شمخي جبر
الحوار المتمدن-العدد: 3937 - 2012 / 12 / 10 - 13:34
المحور:
حقوق الانسان
بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان
مذلون مهانون
تحضرني شخصيات رواية دستوفسكي (مذلون مهانون) كلما قرأت عن حقوق الانسان وما يتعرض له من انتهاكات وعنف منذ ولادته ، متمثلة بالعنف المادي والمعنوي.
فلا تختلف تأثيراته كثيرا ، بل في احيان كثيرة يكون تأثير العنف المعنوي اكثرا واكبر اذ يمتد مع الانسان طوال حياته فيعيش حالة الاستكانة والذل والاستسلام التي تشكل شرخا كبيرا في نفس الانسان،عمليات الاذلال التي يتعرض لها تنعكس على حياته منذ طفولته حتى شيخوخته .
فكيف بالانسان الطفل عندما يتعرض للعنف والاهانة سواء كان ذكرا او انثى ، قطعا سيشكل عبئا على المجتمع اذ يتحول الى حالة من المرض النفسي التي تنعكس على سلوكه الاجتماعي ، فيفقد المجتمع فاعلية هذا الفرد وفقدانه لروح المبادرة والحيوية.
الانتهاكات التي يتعرص لها الطفل تعمل على طحن ذاته الانسانية النامية في داخله وقتلها في مهدها وقمعها في ساعات تكونها وتبلورها الاول.
فعقاب الطفل وحرمانه والغضب عليه وصفعه واخضاعه وكسر شوكته وعنفوانه تجعله يعيش حالة من الانصياع التام والاسترحام والتذلل .
الام تعيش الظروف ذاتها حيث تتعرض لاشكال العنف والاهانة والاهمال وغمط الحقوق فتعيش حالة من الاستلاب.
وفي المجتمعات التي تسودها انظمة استبدادية لايمكن ان يكون لحقوق الانسان فيها اي مجال ، بل تتحول هذه القيمة الانسانية الى نكتة يطرحها مترفون خارج اللحظة السياسية الاستبدادية.
وبقدر تعلق الامر بالمجتمع العراقي الذي عاش اكثر من ربع قرن في ظل النظام الواحد والحزب الواحد والمنهج التربوي والاخلاقي التسلطي الذي اشتغل طوال هذه السنوات على بناء انسان مهان مذل ممتهن داخل الاسرة والمدرسة منذ طفولته ، ومن ثم تتلقفه المنظومة السياسية والعسكرية التي تمارس ضده شتى انواع الامتهان والترويض حتى تفقده كل معالم انسانيته وليست حريته فقط .
في ظل الانظمة السياسية الاستبدادية يعيش الانسان ان اراد لحياته ان تستمر ، حياة مفرغة من كل روح المبادرة والابتكار والاعتزاز بالذات ، ففي ظل آليات طحن الذات الانسانية ووسائل الترويض ليس امام الانسان الا الانصياع والخضوع ، فثقافة الذل والمهانة لاتصنع الا انسانا خاويا مطيعا مستسلما.
شمخي جبر
[email protected]
#شمخي_جبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟