أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدى زكريا - انكار الله فى القرن العشرين














المزيد.....

انكار الله فى القرن العشرين


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3937 - 2012 / 12 / 10 - 12:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


" يسلم الناس بفكرة غياب الله وهم ينظمون حياتهم باسقلال, للخير او للشر, ودون اى اعتبار لله. " - مئة سنة من الجدال بشأن الله - مصادر الالحاد العصرى.
رغم ان الشجرة الباسقة تشكل للوهلة الاولى منظرا مؤثرا, لكنها تصير فى النهاية امرا اعتياديا. فوجودها يصير مألوفا, ولا يعود ارتفاعها يوحى بالرهبة.
والامر مماثل بالنسبة الى الالحاد. فمع ان انكار وجود الله سبب الكثير من الجدال خلال القرن ال19, الا انه لم يعد امرا يصدم او يزعج اليوم. فقد سمح عصر من التساهل للالحاد بان يتعايش سلميا مع الايمان بالله.
" يشير الالحاد فى بعض الاحيان الى مجرد الرفض او التجاهل العمليين لله. " تذكر دائرة المعارف الامريكية. ولهذا السبب يعطى قاموس اوكسفورد الانكليزى التعريف الثانى التالى للكلمة " ملحد ", " شخص ينكر الله ادبيا, شخص لا يعترف بشريعة الهية. "
نعم, يمكن ان يستتبع الالحاد اما انكار لوجود الله ولسلطته او كليهما.
ان رفضا كهذا لسلطة الله يمكن ان يعود الى الزوجين البشريين الاوليين. فقد اعترفت حواء بوجود الله, لكنها ارادت ان تكون كالله عارفة الخير والشر. والمعنى الضمنى لذلك هو ان تتمكن ان تكون سيدة نفسها وتسن شرائعها الادبية الخاصة. وانضم ادم اليها فى ما بعد فى هذا الانكار لسلطة الله.
وهل هذا الموقف سائد اليوم ؟ نعم. ان الالحاد الخبيث ظاهر فى التماس الاستقلال. " سئم الناس اليوم من العيش وعينا الله تراقبهم ". يذكر كناب مئة سنة من الجدال بشأن الله - " انهم يفضلون ان يعيشوا فى حرية. "
ان افظع انكار لسلطة الله يصدر عن رجال دين العالم المسيحى الذين استبدلوا حقائق الكتاب المقدس النقية بالتقاليد البشرية الصنع. وبالاضافة الى ذلك, ساندوا الحروب الاكثر اراقة للدماء فى القرن العشرين, رافضين بالتالى وصية الكتاب المقدس باظهار المحبة الحقيقية.
وايضا انكر رجال الدين الله بادارة ظهورهم لمقاييسه الادبية - كما هو واضح, على سبيل المثال, من السيل المستمر من الدعاوى القضائية ضد كهنة مضاجعى اولاد. وتشبه حالة العالم المسيحى حالة يهوذا واسرائيل القديمتين. " امتلأت الارض دماء وامتلأت الارض عنفا. " قيل للنبى حزقيال, " لأنهم يقولون الرب قد ترك الارض والرب لا يرى "ولا عجب ان كثيرين هجروا كنائس العالم المسيحى كليا. ولكن هل ينبغى ان يهجروا الايمان بالله ؟
سواء لاحظ ملحدون كثيرون الرياء الدينى او لا, لا يمكنهم ان يوفقوا بين الايمان بالله والالم فى العالم. قالت مرة سيمون دو بوفوار : " وجدت الايمان بعالم دون خالق اسهل من الايمان بخالق يحمل عبء كل تناقضات العالم. "
هل تبرهن مظالم العالم - بما فيها المظالم التى يثيرها المتدينون الريائيون - انه لا يوجد الله ؟ تأملوا فى ما يلى : " اذا جرى استعمال سكين من اجل تهديد, ايذاء, او حتى قتل شخص برئ, فهل يبرهن ذلك انه ليس للسكين مصمم ؟ ألا يظهر بالاحرى ان الشئ استعمل بالطريقة الخاطئة ؟ وبشكل مماثل, يبرهن الكثير من الحزن البشرى ان البشر يسيئون استعمال قدراتهم المعطاة من الله وكذلك الارض.
لكن كثيرين يعتقدون انه من غير المنطقى ان نؤمن بالله لاننا لا نراه. ولكن ماذا عن الهواء, الموجات الصوتية, والروائح ؟ لا يمكننا ان نرى ايا من هذه الاشياء. ولكننا نعرف انها موجودة. فرئاتنا, اذاننا, وانوفنا تخبرنا بذلك. وطبعا, اننا نؤمن بما يرى اذا كان لدينا الدليل.
بعد التأمل فى الدليل الفيزيائى - الذى يشمل الالكترونات, البروتونات, الذرات, والحموض الامينية, والدماغ المعقد - اندفع العالم فى العلوم الطبيعية ارفنغ وليم كنوبلوخ الى القول " اننى اومن بالله لأن وجوده الالهى بالنسبة الى هو التفسير المنطقى الوحيد لوجود الامور كما هى عليه. " وعلى نحو مماثل, يذكر الفيزيولوجى مارلن بوكس كرايدر " بصفتى كائنا بشريا عاديا وايضا بصفتى رجلا خصص حياته للدرس والبحث العلميين, ليس لدى ادنى شك فى وجود الله. "
ان هذين الرجلين ليسا الوحيدين, فاستنادا الى البروفسور فى الفيزياء هنرى مازغنو, " اذا تأملتم فى العلماء البارزين, تجدون ملحدين قليلين جدا بينهم. " فلا تقدم العلم ولا فشل الدين يلزم ان يرغمانا على هجر الايمان بخالق. وهناك سبب.
سنة 1803 كتب رئيس الولايات المتحدة توماس جفرسون : " اننى حقا اعارض فساد المسيحية, انما لا اعارض الوصايا الاصيلة ليسوع نفسه. " نعم, هنالك فرق بين العالم المسيحى والمسيحية. فالكثير من عقائد العالم المسيحى مؤسس على تقاليد بشر. وبالتباين مع ذلك, تؤسس المسيحية الحقة معتقداتها على الكتاب المقدس وحده. لذلك كتب بولس الى الكولوسسيين فى القرن الاول انه يجب ان يكسبوا " المعرفة الدقيقة " " الحكمة " و " الفهم الروحى ".

ترسيخ جذور الالحاد
فى اواسط القرن ال18, اوكل الى الفيلسوف دينيس ديدرو ان يترجم موسوعة من مجلد واحد من الانكليزية الى الفرنسية. لكن عمله فاق كثيرا توقعات رب عمله. فقد قضى ديدرو حوالى ثلاثة عقود فى تأليف الموسوعة الفرنسية التى له. عمل من 28 مجلدا عرضت فيه روح ذلك العصر.
ورغم ان الموسوعة الفرنسية احتوت على الكثير من المعلومات المفيدة, فانها ركزت على الحكمة البشرية. ووفق مجموعة الكتب التى تحمل العنوان عصور الانسان العظيمة, " تجاسرت على الكرازة بعقيدة الفلاسفة المتطرفة القائلة بأن الانسان يمكن ان يحسن نصيبه فى الحياة اذا استبدل الايمان بالعقل كمبدأ مرشد له. " وغاب ذكر الله بشكل واضح, باختيارهم " المواضيع " يقول كتاب التراث العصرى, " اوضح المحررون ان الدين لم يكن احد الاشياء التى يحتاج الناس الى معرفتها. " ولا عجب ان الكنيسة حاولت حظر الموسوعة الفرنسية. واعتبرها المدعى العام مدمرة للسياسة, الاداب, والدين.
ورغم اعدائها, طلب الموسوعة الفرنسية التى لديدرو حوالى 4,000 شخص عدد مذهل بالنسبة الى سعرها الباهظ, وكانت المسألة مسألة وقت قبل ان يتطور هذا التيار الالحادى المعارض الى انكار الله.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جذور الالحاد
- على اى اساس نبنى حياتنا ؟
- قوة اللسان
- يعقوب وعيسو - قصة للتأمل
- اى طابع يتخذه عيد الميلاد ؟
- هل يحق ان يتعاطى رجال الدين السياسة ؟
- كلمات وطرائف ونكات
- من الملوم ؟
- المرأة مكرمة فى عينى الله (3)
- شجرة النخيل
- هل يهتم الله بالمرأة ؟ (2)
- المرأة فى المجتمع الذكورى (1)
- كون صورة شاملة عن المسألة
- يمكن ان تكون المظاهر خداعة
- ميانمار - الارض الذهبية
- ساعات الخليقة الخفية
- هل الزواج السبيل الوحيد الى السعادة ؟
- هل الايمان شكل من اشكال خداع الذات ؟
- لماذا الكذب سهل جدا ؟
- الرجل رأس المرأة - ماذا يعنى ذلك ؟


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدى زكريا - انكار الله فى القرن العشرين