|
البيئة التمكينية والفرص المتاحة للمصالحة الفلسطينية
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 3937 - 2012 / 12 / 10 - 14:37
المحور:
القضية الفلسطينية
تستحضر أزمة المشروع الوطني والحديث عن إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية حقيقة تاريخية وهي أن المشروع الوطني الحديث منذ بداياته الأولى مع منظمة التحرير عام 1964 لم يكن مشروعا وطنيا خالصا ولم يكن ميثاق المنظمة برنامجا وطنيا خالصا،فدوما كانت المحددات الخارجية العربية والإقليمية والدولية حاضرة في تأسيس وتطور النظام السياسي الفلسطيني . هذا الاستحضار للتاريخ مفيد ونحن بصدد التفكير بإعادة بناء وتفعيل المشروع الوطني من خلال عنوانه الرئيس منظمة التحرير، فسقوط أنظمة ودول عربية وإقليمية وصعود أخرى ،وانهيار نظام دولي وصعود آخر ،كل ذلك لا يغير من حقيقة قوة تأثير المحددات الخارجية في القضية الفلسطينية وفي الخيارات الكبرى للشعب والقيادة . إن قوة تأثير العوامل الخارجية في النظام السياسي الفلسطيني نلاحظها اليوم من خلال ارتهان المصالحة بالحالة العربية والإقليمية،فالفلسطينيون عجزوا عن تحقيق المصالحة اعتمادا على الذات،وهكذا تنقل ملف المصالحة من السودان إلى اليمن إلى مكة ثم القاهرة فالدوحة ،حتى السينغال حاولت لعب دور في عملية المصالحة. كما أن الانجازات التي تم تحقيقها من خلال مواجهة العدوان على غزة والتصويت لصالح فلسطين في الأمم المتحدة لم يتولد عنها دينامكية ذاتية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من تفاهمات المصالحة،وينتظر أطراف المصالحة تطور الأوضاع في مصر ليعودوا إلى طاولة الحوار،ولا ندري هل ستصبح المصالحة في حكم المؤجل ما استمرت الأوضاع غير مستقرة في مصر ؟ وما هو الحال إن تدهورت الأمور أكثر في مصر ؟. وفي نفس السياق فإن التصويت لصالح الاعتراف بفلسطين دولة مراقب سيغير من أولويات القيادة والشعب خصوصا أولوية إعادة بناء منظمة التحرير، لصالح أولوية تجسيد مؤسسات الدولة .وكما سنوضح لاحقا فإن القرار ألأممي وبالرغم من عدم الزاميته إلا أنه سيجعل مركز ثقل الاهتمام والعمل السياسي متجها نحو الدولة وليس منظمة التحرير. نتائج العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منتصف نوفمبر 2012 الذي توج بصفقة تهدئة بين حركة حماس وإسرائيل واعتبرتها حركة حماس نصرا لها ولنهج المقاومة،ثم التصويت لصالح قرار فلسطيني يمنح فلسطين صفة دولة مراقب وهو ما اعتبرته منظمة التحرير نصرا لنهجها السياسي السلمي،كلا الحدثين استنهضا حالة شعبية وحدوية حتى وإن كانت عاطفية، قد تشكل حالة ضغط على النخب السياسية تدفعها لتحريك ملف المصالحة ،وخصوصا أن مباركة حركة حماس خطوة الرئيس بالذهاب إلى الأمم المتحدة لها دلالة سياسية حيث تضمر اعترافا من حماس بهدف الدولة في قطاع غزة والضفة،كما أن صفقة التهدئة التي وقعتها حماس بوساطة مصرية تتضمن رسائل سياسية وخصوصا فيما يتعلق بوقف ( الأعمال العدائية) بين الطرفين – غزة وإسرائيل- حيث تضمر وقف المقاومة أو الأعمال المسلحة وهذا احد مطالب أو شروط الرباعية للاعتراف بحركة حماس. في الجهة الأخرى، فإن (نصر) الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة هو حصيلة دبلوماسية الرئيس أبو مازن وكذلك حصيلة التعاطف الدولي مع معاناة أهل غزة وصمودهم في مواجهة الممارسات العدوانية الإسرائيلية ،وهي أمور وظفها الرئيس أبو مازن في خطابه قُبيل التصويت على القرار. النصر السياسي في الأمم المتحدة سيفرض تحديات على منظمة التحرير ومجمل النظام السياسي ،فإن كان عزز من موقف الرئيس أبو مازن ومن خيار السلام الذي يؤمن به إلا أنه سيؤدي تدريجيا إلى تهميش دور المنظمة بحيث ستصبح (الدولة) مرجعية للفلسطينيين كما أن دول العالم ستنحو نحو مزيد من التعامل مع مؤسسات الدولة كممثل للشعب بدلا من منظمة التحرير. بالإضافة إلى ما سبق فإن الاعتراف بفلسطين دولة مراقب سيطرح إشكالات قانونية وسياسية ذات صلة بمكانة منظمة التحرير ودورها المستقبلي وعلاقتها بالدولة من جانب وبالسلطة من جانب آخر . هذه المستجدات ستضاف إلى الإشكالات القديمة حول التمثيل والمرجعيات الفلسطينية،الأمر الذي يجعل كل محاولة للتصدي لمعالجة أزمة التمثيل الفلسطيني تصطدم بما هو أكبر من مجرد الاختلاف على آلية الانتخابات أو النسب التمثيلية . الموضوع ليس مجرد إحلال حزب محل حزب على رأس سلم القيادة والتوجيه ،فإشكاليات التمثيل القديمة والجديدة نتاج لأزمة أكبر وأعمق تعكس حالة ألا يقين عند الفلسطينيين حول حقوقهم المشروعة وقدرتهم على تحقيقها ،أزمة لها علاقة بمفهوم المشروع الوطني من حيث أيديولوجيته و أهدافه وأدوات تنفيذه ،فالصراع على التمثيل اليوم يعكس صراعا وجدانيا وأيديولوجيا بالإضافة إلى الخلافات السياسية ،ثم جاء الانقسام ليضيف صراعا حول السلطة ومغانمها ،كما أنه ذو صلة بالمتغيرات الإقليمية والدولية ،فتاريخيا كان المشروع الوطني محصلة توازن هش بين القدرات الذاتية الفلسطينية والرغبة باستقلالية القرار الوطني من جانب ومشاريع وأجندة دول الجوار من جانب آخر . ومع ذلك نقول إن القضية الفلسطينية تعيش هذه الأيام لحظة تاريخية ،فحالة التأييد العالمي غير المسبوق لعدالة القضية الفلسطينية والتحولات العربية من حولنا ،وحالة النهوض الشعبي الفلسطيني في كل مناطق تواجدهم، والمأزق الذي تعيشه إسرائيل بسبب كل ذلك ،تمنح القيادة الفلسطينية – منظمة التحرير وحركة حماس- فرصة تاريخية عليهم اهتبالها قبل فوات الأوان – المنطقة العربية والنظام العالمي يعرف حالة سيولة تجعله قابل للتغيير بسرعة - ،من خلال تنفيذ اتفاقية المصالحة بدون مزيد من إضاعة الوقت في إعادة النظر بمواقف يرى البعض أن انتصاره يمنحه أكثر مما تمنحه التفاهمات السابقة،ولنجعل من نصر غزة العسكري مدخلا لاستكمال النصر السياسي الذي تحقق في الأمم المتحدة، وليس بديلا أو معيقا له ،وبعد ذلك يمكن التفكير بما بعد غزة والضفة . ونعتقد أن المناخ المتوفر الآن وخصوصا في قطاع غزة يسمح بأن ينعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير في قطاع غزة ولو في جلسة سريعة تعزز روح المصالحة وبعدها يمكن الانتقال لأي مكان آخر .
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انجازات تحتاج إلى حاضنة وطنية
-
هل الدم الفلسطيني رخيص لهذا الحد؟؟
-
حرب الهدنة الإستراتيجية وترسيم الحدود
-
المطلوب عقلانية فلسطينية وبطولة عربية للرد على العدوان الإسر
...
-
دور المجتمع المدني الفلسطيني في الدفاع عن القضايا الوطنية
-
الانقسام الفلسطيني وتأثيره على المشروع الوطني
-
أمير قطر يقطع شعرة معاوية في غزة
-
التصعيد على قطاع غزة يضع حركة حماس أمام خيارات صعبة
-
كتاب : النظرية السياسية بين التجريد والممارسة
-
ما وراء عودة الحديث عن دولة ثنائية القومية في فلسطين
-
الشرعية الدولية تمنحنا أكثر من مجرد قرار غير ملزم
-
نحو علم اجتماع سياسي فلسطيني
-
مراجعة لكتابنا (المشروع الوطني الفلسطيني من استراتيجية التحر
...
-
الوطنية الفلسطينية بين قوى إسلامية ناكرة لها وقيادة تاريخية
...
-
كفى مكابرة ولنقلها صراحة، لقد فشلت تسوية أوسلو
-
الرئيس أبو مازن والسباحة ضد التيار
-
قطاع غزة : أدوار وظيفية ومراهنات متعددة
-
هل المشروع الوطني الفلسطيني كبش فداء صعود الإسلام السياسي إل
...
-
النخبة السياسية الفلسطينية: صناعة الانقسام وأوهام الانتصار (
...
-
النخبة السياسية الفلسطينية: صناعة الانقسام وأوهام الانتصار (
...
المزيد.....
-
بعد أن فرضتها أمريكا على الصين وكندا والمكسيك.. ما هي الرسوم
...
-
بسبب بطة.. رجل يتعرض لموقف مرعب بينما كان يحاول اللحاق بكلبه
...
-
ظهور الشرع في -سدايا- للاطلاع على أهم الجهود ضمن -رؤية السعو
...
-
الرئيس الألماني يزور الشرق الأوسط لبحث الوضع في سوريا
-
قائد عربي جديد ينضم إلى قائمة مهنئي الشرع بتنصيبه رئيسا لسور
...
-
ستارمر يضغط لإحلال السلام في فلسطين بصيغة السلام في إيرلندا
...
-
أمريكا.. مظاهرات ضد خطط الترحيل الجماعي (فيديو)
-
إصابة عشرات الأشخاص على الأرض في حادث طائرة فيلادلفيا
-
قمة للاتحاد الأوروبي والناتو وبريطانيا حول الإنفاق الدفاعي ي
...
-
قلق صالات الـ-جيم-.. لماذا يخشى البعض الذهاب إلى النادي الري
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|