|
فلسطين - دولة غير عضو - إنجاز كبير ..ولكن ؟
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 3931 - 2012 / 12 / 4 - 14:34
المحور:
القضية الفلسطينية
احتفل الشعب الفلسطيني ، بالإنجاز الذي تحقق في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، بقبول فلسطين " دولة غير عضو " في الأمم المتحدة بوصفه إنجاز رمزي ومعنوي كبير ، وضع فلسطين مجدداً على الخارطة السياسية للعالم ، حيث رفرف العلم الفلسطيني ولأول مرة ، على مبنى الأمم المتحدة أسوة ببقية أعلام دول العالم. إنه إنجاز كبير ، لكن هذا الانجاز شابه ثغرات كبيرة ، لا يجوز إغفالها .. فعلى صعيد المزايا ، التي تحققت عملياً ، ونظرياً ، يمكن الإشارة إلى ما يلي : أولاً: عكس هذا الانجاز، تحدي الجانب الفلسطيني ، للضغوط والتهديدات الإسرائيلية بعزل السلطة الفلسطينية ، ومحاصرتها مالياً ، وكذلك تحدي الضغوط الأمريكية ، بشأن التهديد بحجب المساعدات عن السلطة الفلسطينية ( نصف مليار دولار سنوياُ " إذا ما أقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على خطوة تقديم طلب " الدولة غير العضو " للأمين العام للأمم المتحدة. ثانياً: جرى تفتيت وحدة الموقف الأوروبي والغربي حيال القضية الفلسطينية ، حيث صوتت معظم الدول الاوروبية لصالح القرار. ثالثاً : كشف القرار عن تأييد معظم دول العالم ، لنضال الشعب الفلسطيني ولحقوقه الوطنية المشروعة ، وعن العزلة التي باتت يعيشها الكيان الصهيوني. رابعاً : كشف بالملموس ، تراجع الهيمنة الامريكية على دول العالم إذ لم تستجب معظم دول العالم ، وخاصةً دول العالم الثالث للتهديدات والإملاءات الامريكية ، بشأن التصويت ضد القرار. خامساً : إن التصويت على قبول فلسطين " دولة غير عضو " على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، يجعل من فلسطين - نظريا وقانونياً - دولة تحت الاحتلال ما يصحح جريمة أوسلو ، التي اعتبرت الأراضي الفلسطينية أراض متنازع عليها وحيث لم يرد نص فيها يشير إلى الانسحاب الإسرائيلي منها ، بل ورد نص يقول فقط بإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي فيها. سادساً: وقبول فلسطين " دولة غير عضو " يتيح لها الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية ، ما يمكن الجانب الفلسطيني من تقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين للمحاكمة . سابعاً : وقبول فلسطين " دولة غير عضو " يمكنها من تغيير وضعية المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ، بحيث يصبحون وفق اتفاقية جنيف الرابعة " أسرى حرب " يجب الإفراج عنهم ، ومعاملتهم معاملة أسرى الحرب ، بوصفهم مناضلين من أجل الحرية. ثامناً : وقبول فلسطين " دولة غير عضو " يمكن الجانب الفلسطيني من التوقيع على اتفاقية جنيف الرابعة ، وأن تطالب بموجبها المجتمع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني تحت الإحتلال. هذه إنجازات عملية ونظرية مهمة ، يمكن البناء عليها باتجاه الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين ، في الامم المتحدة ، ولكن العديد من هذه الانجازات جرى ضربها ، وخلخلتها ، وتفريغها ، من خلال مجموعة من المواقف والتصريحات ، الصادرة عن قيادة السلطة الفلسطينية ... كيف ؟؟ أولاً : تصريحات الرئيس الفلسطيني ، بشان الالتزام باتفاقات اوسلو حيث صرح بعد عودته من نيويورك ، وإثر لقائه مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ، بما يلي " أوسلو موجودة ، الإسرائيليون حاولوا خرقها وإلغاءها ، أوسلو موجودة ، نبني عليها ولا تلغى " ما يعني أن المفاوض الفلسطيني ، سيظل ملتزماً بمرجعية اتفاقية اوسلو ، التي استثمرها العدو الصهيوني على مدار اكثر من عقدين من الزمن ، كغطاء لعملية تهويد القدس ، ومصادرة الأرض والإستيطان ..وبالتالي العودة إلى ذات الحلقة المفرغة . ثانياً: ما ورد في خطاب الرئيس الفلسطيني في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن قضية اللاجئين ، حيث أكد على حل قضية اللاجئين ضمن منطوق المبادرة العربية للسلام . فالمبادرة لا تنص على تطبيق قرار 194 ، الخاص بالعودة والتعويض معاً ، بل تنص على " حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينين وفق القرار 194 " أي متفق عليه مع الجانب الإسرائيلي ، ما يعني إخضاع هذا الحق للمساومة والتبديد !! ثالثاً: دولة فلسطين " غير العضو " كما أسلفت تمكن الجانب الفلسطيني من تقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين ، لمحكمة الجنايات الدولية .. لكن تصريح الرئيس الفلسطيني " بأن الجانب الفلسطيني لن يقدم على هذه الخطوة ، إلا عند حصول اعتداء إسرائيلي " والسؤال هنا : هل توقفت الاعتداءات الإسرائيلية لحظة واحدة منذ عام 1967 ، إن على صعيد الاستيطان ، أو الإعتقالات ، او الإغتيالات ، او الحواجز او القصف ألخ . وكما قال خبير القانون الدولي د. أنيس قاسم : " إن حسم الرئيس عباس بعدم التوجه لمحكمة الجنايات الدولية ، إلا في حال حصول اعتداء إسرائيلي قلل من مساحة التحرك ، وحبسه ورقياً " . رابعاً: ما ورد في خطاب الرئيس الفلسطيني بشأن " الالتزام بالمقاومة الشعبية السلمية ، لإنهاء الاحتلال " علماً بأن ميثاق الأمم المتحدة يتيح للجانب الفلسطيني ، ممارسة المقاومة بكافة أشكالها ، بما فيها الكفاح المسلح . فبوسع الجانب الفلسطيني ، أن يحدد شكل وطبيعة المقاومة بالتوافق بين فصائل المقاومة ، وفقاً لمتطلبات كل مرحلة ، دون إغفال أي شكل من أشكالها... فلماذا حصر المقاومة بالطابع الشعبي السلمي رغم أهميته ؟ ولماذا منح هذا الإلتزام للمجتمع الدولي ؟ ولماذا إغفال المقاومة المسلحة التي أثبتت جدواها ، في مرحلة انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة وإبان انتفاضة الاقصى ، وإبان حربي 2008 و2012 حين دكت المقاومة مؤخراً بصواريخها المتطورة ، معاقل العدو في تل أبيب والقدس وإيلات وهرتزيليا ، خالقةً توازناً جديداً للرعب والردع . باختصار شديد يمكن القول أن حصول فلسطين على وضعية " دولة غيرعضو مراقبة " في الأمم المتحدة ، إنجاز مهم ، ويمكن المراكمة عليه لتحقيق إنجازات مشتقة ، في حال تلافي المواقف سالفة الذكر التي تسببت في إضعاف هذا الإنجاز ، وفي حال توفر الإرادة السياسية للقيام بما يلي : أولاً: عدم العودة للمفاوضات المباشرة مع العدو الصهيوني. ثانياً: نبذ اتفاقات أوسلو بمشتقاتها المختلفة " واي ريفر ، خارطة الطريق ، أنا بوليس ، التي شكلت بمجملها غطاءً للتهويد والاستيطان ، والتي اعتبرت الأراضي الفلسطينية المحتلة أراض متنازع عليها ، والتي لم تسند أي من قضايا الصراع الرئيسية " القدس ، اللاجئين ، المستوطنات " بأي قرار من قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ، وتركت المفاوضات رهينةً لميزان القوى . ثالثاً: الإلتزام بنهج المقاومة بكافة أشكالها . رابعاً: إعادة الاعتبار للوحدة الوطنية ، وإنجاز المصالحة الفلسطينية بعيداً عن الحسابات الفصائلية الضيقة والمحاصصات ، وعلى أن تستند إلى برنامج سياسي وطني يحصن الثوابت الوطنية ، ويرتكز بشكل رئيسي على المقاومة ، كآلية رئيسية لتحقيق أهداف النضال الوطني الفلسطيني. خامساً :تثمير الفعل المقاوم سياسياً ، عبر الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي يستند إلى قرارات مجلس الأمن ، والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية ، من اجل وضع آلية وجدول زمي لتطبيقها وليس المساومة عليها ، خاصةً تلك القرارات التي تؤكد على حق تقرير المصير للفلسطينيين وعلى العودة ، والتي تعتبر الاستيطان والجدار وضم القدس باطلة قانونياً وشرعياً .
#عليان_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اتفاق القاهرة لوقف إطلاق النار في الميزان
-
صواريخ المقاومة تصنع ملحمة النصر وتاريخاً جديداً للشعب الفلس
...
-
الجبهة الشعبية تعيد الاعتبار للفعل المقاوم ضد الاحتلال
-
ذكرى بلفور مناسبة لاستخلاص الدروس وليس لممارسة طقوس كربلائية
-
مرسي يصدم مصر والأمة العربية برسالته الحميمية إلى بيريز
-
المحرقة في مدارس الأونروا مجدداً !
-
رسائل طائرة حزب الله للعدو الصهيوني ولكل من يهمه الأمر
-
فوز شافيز : هزيمة للنيوليبرالية وانتصار للشعوب ضد جلاديها
-
قراءة أولية في التصعيد الإسرائيلي ضد إيران واحتمالات الحرب
-
مؤامرة صهيو - أمريكية لشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين
-
أوسلو وأخواتها : خسائر صافية للقضية الفلسطينية
-
أسئلة على هامش الحراك الفلسطيني في مواجهة الغلاء
-
قمة عدم الانحياز ومحاولة استعادة روحية باندونغ
-
حراك سياسي وشعبي مصري مناهض للاقتراض من صندوق النقد الدولي
-
قرار الرئيس مرسي خطوة في الاتجاه الصحيح ... ولكن ؟
-
مقال : تهويد القدس والأقصى في إعلانات ومعطيات الكيان الصهيون
...
-
السباق الأميركي لكسب ود تل أبيب
-
نظاما السادات ومبارك عدوان لدودان لثورة 23 يوليو ومبادئها
-
جولة كلينتون في المنطقة اسرائيلية بامتياز
-
التمويل الأجنبي والتطبيع...من يدفع للزمار يحدد النغمة
المزيد.....
-
الكونغو الديمقراطية: غوما تحت سيطرة المسلحين … دمار ونهب وال
...
-
قولوا وداعًا لأمريكا.. ترامب يُعيد تهديد مجموعة -بريكس- إذا
...
-
الخارجية الروسية: إجراءات شطب -طالبان- من قائمة الإرهاب مستم
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف لـ-حزب الله- في الب
...
-
بريدنيستروفيه ومولدوفا تتفقان على خطة أولية لتوريد الغاز
-
أبرز مواصفات الهاتف الجديد من -Nothing-
-
اكتشاف بكتيريا خطيرة في بعض منتجات الدجاج التي تورد إلى روسي
...
-
-فينشينزو.. رجل المافيا-.. عدالة العصابات وتهجير السكان لاست
...
-
العبور من الثورة إلى الدولة في سوريا
-
سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس حتى نهاية العام
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|