سعدون الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3936 - 2012 / 12 / 9 - 01:37
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
القنبلة الموقوتة!
لم يدرك الكثيرون, إن الغزاة, تركوا وراءهم في العراق, أمرآ خطرآ على العراق و مستقبل العراق, و على حاضر و مستقبل الشعب العراقي, و مستقبل أجياله القادمة. إنه القنبلة الموقوتة, التي إبتدأت تغلي محتوياتها. و لن تمضي فترة طويلة حتى نشهد الإنفجار الرهيب. هذه القنبلة هي, الدستور الذي كتبه الغزاة الأمريكان و الصهاينة. و باركه عملاء الإحتلال. و الهدف الرئيسي من هذا الدستور, هو تمزيق العراق
إربآ إربآ, وطنآ و شعبآ و دولة. تمزيق الشعب العراقي, على أسس طائفية و مذهبية و قومية و قبلية.. الى آخره. ثم زرع العدواة و التنافر و البغضاء, بين جميع فئاته و أبناءه. و العودة به الى عصور الجاهلية, حيث مبدأ القبيلة و الطائفة المتعصٍب, هو السائد. و مبدأ أنصر أخاك ظالمآ أو مظلومآ, بدلآ من سيادة القانون. و جعل قبيلة الشخص و طائفته, تهب لنصرته و نجدته, حتى و إن قتل أو سرق أو أجرم؟! و لقد لاحظنا هذا التمزق الذي أصاب الشعب العراقي, منذ إستقرت الأمور للمحتلين, في بداية أيام الإحتلال, و لا زال يتصاعد يومآ بعد يوم, في داخل العراق, و حتى بين العراقيين في صقاع الأرض المختلفة. إذن فإن تمزيق العراق, كان و لا يزال الهدف الأول و الأخير للتحرير الأمريكي المشؤؤم للعراق. الشعب العراقي, هذا الشعب الموحًد و المتآخي و العريق في تأريخه, لم يكن صنيعة لجنون تشرشل, كما ذكر الكاتب الأمريكي الشهير " بيير سالينجر ", في كتابه " حرب الخليج, الملف السري ". و الذي ترجمه الى العربية, كاتب المقال. قال فيه الكاتب, بأن العراق, كان تعبيرآ عن نزوة جنونية لتشرشل, رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية. عندما وحًد ثلاثة شعوب مختلفة, و هم الكرد و السنة و الشيعة, حول بئري نفط, و هما البصرة و كركوك. فظهر العراق الى الوجود, نتيجة لذلك! العراق بلد عريق, و ذو تأريخ و حضارة عظيمة. و الشعب العراقي, كان شعبآ واحدآ موحدآ منذ مئات السنين, و رغم الإحتلالات الأجنبية المتعاقبة عليه. و هذه اللهجة العراقية التي يتكلًم بها جميع العراقيين, و العادات و التقاليد المشتركة و المتشابهة لدى جميع العراقيين, خير شاهد على ذلك. إذ إن تكوينها لا يتحقق بين ليلة و ضحاها, بل هو نتيجة طبيعية, للتعايش المشترك و للتزاوج و التداخل, الذي كان مستمرآ لمئات متواصلة من السنين. تعايش هذا الشعب فيها بوئام و إخوة و تجانس و تعاون و تزاوج, و بجميع طوائفه و قومياته ومذاهبه؟! و فجأة, و بين ليلة و ضحاه, و بمناسبة الغزو الأمريكي للعراق لتحريره, نصحو, فنجد الشيعي و قد أصبح لا يطيق العيش بجانب السني و السني لا يطيق العيش بجانب الشيعي. و الكردي لا يطيق العربي, و العربي لا يطيق العيش مع الكردي. ثم إنتقلت العدوى الى التقسيمات الإدارية العراقية, أي المحافظات, و التي بدأت تشعر بأن العراق الموحد لا يسعها جميعآ. و ما عليها إلا أن تنفصل كل منها بإقليم منفصل خاص بها. إستنادآ للدستور الأمريكي للعراق, و الذي يجيز لكل محافظة عراقية, بالإنفصال عن باقي الوطن, كمرحلة تمهيدية لإعلانها الإستقلال عن العراق. و لست أدري, كيف لم يخطر ببال الغزاة الأمريكان و الأخوة الأكراد و عملاء الإحتلال, أن يجيزوا الحق لأي قضاء إداري أو ناحية في أي مكان من العراق, عدى كردستان, أن يعلن إقليمه المستقل متى شاءت عضلاته, و حتى إعلان دولته المستقلة. لرأينا كيف ستتوالى دعوات المئات من الأقضية و النواحي الإدارية العراقية, لأنشاء أقاليمها المستقلة, و ربما دولها المستقلة. من يعرف, فلربما إن ما نسخر منه اليوم, سيكون واقعآ مفروضآ علينا؟! إن اللامركزية في الحكم, هي صيغة للأدارة المحلية تتبعها الكثير من دول العالم. تتم دراستها, حسب حالة البلد من قبل الأجهزة التشريعية. و يتم إقرارها و تطبيقها دفعة واحدة على جميع المناطق, و بضوابط و حدود, و دون أية إمتيازات لمنطقة دون أخرى. إما ما تم وضعه للعراق, تحت أسم الأقاليم, ما هو إلا لعبة قذرة و خبيثة, و مشروع ظاهره خيرآ, و باطنه دمارآ و خراب!! إن من سخرية القدر, أن يكون تمزيق العراق, عاملآ أساسيآ و لا غنى عنه, لبروز إقليم كردستان, و تثبيت أركان هذا الأقليم, و تمدده و توسعه في جميع المحافظات العراقية غير الكردية المجاورة للأقليم الكردي. و وضع ممثلي كردستان في بغداد, بشكل رئيس جمهورية للعراق, و أعضاء في البرلمان العراقي و وزراء و رئيس أركان للجيش, و في بقية مفاصل الدولة العراقية. ليس لخدمة دولة العراق الموحًدة, بل لتسيير الأمور في بغداد, بما يخدم مصالح إقليم كردستان, و لتخصيص أكبر ما يمكن من الموارد من الناتج القومي للدولة, تخصيصه لكردستان. إذ إن حصة كردستان من موارد العراق المالية, هي 17%, بينما الحصة الحقيقية لإقليم كردستان, و حسب النسب السكانية, هي 12%. علمآ, بأن إقليم كردستان يأخذ أكثر من حصته بكثير من جميع موارد الدولة العراقية, و لكنه, لا يعطي للحكومة المركزية في بغداد, فلسآ واحدآ من موارد كردستان! و هذا هو طبعآ, يخالف مبدأ العلاقة بين المركز و الأقاليم, المتبع في العالم كله. إذ إن الدولة المركزية, تجمع الموارد من جميع الأقاليم, ثم تعيد توزيعها على هذه الأقاليم من جديد, حسب النسب السكانية, و المشاريع التنموية! كما إن حكومة إقليم كردستان, لا تعترف بأية سلطة عليها, للحكومة المركزية في بغداد! بل إن حكومة أربيل المستقلة, لا تشتري حكومة بغداد بفرنك واحد! رغم إن نصف حكومة بغداد هي من الأكراد, و إن هؤلاء الأكراد الموجودين في بغداد, هم يخدمون إقليم كردستان أكثر من حكومة أربيل نفسها. أي إن إقليم كردستان, أصبح عبئآ ثقيلآ على العراق و على إقتصاده المتهاوي, و بؤرة للتوتر من خلال إحتلال مناطق واسعة من أرض العراق, لم تكن يومآ من الأيام, أراض كردية. على إعتبار إن العراق, قد أصبح اليوم فريسة سهلة, و لابد من إستغلال هذه الفرصة الذهبية لتوسيع أرض كردستان العراقية, من خلال قضم و إحتلال مدن كثيرة و أراض عراقية غير كردية. و التآمر على العراق, مع القوى المعادية للعراق و للعرب جميعآ. إذ إن إقليم كردستان, يعتبر حليفآ إسترتيجيآ, لإسرائيل و لإمريكا. إن من مصلحة العراق اليوم, و من مصلحة إقليم كردستان, أن يعلن الأكراد دولتهم المستقلة. و هذا هو حلم أي كردي عراقي. و لكن بشرط, أن يتم تأسيس الدولة الكردية, على أراضي و مناطق الأكراد فقط, و ليس على المناطق العراقية غير الكردية. و التي تم الأستيلاء عليها بالقوة و بسلطة الأمر الواقع. لأن أمرآ مثل هذا سيكون بؤرة للتوتر المستمر. و الذي سيجلب الخراب و الدمار للعراق عامة, و للأكراد خاصة. إن الشوفينية القومية, التي يقود قادة الأكراد شعبهم تحت ظلها, ستجلب لهم, ما جلبته سابقآ, الشوفينية القومية للعرب و لشعوب أوربا و اليابان, من مصائب و دمارو ندم.. إن الجميع يعرف بأن دستور العراق, كان قد كتبه خبراء أمريكان و صهاينة, جنبآ الى جنب مع القادة الأكراد و عملاء الأحتلال و عملاء إيران أيضآ! و الجميع يعرف بأن قصة إقليم كردستان, هي قصة للضحك على الذقون! و إن الهدف الأساسي, هو تأسيس دولة كردستان, و التي ستكون نواة لإمبراطورية كردستان الكبرى. و التي ستقام على ثلث العراق غير الصحراوي, و ربع إيران, و ثلث تركيا, و أجزاء من سوريا و أذربيجان. و الجميع يدرك, بأنه من المستحيل أن تقام دولة كردستان, بجانب دولة عراقية قوية و موحًدة. و الجميع يعرف, بأنه لا يهم القادة الأكراد, سواءآ الذين يشاركون في حكم العراق من بغداد, أو أولئك المتواجدون في أربيل, لا يهمهم جميعآ إذا ما وصل لحكم العراق, حاكم إيراني أو إسرائيلي, بشرط أن لا يعرقل مسيرة الأكراد نحو إعلان الدولة الكردية, و في السنوات القليلة المقبلة, و ليذهب العراق بعد ذلك الى الجحيم!!. و الجميع يعرف بأن دولة كردستان العراقية, ستقام على محافظة دهوك و أربيل و السليمانية و كركوك و نصف الموصل و ثلث ديالى, و بعض المناطق من محافظة صلاح الدين. و الجميع يعرف, بأن جميع هذه المناطق, هي اليوم بقبضة البيشمركة, التي أصبحت أقوى من جيش العراق بكثير. في الوقت الذي يتصارع فيه حكام العراق, و يقومون بتحريك أنصارهم, لمحاربة خصومهم. و ذلك بتفجير الوضع الداخلي, بشكل عمليات إراهابية, يروح ضحيتها عشرات الأبرياء يوميآ. و يتكالبون, على نهب ثروات البلد المريض المشلول على فراش الموت؟! و الجميع يعرف بأن كرسي الرئاسة العراقية, هو موجود في السليمانية, و إن نسخة منه فقط, موجودة في بغداد؟؟!! تخيلوا دستورآ مثل دستور العراق, يتم وضعه لروسيا الإتحادية. و التي عندما تشرق الشمس في أقصى شرقها, فإن نفس هذه الشمس, تغرب في أقصى غرب روسيا. إذ إن روسيا, هي أكبر بعشرات المرات من العراق, مساحة و سكانآ. و روسيا, تضُم أكثر من العراق بعشرات المرات, شعوبآ و قوميات و طوائفآ. و كذلك الحال مع الصين التي يقترب عدد سكانها من المليار و عشر المليار. و الهند, القارة الكبيرة, التي وصل عدد سكانها الى أكثر مليارنسمة . و فيها عدد هائل من القوميات و الأديان و الأجناس و الطوائف؟؟ ماذا سيحصل في أمريكا لو وضع فيها دستور يجيز لكل مدينة أمريكية أن تنشىء إقليمها الخاص بها. و أمريكا تكونت من إتحاد خمسين ولاية, فيها مختلف الألوان و الأجناس من المهاجرين من مختلف صقاع الأرض؟؟ الحرية شيء و الفوضى شيء آخر, بما فيها الفوضى الخلاقة التي جلبها لنا الأمريكان. إذ إن ما يحدث اليوم في العراق, سينتشر مثل النار في الهشيم في كل بلاد العرب المتنافرة, و خاصة بعد فوضى ربيع الثورات, الذي إختطفه الأمريكان و حلفاؤهم. نحن نعرف, بأن الوطن الحقيقي للأنسان, أي إنسان كان, و منذ بدء الخليقة و حتى اليوم, وطن الإنسان الحقيقي هو بيته الذي يأويه. و إن أبناء هذا الوطن الحقيقيون, هم أبناء عائلة هذا الإنسان. و الإنسان يتعامل مع الوطن الكبير, أي وطن كان, من منطلق مصلحته هو و مصلحة عائلته. و هو يقترب و يبتعد عن وطنه الكبير, بمدى تحقيق هذا الوطن الكبير لمصلحته و مصلحة عائلته. لذلك نرى اليوم, في عالم العولمة, بأن الإنسان يقضي السنين من عمره, باحثآ عن وطن جديد غير وطنه الأم. إذا ما رأى بأن من مصلحته و مصلحة عائلته, ترك الوطن الذي لا يوفر له الأمن و الأمان و العيش الرغيد و المستقبل المريح له و لعائلته. و البحث عن وطن آخر غيره, يحقق له تلك الأهداف. و إن أي تنظير بالوطنيات خلاف هذا المفهوم, لهو مجرد هراء و كلام فارغ. ماذا يفيد الإنسان, وطن لا يجد فيه الأمان و الكرامة و لقمة العيش و المستقبل المشرق لأولاده ؟؟ فبدلآ من العراق وطنآ, فلتكن البصرة مثلآ لوحدها أو الموصل أو الرمادي! ماذا بفيد الإنسان العراقي, بأن العراق يصدٍر أكثر من مليوني برميل يوميآ من النفط, ما عدى الغاز و الموارد الأخرى. و إن معدل سعر البرميل الواحد هو 100 دولار. و بحساب بسيط, نرى بأن 2 مليون برميل من النفط تصدًر يوميآ, بسعر إجمالي قدره مئتي مليون دولار يوميآ . و ست مليارات دولار شهريآ. و أثنى و سبعين مليار دولار سنويآ, كحد أدنى. و إن هذا هو الناتج الأجمالي السنوي لموارد العراق من النفط فقط!! ماذا سينفع العراقيين, إذا كان ثمانون بالمئة من هذه الموارد, تصرف بشكل رواتب لموظفي الدولة, كما تدًعي الحكومة العراقية. و إن أكثر من ثمانين بالمئة من موظفي الدولة العراقية, هم من الشرطة و الجيش. و إن مهنتي الشرطة و الجيش, كانتا آخر مهنتين يحلم بالإلتحاق بهما أي شاب عراقي في مقتبل العمر. و إنه قد أصبحت اليوم, مهنتا الجندي و الشرطي حلم أي شاب عراقي, من بين الملايين من الشباب العاطلين عن العمل, ناهيك عن الملايين الأخرى من العاطلين عن العمل, من الرجال و النساء!! ماذا سينفع العراقيون, إذا قامت الدولة بإطعام بعض شرائح الشعب لشراء الحصة التموينية المستوردة, إذ إن العراق يستورد كل شيء (الغذاء خاصة ), بعد أن كان قبل خمسين سنة يصدٍر الحبوب للخارج. و إنه لا تقوم الحكومة بأي مشروع تنموي و بناء بنية تحتية ضرورية لبناء دولة عصرية متطورة. ذلك إن الشعوب لا تتطًور بأعداد جنودها و شرطتها, بل بنشر التعليم و المعرفة الى كافة شرائح الشعب, و بناء طبقة متعٍلمة, و زيادة عدد الكفاءات العلمية و في جميع المجالات. و بناء إقتصاد و صناعة إنتاجية متطًورة. و البناء السكني العمودي, و كما هو الحال في جميع دول العالم المتطورة, و حتى النامية. و الذي يمكن من خلاله, توفير الخدمات الأساسية, من كهرباء و ماء و غاز يصل الناس في شبكة من الأنابيب. خاصة, و إن العراق من الدول المصدٍرة للغاز! و المجاري المدفونة تحت الأرض, بدلآ من المجاري العشوائية المخجلة, و التي لا تجدها إلا في العراق و الصومال؟! و بدلآ من البناء الأفقي العشوائي الرديء جدآ, و الذي يمتد لمساحات شاسعة, بعيدآ عن مراكز المدن,و لا يتماشى مع التطور. و الذي يفتقد لأبسط الخدمات, من الكهرباء و الماء الصالح للشرب و المجاري. و الذي يسبب غلاءآ فاحشآ في أسعار العقارات. و يحرم الملايين, من ذوي الدخل المحدود, من الحصول على مأوى لائق؟! و الحل الأمثل لمشاكل دولة منكوبة مثل العراق, ليس بتعيين الملايين من العاطلين في سلكي الشرطة و الجيش لإطعامهم و إطعام عوائلهم و حماية الناس و الحكومة, و تسليحهم بأسلحة خفيفة لا تنفع و لا تذر,و لا تخيف أجنبيآ طامعآ, بأرض العراق. بل لا تخيف لصآ و لا إرهابيآ! و لا تتلائم مع العصر الراهن, و لا تليق بجيش عصري, في الوقت الذي تحرق فيه التفجيرات الأرهابية الأخضر و اليابس. و تحصد أرواح العشرات من الأبرياء يوميآ, من المدنيين و العسكريين. بل بنشر التعليم و بناء الكفاءات و السير بالبلد نحو التطور و الرخاء و بناء إقتصاد سليم, قائم على أسس حضارية, لا مجرد إقتصاد إستهلاكي فاشل. خاصة, و إننا أمام بلد غني هو العراق, و ليس أمام بلد فقير مثل أفغانستان أو الصومال؟! لو كان السياسيون العراقيون الموجودين اليوم في العراق, كانوا في بلد آخر من البلاد الحرة المتطورة, لتمت محاكمتهم و إتهامهم بالكثير من التهم. و على رأسها, خيانة الوطن و التآمر عليه مع الغزاة المحتلين و الدول الأقليمية المعادية للعراق, مثل إيران و الكويت و غيرهما, و مختلف المخابرات الأجنبية. و حث الغزاة على إحتلال العراق و تدميره. و ثانيآ, المشاركة في تدمير و تفتيت الدولة العراقية, و قتل الآلاف من العراقيين و تهجير الملايين, بشكل مباشر أو غير مباشر. و نهب خيرات الوطن, و العمل على نشر الفرقة و التناحر بين أبناءه. و المساهمة في نشر الأرهاب في العراق! ماذا سينفع العراقيين, إذا كان العراق من أكثر دول الأرض فسادآ؟ و إن موارد العراق, يتم نهبها من أولياء أمور البلاد من اللصوص؟؟ و إن العراقي أصبح يعيش بحالة خوف دائم في بلده العراق؟ و إن أكثر خمسين بالمئة من شعب العراق هم فقراء أو تحت خط الفقر؟ و إن العراق بلد الكفاءات في كل المجالات, أصبح بلدآ تدير حكومته, جيوشآ من العاطلين عن العمل؟؟ و إن هذه الحكومة إحتوت جزءآ من هذه الجيوش من الجياع و أشباه الأميين, إما كشرطة أو كجنود. و إنه هناك حقيقة, بأن معظم أبناء العراق قد أصبحوا اليوم بدون تعليم, و تنقصهم الرعاية الصحية, و جميع الخدمات الأساسية, التي توفٍرها أفقر حكومات العالم, في الدول الفقيرة جدآ؟! و إن ظواهر التخلُف و العصبية القبلية و الطائفية, قد أصبحت هي الصفة الغالبة في المجتمع العراقي, بسبب الأمية, و إنحسار التعليم في العراق؟ و إن كل هذه المصائب, هي ثمرة لرعونة و إجرام حكام العراق قبل الإحتلال و بعده, و التي إختتمتها قوات الإحتلال المجرمة, بتدمير جميع مفاصل الدولة العراقية, و قتل الآلاف من أبناءها؟؟ و إذا كان الوطن لم يعد يتسع صدره لجميع أبناءه, فليكن بديلآ عنه وطنآ المحافظة أو المدينة أو القبيلة, و إن لم تعط أي منها الضمانة لمواطنيها, بأنهم سيكونون أكثر أمانآ و أكثر رخاءآ في هذه الأوطان الكارتونية التي أرادها لنا الغزاة الحاقدون, على شعب العراق بكل طوائفه و قومياته. لا أظن إن هناك إنسانآ واحدآ محايدآ في هذه الأرض, سيمتدح بعض العراقيين على مشاريعهم الإقليمية المخالفة لروح العصر و لمنطق التأريخ. في عالم نراه اليوم, يتجه نحو الإتحاد و الوحدة, ليس بين دوله و أقاليمه فقط, بل بين قاراته المترامية الأطراف و المتباعدة, نجد بعض العراقيين, يريدون تمزيق بلدهم, و السير بشعبهم و أجياله القادمة نحو المجهول المظلم! فبدلآ من خلق كيانات مصطنعة ضعيفة ليس لها أي مقوم من مقومات الدولة, و التي ستكون ضعيفة ذليلة. تستذل ابناءها الدول الطامعة بها و بخيراتها. و سيكون حالها و مصيرها أسوء بألف مرة من حال العراق الموًحد! علينا أن نحمي هذا البلد الجريح الذي أطعمنا من خيراته و أظلنا بظلٍه. و أن نساعده كي ينهض من جديد, بلدآ حرآ شامخآ, نفتخر _ كما كنا ذات يوم _ بأننا ننتمي إليه؟؟
#سعدون_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟