|
قرارالأمم المتحدة حول فلسطين مدعاة للابتهاج... أم البكاء....؟؟
علي الأسدي
الحوار المتمدن-العدد: 3928 - 2012 / 12 / 1 - 10:47
المحور:
القضية الفلسطينية
اختارت شعوب تونس ومصر وأخيرأ الولايات المتحدة رؤساءها في انتخابات لم يطعن أحد بديمقراطيتها ، لكن هل كانت الشعوب التي انتظرت ساعات للادلاء بأصواتها تعرف مسبقا أن من ينتخبوه لا يستحي..؟
لا أتحدث عن تونس ومصر اللتين يتقرر مصير رئيسيها قريبا في ربيع جديد يزيح فيه الشعبان الكابوس الاخواني عن كاهلهما ، بل أتحدث عن الرئيس أوباما الذي تنكر لوعوده للشعب الفلسطيني بدولة ديمقراطية بحدود 4 -6 - 1967 معترف بها دوليا تعيش بسلام الى جانب اسرائيل أثناء زيارته لمصر بعد فترة قصيرة من انتخابه رئيسا للولايات المتحدة عام 2008. كنت أود من اعماق قلبي أن يقوم الرئيس محمود عباس برجاء الرئيس أوباما رجاء شخصيا للقيام بزيارة قصيرة ، قصيرة جدا جدا للضفة الغربية ليقف بنفسه على الوضع هناك ، وليقم بعبور واحد فقط لنقاط التفتيش والحواجز ، وليقل ما يقول بعدها ، انها الصدمة بالتيار الكهربائي لتعيده الى واقع المأساة الفلسطينية. فهل يفعل..؟؟
لقد خذل أوباما الفلسطينيين كما فعل كل رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية الذين جائوا قبله ، وربما الذين سيأتون بعده ، لسبب وحيد بسيط أن رأس المال في تلك الدولة الرأسمالية هو ربان السفينة الأمريكية الراسية هناك على الشاطئ الفلسطيني. ومما شجع الرئيس أوباما على موقفه الأخير من الفلسطينيين هو ، أن ليس بين القادة العرب من يستحق الاعتبار أو الاهتمام أو الاحترام ، فهم بالنسبة له حماة المصالح الأمريكية في بلدانهم وأنهم لهذا السبب باقون في مناصبهم أدواة طيعة كالعبيد الذين كان الأمريكيون تجاره في وقت مضى.
وتأكيدا على هذا الافتراض الذي أرجو أن أكون مخطئا في التعبير عنه ، هو رد فعل رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو على تصويت الأمم المتحدة المتعلق بالقرار الأخير حول فلسطين. تحدث بكلمات قصيرة لمراسلي وكالات الانباء مستخفا ومستهترا بتلك الدول التي أيدت الاقتراح الفلسطيني القاضي باعتبار فلسطين دولة غير عضوة في الأمم المتحدة "non-member observer state".. عبر نتنياهو بعلامات وجهه ونظرته الدونية من خلال عدسات كاميرات الصحفيين لأولئك الذين صوتوا لصالح القرار ، مؤكدا بعناد أن الواقع على الأرض باق كما هو وسيبقى كذلك ، ولا قيمة سياسية أو قانونية أو حتى معنوية للقرار الجديد. وكان محقا تماما فيما قال.
وتأكيدا على ذلك جاءت التصريحات من واشنطن ولندن بأن أي تغيير في واقع الحال مرهون بالتوصل الى اتفاق بين الوفدين الفلسطيني والاسرائيلي ، وهم يعرفون جيدا أن اي اتفاق نهائي بين وفدي الطرفين لن يتم لا الآن ولا في المستقبل. فتجارب الماضي والحاضر تثبت بما لا شك فيه أن اسرائيل وحدها من يقرر الحل الذي يرضيها ، ونعرف منذ أكثر من ستة عقود أن لاسرائيل حلا واحدا وحيدا لا غير ، هو انهاء الوجود الفلسطيني من أرض فلسطين ، وأن لا مجال أبدا لبقاء أي فلسطيني في دولة اسرائل " أرض كل فلسطين ". ولم تضع اسرائيل ولو قليلا من الوقت لتحقيق هذا الهدف الذي لم يعد حلما ، كما كان يتردد لحد اليوم ، فهو الآن أكثر واقعية من أي وقت مضى. فقد أعلنت في يوم صدور القرار أنها ماضية في بناء 3000 مسكنا للمستوطنين الاسرائيليين في الضفة الغربية وحدها. هذا اضافة الى أن هناك 1000 إجازة بناء لمستوطنات جديدة يتوقع البت فيها قريبا. فلمن تبنى تلك المستوطنات؟
المستوطنات الجديدة ستبنى في حيز سيقطع الضفة الغربية الى نصفين ، وقد اختير موقعها بين القدس الشرقية ومستعمرة مال أدومين ، وتهدف هذه الخطة الى وضع العراقيل أمام اقامة دولة فلسطينية موحدة جغرافيا مستقبلا ، لتكون الضفة الغربية قطاعات لا قطاعا واحدا ليكون لكل قطاع حكومته كما هو الحال مع قطاع غزة التي يمكن لاسرائيل التحكم حتى بانفاس سكانه كما تشاء. نفوس سكان المستوطنات في الضفة الغربية بلغ نصف مليون مستوطن منذ احتلالها عام 1967 ، وهي وفق القانون الدولي تعتبر غير شرعية. ومع أني لا أتوقع قيام دولة فلسطينية أبدا ، فانها لو قامت فعلا فأي حياة سيعيشها الفلسطينيون العزل وسط غابة من أشرس الضباع ..؟؟
ومع كل ذلك فالفرحة عمت الضفة الغربية بمناسبة صدور قرار الأمم المتحدة الذي هو في حقيقته تكريس جديد للوجود الاسرائيلي ، القرار نص صراحة وبوضوح على عدم عضوية فلسطين في الأمم المتحدة " "non-member observer state". فهل هناك صراحة أكثر من هذه. وأتساءل وأنا أتابع أهازيج ورقص الجماهير الفلسطينية في شوارع الضفة الغربية وغزة ، ما يدعو تلك الجماهير للفرح ..؟ فأنا على العكس اعتقد مخلصا ، أنه كان عليهم بدلا عن ذلك اعلان الحداد ، نعم الحداد على انحراف منظمة الأمم المتحدة عن مبادئ الحرية وحق تقرير المصير التي قامت من أجلها بعد الحرب العالمية الثانية. فقد أثبتت المرة بعد الأخرى وللعقود العشرة والنصف الماضية أنها لم تعد ملاذا آمنا للشعوب المقهورة ، ومدافعا جماعيا عن مبادئ الحرية والسلام العادل وحقوق الانسان ، بل ساحة خلفية لنفايات الولايات المتحدة الآمريكية.
لو اعترف القرار الأخير بفلسطين عضوا كامل العضوية لكان بالفعل مدعاة للفرح والابتهاج والاعتزاز ، أما أن يؤكد القرار على اللاعضوية لفلسطين في المنظمة الأممية بعد كل تلك المدة الطويلة ، فلا يجدر بالفلسطينيين غير انتقاده بشدة وتوجيه اللوم للدول التي صاغت هذا القرار المناور الذي لا استبعد اصابع الولايات المتحدة واسرائيل فيه ، دون أن يتجاهلوا ولو للحظة ادانة تلك الدول التي استكثرت على الفلسطينيين حتى هذا القرار اليتيم. فدولا مثل الولايات المتحدة ومن صوت الى جانبها ومن امتنع عن التصويت تستحق ليس فقط ادانة سياساتها ، بل مقاطعتها اقتصاديا واحتقار دبلوماسييها ورشقهم بالبيض الفاسد أينما مروا أو تواجدوا. لقد ارتكبت الأمم المتحدة مرة أخرى خطأ تاريخيا جديدا ، لتضيف الى سجلها غير المشرف تجاه حقوق الشعب الفلسطيني لوثة جديدة لا يزيلها الا اعترافها الكامل غير المشروط بالحقوق الفلسطينية ، والغاء احتلال فلسطين آخر المستعمرات في تاريخ الكولونيالية المعاصر ، وادانة كل السياسات الأمريكية والاسرائيلية التي تقف دائما ضد الغاء ذلك الاحتلال الغاشم ، والاعتراف الذي طال أمده باستقلال الدولة الفلسطينية الحرة. بعض الناس يموت مرتين ، مرة عندما يحل الأجل ، والمرة الأخرى عندما يفقدوا الضمير. المستوطن الاسرائيلي يموت مرة واحدة ، لأنه يولد بلا ضمير. علي الأسدي
#علي_الأسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار ودي ... مع شيوعي كوموني . ..
-
الرأي اليهودي الآخر...في الحرب على غزة ..
-
رسالة طفل من غزة .. الى الجنرال ايهود براك ..،،
-
هل بدأ الزحف .. يا ولدي..؟
-
الحقائق الثابتة ... التي لا يريدون لنا التحدث عنها ...(3)..
-
الحقائق التي ... لا يريدون لنا التحدث عنها.... (2)..
-
عندما تشن اسرائيل الحرب ... على السجن..؛؛؛
-
الحقائق التاريخية ... التي لا يريدون لنا التحدث عنها .. (1).
...
-
عن أي عالم آخر .... نبحث ...؟
-
احتواء الصين ... في الاستراتيجية الأمريكية ... (الأخير)..؛؛
-
احتواء الصين .... في الاستراتيجية الأمريكية....(2) .؛؛
-
احتواء الصين .... في الاستراتيجية الأمريكية....؛؛
-
آراء حول مقال - الهولوكوست .. والحقائق الغامضة -
-
ماذا بعد الهولوكوست .. ردا على ابراهامي ...؟
-
الهولوكوست .... والحقائق الغامضة ....(الأخير)..
-
الهولوكوست .... والحقائق الغامضة.... (4)..
-
الهولوكوست .... والحقائق الغامضة....(3)..
-
الهولوكوست .... والحقائق الغامضة.....(2)..
-
الهولوكوست .. والحقائق الغامضة.. ..(1)
-
الاقتصاد الحر .... الذي لم يعد حرا ... (1)..
المزيد.....
-
صور بعض قتلى فاجعة اصطدام طائرة الركاب بمروحية عسكرية في واش
...
-
شاهد كيف ردّ ترامب على سؤال صحفي بشأن رفض مصر والأردن اسقبال
...
-
سموتريتش: إذا تضمنت المرحلة الثانية من الصفقة إنهاء الحرب دو
...
-
من هو محمد الضيف الذي أعلنت حركة حماس مقتله؟
-
تحليل: عندما توجه الجزائر بوصلتها نحو أمريكا كيف يستجيب ترام
...
-
الكشف عن 3 حوادث تقارب جوي سبقت كارثة اصطدام الطائرتين في وا
...
-
إنقاذ 60 شخصا في حريق شمال غربي موسكو (فيديو)
-
للمرة الخامسة على التوالي.. موسكو تسجل رقما قياسيا لدرجة الح
...
-
رئيس الأركان الروسي يتفقد قوات -الشرق- في دونباس (فيديو)
-
مصر.. حريق ضخم يلتهم السفن في السويس
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|