبي والائمة(عليهم السلام) يستدلّون بمثل ذلك، والنصوص به متواترة، فتلك الأدلّة المروية عقليّة نقليّة معتمدة موافقة للكتاب وهي من السنّة، وذلك كاف عن الادلّة الواهية المأخوذة من الفلاسفة والملاحدة والعامة ونحوهم، والأدلّة المشار اليها مرويّة في اصول الكافي وكتاب الاحتجاج وكتاب التوحيد ونهج البلاغة وعيون الاخبار وبصائر الدرجات ونحوها، وفيها كفاية عن غيرها والله الموفق» ويقول المحدث الجزائري في الانوار النعمانية: «ان اكثر اصحابنا قد تبعوا جماعة من المخالفين من اهل الرأي والقياس ومن اهل الطبيعة والفلاسفة وغيرهم من الذين اعتمدوا على العقول واستدلالاتها وطرحوا ما جاءت به الأنبياء(عليهم السلام) حيث لم تأتِ على وفق عقولهم، حتى نقل أنّ عيسى (على نبينا وآله وعليه السلام) لما دعا افلاطون الى التصديق بما جاء به أجاب بأنّ عيسى رسول الى ضعفة العقول واما انا وامثالي فلسنا نحتاج في المعرفة الى ارسال الأنبياء. العقل، فتابعهم بعض اصحابنا فقالوا: انه اذا تعارض الدليل العقلي والنقلي طرحنا النقلى أو تأولناه بما يرجع الى العقل ومن هنا تراهم في مسائل الاصول يذهبون الى اشياء كثيرة قد قامت الدلائل النقلية على خلافها لوجود ما تخيلوا انّه من دليل عقلي....». وتعتمد هذه الطائفة من العلماء في مذهبهم هذا على جملة من الروايات الواردة عن أهل البيت(عليهم السلام) تشدّد النكير على اتباع الناس لعقولهم في الدين وتحصر الهداية في ما أنزل الله تعالى من الوحي وما صدر من النبي وأهل بيته الكرام، وعلى سبيل المثال نشير الى ما ورد في «وسائل الشيعة» عن محمد بن مسلم قال: سمعت ابا جعفر(عليه السلام) يقول: «ليس عند أحد من الناس حق ولا صواب، ولا أحد من الناس يقضي بقضاء حقّ الاّ ما خرج من عندنا أهل البيت، واذا تشعبت بهم الامور كان الخطأ منهم والصواب من علي(عليه السلام)» وفي حديث آخر له(عليه السلام): «كلّ ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل» وعنه(عليه السلام) قال: «من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله التيه الى يوم القيامة» وقال ابو جعفر(عليه السلام) لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: «شرّقا وغرّبا فلا تجدان علماً صحيحاً الاّ شيئاً خرج من عندنا أهل البيت» وقد بلغ هذا التيار الفكري في الطائفة الشيعية الذروة على يد «أمين الله الاستر آبادي» وحركته الاخبارية التي خيّمت على الوسط العلمي طيلة القرنين. ولا يقتصر هذا اللون من التفكير على الطائفة الشيعية فحسب بل نجد له نظائر لدى الكثير من علماء أهل السنّة القدماء منهم والمتجدّدين، ويمثل تيار ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب الذي يسمى بتيار «السلفيّة» التيار البارز لدى أهل السنّة في انكار قيمة العقل في مسائل الدين وضرورة الرجوع الى القرآن والسنة فحسب، يقول ابن تيمية في «درء تعارض العقل والنقل»: «اذا تعارض الشرع والعقل وجب تقديم الشرع. لأن العقل مصدّق للشرع في كل ما أحبر به، والشرع لم يصدق العقل في كل ما أخبر به» ويقول «سيد قطب»: «إن العقل البشري ليس هو الذي يصنع مقومات التصوّر الاسلامي ـ كما هو الحال في الفلسفة ـ إنما هو الذي «يتلقّاها» من مصدرها الربّاني، «يدركها» صحيحة حين يتلقّاها وهو متجردّ من أي «مقررات» سابقة في هذا الباب. سواء من مقولاته الذاتية، أو من مقولات العقائد المحرّفة ولو كان لها أصل ربّاني، وعليه أن يتقيّد فيما يتلقّاه من ذلك المصدر الصحيح بالمدلول اللغوي أو الاصطلاحي للنصّ الذي وردت فيه المقوّمات بدون تأويل ـ ما دام محكماً، وأن يصوغ من هذا المدلول مقرراته هو ومنهجه في النظر أيضاً، فليس له أن يرفض هذا المدلول، أو يؤوله ـ حتى لو كان متعيّنا من النص ـ بحجة انه غريب عليه، أو صعب التصور عنده، أو أن منطقه لا يقرّه، فهو ـ العقل البشري ـ ليس حكماً في صحة هذا المدلول أو عدم صحته ـ في عالم الحقيقة والواقع ـ انما هو حكم فقط في فهم دلالة النص على مدلوله وفق المفهوم اللغوي او الاصطلاحي للنص، وما دلّ عليه النص فهو صحيح، وهو الحقيقة، سواء كان من مألوفات هذا العقل ومسلّماته، ام لم يكن، ويستوي في هذه القاعدة العقيدة والشريعة» .
نقد منهجية العقل الديني
بالرغم من أن علماء الكلام والفقهاء اعتمدوا هذا العقل كأساس لإثبات الكثير من المسائل الدينية في أصول الدين وفروعه، الاّ أن الصحيح هو عدم صلاحية العقل الديني القائم على أساس الإيمان بالمعارف الدينية المستقاة من الوحي لمقام القضاوة والحكم في هذه المسائل، وذلك:
1 ـ افتقاد عنصر الحياد والانصاف: إن البرهان العقلي الصادر من هذا العقل تابع لإيمان الشخص وجوازمه العقائدية المسبقة ويفتقد الى عنصر الإنصاف والحياد، فمع فرض بطلان تلك العقائد في دائرة الواقع وكون العقل تابعاً لهذه العقائد يقع الخلل في هذا الميزان ويؤدي الإعتماد عليه إلى ارباك ذهنية الفرد ووقوعه في دوامة الجهل المركّب مثل ما نراه في ارباب الأديان والمذاهب الإسلامية المختلفة الذين يدّعون أنهم على حق ويستدلون على حقانية مذهبهم ومعتقداتهم بالأدلة العقلية وكل واحد منهم يظن أن العقل بجانبه ويؤيد مذهبه وينفي المذاهب والأديان الاخرى بالبرهان العقلي أيضاً. وببيان أوضح: إن ملاك حقانية الدين في اصوله الدينية يجب أن ينظر إليه من خارج دائرة الدين لا من داخله، وبعد التسليم بأن هذا الدين مطابق للحق تصل النوبة إلى النظر من داخل الدائرة الدينية واثبات بعض قضاياه الجزئية بواسطة النصوص أي بالدليل النقلي، و جميع علماء الإسلام متفقون على ضرورة اثبات العقائد الدينية المحورية في دائرة أصول الدين بالبرهان العقلي وعدم جواز التقليد فيها، في حين أن العقل الديني أسير العقائد المسبقة والأفكار الموروثة، ولهذا نجد أن عوامل الوراثة والبيئة والمحيط الثقافي تفرض أحكامها على عقل الفرد، وتكون النتيجة أن كل شخص يخضع في عقائده وأصول دينه لعقائد أبويه ومجتمعه، فالشخص المتولد من أبوين شيعيين والذي يعيش في مجتمع شيعي يكون شيعياً، وهكذا السنّي والوهابي والاسماعيلي والزيدي و... ولا يقتصر هذا الأمر على المذاهب الإسلامية، بل نجد أن المسيحي في مسيحيته، واليهودي في يهوديته، والبوذائي في بوذائيته يستخدمون هذا اللون من العقل في إثبات صحة معتقدهم وسلامة فكرهم وحقانية مذهبهم.
2 ـ الاحتياج للعقل في تشخيص الحق والباطل: إن الملاحظ على أصحاب العقل الديني هي أنهم رغم ادعائهم احترام العقل وضرورة تطابق القضايا الدينية مع العقل، الاّ أنهم عملاً يتحركون بوحي من سلطة النصوص الدينية في تعاملهم مع كليات الشريعة وجزئياتها على أساس أن «دين الله لا يصاب بالعقول»، في حين أن الصحيح هو احتياجنا الى العقل في جميع مفاصل الشريعة وعدم حصر الاستدلال العقلي في دائرة أصول العقائد، لأن كل إنسان حينما يعتنق ديناً معيناً يجب أن يلاحظ بعقله جميع قضايا هذا الدين، الفكرية منها والتطبيقية، الإلهية منها والاجتماعية، وعلى سبيل المثال نأخذ قضية الحقوق الفردية والاجتماعية، فنحن قبلنا بالاسلام لأنه يراعي الحقوق الانسانية في كافة احكامه وتشريعاته، ولو فرضنا أنّ حكماً من الاحكام الشرعية لا ينسجم مع العدالة لرفضناه حتماً، بل ولرفضنا ذلك الدين الذي يقرر الظلم ولو في حكم واحد من احكامه كأن يبيح وأد البنات مثلاً، أو أن من جملة عباداته وشعائره الدينية أنه يوجب على المجتمع الاسلامي تقديم قربان بشري لدفع الشياطين مثلاً، أو لاستنزال المطر كما كان هذا العمل متداولاً في حضارة الفراعنة والاقوام السالفة، بل لو أن حكماً من الاحكام الدينية كان يبيح للولد صفع أبيه بدون حق لما وسعنا الالتزام بذلك الحكم أو اعتناق ذلك الدين. وعلى هذا الاساس نقول بأن القضايا الدينية جميعاً يجب أن تكون خاضعة للعقل والفطرة، وأن النظر الى كليات الاحكام وجزئياتها يجب أن يكون من خارج دائرة الدين ولا اقل من عدم تنافيها وتضاربها مع العقل والفطرة، وجميع المسلمين يتحركون عملاً بهذا الاتجاه في قراءتهم للنصوص الدينية، فنحن حينما نقرأ القرآن نقرر معقولية الآيات في لا شعورنا، وكلّما مرت علينا آية مخالفة للعقل والفطرة فاننا نسعى لتأويلها بما يرفع ذلك الاختلاف، هذا بالنسبة الى القرآن الكريم، فكيف الحال بالنسبة للنصوص الدينية الأخرى؟ والحال أن أصحاب العقل الديني وان اعترفوا مشافهة بضرورة تحكيم العقل في قضايا الدين، الاّ أنهم يرجّحون كفّة النصوص على حساب العقل في كثير من الموارد كما رأينا في تصريحاتهم. وببيان آخر: إن اكثرية الفقهاء المعاصرين في الوقت الذي يحملون فيه على أهل الحديث من الاخباريين والسلفيين ويؤكدون ضرورة استخدام العقل وعدم الاكتفاء بالنصوص الاّ أنهم عملاً اخباريون وسلفيّون، فانت لا تجد في الفقه والاحكام الشرعية مورداً واحداً تمّ أخذه من القرآن الكريم مباشرة أو دخل العقل في استنباطه في مقابل الرواية، فجميع ابواب الفقه تعتمد على الروايات تماماً، في حين أن المصادر الاخرى للحكم الشرعي كالقرآن والعقل هي التي تساير المجتمع البشري في حركته الحضارية دون الاحاديث الشريفة المقيدة بظروفها الخاصة والناظرة الى مجتمع خاص وحالات فردية قد لا تصلح للامتداد عبر الزمان أي انها تاريخية في تفاصيلها وجزئياتها.
3 ـ مرض الدوغماتية: إن الأشخاص الذين يعتمدون هذا العقل الديني في اثبات معتقداتهم يبتلون غالباً بالجزمية ومرض «الدوغماتية» في مواجهتهم للأفكار الجديدة، لأن الإيمان بالمعارف الموروثة يشكل لديهم اللبنات التحتية لكل تفكر عقلي، ومن خصوصيات الإيمان الجزمية، في حين أن الصحيح وما يؤكد عليه القرآن الكريم أيضاً هو تبعية الإعتقادات للعقل. وأحد الآثار المخربة لهذه الظاهرة المتفشّية في مجتمعاتنا الدينية هو أن كل شخص ينتمي الى أحد الأديان والمذاهب الدينية لا يجد في نفسه رغبة لسماع حجة الطرف المقابل والاصغاء الى كلامه بذهنية منفتحة وصدر رحب ويكون هدفه من المباحثة والمناظرة إثبات مقولاته الدينية فقط وإبطال رأي الطرف المقابل الأكيد البطلان في نظره من أول الأمر، وهو غافل عن أن الطرف الآخر يفكر مثل تفكيره ويسعى مثل سعيه، وبالتالي لا يصلان إلى نتيجة أبداً ولا يدرك الإنسان خطأه حينئذ ولا يجد في نفسه حاجه إلى أصلاح الخلل في معتقده. والأشنع من ذلك أنه دائم التهجّم على الطرف الآخر المخالف واتّهامه له بالضلال والانحراف والنفاق والعمى واستيلاء الشيطان على قلبه وما الى ذلك من العناوين الرخيصة التي تهدف الى تسقيط شخصية المخالف وتعبّر عن ضعف وهشاشة البنى العقلانية لمعتقدات هذا الإنسان بحيث أنه يلجأ دوماً الى الاستعانة بمثل هذه الوسائل الرخيصة لجبران ضعفه أمام الخصم، والاّ فان القوي في حجته، المطمئن الى حقانية معتقده لا يجد نفسه بحاجة الى التوسّل بمثل هذه الاساليب في مواجهة الفكر المخالف، ولنستمع الى المفكر الفرنسي «ريمون رويّة» في حديثه عن مرض «العقائدية» ويريد بها أدلة الفكر الديني بصورة عامة وما ينتج عن ذلك من مرض «الدوغماتية»: «تحتوي «الفكرة الفيروس» في الاغلب على نوع من حكم بالتوالد الذاتي (كما في الفيروسات المولّدة للسرطان)، نوع من طريقة التعميم الذاتي بـ «شذوذ» المنظومة التكوينية للخلية المريضة، والعقائدية الماركسية عقائدية نمطية: أ ـ إنها تقدّم طريقة عامة للمعرفة الاجتماعية: المصالح الاقتصادية باعتبارها بنية تحتية، صراع الطبقات باعتباره حاضراً على الدوام وراء ما يمّوهه. ب ـ ثم إنها تضيف: «اذا لم تعتنق الماركسية فذلك لأن شعوراً زائفاً قد أعشى ناظريك» وأنت إما «منافق» أو «نذل». وعلى هذا المنوال ذاته يعمل التحليل النفسي (لمدرسة فرويد) باعتباره عقائدية وبائية. ... أ ـ إن التحليل النفسي يقدم طريقة لمعرفة الحياة النفسية. ب ـ وهو يضيف: «اذا رفضت حقيقة التحليل النفسي، فذلك لأنك خاضع لمحرّمات، أو إن عقدك الخاصة تعشى ناظريك». وقد حاولت الوجوديّة «بنوع ضئيل» أن تقدم نفسها على أنها شرط من هذا النوع: «إذا لم تعتنق نظرية الحرية المطلقة فذلك لأنك «غير اصيل» وأنك تخفي بذلك عن ذاتك حريتك». وتعلن العقائدية النيتشوية الزائفة أيضاً: «اذا لم تقبل الاخلاق الارستقراطية للقسوة، فذلك لأنك من دم فقير منحط، واذا رفضت أن تكون ارستقراطياً ومسيطراً فذلك لأنك عبد بالولادة» ... إن الشرط ذا التولد الذاتي يمنح الفكرة امكان الذيوع حتى في وسط معاد ما دامت الفكرة تستخدم العداوة برهاناً على صحتها، إن الفكر المعادي مطالب بأن يتساءل لدى تماسّه بالفكرة ـ الفيروس، مطالب بأن يشك في ذاته، بأن «يهتدي»، مثل خلية تكوينية مصابة، وإن كلمتي «منافق» و«نذل» ليستاشتيمة وحسب، وقد يثور المرء في وجههما، بل إنهما «كلاّبتان» عضوا اقتناص، فالانسان الذي يلقى مثل هذه المعاملة مطالب بأن يتساءل، وبأن يجد نفسه «نذلاً» اذا لم يهتد. إن «حيلاً» مماثلة توجد، وكانت توجد، في العقائديات الدينية، مثال ذلك العقائدية المسيحية: أ ـ كانت تقدم طريقة عامة لمعرفة العالم. ب ـ وكانت تضيف: «إذا لم تؤمن لخطر الدينونة، لقد أعماك الشيطان» وكانوا في الماضي يعذّبون الشباب وهم يقولون لهم: «اذا فقدتم الإيمان فذلك لأن الشهوة أعمتكم» أو يقولون: «الشك ذاته خطيئة» واليوم يرجّحون أن يقولوا بمكر أعظم: «الشك ذاته دليل على أن في أعماقكم الإيمان الحقيقي» ونضيف: إن العقائديات المذهبية في عالمنا الاسلامي تنحو هذا النحو تماماً تجاه المخالف، فالوهابية ترمي الشيعة بالشرك والكفر والزندقة لمجرد زيارة القبور، أو الاعتقاد بالشفاعة، أو حتى بالسجود على التربة، والشيعة بدورهم يرمون كل من يشك في كفر الخليفة الاول والثاني ونفاقهما بأنه كافر وملعون، ومن لا يوالي علياً فانه إما ابن زنا أو ابن حيض، وكل من الفريقين يستند في دعواه الى روايات مذكورة في كتب الفريقين (ولا نشك في اختلاقها أو تحريف المراد منها). و اذا تقرر أن تكون الأفكار تابعة للإيمان الديني، والعقل يستوحي معتقداته من القلب والإيمان القلبي بالموروث المعرفي فكل شخص حينئذ يرى بأنه مصيب في معتقداته وكل فكر مخالف لفكره منحرف عن الدين حتى لو كان الطرف المقابل أعلم منه وأكثر خبرة في شؤون الدين، وبذلك نقع في وادي «السفسطة». والملفت للنظر أن هذا الشخص يغفل دائماً عن أنه قد يعثر على بعض الأخطاء في معتقداته ومعارفه الدينية ويقوم بتصحيحها وتغييرها ولا يضع الخطأ الفكري في حساب الدين والحق، أي أنه لا يرى ارتباطاً بين عقائده التي بان له خطأها وبين ايمانه القلبي بالله تعالى وبالرسالة، ولكنه لا يقف هذا الموقف بالنسبة الى الآخرين، فحالما يجد فكراً مخالفاً لفكره في دائرة العقائد والمعارف الدينية يحمّل ايمان الآخر مسؤولية هذا الخطأ، ويعتبره زيغاً وانحرافاً وضلالاً وأن صاحبه ضالّ ومنحرف عن الصراط المستقيم.
4 ـ الجمود والتحجّر: إن من خصوصيات الإيمان بالنصوص هو الثبات، فلو كان الفكر والعقل تابعاً للنصوص أضحى بدوره ثابتاً أيضاً، وابتلى صاحبه بالجمود والتحجر وعدم التطابق مع مقتضيات الزمان والمكان كما نلاحظ هذه الظاهره على بعض ارباب الديانات، وبالتالي يؤثر ذلك سلبياً على حركة المجتمع نحو الرقي الحضاري ويكبّل العقل البشري في قيود الموروث المعرفي من علماء السلف، وهو ما يعبّر عنه بظاهرة «السلفية» لدى بعض المتدينين والملتزمين. ومن شأن هذا الجمود الفكري أن يدعو الأفراد المتدينين الى الوقوف امام كل معرفة جديدة واصلاح ديني وقيم حضارية متطورة بدلاً من وقوفهم مع النهضات الإصلاحية في العالم الإسلامي. والحقيقة المشهودة أن الإسلام كدين عالمي ومتوافق مع تطور العقل البشري والحضارة الإنسانية لاقى من أصحاب القداسة الزائفة من التحريف ما لم يلاقه من المنافقين والمغرضين، كما لاقى رجال الإسلام وحملة لواء الإصلاح من الأذى والتهم والتكفير وتحريك العوام من قبل هؤلاء المتحجّرين ما لم يلاقوه من أتباع الباطل وقوى الإنحراف وأصحاب القدرة. وأحد أسباب التوقف الفكري والجمود الحضاري لدى البعض هو فهمهم السطحي لما ورد في المتون المقدسة من شمولية الإسلام وكمال الدين وأن «حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة» أو قوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء)حيث فهم هؤلاء من هذه المقولات القرآنية و الروائية أنه لا حاجة بعدها للإنفتاح على علوم البشر والإقتباس من الحضارات الإنسانية الأخرى، بل لابدّ من الانغلاق على القرآن والسنّة والبحث عن كل صغيرة وكبيرة مما يحتاجه البشر في دائرة العلوم السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مطاوي القرآن والسنّة، واتهام كل جديد بالزيغ والانحراف، والشطب على جميع الثقافات البشرية بخط البطلان، في حين أن الإسلام في حقيقته يحوي عنصر التجدد في عين كماله، ويدعو الإنسان إلى استلهام العلوم والمعارف البشرية حتى لو كانت في الصين واستثمارها في بناء مجتمعه الحضاري وتدعيم الموروث الفكري بمستجدات الثقافة الإنسانية المتطورة. وهناك أسباب فكرية ونفسية لظاهرة الجمود والتحجر لا يسع المجال لبيانها أو الإشارة إليها.
5 ـ القداسة الزائفة: ومن خصوصيات الإيمان «القداسة» ومنه تسري القداسة إلى الفكر الديني أيضاً، فيرى أصحاب العقل الديني كل شيء في دائرة الفكر الديني مقدساً أيضاً وخاصة في ما يتعلق بالتراث والفقه والروايات، بل تسري القداسة إلى الأشخاص أيضاً، ولكن يقتصر الأمر على تقديس من يماثلهم في الفكر، فالسنّي يرى جميع الصحابة وأئمة المذهب وأمثالهم من المقدسين الذين لا ينبغي للإنسان انتقادهم أو تخطئتهم فضلاً عن اتهامهم بارتكاب الذنوب وجرح عدالتهم. والشيعي يرى في الفقهاء هذه القداسة نفسها، وكذلك في الروايات الواردة عن أهل البيت مع الغفلة عن أن علم الفقه لا يعني مصونية حامله عن الذنب وربما أصبح وسيلة لكسب الدنيا، والروايات لا تعني السنّة الشريفة حتى تدخل دائرة القداسة وتتعالى عن النقد، بل هي حاكية عن السنّة، ويوجد فيها الكثير بل الأكثر من المجعولات التي أوردها الرواة على أساس أنها من النبي وأهل البيت(عليهم السلام)وليست منهم. فالرواية انما تكون مقدسة اذا احرز أنها صادرة عن المعصومين، والفقيه إنّما يكون مقدساً اذا كان من أولياء الله ورجال الحق، وليس كذلك الاّ الأوحدي من الفقهاء ورجال الدين، لأن «القداسة» في الأصل لله تعالى، فهو «القدوس»، ومنه تتفرع الى كل ما يتصل به من بيته الحرام، وكتابه الكريم، وانبيائه الكرام، ودينه القويم وأمثال ذلك، ومع الشك وعدم احراز الإتصال بالله فالأصل العدم. ومن الاثار السلبية لمثل هذه القداسة المزعومة، الغفلة عن اخطاء ومعايب المتلبّسين بمسوح القداسة، بل صواب كل ما يصدر منهم من أقوال وأفعال، وبالتالي الإطاعة العمياء لهم من قبل عوام الناس والمتدينين المغفّلين حيث يظنون أن كل ما يقوله هؤلاء وحي منزل لا يعتريه الريب! وهذه الظاهرة نلاحظها بوضوح في المتصوفة بالنسبة إلى شيوخهم، وكذلك الاخباريين بالنسبة للروايات الواردة عن أهل البيت، وأهل السنّة بالنسبة إلى الصحابة، وما أكثر الاضرار التي لحقت بالإسلام والمسلمين من جراء هذه القداسة المزعومة للأفراد والروايات!! وما أكثر ما أسيء الإستفادة من سواد الناس وبسطائهم تحت ستار العناوين المقدسة، بل ما أكثر من قتل وسجن من الأولياء والمصلحين بفتاوى هؤلاء المقدسين وأتباعهم!!
6 ـ سبب الفرقة!! بما أن النصوص الدينية متضاربة ومتباينة في مضامينها ومعارفها، ولا تكاد تجد رواية في مضمون معين الاّ وتجد خلاف هذا المضمون في رواية أو آية شريفة، فيسرى هذا الاختلاف والتضارب الى واقع الاشخاص والافكار الاسلامية حتماً، اختلاف الفقهاء مثلاً في فتاواهم الفقهية ناشيء من هذا الاصل، فأنت لاتجد فتوى في باب من ابواب الفقه يتفق الفقهاء على صحتها ومطابقتها للواقع الاّ في كليات الاحكام كوجوب الصلاة والصوم والحج وامثال ذلك، وهكذا الحال في دائرة التفسير واصول العقائد الدينية والاخلاق وغير ذلك، فكل عالم أو مفسّر أو متكلم يستند في دعم أرائه بحزمة من النصوص الواردة في المصادر الحديثية، ومعه كيف يمكن اعتماد هذا المنهج كمعيار لكشف الحقيقة وتشخيص الحق من الباطل في المسائل الدينية؟ العلاّمة المجلسي وتبعاً لبعض الروايات يؤكد على جسمانية الروح والملائكة ويفتي بسهولة بكفر من يقول بوجود مجرد غير الله تعالى. يقول في «بحار الانوار»: «تكملة: اعلم أنه أجمعت الامامية بل جميع المسلمين الاّ من شذّ منهم من المتفلسفين الذين أدخلوا أنفسهم بين المسلمين لتخريب اصولهم وتضييع عقائدهم على وجود الملائكة وأنهم أجسام لطيفة نورانية..» ويقول في شرحه على الكافي في كتاب العقل: «بأن تجردها ـ أي النفس ـ لم يثبت لنا من الاخبار، بل الظاهر ماديتها كما بيناه في محله» ويقول في تكفير من يدعي وجود قديم غير الله تعالى بنفي الحدوث الزماني للعالم في شرحه على الصحيفة السجادية: «.. اذ لو قيل بزمان موجود قديم يلزم اثبات قديم سوى الواجب، وهو خلاف ما ذهب إليه المليّون من المسلمين وغيرهم والاخبار المتواترة من العامة والخاصة بل هو من ضروريات الدين وجاحده كافر» وهكذا ترى أنه يتهجم على اساطين الفكر الاسلامي من الشيعة خاصة كالخواجة الطوسي والعلامة الحلي والميرداماد وصدر المتألهين والطباطبائي والمطهري وعشرات من الحكماء والمحققين المسلمين لمجرد قولهم بتجرد الروح أو الملائكة أو قدم العالم وأمثالها من النظريات والمعارف الفلسفية تبعاً لظواهر النصوص. ومن هذا القبيل ما نراه من موقف الغزالي السلبي من الفلاسفة وتكفيرهم بسبب بعض آرائهم المخالفة لظواهر النصوص حسب ظنّه، وكذلك موقف الفقهاء من العرفاء أو ما نجده من شحناء وبغضاء بين الشيعة والسنة أو بين الاشاعرة والمعتزلة، أو بين الاخباريين والاصوليين من الشيعة، فكلها تستقي من النصوص المتنافرة وتسترفد من المتون الدينية التي لا تستقيم على نظر واحد ولا يمكن استخلاص منظومة فكرية متناسقة ومنسجمة منها. ونذكر مثالاً واحداً على الفرقة والتشتت الحاصل من الرجوع إلى النصوص لدى كل من أهل السنة والشيعة، وذلك في مسألة: «الموقف من الحاكم» أو الحكومة، فبالنسبة إلى أهل السنة فقد وردت لديهم الكثير من الروايات التي توجب طاعة السلطان وتحرّم الخروج عليه وإن كان فاسقاً ظالماً وقد التزم بمدلولها الحرفي كثير من العلماء والفقهاء وخاصة في العصور المتأخرة. ولذلك وقف بعض أئمة أهل السنة موقفاً سلبياً من ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) وقد اشتهر عن ابن عربي قوله في الحسين: «إنّ الحسين قتل بسيف جدّه» وفي مقابل ذلك نجد بعض علمائهم ومنهم الإمام أبا حينفة أنّه كان يرى خلاف ذلك ويدعو سرّاً لنصرة زيد بن علي على الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك كما ذكر الزمخشري ذلك ويقول: «وكان ابو حنيفة يفتي سرّاً بوجوب نصرة زيد بن علي وحمل الأمول إليه والخروج معه على اللّص المتغلّب المتسمّى بالإمام أو الخليفة» وحجّة هؤلاء في جواز الخروج أو وجوبه هي الروايات التي تقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» والنبوي المشهور «من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فان لم يستطع فبلسانه، فان لم يستطع فبقلبه». وأمّا بالنسبة إلى علماء الشيعة فقد دبّت الفرقة بينهم في هذه المسألة في أحلك الظروف أي في واقعة المشروطة أو النهضة الدستورية حيث انشق العلماء إلى مؤيدين بقيادة النائيني والآخوند الخراساني من علماء النجف، ومناهضين بقيادة الملا النوري الذي كان يفتي بحرمة تقسيم القوى إلى مقننة ومجرية وقضائية بحجّة أن ذلك من البدعة في الدين ولم يكن له في الإسلام سابقة. وكل من هاتين الطائفتين تستشهد لدعم رأيها بالنصوص الدينية حتى بلغ الأمر بأن يكفر بعضهم البعض الآخر إلى أن تمّ اعدام الملا النوري في طهران، وبعد أن تمّ اجهاض الحركة الدستورية وخسرت ايران أفضل فرصة لها للتخلص من الاستبداد ونيل الحرية والديمقراطية. هذا ولا زال الخلاف بين علماء الشيعة في هذه المسألة حتى قبيل انتصار الثورة الإسلامية وزوال الحكم الملكي فقد كان الكثير من علماء الشيعة يحرمون المشاركة في الثورة أو يقفون منها موقفاً سلبياً وذلك تمسكاً منهم بروايات موضوعة توجب التقية أو تحكم بأن كل راية خرجت قبل ظهور المهدي(عليه السلام) راية ضلالة. وقد يقال في صدد حلّ هذه المشكلة بالرجوع الى القرآن الكريم كأصل أعلى في دائرة الاحكام والمفاهيم الاسلامية، وبعض الروايات تؤيد هذا المعنى في حالة تضارب الروايات وأن الرواية المخالفة للكتاب تضرب عرض الحائط، ولكن هذا الحلّ لا يحلّ المشكلة، لأن القران الكريم لم يتطرق الى الجزئيات الواردة في الشريعة الاّ نادراً، ولو كان القرآن كافياً لايجاد الوفاق المعرفي بين علماء الإسلام لما وجدنا كل هذا الاختلاف بينهم في الاصول والفروع. مضافاً الى أن القرآن الكريم بدوره لا يخلو من تضارب في ظواهر آياته واختلاف في المضامين ولهذا كثرت وتنوعت التفاسير، وعلى سبيل المثال مفهوم الشفاعة، وحرية الإنسان واختياره، ومعصية الأنبياء، واسلوب التعامل مع المشركين والمنافقين، ومفهوم البداء، والكبائر من الذنوب وغير ذلك لم ترد في القران الكريم بمضمون واحد، ولهذا لا نستغني عن العقل في الكشف عن مقاصد الخطاب القرآني وحلّ ما يوهم الاختلاف والتضارب في الكتاب المقدس. وفي ذلك يقول السيد المرتضى في الامالى «فاذا ورد عن الله تعالى كلام ظاهره يخالف ما دلت عليه أدلة العقول وجب صرفه عن ظاهره ـ إن كان له ظاهر ـ وحمله على ما يوافق الادلة العقلية ويطابقها، ولهذا رجعنا في ظواهر كثير من كتاب الله تعالى اقتضى ظاهرها الاجبار والتشبيه او ما لا يجوز عليه تعالى» ويقول أيضاً بالنسبة الى الروايات: «فمتى وردت عليك أخبار... افعل فيها ما حَكَمَتْ به الأدلة وأوجبته الحجج العقلية وان تعذّر فيها بناء وتأويل وتخريج وتنزيل فليس غير الاطراح لها وترك التعريج عليها...» وللفخر الرازي أيضاً كلام اوضح من هذا الكلام في اساس الاقتباس ص 220 ويقول الشيخ الطوسي: «الظواهر تُبنى على ادلة العقول ولا تبنى ادلة العقول على الظواهر»
7 ـ الدوافع النفسانية لا الدليل العقلي: إن صاحب العقل الديني لا يتحرك على أساس الدليل وإن تظاهر بالتمسك به، بل على أساس السبب والعلة النفسانية، أي أن الدافع الأساس لسلوكه هو الميل العاطفي وما تفرضه عليه عوامل الوراثة والتربية والمؤثرات الاجتماعية، بينما الإنسان الذي يعي دوره في الحياة كمخلوق شريف يتسامى على المؤثرات الخارجية والضغوطات النفسية لا يتعامل مع الأفكار الاخرى الاّ من خلال الدليل والبرهان، ونلاحظ هذا المفهوم الإنساني في التأكيد على البرهان في كثير من الآيات القرآنية الكريمة حيث تدعو المخالفين الى طاولة الحوار القائم على أساس البرهان، وتنعى عليهم خضوعهم لمؤثرات البيئة والتقاليد الموروثة، فالقاري للآيات الكريمة يلاحظ بوضوح أن الأنبياء وأتباعهم يستخدمون سلاح البرهان في حوارهم مع أقوامهم، بينما يخضع مخالفوهم للمؤثرات الخارجية والاهواء النفسية التي تشكل علة اعتقادهم بالأفكار الخاطئة. ومن هنا كان الباطل يستند الى علة وليس الى الدليل بخلاف الحق.
8 ـ الإيمان بالخرافات: إن هذا الاسلوب في التعامل مع قضايا الدين من شأنه أن يوقع الإنسان في الجهل والتخلّف والتصديق بالخرافات المسطورة في كتب الحديث، والاعتقاد بمفاهيم خاطئة وتصورات كاذبة من شأنها أن تسدل على وعي الفرد ستار البلادة والخمول، وتجعله يمارس تغطية لا شعورية على حقائق الدين والعقل. فعلى سبيل المثال هناك بعض المتكلمين من ذهب الى «التجسيم» بالنسبة الى الله تعالى وأن له عين ويد ورجل، وأجازوا عليه الملامسة والمصافحة والمعانقة كما ينقل ذلك الشهرستاني عن مشبهة الحشوية وكثير من الاشاعرة ذهبوا الى الجبر وأن الله يكلف الإنسان بما لا يطيق ثم يعذّبه على ذلك، وجواز أن يعذب الله الخلق بلا ذنب اقترفوه وامثال هذه الترهات والاباطيل، والمصيبة أن القائل بهذه المقولات ليس من أصاغر العلماء أو من سواد الناس، بل من الاساطين في المعارف الاسلامية كالاشعري والغزالي والفخر الرازي وغيرهم، يقول «الغزالي» في «احياء العلوم»: «الاصل الخامس: أنه يجوز على الله سبحانه أن يكلّف الناس مالا يطيقونه خلافاً للمعتزلة ... وأن لله عزوجل ايلام الخلق وتعذيبهم من غير جرم سابق ومن غير ثواب لاحق، لأنه متصرف في ملكه..» ويستدلون على امثال هذه المزاعم بالآيات والروايات، في حين أن من كانت له مسكة من العقل عرف أن هذه المقولات الزائفة اتهام صريح لله تعالى بالظلم. الكثير من علماء الشيعة ليسوا بأقل من أهل السنة تمسكاً بالروايات الباطلة وجموداً على النصوص الهزيلة، مثلاً في باب خلق حواء يلتزم هؤلاء العلماء بمقولة أن حواء خلقت من فضلة طين آدم وذلك تبعاً لرواية في هذ الباب، والحال أن هذا المعنى يستبطن نسبة الجهل الى الله عزوجل من حيث أنه لم يعرف مقدار ما يحتاجه بدن آدم من الطين، فلذا زاد منه مقدار يكفي لصنع حواء، أي أن الله تعالى اذا كان قد قرر تلك الطينة لآدم، ولكن فضلت منها فضلة فهو ما قلنا من نسبة الجهل إليه تعالى، وان كان يعلم ذلك وقد قرر هذه الطينة من أول الأمر لخلق بشرين: ذكر وانثى، فلا داعي لتسميتها بالفضلة سوى تحقير المرأة واهانتها وأنها ما خلقت الاّ بالتبع وبالعرض!! وسيأتي تفصيل الكلام في بحث «حقوق المرأة» في الاجزاء القادمة. صاحب الجواهر (وغيره من الفقهاء) يفتي بكراهة الصلاة بعد طلوع الشمس لأن الشمس كما ورد في بعض الروايات ـ تطلع على قرن الشيطان، واستحباب لبس النعل الصفراء، لأنها «تجلو البصر، وتشدّ الذكر، وتنفي الهمّ، وتزيد العلم أو المال» الرواية. الصدوق في كتابه «الاعتقادات» يرى أن «العرش الذي هو جملة جميع الخلق فحملته ثمانية من الملائكة، لكل واحد منهم ثمانية أعين كل عين طباق الدنيا واحد منهم على صورة بني آدم فهو يسترزق الله لولد آدم، وواحد منهم على صورة الثور يسترزق الله للبهائم كلها، وواحد منهم على صورة الاسد يسترزق الله للسباع، وواحد منهم على صورة الديك يسترزق الله للطيور فهم اليوم أربعه، فاذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية» انه يورد معنى آخر للعرش وأن حملته ثمانية: نوح و ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد وعلي والحسن والحسين!! والطريف انه يضيف بعد ذلك: «هكذا روي بالأسانيد الصحيحة عن الائمة(عليهم السلام) في العرش وحملته» ولا يجد في نفسه غضاضة من الإيمان بكلا هذين المضمونين المتباينين!! الشيخ عباس القمي يروي في مفاتيح الجنان رقية في علاج وجع السنّ بأن يضع حديدة على السنّ ويرقيه من جانبه سبع مرات ويقول: بسم الله الرحمن الرحيم العجب كل العجب دودة تكون في الفم تأكل العظم وتنزل الدم أنا الراقي والله الشافي والكافي لا اله الاّ الله والحمد لله رب العالمين واذ قتلتم نفساً فادّارأتم فيها.. الى قوله لعلكم تعقلون. ويروي أيضاً عن كتاب طب الائمة رواية لدفع الحمّى بأن يقول: اللهم ارحم جلدي الرقيق وعظمي الدقيق وأعوذ بك من فورة الحريق، يا ام مثلام ـ أي الحمّى ـ إن كنتِ آمنتِ بالله فلا تأكُلي اللحم ولا تشربي الدم ولا تفوري من الفم وانتقلي الى من يزعم أن مع الله إلهاً آخر فاني أشهد أن لا اله الاّ الله و أشهد أن محمداً عبده و رسوله. ومثل هذه الموارد المؤسفة كثيرة في كتب الأصحاب يكاد يخطئها الحصر، والغاية من ذكر هذه النماذج هي بيان مدى تأثير التمسك بالنصوص وتقديسها على ذهنية العالم فضلاً عن الجاهل، بحيث تجعله ينظر الى القضية من موقع التعتيم الفكري ومحاصرة العقل داخل دائرة النص، فلا يلتفت الى مستلزمات الفتوى في اطار العقل والواقع. لكن في المقابل نرى السيد المرتضى(رحمهم الله) يتخذ موقفاً سلبياً بالنسبة الى الروايات المخالفة للعقل فمثلاً يقول بالنسبة الى ما ورد من تكلّم الحيتان بجحد ولاية اميرالمؤمنين(عليه السلام) وانها مُسخت لذلك، «فاما القول بانّ الجرّي مُسخ بجحده الولاية، فهو ممّا يُضحك منه ويُتعجّب من قائله والملتفت الى مثله» (الامالي 2: 351) ويقول أيضاً: «واما اضافة اعتقاد الحق الى بعض البهائم واعتقاد الباطل والكفر الى بعض آخر، فممّا تخالفه العقول والضرورات، لانّ هذه البهائم غير عاقلة ولا كاملة ولا مكلّفة، فكيف تعتقد حقاً أو باطلاً؟ واذا اورد أثر في ظاهره شيء من هذه المحاولات اما اُطُّرِحَ او تُؤوّل على المعنى الصحيح»
9 ـ التقليد للسلف: إن القراءة الاصولية للتراث تستدرج اصحابها لتقليد الاسلاف والجمود على المعارف الدينية السالفة والتاريخية، بذريعة أن علماء السلف هم أقرب منّا الى عصر النص، وبالتالي فهم أقدر من المتأخرين في فهم رموز النصوص الدينية وفحوى الخطاب الشرعي كما هي حجة الفقهاء والمفسرين في الاستدلال على حجية الشهرة في علماء السلف، ولذلك ترى أن اصحاب هذا المنهج يولون أهمية قصوى للاحاطة برأي من تقدم من العلماء والفقهاء واعتبار فهمهم للنص معياراً لحجية الفتوى أو الرواية الضعيفة، بل حتى لو كانت هناك رواية صحيحة فهي عاجزة عن الوقوف امام أكثرية الفتاوى لعلماء السلف رغم أن المبنى الاصولي يؤكد على حجية خبر الثقة وضرورة الأخذ به في مقابل الظن المتولد من رأي العلماء وشهرة الفتوى، والباحث في كتاب «جواهر الكلام» وأمثاله من كتب الفقه السائد في الحوزات العلمية يلاحظ هذه الظاهرة في جميع ابواب الفقه وكيف أن الفقهاء امثال صاحب الجواهر في كتابه يأخذون بفتوى المشهور المؤيد برواية ضعيفة في مقابل تركهم لروايات صحيحة السند لمجرد مخالفتها للمشهور تحت قاعدة «الضعف المنجبر بالشهرة» وبذلك نهجوا مسلك التقليد رغم ادعائهم فتح باب الاجتهاد، وتخلوا عن النصوص من الآيات والروايات رغم كونها من أقوى اركان الاستدلال الفقهي!! ومن مجلوبات هذه الحالة من التشبث بآراء الاقدمين أنك ترى قبل كل فتوى فقهية العشرات من المتون والعبارات التي تحكي فهم علماء السلف وفتاواهم لتمهيد الطريق لفهم النص الشرعي من آية أو رواية، وهذا يعني «قراءة النصوص الدينية بعيون الموتى».
10 ـ الانغلاق على الذات إن الظاهرة السائدة بين أرباب اللاهوت واصحاب التراث هو موقفهم السلبي من الحضارة الغربية وتوجّسهم من كل جديد واتهامهم لكل فكر مستورد بأنه بدعة وكفر وانحراف وزيغ حتى لو كان يصبّ في دائرة تكريس العدالة والاخلاق الانسانية وحقوق الإنسان وأمثال ذلك، ومعلوم أن كل ثقافة وحضارة بشرية لا تخلو من ايجابيات ونقاط قوة حتى الثقافة الجاهلية للعرب قبل الإسلام كما يوحي بذلك النبوي المعروف: «انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق»، فقد كانت هناك اخلاق ومآثر وقيم اخلاقية في الثقافة البشرية قبل الإسلام، وجاء النبي لاكمالها وتتميمها، فكيف بالحضارة الغربية التي استرفدت في أكثر من صعيد من الحضارة الاسلامية وقامت بعملية امتصاص ثقافي لكل ما هو انساني ونافع لدى الحضارات البشرية والاديان السماويّة؟! والطريف أن هؤلاء الذين يدعون القيمومة على الدين والتراث في الوقت الذي يتهجمون على كل ما هو غربي على مستوى الفكر والثقافة والاخلاق والحقوق نراهم على صعيد التطبيق والممارسة يتكالبون في عملية اقتباس المنهج الغربي في الديمقراطية واسلوب الحكم والقضاء والقانون ونمط المعيشة ويسعون لتطبيق هذا الوافد المعرفي الجديد مع آليات التراث. فمثلاً لا تكاد تجد كتاباً اسلامياً لأرباب الفكر التراثي في باب الحكومة والإمرة الاّ ويتعرض فيه الكاتب الى مثالب الديمقراطية ويسعى الى تفنيدها وبيان قصورها وعجزها عن تمثيل المشروعية، والحال أنه ما أن قامت الدولة الاسلامية في ايران الاّ وأخذت بالمنهج الديمقراطي في انتخاب المسؤولين بحذافيره واعتبرته المثل الاعلى لتحقيق العدالة الاسلامية في مجال الحكومة والسياسة، والأعجب من ذلك أنهم في هذا الحال لا يتراجعون عن موقفهم السلبي تجاه المنهج الديمقراطي في الحكم واعتباره زيفاً يناهض الحقيقة الموهومة في أذهانهم عن شمولية الإسلام واستيعاب الفقه الاسلامي لكافة مناحي الحياة!! إن ما نحتاج إليه الآن هو استخدام عقولنا بصورة نقدية فعالة على مستوى قراءة التراث من جهة، وقراءة الوافد الثقافي الجديد من جهة اخرى لاستخراج ما يتطابق منهما على واقعنا المعاصر وتغليب العقل النقدي على التعصب الديني في عملية اعادة ترتيب علاقتنا بهويتنا الدينية، وعدم الجمود على قوالب معرفية متحجرة، أو رفض والغاء كل جديد في سماء الثقافة البشرية والحضارة الانسانية. الخطاب الايديولويجي الذي يحمله ارباب العقل الديني والسلفيون لا يعدو عن كونه خطاباً خاوياً في معانيه وفارغاً في مفاهيمه ومعقولاته ولا يحمل سوى التبجيل والتمجيد، أو الادانة والإتهام.. التبجيل بالإسلام والمجتمع الاسلامي المثالي الذي يعيش كحقائق محنّطة في مدارات العقل اللاهوتي فحسب، ولا يمكنه النزول به الى واقع الإنسان في حركة الحياة، ولا يتجسد في ممارسة ميدانية لأفراد البشر بما يحوي وجودهم من عواطف انسانية ونوازع مادية وغرائز بدنية.. وادانة واتهام لكل المفاهيم والمعارف البشرية السماوية منها والارضية، الإلهية منها والالحادية، بل وحتى الاسلامية منها من نتاجات المذاهب الاخرى، فاذا قلت إن هذه الاشكالات نابعة من صميم الذات البشرية وليس بامكان أي دين أو مذهب مهما بلغ في مرتبة الكمال والصفاء على مستوى الحقيقة أن يبقى على صفائه ومثاليته في عملية الصعود بالمجتمع البشري الى مستوى الطموح وتنقيته من شوائب الجواذب النفسانية والانانية، لقالوا إن الإسلام قادر على تحقيق المجتمع الانساني المثالي على أرض الواقع حتماً فيما لو اعطيت له (أي لرجال الدين) ازمّة الحكم، ولعاش الناس فيه الجنّة الموعودة في عالم المؤاخاة والمحبة والوئام والتزاور والتعاون فيما بينهم... .. الإسلام قادر على صناعة المجتمع الملائكي من هؤلاء البشر، فلا سرقة ولا كذب ولا غش ولا محاكم ولا شرطة ولا ... ولا، لأن كل هذه الامور من افرازات المذاهب الوضعية الكافرة ووليدة الجهل بالانسان وأبعاده المعنوية والروحانية، والإسلام يستوعب في احكامه وقراراته جميع الخصوصيات والدوافع الايجابية والسلبية في عالم البشر. وتأتي التجربة الاسلامية في ايران لتقوّض هذا الوهم وتسقط هذا المجتمع المثالي من سمائه وتجعل دعاة المثالية اللاهوتية امام الحقيقة الشاخصة، فبعد أكثر من عشرين عاماً على تجربة الحكومة الاسلامية والحال هو الحال إن لم نقل أنه يزداد سوءاً يوماً بعد آخر. ولو لا وجود العوائد النفطية الضخمة التي يتم تزريقها في مفاصل الاقتصاد الايراني والتي من شأنها اسدال الستار على العيوب والثغرات والأزمات لكان لهذه الدولة الفتية شأن آخر. وعلى اية حال، فالملاحظ على كلمات اصحاب القراءة الاصولية للتراث هو الخلط بين الدين الاسلامي كمباديء وحيانية سماوية. وبين الإسلام المتجسّد في المسلمين، والتحدث باستمرار عن الإسلام بمعناه الاول في حين أنّ محلّ النزاع هو الثاني.
11 ـ مدلول الاحاديث الشريفة: أما بالنسبة للاحاديث الشريفة التي أوردوها لتأييد منهجية العقل الديني فلا ريب أن أهل بيت الوحي والنبوة هم أقدر الناس على استرفاد حقائق الدين من منبعها وأن كل من يحيد عنهم ويتمسك برأيه في مقابل رأي العترة الطاهرة ألزمه الله التيه الى يوم القيامة حسب ما ورد في الحديث المذكور، ولكن أين هذا مما نحن فيه وقد مضت القرون والاعصار على عصر النص وحمل لنا سيل التراث الديني كل غث وسمين واختلط فيه كلام العترة بآراء العلماء والمفسرين وفاقت الروايات الموضوعة الروايات الصحيحة؟! هذا أولاً. ثانياً: إن الروايات الواردة في هذا الباب لا تدلّ الاّ على زمن الحضور، ومعلوم أن المسلم اذا سمع من الامام المعصوم مشافهة فلا مسوغ له شرعاً لاستجداء المعرفة الدينية من غيره أو الاعتماد على رأيه، وبالتالي فهي قاصرة عن استيعاب العصور المتأخرة بزمان طويل مع ما يرافق ذلك من متغيّرات حضارية ومستجدات ثقافية، فحتى لو كانت الروايات صحيحة وأن الامام قد علّم تلامذته وجوهاً من التفسير والعقائد والمعارف الدينية، فليس من الحتم فيما لو فرض حضوره في هذا العصر أن يكون رأيه الفعلي هو رأيه السابق مع ما نشاهده من توالد معرفي عظيم واتساع الفكر الفلسفي وتطور الثقافات والعلوم، لأن أهل بيت النبوة مأمورون بأن يكلّموا الناس على قدر عقولهم، وأين البدوي الساذج في عصر النص بما يحمله من ثقافة هزيلة ومعارف ابتدائية عن المثقف المعاصر؟ ثالثاً: معارضتها للروايات المستفيضة التي تشيد بالعقل في دائرة المعارف الدينية والتي تكاد تبلغ التواتر: منها: ما أورده الكليني في اصول الكافي عن الإمام الصادق(عليه السلام) عندما سأله الراوي: «ما العقل؟ قال: ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان. قال: قلت: فالذي كان في معاوية؟ فقال: تلك النكراء، تلك الشيطنة وهي شبيه العقل وليست بالعقل» ومنها: ما رواه هشام عن أبي عبدالله(عليه السلام) في حديث طويل قال: «يا هشام إنّ لله على الناس حجّتين: حجّة ظاهرة وحجّة باطنة، فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمّة، وأمّا الباطنة فالعقول» ومنها: ما رواه اسماعيل بن مهران عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «العقل دليل المؤمن» ومنها: ما رواه محمد بن مسلم عن الإمام الباقر(عليه السلام) قال: «لمّا خلق الله العقل استنطقه ثم قال له: أقبل فاقبل، ثمّ قال له: أدبر فادبر، ثمّ قال: وعزّتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحبّ إلي منك ولا أكملتك إلاّ فيمن اُحبّ، أمّا أني إياك آمر وإياك أنهى وإياك اُعاقب وإياك اُثيب» هذا مع الآيات الكثيرة التي تدعو الإنسان إلى التعقل والتدبّر في اصول الدين والعقائد الدينية وتنعى على المشركين والكفّار تركهم الاحتكام الى العقل ولجوئهم إلى التقليد والتمسك بالوهم والخرافة واتّباع سُنّة الآباء. رابعاً: إنّ هذا الروايات خارجة عن محل النزاع، لأنّها واردة في مورد التعبّديات من الأحكام الفقهيّة حيث شاع في ذلك العصر الأخذ بالظن والقياس والاستحسان كما هو المعروف من فقه أهل السنة لاعتقادهم بوجود خلأ فقهي مقابل الحوادث المستجدة لا يمكن معرفة الحكم الشرعي فيها إلاّ من خلال الأخذ بالقياس والاستحسان. فهذه الروايات ناظرة إلى هذه الحقيقة حيث تنهى اتباع أهل البيت(عليهم السلام) عن اللجوء إلى العقل الظنّي لمعرفة حكم الله تعالى وتؤكّد على الأخذ بأقوال الأئمّة(عليهم السلام). * * *
#أحمد_القبانجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التفسير السسيولوجي لظاهرة الايمان بالله
-
التجربة الدينية للنبي
-
هل الدين معيار للعدالة أو العدالة معيار للدين؟
-
القراءة السطحية للنصوص
-
-لا للديمقراطية- هو الشعار الحقيقي للإسلام السياسي
-
صورة الله عند الفلاسفة
-
من انجازات النبي ... توحيد القبائل والشعوب
-
المنهج الجديد في تفسير النص
-
اسطورة الفيل وحرب أبرهة الحبشي
-
العلاقة المتبادلة بين الدين والأخلاق
-
من انجازات النبي ... تشكيل الدولة
-
مساهمات الفلاسفة في نشوء علم النفس
-
حقوق الانسان من منظور اسلامي
-
ابراهيم الخليل وإشكالية ذبح الابن
-
الوعد الالهي بالارض المقدسة
-
نقد الاعجاز البلاغي في القرآن
-
موقف الاسلام من المرأة
-
الفلسفة الوجودية
المزيد.....
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|