أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى القلعي - اتفاقيّة الأسد والأرنب














المزيد.....

اتفاقيّة الأسد والأرنب


مصطفى القلعي

الحوار المتمدن-العدد: 3935 - 2012 / 12 / 8 - 11:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رفيقي السلفيّ
الرسالة الأربعون
اتفاقيّة الأسد والأرنب

رفيقي
إن كنت ستبحث عن هذه الحكاية في كتاب "كليلة ودمنة" فلن تجدها بنصّها، وإنّما ستجد مناخاتها. فهذا الكتاب بحّ صوته وهو يصرخ في حكاياته بأنّ العدل لا يكون مع تفاوت القوى. وأنّ أخلاق السياسة غير أخلاق الأدب والمجتمع والدّين. فحين دخل الثور إلى أجمة الأسد أُكل رغم العهود والضمانات لأنّ دخوله مخالف لشروط الطبيعة. وحين دخل ابن آوى النّاسك إلى أجمة الأسد ظُلم وكِيد له لأنّ أخلاقه تتعارض مع الأخلاق السياسيّة.
رفيقي
حين يتآخى الأسد والأرنب فهذا مخالف لقانون الطبيعة، أيضا. ولا يحدث هذا إلاّ في حدائق الحيوان المروّضة المعدّة للعرض الجماهيري. وليس فيها حدّ أدنى من التوازن والموضوعيّة. اتّفاقيّة الشريك المتميّز مع الاتّحاد الأوروبيّ هي اتفاقيّة الأسد والأرنب التي لم يروها راوي "كليلة ودمنة"، يا رفيقي.
رفيقي
كيف يسمح حليفك لنفسه بأن يعتبرنا معادين لمصلحة تونس لأنّنا نرفض اتفاقيّة الشريك المتميّز؟ وهو لا ينفكّ يقدّم نفسه صاحب الفوز العظيم باعتبار أنّه نجح في ظرف وجيز من تولّيه السلطة في ما فشل فيه سلفه في عقود. حليفك يدخل شراكة اقتصاديّة صناعيّة تجاريّة بلا اقتصاد ولا صناعة ولا تجارة! يلهث حليفك وراء الإنجازات الوهميّة لغايات انتخابيّة لا أكثر.
رفيقي
نحن لا نرفض هذه الاتفاقيّة. ولا نريد لك إلاّ الخير والرفاه. ولكنّنا نناقش الأمر بمنطق المصلحة الذي يفكّر به شريك حليفك المتميّز. ما مصلحة أوروبّا في أن تشارك ضعيفا متعثّرا مفلسا متداينا عاجزا عن الحياة خارج الهبات والقروض؟ هل ستضمن الاتفاقيّة حريّة التنقّل والعمل والملكيّة؟ كيف سيتبادل الصانع منتوجه مع من يملك نفس المنتوج ولكنّه أكثر جودة وأقلّ سعرا؟ لماذا يريد حليفك أن يصدّنا عن النقاش وعن مشاركته بالرّأي؟ هل له ؤيا استراتيجيّة تقرأ العلاقات الدوليّة في ضوء موازين القوى وحجم الثروة والقدرة التقنيّة والعلميّة؟
رفيقي
أبسّط لك الأمر؛ سلعة الشريك تأتي إلى أسواقنا وتعرض مع سلعتك في نفس السوق بأعلى جودة وأكثر إغراء وأقلّ ثمنا. على أيّ بضاعة ستقبل، يا رفيقي؟ ألا ترى أنّنا جميعا نتنقّل بين الباعة نبحث عن الماركات الأصليّة (original)؟ ألا ترانا جميعا نلهث وراء المستورد؟ رفيقي؛ أرجوك ادخل إلى مطبخك وحاول أن تتكلّم بالعربيّة! لن تستطيع لأنّ كلّ ما فيه غير عربيّ وليس من إنتاجنا. كلّ هذا ونحن لسنا شريكا متميّزا ولا تأتي إلينا بضاعتم بتسهيلات الشريك المتميّز. فما بالك لو صرنا شركاء وصارت بضاعته أمام أبوابنا. هل ستنافسهم في الصناعات الصيدليّة والكيميائيّة والتكنولوجيّة والمعمليّة والثقيلة والآليّة التي هي من اختصاصه؟ بِم؟ بصناعة سراويل الدجين وماسحات السبونتكس؟
رفيقي
إنّ هذه الاتفاقيّة لن تكون في خدمتك إلاّ متى ضمنت لك حدودا من التنافس. ولن تكون مفيدة إلاّ متى ضمنّا حماية لصانعنا ومنتجنا وفلاّحنا. سيُغرقوننا في السّلع، يا رفيقي. سنكتفي بالدهشة وبالاستهلاك وبالفسي والبراز. سندفع صانعينا إمّا إلى الانتحار وإمّا إلى الحرقة. سنفلس. وسنغرق أكثر.
رفيقي
لابدّ من حكومة قادرة على تثمين ثرواتها وعلى تحديد عناصر قوّتها اقتصاديّا حتى تتمكّن من بناء مفاوضاتها على شروط وعلى عناصر قوّتها. لابدّ من حكومة تصنع أسباب قوّتها وتعرف كيف تجبر الشريك على أن يطلب مشاركتها. كيف ذلك؟ هذا مربط الكفاءة والتمكّن اللذين يفتقد إليهما حلفاؤك.
رفيقي
نحن نريد أن تكون اتفاقيّة أسد مع أسد لا اتفاقيّة أرنب مع أسد. ولن يكون الأمر كذلك إلاّ متى بنينا اقتصادا قويّا قائما على توازن القطاعات ويوفّر حاجاتنا الذاتيّة جميعا وننتج بضاعة ممكننة متطوّرة تسبق شريكك، وتكون قادرة على المنافسة وعلى إغواء المستهلك الأوروبيّ. هذا المستهلك، اليوم، لا يهتمّ بغير الطعام الذي ننتجه والشمس التي تدفئنا. ونحن لم نقدر بعد على تحويل هذين العاملين إلى عنصر تنافس حاسم.
رفيقي
هل تريد أن تكون أرنبا أم أسدا؟



#مصطفى_القلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتفاضة سليانة تكشف مثقّفي السلطة.. يلعن أبوها استلبت أصدقائ ...
- يَلاَّ.. خسارة مع الرفاق خلاعة
- لا إفطار إلاّ على ظهور المرسيدسات
- ثقافة الإسلام لا تقف عند العبادات بل تطال الحبّ والجسد
- رفيقي السلفيّ: الرسالة (24) كنتَ نجمًا في غزوة كليّتي التي أ ...
- التفكير بالمطرقة في الكتابة الفقهيّة العربيّة الحداثويّة كتا ...
- شعر الحبّ والدّين خطابان يتصارعان
- سِجن الكائن.. سَجن العالَم
- الحرب من فعل وجود إلى صمم كونيّ
- رسالة جديدة إلى رفيقي السلفيّ
- رسالة تفكيكيّة إلى رفيقي السلفيّ
- طقوس العيد سطوة البداوة وتبدّد المشهد المدينيّ
- حركة -نداء تونس- وأهداف الثورة التونسيّة
- معا من أجل الخلافة السّادسة بإذن الله
- نقد الجبهة الشعبيّة- اليساريّة التونسيّة الجديدة
- في عبثيّة الاتّكاء على الفراغ ردّ على دعاة -الثورة بلا قادة-
- محمود درويش - سميولوجيا الحصار وعزلة الكائن الفلسطينيّ
- الكتابة والاستبداد
- الألعاب والاستلاب
- كنّا هنا.. وما كانوا هنا


المزيد.....




- هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية ...
- المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله ...
- الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي- ...
- أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ ...
- -حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي ...
- شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل ...
- -المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى القلعي - اتفاقيّة الأسد والأرنب