محمود القبطان
الحوار المتمدن-العدد: 3930 - 2012 / 12 / 3 - 02:39
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
دولة اللا دولة
قد يكون ابسط تعريف للدولة هو قيام المؤسسات التي تعينها لأداء واجبها في ادراة عملها.ويكون الدستور والقانون والحكومة هي الفعاليات الضرورية لتمشية أمور الدولة ولضمان استمرارها بشكل صحيح وحسب ما هو مُقر في الدستور الذي هو الرقيب الأول على كل واردة وشاردة في أداء عمل الحكومة.
إلا في العراق فليس هناك دولة بالمعني الحقيقي حيث انتشر الفساد ولا رقيب,وانتشر الفقر ولا خطط للخروج منه,المحاصصة الطائفية والقومية السيئة الصيت قد تجذرت في هذا الكيان والذي يسمونه "دولة" وتعطل جهاز الرقابة والذي يُسمى برلمان والقضاء بدأ يتراجع بفعل انحيازه وتأثره لضغوط السلطة التنفيذية,وما عاد يصدر قرار يمكن أن يكون متكاملا إلا وكانت أصابع المتنفذين هي من تحيده عن ذلك.
يوم أمس صرح المالكي بأنه هو من أبقى الطالباني رئيسا للعراق بالرغم من عدم رضا العراقية,الطالباني يقول هو,وكتلته, من جاءت بالمالكي.تهم معدّة سلفا للإيقاع بالآخر,والوطن يحترق تحتهم وهم لا يبالون.
ثلاثة أيام مطر نادر على العراق قياسا للأعوام الماضية ,كشفت كل عورات الساسة السياسية بسبب الفساد المنتشر انتشار السرطان,غرقت كل مراكز المدن,كل المدن العراقية.الطلبة لا يخرجون من صفوفهم لان الساحات امتلأت بمياه المجاري والأمطار,مكائن سحب المياه أما معطلة أو المسؤولين عليه في بيوتهم وليس هناك حالات طوارئ, الناس يخوضون في مياه الأمطار المختلقة مع مياه المجاري وصلت الى أعلى من ركبهم أما الأطفال فحدث ولا حرج,في بلد ميزانيته لعام 2013 تقدر بأكثر من ميزانية سبع دول عربية ,بينها مصر,يقول احد نواب البرلمان المعطل لإقرار القوانين المهمة المصيرية.
عزت الشابندر يظهر يوميا ويبدو الاتهامات التي شملته في صفقة الأسلحة قد تلاشت,وظهر برباطه الأسود في أحدى المؤتمرات الصحفية لدولة القانون من البرلمان,وهو القائل بأن حزب الدعوة مجموعة من السراق,حسب لقاءه المنشور على آليو توب,بألاضافة الى إشارته بأن حيدر ألعبادي هو أغبى عضو في الدعوة,لكن كيف يلتقيه في البرلمان؟علي الدباغ ابعد عن منصبه وينتظر أن يُعين في منصب آخر وألا...سوف يفضح المستور حسب ما صرح به أمس,وهو يعلم الكثير ,كما يبدو,ولذلك سوف يمنح وظيفة لإسكاته وليس لقدراته ومهاراته المتعددة والتي وصلت الى اللجنة الأولمبية.
من ميزات الديمقراطية الجديدة ,في العالم أيضا, أن يتحاور أعضاء البرلمان الطرشان بطريقة التشابك بالأيدي واللكمات,وكل برلماني متحمس يُظهر براعته في الضرب والشتم,كما حدث مع عزت الشابندر ,وقبله احد أعضاء التيار الصدري مزق أوراق أحدى اللجان من على منصة الاستجواب,وسوف يحصل مثل هذا التشابك مرات ومرات بفعل التنافس غير الشريف من اجل التغطية على الفساد والخروقات في كل مجالات عمل الدولة.ولكن ما أثار عملية العراك في البرلمان هو بيان للعراقية حول ما سموه اغتصاب السجينات في المعتقلات والتي أطلقوا عليهم أسم" حرائر العراق"!!هل صحيح إن بعض الضباط يعتقلون النساء والأطفال بسبب هروب أزواجهن وأخذهن رهينات؟هل بالفعل تم اغتصابهن؟المالكي قال أمس انه أمر باعتقال ستة ضباط بسبب الشكاوى عليهم أثناء التحقيق مع المعتقلين.لكن العراقية نست ,أو تناست عما حدث مع "الماجدة"صابرين الجنابي والتباكي عليها من قبل العراقية و كل قنوات أعداء العراق من الداخل والخارج وأولهم المدان غيابيا ونائب رئيس الجمهورية السابق مع بقاء رواتبه جارية له,كما يُقال, والتركي الجنسية حاليا,عندما كان يحمي أحدى "الحرائر" في بيته الجنابي مدعية ان ثلاث ضباط تناوبوا على اغتصابها ومن ثم هرّبها الهاشمي الى عمان وانتهت "الحفلة" بدون ضجيج.وربما تكون القائمة العراقية على نفس خطى عضوها المدان في بيانها الأخير,وليس دفاعا عن تصرفات لجان التحقيق,لان بعضها مازال يمارس التعذيب كما في عهد صدام,وربما هم من موظفي تلك الفترة السوداء.ووزير العدل حسن ألشمري أقر بنفسه وجود حالات تعذيب وربما ممارسات أخرى,كما قال,ولكن في معتقلات وزارتي الداخلية والدفاع. وليس في سجون وزارة العدل.ولو كان ممثلو العراقية في حالة توازن سياسي ويريدون معالجة الأمور وفق القانون لكان بحثوا الآمر منذ فترة وتجريم من تثبت ضدهم الاتهامات.ولكن الحقن السياسي والتسقيط هو الفيصل في دولة التوافقات.ولا يعلم احد كيف تريد العراقية ونوابها التعامل مع مجرمة تضع عبوة ناسفة أن تقتل بريئا أو تحمل حزاما ناسفا.
ممارسات كتلة دولة القانون,وعلى رأسها المالكي يتصرف بدون أدنى معرفة لسياسة ثابتة وعلى مدى البعيد وإنما تحركه الأحداث الآنية بمساعدة الحلقة الضيقة التي تلفه من كل جانب والتي لم تقدم له حلا لمشكلة واحدة تلف بالعراق.فما أن يقع,أو ألأصح يوقعوه,في مطب إلا ويوقعوه ,بدافع الخروج من ألمطب الأول,في مطب جديد.فبعد فضيحة صفقة الأسلحة دوت فضيحة البطاقة التموينية ,ظنا من المستشارين أن الأمر يلملم بكل سهولة,وما أن هدأت العاصفة قليلا إلا وبرزت عقدة قيادة عمليات دجلة,فبين راضي و مرتضي قبل وفده ب12 شرط كردي من أصل 14,لكن لم يمضي يوما واحدا إلا وتنصل المالكي عن تسعة شروط وضعها الوفد الكردي ,وتعالت الأصوات في البرلمان ضد و مع,ولا يعرف الشعب خفايا الموافقة ورفضها.ويبدو أن المفاوضين بأسم المالكي ليسوا بتلك الأهلية للتفاوض مع ممارسين وسياسيين من الوزن الثقيل في الوفد الكردي,والفياض ,البشوش, لا يعرف غير القول بنعم,كما بدا من مفاوضات ليومين,ومن ثم رفضها المالكي,لان ذلك يعد حرقا للدستور.ولكن من هي الكتلة أو الحزب في داخل السلطة لم يخترق الدستور وأصبح كخرقة بالية لا يرجع لها احد إلا لما يرضي جيوب الفاسدين في السلطة.والمالكي لم يقف عند مشاكله مع الكتلة الكردستانية وإنما تعدى هذا ووصل الى إتهام رئيس لجنة النزاهة بالفساد,ولم يذكر اسمه ,لكن سامي العسكري الذي صعد نجمه في الأيام ألأخيرة قالها على إحدى الفضائيات المقصود هو بهاء الاعرجي.ويقول المالكي في مؤتمره الصحفي أمس حول الفساد في البنك المركزي انه نبه على الفساد فيه منذ 3 أعوام ولكن التدخلات الخارجية والبنك الدولي كانت لتغطية الفساد هناك,ولكنه لم يخبر الصحفيين لماذا كل هذا الانتظار ليعلن وبضربة"المعلم" عن الفساد في البنك المركزي ويقيل محافظه وآخرين؟وكما عود المالكي جمهوره الواسع والمتسع افقيا وعموديا ,انه يعلن عن الفضائح بعد ثلاث سنوات,كما في حادثة المدان غيابيا الهاشمي.وماذ عن مستشاريه؟وماذا عن السوداني ,والدايني وشعلان والسامرائي وعشرات لا بل مئات من الفاسدين؟لماذا لا يحيلهم الى القضاء؟لما لا يصدر القضاء "المستقل"مذكرات اعتقال بحق من ذكروا أعلاه في أقله؟
واليوم أسامة النجيفي ,حمامة السلام بين المالكي والبرزاني,يقول ان برلمانه أنجز أكثر من 140قانونا في هذه الدورة,لكنه لم يقل متى سوف ينجزون قانون الأحزاب,وتعديل الدستور,وتعديل قانون الانتخابات سواء لمجالس المحافظات أم للبرلمان وحسب قرار المحكمة الاتحادية؟لم يقل متى تنتهي المهاترات بسبب قانون العفو والذي يراد منه إخراج الإرهابيين,وماذا عن قانون النفط والغاز وقانون البنى التحتية؟ولو يريدون الحل السلمي لكل مشاكل العراق لكان اتفق الجميع على تشكيل حكومة مستقلة لا يكون ولائها لحزب وإنما للعراق فقط لإخراج العراق من ركوده الاقتصادي,وليبدأ البناء وتقدم الخدمات ويقصى الفاسد من منصبه,ويأتي بمن هم أهلا لتبوء تلك المناصب حسب الكفاءة والنزاهة والإخلاص في العمل.لكن دولة المحاصصة لا رئيس برلمانها ولا رئيس وزرائها ولا رئيس جمهوريتها يقبلون بغير الفساد والتغطية عليه,لان الرائحة العفنة في داخل تلك ألاماكن تزكم الأنوف لان المتورطين كبار وفي كل المستويات والسلطة في العراق أصبحت إقطاعيات للكتل السياسية.كل مسؤول له من الأقارب والأبناء من دخل أبواب السلطة عبر الخارجية.وحيدر الملا فضح قسما منها من على منبر برنامج الساعة 9 حيث ذكر بالأسماء الكثير من الأخوة والأقارب للمسئولين قد عينوا في السفارات العراقية للكتل المشتركة في السلطة المحاصصاتية العفنة.فأين لجنة النزاهة البرلمانية من هذا؟أين المالكي من تعيينات الأهل وألاقارب في سفارات العراق؟من يحاسب من؟ ومن يبني العراق؟
محمود القبطان
20121203
#محمود_القبطان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟