الأصفر الابراهيمي واستمرار المؤامرة

عمر سعد الشيباني

الحوار المتمدن-العدد: 3929 - 2012 / 12 / 2 - 08:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لاشك أننا نحن العرب مغرمون بنظرية المؤامرة لسبب ضعفنا وانعدام مقدرتنا على التصدى للقوى العالمية التي تبحث بشكل دائم عن مصالحها وسيطرتها على الاضعف. واحيانا تسعى القوى العالمية إلى تمرير اجندات من خلال افعال تبدو عادية، لكنها لها ابعاد مؤثرة. ومن هذه المقدمة، أقول أن القوى العالمية قد سعت إلى استمراية نظام الاسد لأنه الأفضل والأضمن لحراسة حدود اسرائيل.
وبعد أن انتفض الشعب السوري وجرى ماجرى، تحول العالم لمجرد متفرج على رجل طائفي يريد ابادة شعب بكامله، وغدت الضحايا البشرية مجرد اعداد تحصيها منظمات حقوق الانسان ومعدين نشرات الاخبار. اليس هذا كله جزء من مؤامرة بدأت بمجيء الاسد ولم تنهي حتى الان. لقد تجاوز عدد الشهداء الخمسون الف والجرحى ثلاث مئة الف والمعتقلين أكثر من مئة الف. من يسمى أن هذا نظام مستبد لايعرف معنى الاستبداد. لأن المستبد يحكم كفرد ، لكن هذا الرجل لايحكم كفرد، بل كعائلات ومنطقة وطائفة. ونحن الان مرغمين على أن نترحم على المستبد السوري الأول اديب الشيشكلي. لأنه عندما قام نفر من الضباط ضد استبداده تخلى عن السلطة وقال كلمته المشهورة: لااريد أن يراق قطرة دم سورية واحدة من أجل بقائي. هذا يسمونه مستبد. أما رجل قد قسم المجتمع إلى تقدمي ورجعي وسني وعلوي ومسيحي واعطى امتيازات على هذا التصنيف. ثم تحول نظامه من دولة حاكمة إلى عصابة محتلة للبلد تتعامل مع اهله على انهم عدو طائفي. هذا ليس مجرد مستبد .
هذه العائلة سببت ويلات لسوريا لخمسة عقود وستستمر الويلات ربما لعقد أخر من الزمن بعد رحيل هذا السرطان الطائفي. لقد حولنا حافظ الاسد إلى عبيد وقبلنا نحن هذه العبودية تحت ذريعة أنه ليس باليد حيلة. وتفرجنا على حماة كيف سحقها المجرم الاكبر ورضينا وقلنا أنه ليس باليد حيلة. وفطس الطائفي الأول وأتو بأبنه القاصر وسيدوه علينا وصمتنا تحت ذريعة أنه ليس باليد حيلة. فالعبيد لاتستطيع أن تناقش اسيادها. وعندما فر بن علي من تونس وسقط مبارك بثلاث اسابيع، عرفنا أنه باستطاعة العبيد أن تثور على كائنات سيّدَة نفسها والصقت بجانب صورها مخالب الرعب. عرفنا أن هذا الخوف كان في داخلنا فقط من مسخ خطف الوطن والدولة بمؤامرة خارجية علينا. عرفنا أننا باستطاعتنا أن نقول كلمتنا التي حبسناها في دواخلنا نحن السوريون لخمسة عقود. كلمة كفى عبودية، فالعبيد لم يعودوا عبيدا، بل يريدون استعادة حريتهم التي باعها الفاطس الأول في اسواق الغرب وامريكا، في قتل الفلسطينين واللبنانيين، والسوريين.
وفي العودة إلى الاصفر الابراهيمي، نقول أن اللون الاصفر يستعمله اصحاب نظرية المؤمرة في القول: هذه كتب صفراء، أي تشوه الواقع والوعي. ونقول هذا الرجل اصفر لسبب أنه لاضمير له. فقد خجل على نفسه عنان من قبل واستقال من منصبه لأنه لايريد أن يكون شاهد زور على القتل اليومي والطائفي. احضروا هذا الرجل لتستمر المجزرة وكي يمرر اجندات نرى أول خيوطها تحاك. من تصريحاته الفاجرة الاخير في احضار قوات حفظ سلام. والمضحك في الامر أن المعارض وليد البني ومثله اخرون بلعوا الطعم. قوات حفظ سلام على ماذا، إذا كان منشار الاسد في اخر ايامه ودمشق ستسقط في غضون اسابيع قلائل. علما أن سوريا غالبيتها في يد الجيش الحر. لمن هذه قوات الحفظ سلام. ثم لاتنسوا تحشيد قوات النيتو على الحدود السورية. لماذا كل هذا التحشيد ولم يسقطوا للمجرم طائرة واحدة. هنا أنا ملزم أن اعتقد بمايسمى بالمؤامرة الكبرى على سوريا. مؤامرة استمرت خمسون عاما علينا وكلفتنا مزيدا من الضحايا. أظن أن تصريح الابراهيمي في قوات حفظ سلام بعد معرفة أن الاسد ساقط قريبا، وتحشيد النيتو وتصريحات الولايات المتحدة المستمرة في عدم وثوقها في المعارضة السورية والان بدأ الكلام الفاضي عن لجنة الاسلحة الكيمائية وغيرها بعد سنتين من ذبح الشعب يدل دلالة واضحة أنهم سيتدخلون في حال سقوط الاسد ليفرضوا واقع جديد أشبه بشخص مثل الاسد أو التهديد على ارض الواقع بعد تدخلهم بالتقسيم أذا لم تستجب لمطالبهم الحكومة الجديدة بحماية اسرائيل. هذا كل مافي الامر. يدخلون إلى سوريا بعد الاسد ويهددون بالتقسيم ووجود قوات سلام ثم يدمرون مايستطيعون من سلاح كيميائي إن وجد لترتاح اسرائيل، فالصديق القديم سيذهب إلى غير رجعة. ولابد من تدابير مابعد الاسد فإسرائيل قلقة من هذا الجيش الحر المسلح بشرفه وشرف بلاده. اذا لماذا بعد هذا التحشيد الفارغ من اسلحة النيتو لم يسقطوا طائرة واحدة للأسد تحصد في كل طلعة عشرات الارواح.
ولذلك علينا التنويه أن لاينجر السياسيون في الائتلاف الوطني وراء المطالب الامريكية والبريطانية، لأن العظمة الذي يرمون بها لن توقف قتل ولم تسقط مجرم. فتصريح كلنتون في زيادة الدعم للمعارضة هو شكل من السخرية السوداء. الشعب يباد وهي تريد تزويد الثوار بأجهزة اتصالات. ماذا ستفيد هذه الاتصالات. فهي لن تقرر معركة ولن تنصر شعبا. هذا إذا استثنينا أن هذه الاجهزة ليست ملغومة للايقاع بأفراد الجيش الحر. هذه القوى الغربية عملت على تقويض أي معنى للنهوض من خلال تنصيب زعماء عملاء لها.
فأقول يا أيها المجلس الوطني، يا أيها الائتلاف ، أيها المعارضة الشريفة... أرفضوا تدخل قوات حفظ سلام لانها ستكون بسمار حجا في سوريا. وأخيرا وقبل أن ننهي هذه الكلمة أود أن احي الشعب الفلسطيني على نجاحه كعضو مراقب في هيئة الامم. فهذا لاشك مكسب لهم ولنا.

#عمر_سعد_الشيباني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات