|
يا مرسى الديمقراطية ليست حيلة فى اعتقال المجتمع وتهديد حرياته باسم صناديق الاقتراع
حمدى السعيد سالم
الحوار المتمدن-العدد: 3937 - 2012 / 12 / 10 - 03:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خطورة سيطرة الماضي على الحاضر .... تتمثل في محاكمة الحاضر بأقوال الماضي بدون معرفة السياقات والمساقات؛ السياق التاريحي والمساق الثقافي والفكري والاجتماع حال التنزيل.... ولعل كلام وفعل ابن تيمية في التحريض والهدم لكل ما هو معتبر لدى أهل زمانيه دليل قاطع لدى الذين يؤمنون بمحاكمة الحاضر بالماضي(منطق القياس)، وعدم فرزهم للإسلام المنزل من الإسلام المؤول... لقد أصبح من الواضح أنَّ الديمقراطية ليست لعبة سياسية وليست أداءً مُؤسَّسيا يرتبط بأجهزة الدولة المدنيَّة الحديثة فحسب، وإنما هي قبل ذلك نظامٌ فكريّ وبناءٌ اجتماعي يقومُ على قيم رسَّختها، شيئا فشيئا، تجاربُ تاريخية ومخاضٌ عسيرٌ انبثق معهُ الإنسانُ بوصفه مرجعية عليا لنظام عمل المُجتمع بعيدًا عن سطوة المُؤسَّسات التقليدية...... الديمقراطية جسَّدت هزيمة اللاهوت على يد الناسوت.... هذا يعني أنَّها مثلت قطيعة معرفية مع نظام المعنى الواحد ومع المُقدَّس الدينيّ، كما مثلت قطيعة سياسيَّة مع " مدينة الله " وعلاقاتها القائمة على الوصاية والإخضاع.... إنها زمن فولتير لا القدِّيس أوغسطين....الديمقراطيَّة، أيضا، ليست مذهبا فكريا أو نظريَّة ناجزة بقدر ما هي تاريخ ينضحُ بالإنسانيّ، ومسارٌ في الانعتاق من محبس المرجعيَّات التي اغتصبت الشرعيَّة في الفضاء السوسيو- سياسي وأسَّستها على المُطلق أو المُقدَّس المُفارق.... او باختصار شديد الديمقراطيَّة، في كلمة، هي التاريخُ مُتأنسِنا..... من هُنا نستطيعُ أن ندرك، جيّدًا، ارتباطها التاريخيَّ الوثيق بمسار الحداثة الظافرة منذ القرن السَّادس عشر في الغرب الحديث.... فقد أسهمت النزعة الإنسانيَّة والعقلانية الفلسفيَّة وأفكارُ عصر التنوير النقديَّة والحقوقيَّة والسياسية في ميلاد أفكار المُساواة والحقوق الطبيعيَّة والإرادة العامَّة، ومكنت من الإجهاز على العالم القديم وأسُسِه الفكريَّة الإيديولوجيَّة المُرتبطة باللاَّهوت السياسيِّ القائم على الحق الإلهيِّ المُطلق.... لقد استردَّ الإنسانُ سيادتهُ على المجال السياسيِّ انطلاقا من احتلاله مركز دائرة القيم وتنصيب نفسه مرجعيَّة عليا لكل مبادرة تاريخيَّة.... هذا يعني أنَّ الديمقراطية لم تنشأ بوصفها لعبة انتخابيَّة شكليَّة وإنما باعتبارها زمنا ثقافيا جديدًا مثل انتصارَ الإنسان، شيئا فشيئا، على آلة الاستلاب الدِّيني العملاقة، وجسَّد خروجَهُ من زمن الارتهان في المُؤسَّسة البطريركيَّة القمعيَّة....
الديمقراطية قامت على أسس ثقافية وعقلية لم تتوفر في تاريخنا.... إنها أسسٌ دشنت عهدًا جديدًا أنهى زمن الوصاية الدينيَّة وحرَّر التاريخ من مُراقبة الأستاذية العقائدية؛ كما جعلَ المُجتمعَ مرجعَ ذاته في حركيَّته التاريخية.... ولم يكن مخاضُ هذا الأمر سهلا كما هُو معروفٌ.... لقد تزامنَ تفكك النظام المعرفيِّ القديم مع تفكك بنية المُجتمع الأبويِّ التقليدي والتراجع التدريجيِّ لعلاقات القوة القائمة على الإخضاع، وهذا لصالح بروز الفردانيَّة وازدهار المعرفة النقدية ونزعات الشك.... من هُنا يُمكننا القولُ إنَّ شجرة الديمقراطيَّة تغذت تاريخيا على الانقلابات السوسيو- معرفية الكبرى التي مهَّدت لميلاد الحداثة في التاريخ الغربيِّ.... ورُبما هذا ما يُتيحُ لنا أن نُقارنَ بين تجربة الغرب الحديث وبين ما حصلَ في تاريخنا الذي ظل راكدًا لقرون حتى لحظة إفاقته على " صدمة الحداثة " مع الاستعمار...لقد كانت الثورة الفرنسيَّة الكبرى سنة 1789 تتويجًا لمخاض عسير وطويل من النضالات المعرفيَّة والفتوحات الفكرية والمطامح الناشئة للطبقات المُتقدِّمة في المُجتمع... لقد كانت الثورة السياسيَّة تعبيرًا عن الرغبة في التغيير الشامل المُعبِّر عن مطامح مُجتمع بورجوازي ديناميكي يُطالبُ بحقه في المُساواة وفي إدارة الشأن العام استنادًا إلى قيم جديدة تتجاوز قيمَ العهد القديم الآفل.... وهذه هي الثورة تحديدًا: حركة نقد وتجاوز واحتضان للتاريخ مفهومًا على أنهُ مسيرة انعتاق من اغتراب الإنسان التاريخيّ.... وهذا النموذجُ الفرنسيّ يُبيِّنُ أنَّ فولتير سبق روبسبيير، وأنَّ " الأنوار " سبقت الثورة السياسية.... فهل كانت ثورتنا، أيضا، تتويجًا لمسار نضاليّ وتقدم معرفيّ ورغبة في النقد الذاتيّ لمُجتمع لم يعُد مُؤسَّسة تكفلُ لأبنائها جميعًا الحياة الكريمة الحُرَّة؟ هل كانت ثورتنا، فعلا، نُشدانا للديمقراطية بوصفها نظامَ عمل مُجتمع يقومُ على مركزية الإنسان والمُساواة الحقوقية بين الأفراد بعيدًا عن أشكال العصبيَّات والانتماءات الطائفيَّة والمذهبيَّة السَّائدة؟ هل كانت ثورتُنا مُحاولة في تأسيس " عقد اجتماعيّ " جديد يتجاوز منطق العلاقات القائمة عندنا، إلى اليوم، بين " الرَّاعي والرَّعية"؟ هل كانت انتفاضتنا ثورة حقا بالمعنى التجاوزيِّ النقديّ أم كانت حنقا مُعبِّرًا عن رفض تحديث فاشل وقع تحت سحر نموذج الدولة الأمنية ولم يُتح لهُ تحقيق التنمية البشريَّة؟ وما تفسيرُنا، بالتالي، لنوستالجيا العودة إلى البدايات ورفض منطق الأنسنة والتقدم من خلال الحلم بنموذج الخلافة القروسطي والرغبة في " تطبيق الشريعة "؟ ما تفسيرُ ذلك الحنينَ الذي لا ينتهي إلى " تطبيق الشريعة " - عند من ينتفضُ ضدَّ نظام الحكم العربيّ - سوى بوصفه ردَّ فعل المُجتمع التقليديّ الذكوريّ على تحديث مُتوحش لم ينجح في بناء مُجتمع المُساواة الحديث على أنقاض مُجتمع الفحولة والوصاية والإخضاع؟ ثمَّ كيف يُمكننا أن نفهمَ " ثورة " تُطالبُ بالرّجوع إلى ما قبل الحداثة الحقوقيّة والسياسية؟ كيف يُمكننا أن نكونَ ثوَّارًا ونحنُ لم ننجز، بعدُ، ثورتنا الثقافيَّة والفكرية و النقدية لمورُوثنا من خلال نقد الذات ومُراجعة نظام عمل ثقافتنا التي لم تعُد على موعدٍ مع التاريخ؟ هل تمَّ نقد الشريعة الإسلاميَّة في شكلها الموروث باعتبارها منظومة قانونية جسَّدت عقلا فقهيا طائفيا مُتمركزا حول حقوق الله لا البشر؟ هل يُمكنُ أن يكونَ ديمقراطيّا من لا تكونُ مرجعية حقوق البشر – بمعزل عن انتماءاتهم الدينيّة – في قلب نضاله ومُمارساته السياسيَّة؟...
قام الكاهن المصري مانيثون بكتابة تاريخ مصر باللغة الإغريقية، جمعه من سجلات المعابد وأفواه الناس... لكن للأسف، فقد هذا التاريخ النادر ولم يتبق منه سوى شذرات تافه... مع ذلك ظل المصدر الرئيس لتاريخ مصر حتى فكت رموز اللغة الهيروغليفية... المصريون المزارعون كانوا أحرارا لا عبيدا.... استخدموا الهندسة الإقليدية في أعمال الري وتحديد المساحات والإرتفاعات.... وطبقوا الأسلوب العلمي في الزراعة، حتى أمكنهم زراعة الحقول بثلاثة محاصيل في العام الواحد... وأدخلت الحكومة أنواعا جديدة من المحاصيل وغرست كميات كبيرة من الكروم...تقدمت زراعة الزيتون، ونشطت زراعة زيت الزيتون، وفرضت الحكومة رسوما باهظة على الزيتون المستورد، حتى تحمي الإنتاج المحلي....استنبطت فصائل جديدة من القمح وأدخلت زراعة الثوم، وأصناف جديدة من الكرنب، وأنواع متباينة من الفاكهة.... وغرست الورود والأزهار على نطاق واسع، لأنها كانت تستخدم في صناعة الأكاليل التي تلبس في المآدب والحفلات العامة....استوردت الحكومة سلالات جديدة من الحيوانات منها الأغنام التي تنتج الصوف الجيد، ولتحسين السلالات المحلية.... وبدأ الجمل ينتشر في مصر بكثرة. وانتشرت أيضا تربية النحل...الى جانب ان بطليموس الأول سك عملة ذهبية وفضية وبرنزية... الأجور كانت تدفع عينا، والمخازن الحكومية كانت تجمع فيها الغلال، وتعمل مثل البنوك.... وعرف المصريون الصكوك(الشيكات) للصرف من المخازن أو البنوك...فى الاسكندرية كان السكان غالبيتهم من المصريين وقله من الإغريق واليهود وأجناس أخرى... يتمتعون بكافة حقوق المواطنة.... لهم مجلس شورى وجمعية شعبية.... وسرعان ما أصبحت الإسكندرية أعجوبة العالم!!.. كان هناك أيضا، مبنى معهد الألعاب الرياضية، واستاد رياضي، وحلبة سباق للخيل، ومسرح، والقصر الملكي، وبجواره متحف ومكتبة الإسكندرية الشهيرة...مكتبة الإسكندرية كانت تحتوي على ما يقرب من نصف مليون لفافة بردية (كتاب).... لكي يزيد بطليموس الثالث من حجم هذه المجموعة، أصدر أمرا يقضي بأن كل مسافر ينزل بالإسكندرية، عليه أن يسلم أي كتب توجد في متاعه لضمها إلى المكتبة، على أن يعطي نسخة رسمية بدلا منها....استعار بطليموس الثالث من أثينا الأصول الرسمية لمؤلفات أسخيلوس، وسوفوكليس، ويوريبيديس، كي يقوم بنسخها نظير ضمان مالي قدره ما يساوي 90 الف دراخما..... لكنه فضل أن يخسر هذا المبلغ على أن يرد الأصول، وأرسل بدلا منها نسخا فقط....في مكتبة الإسكندرية، وضعت أصول علم التصنيف، ووضعت قواعد نقد النصوص الأدبية، وقوائم للمؤلفات الأدبية والعلمية والفلسفية، وحققت مؤلفات هوميروس، ثم أخرجت في صورة لا تختلف كثيرا عن التي بين أيدينا اليوم.... كما ابتكرت العلامات الصوتية في النطق، وعلامات الإستفهام والتعجب وفواصل الكلام في الكتابة، ولم تهمل الرياضيات والعلوم البحتة...
فى مصر استطاع أريستارخوس أن يكتشف دوران الأرض حول الشمس، قبل أن يكتشفه كوبرنيق... واستطاع إراتوستينيس أن يقيس محيط الكرة الأرضية، إلى درجة مرضية.... كما قام إقليدس بتأليف كتاب الأصول في علم الهندسة التي تدرس في مدارسنا اليوم.... واخترع هيرون الآلة البخارية واخترع كذلك الآلة الأوتوماتيكية.... وألف بطليموس القلوذي كتاب المجسطي، وهو أهم كتاب في الفلك ظل متداولا في العالم القديم أكثر من الف عام...وقام أرشميدس باختراع الطنبور المستخدم في الري لنقل الماء من أسفل إلى أعلى، أثناء زيارته لمصر التي كانت مركزا عالميا للعلوم والفنون في ذلك الوقت....المصريون في القرن الأول الميلادي كانوا يتمتعون بدرجة لا بأس بها من الرخاء.... ولا يتبين من الحفريات التي وجدتها جامعة ميشيجان في قرية كرانس (كوم أوشيم) بالفيوم، أي تدهور ملموس في مستوى العمارة أو في رونق الحياة الإجتماعية قبل أواخر القرن الثاني.... فدب النشاط بصورة واضحة في المجالس البلدية، بعواصم الأقاليم، وظل لواء الثقافة الهيلينية مرفوعا....كانت أشعار هوميروس، وهي الكتاب المدرسي الرئيس في التعليم المدرسي، في كل مكان.... ولا ينبغي أن ندهش لوجود قصائد هيسيود (Hesiodus)، وأغاني سافو وروايات مناندر وقصائد كاليماخوس....وأجزاء من قصائد الشعراء الغنائيين وروايات الكتاب المسرحيين الأوائل، كأناشيد الشكر وغيرها من المنظومات لبندار والشعراء المعاصرين.... وروايات أسخيلوس وعددها لا يقل عن 40 رواية، وروايات أخرى لسوفوكليس ويوريبيديس وأرسطوفان... كما يقول محمد زكريا توفيق !!..
لقد كان هناك جمهور كبير من القراء وتجارة رائجة في الكتب.... لم يكن التعليم مقصورا بأي حال من الأحوال على الصفوة من الأثرياء... فقد أدركت قيمته وسعت في طلبه تلك الطبقة المتوسطة التي بذل البطالمة والرومان قصارى جهدهم في سبيل بنائها...كان التعليم يبدأ بالقراءة والكتابة.... أولا الحروف الأبجدية، فالمقاطع المكونة من حرفين، فالمكونة من ثلاثة، إلخ.... بعد ذلك، الكلمات الكاملة..... منهج الدراسة يتدرج بعد ذلك إلى: النحو والبلاغة والأدب والعلوم الرياضية والفلسفة والمنطق...التلاميذ مطالبون بكتابة موضوعات إنشائية وفي مرحلة أعلى، بكتابة خطب في موضوعات مقررة.... إلى جانب ذلك، كانوا يدرسون شيئا عن القصص والأساطير الإغريقية..... ويتبين من كثرة استخدامهم للحكم والأمثال لتمرين التلاميذ على المطالعة، اهتمام المربين بالناحية الأخلاقية...كان التعليم مختلطا، ويوجد إلى جانب المدارس المحلية ومعاهد التربية، مدرسون خصوصيون، لهم مكانة رفيعة في المجتمع، يفد إليهم التلاميذ من جهات نائية.... وعندما يتم التلميذ المراحل الأولى من التعليم، كان الراغبون منهم في التعليم العالي يلتحقون بجامعة الإسكندرية!!...لم تكن الحياة في مصر القديمة خالية من المباهج في القرن الثاني الميلادي.... البرديات تصف أضواء باهرة على الحياة العائلية السعيدة، وما يتخللها من حفلات خاصة بأعياد الميلاد، وولائم للغذاء أو العشاء ومناسبات اجتماعيةأخرى.... ومشتروات، دمى وحلوى للأطفال، ورسائل خاصة متبادلة بين الأفراد والأسر زاخرة بالأشواق.... كما ذاع صيت مدرسة الطب السكندري المصرى ولاسيما التشريح والجراحة.... و ترجمت التوراة إلى اللغة اليونانية لينتفع بها اليهود المشتتون وهي الترجمة المعروفة بالسبعينية.... وفيها، جاء فيلون بمذهبه عن اللوغوس الإلهي...الى جانب ان مصر كانت أكبر منتج للغلال في شرق البحر الأبيض المتوسط.... صدرت البردي والكتان الرفيع والزجاج متعدد الألوان والألاباستر، وكانت مركزا عالميا للتجارة العابرة...
مصر الحضارة اكبر من ان تعطى للتيار المتأسلم صك العودة بها الى عصور ماقبل الحضارة او العودة الى حياة البداوة والتصحر الفكرى والثقافى !!.. لذلك اندهشت وعقدت الدهشة لسانى عندما حصد التيار المتأسلم الاخوانى والسلفى الاصوات فى مجلس الشعب المنحل وسبب دهشتى ان هناك من أهل مصر من يثق فى التيار المتأسلم ويعتقد أنه خير من يمثله في المجلس النيابي... إلى هنا والأمر طبيعي... ولكن هل تؤمن كل هذه الأصوات بأفكار التيار المتأسلم ؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فنحن أمام كارثة حقيقية!!...التيار المتأسلم ينظر الى الحضارة المصرية القديمة كعفن، والديموقراطية كفر، وأدب نجيب محفوظ دعارة....ويحرم الموسيقى وكل المعازف، والتماثيل وكل الفنون، والفلسفة والمنطق وعلم النفس وباقي العلوم الحديثة، والأدب وربما الشعر والزجل واللغة العامية، إلخ...كما يحرم لبس الساعة في اليد اليسرى، والأكل باليد اليسرى والدخول والخروج بالرجل اليسرى، وسير القطارات على الشمال!!...و يحرم عمل المرأة وتعليمها وقيادتها للسيارة وجلوسها على الكرسي وكشفها لشعرها أو وجهها.... ولا يجد غضاضة في زواج طفلة من شيخ ومفاخذتها..... ويشجع زواج الأربعة والإحلال والتبديل بينهن بالطلاق.... ولا يبيح من المتع سوى الأكل والجنس...كما يعتقد التيار المتأسلم أن الإبل مخلوقة من الشياطين، وحلال أكل الشياطين، وأن الشياطين تعاشر الزوجات وتعيش في الخياشيم، لذلك يستحسن الإستنشاق ثلاث مرات عند الإستيقاظ من النوم...الى جانب اعتقاد التيار المتأسلم أيضا في تسطيح الأرض ودوران الشمس والنجوم والكواكب حولها. وأن الجبال أوتاد لمنعها من التطاير في الهواء. وأن الشمس تغرب في بئر طينية...وأن الأرض محمولة على قرني ثور، والثور محمول على ظهر حوت، والحوت يسبح في مياة سوداء... كما جاء في تفسير ابن جريج للآية الكريمة: "الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن، لتعلموا أن الله على كل شئ قدير"...ويضيف ابن جرير: الثور له قرنان وله ثلاثة قوائم، يبتلع ماء الأرض كلها يوم القيامة، والثور على الحوت، وذنب الحوت عند رأسه، مستدير تحت الأرض السفلى، وطرفاه منعقدان تحت العرش، ويقال الأرض السفلى على عمد من قرني الثور، ويقال أيضا بل على ظهره واسمه بهموت...ويستمر ابن جرير: وأخبرت أن عبد الله بن سلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم علام الحوت ، قال على ماء أسود، وما أخذ منه الحوت إلا كما أخذ حوت من حيتانكم من بحر هذه البحار...وحدثت أن إبليس تغلغل إلى الحوت فعظم له نفسه وقال: ليس خلق بأعظم منك غنى ولا أقوى، فوجد الحوت نفسه فتحرك فمنه تكون الزلزلة إذا تحرك، فبعث الله حوتا صغيرا فأسكنه في أذنه، فإذا ذهب يتحرك، تحرك الذي في أذنه فسكن...
وكما يقول خليل عبد الكريم، حراس العروة الوثقى من مؤسسة شئون التقديس، يجيزون مثل هذه النصوص.... في حين ينادون بمصادرة الآراء التي تهدى تجديدا للفكر الديني وتنويرا له!!...التفاسير التراثية مليئة بالأساطير التي تطفح باللاعقلانية والخرافة.... وهي التي تسمى بالإسرائيليات.... وكثير من الإسرائيليات نقلت عن مشاهير الصحابة، وفي مقدمتهم عبد الله بن العباس وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبو هريرة وغيرهم...هذه التفسيرات، تقيم سدا منيعا وتحول دون الفهم السديد، وتشيع الخرافات والجهل الذي يعمل ضد قبول العلم وإعمال العقل، ويجعل أمثال ابو اسماعيل ومحمد حسان والشحات وغيرهم من المؤلفة جيوبهم ويتاجرون بالدين يعيشون بصفة دائمة في رمال البداوة وهضاب الجهالة وكثبان التخلف....ياسادة هذه قصة حضارة مصر بالأخص في عصرين يفصلهما أكثر من عشرين قرنا.... وعلى القارئ أن يحكم، هل نحن نتقدم أن نرجع إلى الوراء بسرعة الصاروخ!!... فقد ذكر ابن كثير أن ابن تيمية أزال العمود المخلَّق، وكسر بلاطةً سوداء زعموا أن عليها كفَّ النبي(صلى الله عليه وسلم ) ، كما حطم صخرة كبيرة كان الناس ينذرون لها، ويتبركون بها( انظر: الجامع لسيرة ابن تيمية، والبداية والنهاية لابن كثير).... وعلى ذات المنوال صار تلميذه ابن القيم حيث ذكر في سياق هدم مسجد ضرار وتحريقه.... فقال:وفي هذا دليل على هدم ما هو أعظم فساداً منه، كالمساجد المبنية على القبور، فإن حكم الإسلام فيها أن تُهدَّم كلَّها حتى تسوَّى بالأرض، وهي أَوْلى بالهدم من مسجد الضرار، وكذلك القباب التي على القبور، يجب أن تُهدَّم كلها؛ لأنها أسست على معصية الرسول؛ لأنه قد نهى عن البناء على القبور... فبناءٌ أُسِّس على معصيته ومخالفته بناءٌ غير محترم...(انظر : إغاثة اللفهان، وزاد المعاد)...انهم يهدمون مفاهيم الدولة الحديثة !!..
وذلك من خلال هدم مفهوم المواطنة، بفقه أحكام أهل الذمة....... وتدمير منطق التعددية بفقه إقصاء أهل البدع والأهواء.....وتحطيم مفهوم الأغلبية بفقه ولاية المتغلب.....وإلغاء مكانة المرأة بفقه عدم جواز ولاية المرأة ولكونها ناقصة العقل والدين....وتهميش مفهوم حرية الاعتقاد بمنطق من بدل دينه فاقتلوه....وإقصاء مفهوم حرية الرأى بمنطق التكفير والزندقة....وهكذا يصدق منطق الهدم والتدمير والتحطيم على مفهوم السياحة ومفهوم الاقتصاد ومفهوم الحرية الفردية.... الخ.. ولولا خوف الاطالة في ذكر الادلة على محاكمة الحاضر بالماضي في مفهوم الدولة القديمة في مفاهيم الدولة الحديثة، ولكن بامكان مراجعة الاستدلال السلفي المتوافر في العديد من المراجع السلفية منها، كتاب غياث الأمم للجويني، والأحكام السلطانية لابي يعلى، وكذلك الاحكام السلطانية للفراء، ايضا كتاب السنة لابن حنبل، والطرق الحكمية لابن القيم، والسياسية الشرعية لابن تيمية..... وغيرها...يتضح مما سبق أن نقد التراث ، وفك الارتباط بين إسلام الوحي وإسلام البشر ، ليس عملية ترف فكري بقدر ما هي ضرورة دينية، واجتماعية، وحضارية إذا ما كنا نرغب يوما ما بالتحليق في سماء دنيا التحضر والرقي !!..أقولُ هذا ونحنُ نشهدُ عودة الإسلاميّين إلى ساحة العمل السياسيِّ في مصرنا المُنتفضة من خلال صناديق الاقتراع...هذا ما يدعُونا بإلحاح إلى مُمارسة ما سمَّيناه " نقد العقل الثوريّ المصرى ".... لقد هلَّل هذا العقلُ لقطع رأس الملك قبل أن يشهدَ ميلادَ حركة النقد الجذريِّ الشامل للثقافة المصرية والمُجتمع المصرى .... لم نتجرَّأ على نقد المُجتمع المصرى إلى اليوم، بوصفه مُؤسَّسة قمعيَّة تعيشُ زمنا ثقافيا راكدًا ولا تنتجُ إلا الآلهة وثقافة " الحنين إلى كل ما يسقط " .... لم ننجح في بناء مُجتمع مُحصَّن ضدَّ كل أشكال النكوص المُمكنة... هذا يعني أنَّ الثورة لا معنى لها بوصفها انتفاضة إن لم يقُدها عقلٌ جديدٌ وعملٌ صبورٌ طويل النَّفَس تربويا وثقافيا وإبداعيّا....
الديمقراطيَّة أنسنة.... وأعتقدُ، شخصيّا، أنَّ العقلَ الدّينيَّ، عندنا، لم ينجح في التأنسُن بشكل كافٍ يُتيحُ له أن يكونَ ديمقراطيّا.... هذه مُشكلة العقل العربيّ – الإسلامي بامتياز في ظل ثقافة لم تشتعل نقديّا على موروثها الخاص منذ قرون... لقد ظلَّ الأشعري مُفكرنا الأعظم وبقي ابن تيميّة مُشرِّعنا الأهم.... و مازال المجالُ العام والحيز الفردي الخاص مُخترَقين، بصفة كلية، من طرف التشريع الدّيني التقليدي ونظام الوصاية والرقابة..... هذا يعني أنَّ دائرة القيم، عندنا، ما زالت واقعة تحت سطوة المُقدَّس الديني ولم تُحدث قطيعتها المعرفية والتاريخيَّة باسم الإنسان وحقوقه.... إنَّ مُجتمعنا، في كلمة، ما زال زنزانة للإنسان المُعتبَر قاصرًا بصورة أبديَّة.... وأعتقدُ أنَّ هذا الأمر يجبُ أن يشكل مدار التفكير الجديّ والعميق في مُشكلة وضع الإنسان ثقافيا وكيانيا في المُجتمعات العربية.... فلا فائدة للتفكير في الديمقراطيَّة سياسيا بمعزل عن الثورة الثقافية والحقوقيَّة التي يجبُ أن تسبقها.... الديمقراطيَّة تحريرٌ من الوصاية المُتعالية وتدريبٌ على العيش المُشترك في ظل التعدد والاختلاف، وهي ليست، أبدًا، حيلة في اعتقال المُجتمع من جديد وتهديد حُرياته ومُكتسباته باسم صناديق الاقتراع....
حمدى السعيد سالم
#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المكارثية الاخوانية خربت مصر
-
التهريج السياسى الاخوانى واستنساخ الثورة الايرانية
-
من دساتير حسنى لدساتير مرسى يا شعب مصر لاتقبل
-
الهجمات المرتدة التركية على سوريا فرصة لاتعوض
-
اروع حبيبة
-
الانتهازيون الجدد : الاخوان والامريكان وأردوجان
-
الاحتكار السياسى الاخوانى وازدواجية المعايير
-
لن نذهب الى كانوسا الاخوانية
-
لا تراجع ولا استسلام حتى يسقط خفافيش الظلام
-
لابد للديمقراطية ان تنتصر فالتطور سنة الحياة
-
باسم الخلافة يريدون خطف الدولة
-
السقوف الايدلوجية الايرانية وثورات الربيع العربى
-
لاتتركوا سيناء تذهب لجماعة ضالة لا تؤمن بمعنى كلمة وطن
-
ماذا يجرى خلف الستار فى الحرب الخفية بين ايران واسرائيل؟
-
تقرير استراتيجى عن الدور الامريكى بعد نجاح اوباما
-
الشريعة هى «قميص عثمان» الذي يتم استخدامه لتبرير العنف الدين
...
-
الشذوذ السياسى هو مشروع الصرف الصحى الاخوانى
-
الفن والابداع فى زمن الاخوان
-
شبكة التوريث والمصالح العائلية الاخوانية تحكم مصر
-
واحد عضنا
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|