|
تأثير التراث العربى على العقلية العربية
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 3928 - 2012 / 12 / 1 - 13:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يرتبط التراث العربى بالإسلام بحيث لايمكن فصل أحدهما عن الآخر. وهوما عبّرعنه القرآن بالنص على أنه نزل (عربيًا) والتراث العربى يرتكزعلى عدة محاورتسبّبتْ فى التخلف الحضارى رغم الثروة التى منحتها الطبيعة للعرب . المحورالأول (الأحادية) فكما أنّ الإسلام شدّد على (وحدانية) الإله، كذلك اتسم نظام الحكم على (وحدانية) الحاكم . هذه (الوحدانية) نتج عنها الاستبداد السياسى . فكما أنّ الإله العربى ((يعزمن يشاء ويذل من يشاء) ويتسامح مع كل أشكال الجرائم طالما أنّ المسلم لايُشرك معه إلهًا آخر(النساء48، 116) كذلك فعل الحكام العرب طوال تاريخهم. المحورالثانى الأخذ بالمُطلق ورفض النسبى فالقرآن ينفى عن المسلمين الإجرام فينص على (أفنجعل المسلمين كالمجرمين) (القلم 35) و(كنتم خيرأمة أخرجتْ للناس) وفى الأحاديث النبوية (خيرالقرون قرنى ثم الذى يليه) و(إنما يلبس الحريرفى الدنيا من لاخلاق له فى الآخرة) الإيمان بالمطلق انعكس على التراث العربى فى أكثرمن مجال خاصة العداء لعلم المنطق الذى ينطلق من الاعتراف بالنسبى الذى هوالمدخل للفلسفة ثم إلى العلم الذى لايعترف بالثبات بل ويعترف بالخطأ من خلال التجربة تلوالتجربة، كما تـُخبرنا قصة تطورالعلوم (أنظركتاب : تاريخ العلم – تأليف جون جريبين- ترجمة شوقى جلال – جزأين – عالم المعرفة الكويتى- يونيوويوليو2012) والعداء للمنطق يتغنى به العرب والأصوليون مُردّدين بفرح مقولة ابن تيميه ((من تمنطق فقد تزندق)) أى أنّ التمسك بالمطلق أحد أسباب تكفيرالمختلف مع التراث العربى / الإسلامى. بل إنّ سهام التكفير نالتْ مسلمين موحدين لمجرد أنهم اختلفوا مع مسلمين موحدين مثلهم . المحورالثالث الطاعة المطلقة : انتقلتْ من القرآن ((أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم)) فانعكستْ على نظام الحكم ، إذْ أنّ الشعب ليس له حق مخالفة الحاكم والمرؤوس ليس له حق مخالفة رئيسه. والعضوفى جماعة دينية ليس له حق مخالفة أميره إلخ. لذا ظلّ تاريخ العرب بلا ثورات شعبية منظمة ومؤثرة (باستثناء اشتراك العرب الذين عملوا بالزراعة مع المصريين ضد حكم العرب ، ومثل حركة القرامطة التى عليها الكثيرمن المآخذ نظرًا للعنف الذى مارسته مع خصومها) ولكن مع ثورة المعلومات فإنّ الجيل الجديد من الشباب نجح فى التملص من آفة الطاعة مثلما حدث منذ يناير2011فى أكثرمن بلد عربى. المحورالرابع التعصب العرقى والذى تم تدشينه بعد وفاة محمد إذْ كانت الخلافة لقريش مع استبعاد باقى القبائل. وعبّرمحمد عن هذا المنحى فى حديث قال فيه (لاتكون العرب كفؤا لقريش. والموالى لايكونون كفؤا للعرب) وقال معاوية بن أبى سفيان (أهل مصرثلاثة أصناف : فثلث ناس (العرب) وثلث يُشبه الناس (الموالى) وثلث لاناس (القبط) (المقريزى المواعظ والإعتبار ص56) وقال أبوحنيفة (ليس أحد من العرب كفؤا لقريش وليس أحد من غيرالعرب كفؤا للعرب) وقال سفيان الثورى وابن حنبل (إذا نكح (= تزوج) المولى عربية يُفسخ العقد) وظلّ هذا التراث يتراكم إلى أنْ تولد عنه المثل العربى ((ياكلها التمساح ولاياخدها الفلاح)) فى إشارة إلى الفلاحين المصريين. التعصب العرقى والتعصب للدين أحد أهم أسباب عداء العرب والمسلمين للمختلفين معهم حتى من الشعوب الأوروبية الذين سمحوا لهم بالعيش والعمل فى بلادهم ، فكان رد الجميل تكفير من ساعدهم على الإقامة الكريمة والحرية التى يفتقدونها فى بلادهم . ولم يقف الأمرعند التكفيرفقط بل وصل لدرجة محاولات فرض الإسلام بالقوة ، إنطلاقا من مقولة يتمسكون بها منذ حسن البنا وسيد قطب ، وهى أنّ (المسلمين أساتذة العالم) المحورالرابع يتأسّس على أنّ (الولاء للدين يسبق الولاء للوطن) منذ جمال الدين الإيرانى الشهيربالأفغانى وكل الأصوليين. انعكس ذلك على الواقع فى مصر. فانتشربين الأصوليين مقولة (طظ فى مصر) وأنه لابأس من أنْ يحكم مصرأى مسلم من أى بلد والأخطرهوما ترسّبْ فى ذهنية الأصوليين من أنّ المسلم الأمريكانى أوالأفغانى أهم من المسيحى المصرى. وكان ذلك أحد أسباب الاحتقان الدينى المشتعل بين أبناء شعبنا الذى بدأ مع تكوين الإخوان المسلمين عام 1928ثم تفاقم بعد يوليو52. المحورالخامس الموقف من المرأة: فهى نصف الرجل فى الميراث وفى الشهادة. وإذا كانت عبدة فمن حق الرجل أنْ يقتنى أى عدد بلا حصروفقا لنظام (ماملكتْ أيمانكم) المنصوص عليه فى أكثرمن آية قرآنية (النساء 25، 26، النحل 71النور31، 58الروم 28، الأحزاب 50، 52، المعارج 30) والزوج فى القرآن (بعل الزوجة) النساء 128، النور31) ومع مراعاة أنّ (البعل) فى اللغة السامية (ومنها العربية) تعنى (المالك) وورد فى العهد القديم للإشارة إلى آلهة كنعان إذْ كان يُعبد فى بقاعها ثم انتقل إلى القرآن الذى اعترف بذلك فى سورة الصافات /126(أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين) أى أنّ الزوج يصل لمرتبة الإله على زوجته. وفى الأحاديث النبوية (لن يفلح قوم ولوا أمرأهم امرأة) وفى التعليم الأزهرى فى مصريتعلم التلاميذ أنّ الوصية لاتجوزإذا ((لم تكن المرأة فراشًا لزوج أوسيد)) ويتعلم أنّ المسلم (الحر) له أنْ يجمع بين أربع زوجات من الحرائر((مع جوازالجمع بين الإماء بملك اليمين من غيرحصر. أما العبد فله أنْ يجمع بين إثنتين فقط لأنه على النصف من الحر)) وذكرالمرحوم خليل عبدالكريم أنّ من أقوال العرب الأثيرة (الرجل أشرف من المرأة) ومن خلال بحثه فى اللغة العربية ذكرأنّ موقف العرب من المرأة ((يُفسرلنا موقف الثقافة العربية منها ومنعها من تولى العديد من المناصب وهذا يؤكد أنّ تلك الثقافة ارتبطتْ ببيئة معينة. وأنّ المرأة فى التراث العربى (كلها عورة) (العرب والمرأة- دارالانتشارالعربى وسينا للنشرعام 98أكثرمن صفحة) 000 المحاورالسابقة (وهى على سبيل المثال) تؤكد على العلاقة العضوية بين التراث العربى والذهنية العربية، حتى فى اللغة وفق وصف أ. خليل عبدالكريم الذى ذكرأنه فى المجتمع البدوى من المستحيل أنْ تتخلق لغة متحضرة (لأنّ اللغة هى المرآة التى تعكس صورة السلوك الإنسانى.. واللغة العربية خشنة قاسية كانعكاس للبيئة لذا كان العرب فى أدنى درجات السلم الحضارى ، بل بغيرمغالاة ودون مبالغة هم فى طليعة الشعوب التى خاصمتها الحضارة) ورغم ذلك عندما خالط العرب الشعوب الراقية بعد أنْ احتلوا أراضيها واستعمروها ونهبوا ثرواتها واستحلوا عرق فلاحيها ، أطلقوا عليهم (العلوج) استكبارًا واستعلاءً) (المصدرالسابق أكثرمن صفحة) أما ابن خلدون فذكرأنّ العرب أبعد مايكونون عن العمران الحضرى لذلك لم يُساهموا فى الصنائع (= الصناعة) عكس الصين والهند وبلاد القبط . وأنّ حملة العلم المسلمين من غيرالعرب ((ولا أوفر اليوم فى الحضارة من مصرفهى أم العالم وينبوع العلم والصنائع)) وأنّ طبيعة العرب التوحش فهم أهل انتهاب والسبب ((أنهم أمة وحشية. والعرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب)) وارتبط ذلك بالموقف من الحضارات الأخرى فكتب ابن خلدون ((أين علوم الفرس التى أمرعمر بمحوها عند الفتح؟ وأين علوم أهل بابل وأين علوم القبط ؟)) (المقدمة- المكتبة السعيدية بالأزهر ط عام 1930أكثرمن صفحة) ويرى المفكرالكويتى الراحل أحمد البغدادى أنّ العرب لم يعرفوا فى حياتهم شيئا اسمه القانون وأنّ مصطلح (الدولة) لاوجود له فى المعاجم العربية. وإذا نظرنا ((إلى مسألة التفكيرفى نطاق البيئة الصحراوية حيث محدودية التفكير، فلا علم ولاحضارة باعتبارأنّ العرب آنذاك أمة أمية لاتقرأ ولاتكتب وتعتمد الثقافة الشفاهية وفى مجال وحيد هوالشعر)) وذكرأنّ ((الحضارة ترتبط بالدنيا ولاعلاقة لها بالدين. ومن هنا خطأ مقولة (الحضارة الإسلامية) وأكد على أنه لا اللغة العربية ولا الدين الإسلامى حوى أى تعريف لغوى أواصطلاحى للحضارة (فلسفة. رياضيات. علوم) أما التراث الدينى فلا عقل فيه ولم يستفد منه العالم شيئا لأنه تراث خاص وضيق الحدود)) (أحاديث الدنيا والدين- مؤسسة الانتشارالعربى عام 2005أكثرمن صفحة) أما الكاتبة نادين البدير(سمعتُ من بعض الأصدقاء أنها سعودية الجنسية وتعيش فى باريس) فكتبتْ ((باسم الأخلاق ينتحرالعرب . ويتحوّلون باسم الدين لعالة وعارعلى العالم الذى يركض نحوالفضاء. ونركض نحوعذاب القبر. ورغم ذلك ترتفع التحرشات الجنسية فى العالم العربى لأعلى مدى . فأين الأخلاق وأين الدين؟ فى باريس وغيرها تسيرالسيدة بمختلف الأزياء ولايُضايقها أحد . وفى المناطق العربية تسيرمُنكسرة خائفة من خطف أواعتداء ولوكانت محجبة. وإنْ نجتْ لن تسلم من تحرشات لفظية بذيئة ترشقها بها كائنات تنتهى من مضايقة النساء لترفع أيديها مُكبرة مُهللة للصلوات. فأين الدين وأين الأخلاق؟ متى يستيقظ المجتمع (العربى) من الوهم؟)) (المصرى اليوم 10/7/2012) وذكرالكاتب الليبى أبوالقاسم صميدة ((الكارثة هى أنّ العرب لم يتخلصوا من ثقافة داحس والغبراء ولم ينسوا تقاليد حروب البسوس وسلوكيات الثأروالسلب والعراك البدائى فتلبستهم ثقافة ملكية الحقيقة)) (أهرام 16/11/2003) فهل كان المفكرالسعودى عبدالله القصيمى مغاليًا عندما كتب كتابًا من 717صفحة من القطع الكبيربعنوان (العرب ظاهرة صوتية)؟ تم نشرها على موقع المصلح على الرابط http://www.almuslih.net ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التراث العبرى ولغة العلم
-
الأصولية الإسلامية وجذور العنف
-
الحذاء الفضى - مسرحية قصيرة للأطفال
-
العلاقة بين هدم الآثار والعداء للتراث الإنسانى
-
أجنحة الصفاء - قصة قصيرة
-
أخيرًا : الإسلام على وشك دخول مصر
-
رادوبى (سندريلا المصرية) قصة قصيرة
-
شاى الأصدقاء : قصة قصيرة
-
يوتوبيا سيادة المسلمين على العالم
-
مساحات الظل
-
مدينة طفولتى - قصة قصيرة
-
تلك اللوحة
-
حالة تلبس : قصة قصيرة
-
محمود سلام زناتى : من سمع بهذا الاسم ؟
-
لماذا فقد حورس عينه : المعرفة قبل العاطفة
-
مصر فى عيون العالم (موسوعة للأطفال)
-
موسوعة الفن المصرى وفن الكتابة للأطفال
-
موسوعة تاريخ الأفكار للشباب
-
أمنيات الزمن الضائع للأديبة هدى توفيق
-
الموالد المصرية وأبعاد الشخصية القومية
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|