أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - -مجتمع الحقوق- أوَّلاً!














المزيد.....

-مجتمع الحقوق- أوَّلاً!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3932 - 2012 / 12 / 5 - 09:48
المحور: المجتمع المدني
    


"الحاجة"، "الضرورة"، "الحق"، "المصلحة"؛ إنَّها أهم أربع كلمات، أو أربعة مفاهيم، في تاريخ البشر، وفي تطوُّرهم الحضاري.
"الحاجة"، أو "الحاجة التي ينبغي للمرء أنْ يلبِّيها لنفسه حتى يبقى، ولا يهلك"، هي، مثلاً، أو على وجه الخصوص، "الحاجة إلى الطعام (المأكل)"؛ فأنتَ ينبغي لكَ أنْ تأكل عندما تجوع، أو تحس بالجوع؛ فالإحساس بالجوع هو أهم وأقوى أحاسيسنا، وهو، لدى البشر، أصل الحضارة؛ لأنَّه الدافِع الأوَّل إلى "العمل" و"التعلُّم".
و"الضرورة" هي "القانون الموضوعي"، وهي التي، لجهة وعيها، "أصل الحرِّيَّة"، أيْ حرِّيَّة الإرادة البشرية؛ وهي، أيضاً، "أصل المنطق"، و"أصل العِلْم"؛ فأنتَ، على سبيل المثال، ومهما رَغبت في الطيران، وصمَّمت على أنْ تطير، فلن تطير إلاَّ إذا وعيت واكتشفت القانون الموضوعي للطيران، وعملت (وغيَّرْت) بما يوافقه؛ فليس نَيْل الطيران بالتمني؛ ولعلَّ خير دليل على أهمية "الضرورة" في حياتنا هو المبدأ "الضرورات تبيح المحظورات".
و"الحقُّ" هو ما يأتي بنفعٍ ما لصاحبه، إذا ما كفلته وضمنته له الجماعة التي إليها ينتمي، ومكَّنته من استعماله وممارسته؛ وهو لا يصبح مُلْكاً للفرد (وعلى وجه العموم، وفي بعضٍ من أنواعه) إلاَّ إذا انتزعه انتزاعاً من طريق صراع يخوضه مع غيره من أجل نيله؛ فأنتَ الفرد (الإنسان، المواطِن) لكَ الحق في العمل؛ لأنَّكَ تعيش في مجتمع لا يسمح لكَ بالبقاء على قيد الحياة إذا لم تعمل؛ وأنتَ، في مثالٍ آخر، لكَ الحق في أنْ تعتقد وتُؤْمِن بالفكرة التي تراها صائبة، أو ترى فيها ما يَعْدِل الحقيقة. لكنَّ "الحق"، وبصفة كونه صلة قانونية بينكَ وبين الجماعة التي إليها تنتمي، لن تكفله لكَ الجماعة، وتضمنه، إلاَّ إذا ارتضيت أنْ يكون قريناً لـ "الواجب"، الذي هو "حقٌّ آخر"، هو "حقُّ الجماعة عليكَ".
أمَّا "المصلحة" فهي، لجهة حرص صاحبها عليها، وصراعه للدفاع عنها، فهي الأصل والأساس في العالَم الواقعي للسياسة، على وجه الخصوص؛ والبشر يتعصَّبون لمصالحهم (المادية، والاقتصادية في المقام الأوَّل) تَعَصُّبَّاً هو الأقوى والأشد على وجه العموم؛ فهم يمكن أنْ يناصبوا بديهية هندسية العداء إذا ما تعارضت مع مصالحهم؛ وإنَّ بعضاً من المصالح (مصالح شخصية، ومصالح فئوية ضيِّقة) لا يعيش، ولا يمكنه أنْ يعيش، إلاَّ في الحرب، وبالحرب، على "حقوق" لأناس آخرين؛ لأنَّ صون هذه الحقوق، وتمكين أصحابها من استعمالها وممارستها، يفتكان بتلك المصالح.
ولقد تصارع البشر، وما زالوا يتصارعون، من أجل مجتمعٍ أفضل، يؤسِّس لصلة جديدة جيِّدة بين "الحاجات" و"الضرورات" و"الحقوق" و"المصالح"؛ فالمجتمع الجيِّد، القوي، إنَّما يستمدُّ جودته وقوَّته من كونه أفضل وأكفأ من غيره في تلبية (وزيادة تلبية) حاجات أبنائه، وفي مقدَّمها، دائماً، حاجتهم إلى المأكل والمسكن والملبس (والعلاج والتعليم والأمن والأمان.. وإلى التَّمتُّع بمزيدٍ من وقت الفراغ، الذي هو خير مقياس نقيس به درجة تحضُّر المجتمع).
وهذا المجتمع الأفضل (نسبياً) هو الذي يُعلِّم أبناءه جميعاً أهمية وضرورة "مراعاة الضرورات" في تفكيرهم، وفي عيشهم، ووعيها، واكتشافها، واستعمالها بما يخدم مقاصدهم ومصالحهم، ويلبِّي احتياجاتهم؛ فمنسوب "الحرِّيَّة"، حرِّيَّة إرادة الفرد والجماعة، يَعْدِل دائماً منسوب "وعي الضرورة"؛ فـ "المعرفة" حُرِّيَّة، و"الجهل" عبودية.
وهذا المجتمع الأفضل هو "مجتمع الحقوق"، أيْ المجتمع الذي فيه، وبه، تكثر وتتكاثر حقوق الفرد والجماعة، وتُحْفَظ وتُصان أكثر، والذي يُمكَّن أصحابها من وعيها على خير وجه، ومن الدفاع عنها، من ثمَّ، على خير وجه، ومن استعمالها وممارستها بأيْدٍ حُرَّة طليقة، وبمنأى عن ضغوط وعَسْف وفساد ذوي المصالح المتعارضة مع حقوقهم؛ فـ "الحقوق" تقوى وتتعزَّز وتزدهر، في استمرار؛ أمَّا "المصالح" فتُواجَه، وتُقاوَم، وتُروَّض، وتُهَذَّب، وتُؤنْسَن، وتًقوَّم، بما يجعلها مستخذية، وأكثر استخذاءً، لـ "الحقوق"؛ فإنَّ "مجتمع الحقوق" هو "المجتمع الحر"؛ و"المجتمع الحر" هو "المجتمع الذي مهما ارتفع فيه منسوب الديمقراطية لن تضعف لديه الحاجة إلى مزيدٍ من الحرِّيَّة"؛ فسقف "الديمقراطية" هو الحد الأعلى من الغلاف الجوي للأرض؛ أمَّا سقف "الحرِّيَّة" فهو السماء التي لا سقف لها!
في "مجتمع الحقوق (والذي تزدهر فيه "الجماعية" و"المؤسسات"، بمعناها الواسع)"، يحقُّ لكَ أنْ "تُفَكِّر كما تشاء"، وأنْ "تعيش كما تشاء"؛ لكن بما لا يتعارَض مع حقِّ غيركَ في أنْ "يُفَكِّر كما يشاء"، وفي أنْ "يعيش كما يشاء"، وبما لا يسمح لكَ بفَرْض طريقتكَ في التفكير والعيش على غيرك، كائناً من كان.
هذا المجتمع هو وحده الميزان الذي به نَزِن "الربيع العربي" بوجهيه، الإيجابي والسلبي؛ فليس من شيء إلاَّ وله هذان الوجهان.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -لا- ل -الإسلام السياسي-.. -نَعَم- للدستور الجديد!
- -صاروخ فَجْر- الذي أُطْلِق من نيويورك!
- كَمْ هو -غالٍ- هذا -المجَّاني- في -العرض الإيراني-!
- هل نحن أهْلٌ للديمقراطية؟
- حتى لا تَفْقِد الثورة المصرية بوصلتها!
- اقتراحٌ لحلِّ الأزمة بين قوى الثورة المصرية!
- حذار من الوقوع في هذا الشَّرك!
- من -مخيَّم اليرموك- إلى -قطاع غزة-!
- معنى -النَّصر- و-الهزيمة- في -عمود السحاب-!
- هذا ما ينبغي للعرب فعله الآن!
- غزَّة بمعانيها الجديدة!
- 29 تشرين الثاني 2012!
- ذَهَبَ الذَّهبي وبقيت -الدَّجاجة التي تبيض ذهباً-!
- اغتيال عرفات لم يَنْتَهِ بَعْد!
- المرأة في ثقافتنا الشعبية!
- أوباما الثاني والأخير!
- حلُّ مشكلة -حق العودة- بعدم حلها!
- هكذا أَفْهَم تصريحات عباس!
- بلفور بأُصوله وفروعه!
- المكيافلية والصراع في سورية!


المزيد.....




- شاهد.. الأردنيون ينددون بالمجاعة في غزة ويوجهون هذا النداء
- صندوق تقاعد نرويجي ينسحب من كاتربلر بسبب تورطها في الانتهاكا ...
- نتنياهو يناقش احتمال إصدار أوامر اعتقال ضده وجالانت
- الأمم المتحدة تكشف عدد اللاجئين السودانيين المهجّرين إلى تشا ...
- الهلال الأحمر: الآلاف من سكان قطاع غزة يواجهون خطر المجاعة
- محنة العابرين.. مأساة المهاجرين بين ضفتي المتوسط
- حملة اقتحامات تخللها اعتقالات في مناطق متفرقة بالضفة
- أوراق التوت الأخيرة.. المجاعة بغزة تكشف عورات العالم!
- الأمم المتحدة تكشف عدد اللاجئين السودانيين المهجّرين إلى تشا ...
- السعودية تنفذ الإعدام بحق البارقي لقتل جذمي والجريمة بحادث س ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - -مجتمع الحقوق- أوَّلاً!