|
أي عمل نقابي نريد وبأية آفاق؟
عبد السلام أديب
الحوار المتمدن-العدد: 3928 - 2012 / 12 / 1 - 09:29
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
1 - من حسنات الهجوم البيروقراطي الاستئصالي داخل الاتحاد المغربي للشغل سنة 2012 على الآلاف من المناضلات والمناضلين النقابيات والنقابيين المنضوين في جامعات قطاع التعليم والجماعات المحلية والاتحاد النقابي للموظفين والعشرات من النقابات والفروع المحلية المنضوية تحت لواء الاتحادات الجهوية التي تم حلها أو طرد مكوناتها باستعمال القوة ومساندة السلطات وقوات القمع، أنها وحدت صف التوجه النقابي الديموقراطي وجعلته ينتج العشرات من النقاشات والتحليلات والكتابات حول أي عمل نقابي نريد وبأية آفاق؟.
أولا: محركات العمل النضالي داخل النقابات
2 - يتبلور العمل النقابي من خلال المقاومة والنضال المستمرين للطبقة الشغيلة سواء كانوا عمالا أو موظفين، بمعنى جميع الذين يقدمون جهدا عضليا أو فكريا، في عمل انتاج سلع أو خدمات، لقاء أجر يحصلون عليه بشكل دوري ويشكل جزءا من فائض القيمة التي يعملون على انتاجها.
3 - وترتكز هذه المقاومة وهذا النضال المستمرين للشغيلة، على أساس المطالبة باستمرار بتحسين شروط عملهم وفي مقدمة ذلك ما يسمى بالأجر العادل، نتيجة تآكل هذه الشروط باستمرار أيضا. هذه المقاومة وهذا النضال المستمر للشغيلة يتم في مواجهة أرباب العمل سواء كانوا من الخواص أو مؤسسات الدولة والتي تشكل الطرف المستفيذ من العمل.
4 - إذن فطرفي الصراع النقابي هي طبقة الشغيلة من جهة والدولة والباطرونا من جهة أخرى، نظرا لتضارب مصالح الطرفين. فبينما تعمل الباطرونا وأجهزة الدولة على المحافظة على تجميد الأجور وعدم صرف الأموال لتحسين ظروف الشغل، لأطول مدة ممكنة، من أجل مراكمة أكبر قدر من رؤوس الأموال، نجد أن واقع الشغيلة الذي يتدهور باستمرار نتيجة هذا التجميد والتضخم وغلاء المعيشة بينما يحدث في المقابل اثراء فاحش للباطرونا وللأطراف المتحكمة النافدة في أجهزة الدولة وعدد من القوى الملحقة بها. ويحدث هذا الافقار وما يقابله من اثراء فاحش نتيجة عدة عوامل أهمها طبيعة القوانين الاقتصادية الرأسمالية نفسها وسيرورة نمط الانتاج الرأسمالي ثم الاجراءات والقوانين الرسمية للدولة والتي تتحكم في بلورتها نفس القوى المهيمنة.
5 - ونظرا لأن تآكل شروط العمل والأجر يتعمق مع تعاقب الأزمات الاقتصادية وتعمقها، ومحاولة الباطرونا وأجهزة الدولة تفريغ هذه الأزمات على حساب العمل، فإن النضال والمقاومة المنظمة المستمرة في اطار النقابات تصبح احدى آليات الصمود والتعبئة، للحفاظ على ما يمكن الحافظ عليه.
6 - الصراع المستمر ما بين الشغيلة داخل النقابات لتحسين أوضاعها في مواجهة الباطرونا وأجهزة الدولة المختلفة للمحافظة على نمط الاستغلال وتأويج الأرباح، يتحول الى صراع سياسي بين طبقتين، الطبقة المستغلة والطبقة المستغلة. ونظرا لقوة الطبقة المهيمنة سياسيا وايديولوجيا وأمنيا وعسكريا، فإنها تحاول باستمرار احتواء معارك الشغيلة مستعملة في ذلك قوتها الكاملة وتعبيراتها السياسية المختلفة، سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر. كما تستعمل طابورها الخامس، المتمثل في البيروقراطية النقابية.
7 - رهانات الطبقة العاملة هي أن تصارع من أجل وحدة صفها أولا ضد محاولات تقسيمها وتخديرها بوعود زائفة تكرس خضوعها فقط لأشكال الاستغلال المتعددة، ثم ثانيا فضح كافة السياسات المتعارضة مع مصالحها ومقاومة هذه السياسات بالأساليب النضالية المعروفة بالوقفات الاحتجاجية والاضرابات. ثم ثالثا فضح واحباط كافة القوى المدسوسة في صفوفها والرامية الى تدجينها.
8 - وإذا كانت أهداف البرجوازية المهيمنة بدون شريك تتمثل في تأبيد استغلال الطبقة العاملة ونقل كافة أزماتها على عاتقها، وبتالي توسيع بؤس وفقر الملايين من الكادحين، فإن الاهداف الاستراتيجية للطبقة العاملة هي اسقاط النظام الرأسمالي عبر أداتها السياسية وفرض ديكتاتورية البروليتارية كمرحلة انتقالية نحو المجتمع الشيوعي. ولا تعتبر هذه الاستراتيجية العمالية مجرد فكرة طوباوية كما تدعي الدعاية البرجوازية وابواقها الايديولوجية، بل أن التاريخ يؤكد امكانية تحقق مادي ملموس للمجتمع الشيوعي الخالي من الطبقات ومن الاستغلال ومن العمل المأجور. فالصراع الطبقي الذي هو بالضرورة صراع سياسي يقوم بين البرجوازية المهيمنة حاليا بدون شريك وبين الطبقة العاملة المستغلة والمضطهدة والمشتتة. وهناك شواهد تاريخية على أن الحركة العمالية استطاعت توحيد صفوفها وقيادة معاركها السياسية الناجحة ضد البرجوازية، وبالتالي فرض حكم الطبقة العاملة، فقد حدث ذلك سنة 1871 في كمونة باريس، كما حدث سنة 1917 مع انتصار الثورة البولشفية.
ثانيا: أبعاد الهجوم البيروقراطي الاخير داخل الاتحاد المغربي للشغل
9 - شهد الوسط النقابي داخل الاتحاد المغربي للشغل منذ 5 مارس 2012 زلزال تنظيمي لم يكن متوقعا سواء في حجمه أو امتداداته أو انعكاساته الحالية والمستقبلية. فقد قامت البيروقراطية المتنفذة داخل الاتحاد المغربي بتجييش اللجنة الادارية في ذلك اليوم لاتخاذ قرار طرد وتوقيف قياديان نقابيان واحد كاتب عام النقابة الوطنية للمالية والثاني عضو اللجنة الادارية كما اتخذ قرار الحل في حق الاتحاد الجهوي لنقابات الرباط سلا تمارة وطرد كافة النقابات القاعدية وفروع الجامعات والنقابات الوطنية كما تم تعيين لجنة اشراف على الاتحاد الجهوي بالرباط . في 22 مارس ثم طرد ثلاثة اعضاء من الامانة العامة للاتحاد المغربي للشغل وعضو اللجنة الادارية الموقوف.
10 تواصل هذا الهجوم البيروقراطي بحل جامعات قطاع التعليم وجامعة موظفي وعمال الجماعات المحلية وحل الاتحاد النقابي للموظفين والهجوم على ليلا على عدد من الاتحادات الجهوية لتغيير الاقفال وطرد المكاتب الجهوية وحدثت مثل هذه الحالات في تازة وخريبكة ووجدة والجديدة وبنكرير ومؤخرا العيون. وبالموازاة مع هذه المذبحة الديموقراطية، بدأت محاولة تأسيس نقابات وجامعات مماثلة لتلك التي تم حلها، حتى بأعداد لا تتجاوز عشرون شخصا وقد لا تكون لهم حتى بطاقة النقابي ومن بين عناصر فاسدة معروفة.
11 - همت هذه العملية البيروقراطية الاستئصالية الآلاف من المناضلات والمناضلين النقابيات والنقابيين المنضويين تحت مختلف الجامعات والنقابات الوطنية والاتحادات الجهوية المعنية بالأمر. بين ليلة وضحاها اصبح هؤلاء المناضلات والمناضلين مبعدين عن مقراتهم بتواطؤ مع السلطات التي زكت قرارات البيروقراطية على الرغم من ان القوانين الجاري بها العمل تمنع السلطات من التدخل في الشؤون الداخلية للنقابات.
12 - كان الواعز الذي استندت عليه البيروقراطية المتنفذة في اتخاذها لتلك القرارات هو مقال صدر بجريدة المساء في 23 فبراير يستقرأ فساد عدد من قيادات الامانة الوطنية مثل محمد غيور رئيس تعاضدية التعليم ورشيد المنياري الكاتب العام لنقابة رضال واللذين صدر بشأنهما تقرير عن التفتيشية العامة للمالية والمجلس الاعلى للحسابات وايضا تقرير لجمعية فرنسية ترأسها دانيال متران.
13 - ويظهر تواطؤ الحكومة في اتخاذ هذه القرارات من خلال الدور المباشر الذي لعبه أعضاء حزب التقدم والاشتراكية المشارك في الحكومة وحيث ظهر فيما بعد ان اتفاق تعاون قد تم ابرامه فيما بين ميلود موخاريق ونبيل بن عبد الله في خريف سنة 2011، كما ظهر الدور الريادي الذي لعبه كل من فاروق شهير ونور الدين سليك وآخرون.
14 - استعملت خلال هذه العملية الاستئصالية الاموال الكثيرة والحافلات وحتى سيارات شركة ريضال، واستقدم البلطجية من عدد من المدن القريبة وعمال ميناء الدار البيضاء لحراسة المقر بالرباط بأجور شهرية لكل فرد تبلغ 13 الف درهم للشهر. كما أن جميع القرائن تؤكد ان العملية كان مدبرا لها منذ سنة 2011 حيث كانت الامانة تماطل في عقد المؤتمر الثاني عشر للاتحاد الجهوي بالرباط وانها كانت تبحت عن اي مبرر للمرور نحو الهجوم المذكور.
ثالثا: الخلفيات السياسية والاقتصادية للهجوم البيروقراطي الاخير
15 - حدث الهجوم في سياق اقتصادي واجتماعي وسياسي تطبعه الأزمة، فعلى المستوى الاقتصادي تعتبر سنة 2012 السنة الرابعة منذ انفجار الحلقة الجديدة من الازمة الاقتصادية والمالية العالمية وقد اكد الخبراء الاقتصاديون في مؤتمر دافوز بسويسرا في شهر فبراير 2012 على أن الازمة الاقتصادية العالمية ستستمر على الاقل الى سنة 2019، وان جميع الدول بدون استثناء ستتأثر بها، لذلك بدأ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يطالبان الدول البرجوازية باعتماد سياسات تقشفية صارمة.
16 - وقد رأينا كيف أدى انعكاس الازمة الاقتصادية وسياسات التقشف الى أزمات سياسية وإلى انفجارات اجتماعية في حوالي 75 في المائة من دول العالم، كما رأينا كيف أثر تعمق الازمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلدان المغاربية والعربية في انفجار تمردات عنيفة اسقطت رؤوس بعض الانظمة الديكتاتورية كبنعلي ومبارك والقذافي وعلي عبد الله صالح.
17 - ان الانفجارات التي وقعت والمفاجآت التي حدثت وتطور الاحتجاجات في المغرب في اطار حركة 20 فبراير، جعلت التحالف الطبقي الحاكم يسارع بالبحث عن كافة السبل التي تمكنه من الالتفاف على الانفجارات الاجتماعية الممكنة. فعمد الى الالتفاف على الحراك الاجتماعي بشتى الوسائل، واستعمل مناورة ارجاع مطرودي شركة سيميسي الى عملهم والافراج عن بعض المعتقلين السياسيين والتوقيع على اتفاق 26 ابريل لتحييد الطبقة العاملة واجراء مراجعة دستورية جديدة وتنظيم انتخابات تشريعية سابقة لاوانها من اجل تنفيذ بنوذ الدستور الممنوح الجديد وبالموازاة مع كل ذلك مورس القمع المنهجي لجميع الحركات الاحتجاجية بدون استثناء وفي مقدمتها حركة 20 فبراير، كما لم تستثنى من ذلك النضالات النقابية، أنظر المسيرة النقابية ل 29 فبراير 2012 التي تعرضت وسط شارع محمد الخامس لقمع وحشي.
18 - ان التوجه النقابي الديموقراطي كان يوفر ارضية مادية لمختلف الحركات الاحتجاجية وخاصة حركة 20 فبراير، ويبدوا ان النظام في محاولته الالتفاف على الحراك الاجتماعي الاحتجاجي من خلال استهدف هذه الارضية المادية التي كانت تنطلق منها عدد من الاحتجاجات والمسيرات، والتي من أهدافها اضعاف قدرات القوى النقابية الكفاحية التي قد تقاوم مستقبلا سياسات التقشف والهجوم البرجوازية المهيمنة بدون شريك.
رابعا: السياق السياسي والاقتصادي العام الذي افرز الظرفية الحالية:
19 - إن توالي الازمات الاقتصادية والمالية منذ الاستقلال الشكلي تقريبا كل خمس او ست سنوات والتي بدأت تسمى منذ عقد التسعينات بالسكتات القلبية والتي تصاحبها عادة برامج تقشفية صارمة، كانت تؤدي في الواقع من جهة الى مضاعفة ثروات الباطرونا والتحالف الطبقي الحاكم، ومن جهة أخرى الى افقار متزايد للطبقة العاملة وباقي فئات الشغيلة المغربية في المدن والبوادي.
20 - وقد أدى وعي الطبقة العاملة والشغيلة بصفة عامة بهذه الآثار الوخيمة عليها والتي تحدثها سياسات التقشف التي يتم برمجتها دوريا، أنظر السنوات التالية: 1964، 1970، 1975، 1980، 1984، 1989، 1995، 2001، 2005، 2009، الى حدوث انفجارات شعبية متزامنة مع تلك الازمات والى اضرابات عمالية متصاعدة في كافة القطاعات كعمال المناجم وعمال مراكب الصيد البحري وعمال وعاملات قطاع النسيج والعمال الزراعيون وعمال العديد من قطاعات الخدمات...، والى انتفاضات جماهيرية محلية كسيدي افني وصفرو والحسيمة وتالسينت وتاماسينت وبوعرفة ... ونضالات ومسيرات للفلاحين الفقراء، أولوز، أزلال والعرائش ....
21 - إذن فهناك صراع طبقي متواصل بين الكتلة الطبقية السائدة والرأسمال الأجنبي من جهة والتنظيمات الذاتية للجماهير الشعبية وتعبيراتها السياسية وفي مقدمتها الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء والكادحين والمهمشين ... الخ، من جهة أخرى.
22 - وفي الغالب ما يأخذ الهجوم البرجوازي المهيمن بدون شريك على الطبقة العاملة وباقي فئات الشغيلة شكل تصريف الأزمة على كاهل هذه الأخيرة، اما بشكل مباشر، كتجميد الاجور والتسريحات التعسفية الفردية والجماعية لتقليص كلفة العمل والاقتصاد في معايير السلامة وتشديد الاستغلال. أو بشكل غير مباشر عبر أدات الميزانية العامة كتقليص الانفاق العمومي الاجتماعي خاصة في مرافق الصحة والتعليم والسكن والبنيات التحتية ورفع الأسعار عبر رفع معدلات الضرائب على المنتوجات الاساسية والمستوى العالي للضريبة على المداخيل المحدودة وعلى القيمة المضافة...
23 - ويتجاوز هذا الهجوم البرجوازي نحو نهب موارد الدولة وتنامي اقتصاد الريع والاحتكار لفائدة أصحاب النفوذ في مربع السلطة، وتوزيع العلاوات والمداخيل الصارخة والتملص من دفع الضرائب، أو الاعفاء منها.
24 - في مقابل هذا الهجوم البرجوازي، والذي يتعمق أكثر فأكثر مع تعمق الازمة، عرف الحراك الجماهيري نهوضا غير مسبوق وفي كل مكان ونادرا ما يحظى بتأطير سياسي حزبي أو نقابي. كما ظهرت أشكال من النضالات الشبكية كتنسيقية مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية ثم حركة 20 فبراير.
25 - وقد حدث نتيجة هذا الصراع الطبقي المتواصل والمقاومة الشعبية الجريئة فرز سياسي واضح من خلال ارتماء عدد من القوى اليسارية التحريفية والانتهازية والإسلاموية في أحضان النظام، كالاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية ... وفي المقابل ذلك ظهور قوى جذرية معارضة جديدة وسط الطلبة والمعطلين والكادحين تنهل من الفكر الماركسي اللينيني، وتحاول الانخراط في الصراع الطبقي بأجندة سياسية متوالية.
26 - وقد تراوح جواب للبرجوازية المهيمنة وأدواتها السياسية والنقابية على تصاعد النضال العمالي والشعبي ونضالات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وحركة المعطلين حاملي الشهادات وعلى مسيرات شباب حركة 20 فبراير ما بين المناورة والخداع والقمع الوحشي وفبركة الاحكام الصورية والنطق بأحكام بالسجن لمدى سنوات.
27 - وقد شكل التوقيع على الاتفاق المشؤوم ل 26 أبريل 2011، احد تلك الوسائل المعتمدة بتواطؤ مع البيروقراطيات النقابية لضمان تحييد الطبقة العاملة وابعادها عن حركة 20 فبراير، سواء من خلال زيادة 600 درهم في رواتب الموظفين أو زيادة 10 في المائة في الحد الادنى للاجور.
28 - كما شكل تعديل دستور يوليوز 2011 الممنوح قولبة للرأي العام استغلها النظام لضمان الالتفاف حوله في مواجهة الحراك الاجتماعي. ومباشرة بعد التعديل الدستوري واجراء الانتخابات التشريعية لمنح حزب العدالة والتنمية الاغلبية البرلمانية من اجل الاشراف على تشكيل الحكومة، بدأ النظام عملية انتقامية واسعة من الحراك الاجتماعي، بعدما تأكد من خفوت حركة 20 فبراير وعزلتها، عبر تفريق اعتصامات العمال ووقفاتهم بالقوة، ومعاقبة الاضرابات ومسيرات المعطلين ومسيرات النقابات ... الخ
خامسا: الوضع الاقتصادي والاجتماعي للشغيلة المغربية
29 - عرفت الطبقة العاملة ومختلف فئات الشغيلة المغربية مرحلتين منذ الاستقلال الشكلي، تمتد المرحلة الأولى من سنة 1956 الى سنة 1982، ويمكن تسميتها بسنوات الوهم. ففي ظل استقلال الشكلي وبالموازاة مع تواصل سيطرة التحالف الطبقي الحاكم وبناء قطاع عمومي واسع أريد له أن يشكل قاطرة للتراكم الرأسمالي البدائي وجر استثمارات الشركات الرأسمالية المحلية والدولية، ورغم النهب والتبذير، ظل جزء كبير من الشغيلة المغربية تحت وقع وهم الاستقلال وامكانية استفادة ابنائهم من الصحن والتعليم العمومي بالمجان ومن الشغل مباشرة بعد التخرج وامكانية تحسن أوضاعهم عقب التضحيات التي تطالبهم الدولة بها عقب كل ازمة اقتصادية.
30 - لكن سرعان ما أطل عقد الثمانينات بأزماته وبرامجه التقشفية حتى بدأت مرحلة جديدة يمكن تسميتها عن حق بسنوات الحقيقة، فقد بدأت تنقشع أمام أعين الشغيلة المغربية حجم الوهم الذي كانت تعيشه، فقد أصبحت مهددة في معيشتها وحتى ببقائها نتيجة الهجومات البرجوازية المتوالية. لذلك شهد عقد الثمانينات ردود فعل جماهيرية قوية من خلال ثلاث انتفاضات مدوية سنوات 1981 و1984 و1990، سقط على اثرها المئات من الشهداء.
31 - ومنذ عقد الثمانينات والى الآن عرفت التركيبة الاجتماعية والمهنية للطبقة العاملة عدة متغيرات هيكلية بفعل برامج التقويم والتكييف الهيكلي، والتطبيق المتواصل لسياسات التقشف، والاتساع المتواصل لمعدلات البطالة خصوصا في وسط الشباب. وتؤكد الاحصائيات كيف تطرد القطاعات الانتاجية الصناعية والصناعة التقليدية الأعداد الهائلة من اليد العاملة، نفس الشيء بالنسبة للاقفالات والتسريحات الجماعية التي عرفتها بعض القطاعات كالنسيج مثلا. كما عرف عدد الموظفات والموظفين في القطاع العمومي والوظيفة العمومية بفعل تجميد التوظيف واقفال المناصب المالية التي يحال اصحابها على التقاعد ومؤخرا المغادرة الطوعية، تراجعا كبيرا. وإذا كان قطاع الخدمات قد ظل الأكثر استيعابا لليد العاملة الجديدة فذلك لفائدة مناصب هشة. أما بالنسبة للعمال الزراعيين فقد أصبحوا يعيشون أشكالا جديدة من المعاناة نتيجة خوصصة الشركات الفلاحية للدولة، والتقلبات المناخية والمنافسة الخارجية حيث يتم تشديد استغلالهم في ظروف عمل شبيهة بالعبودية.
32 - ان تعمق الازمة الاقتصادية وعمل البرجوازية الدؤوب على نقل الازمة على كاهل الشغيلة من اجل استخلاص أكبر فائض قيمة ممكن، دمر قاعدة المادية للطبقة العاملة ورمى بقطاعات وسعة منها نحو الفقر المطلق.
33 - وبالإضافة الى هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي الهش، وفي ظل غياب الأداة السياسية للطبقة العاملة، فإن الشغيلة المغربية لا تعي ذاتها بما يكفي كطبقة مضطهدة ومستغلة وتحمل مشروعا تاريخيا للتغيير الجذري. لذلك ظل النظام القائم يستهدف عرقلة أي دور للطبقة العاملة في عملية التغيير، سواء عبر قمع وحشي لليسار الماركسي اللينيني، أو محاربة الحقوق والحريات النقابية مثل طرد النقابيين واجراء الاعتقالات والمتابعات بمقتضى الفصل المشؤوم 288، من القانون الجنائي، تبادل لوائح سوداء بين المشغلين في مختلف الاحياء الصناعية لمنع اعادة تشغيل النقابيين المطرودين، تسخير شركات خاصة لملاحقة النقابيين...
34 - وتقاوم الشغيلة المغربية شتى اشكال القمع الايديولوجي والمادي ومواجهة الطابور الخامس من البيروقراطية النقابية داخل المركزيات النقابية، والتي تعمل على عزل نضال الطبقة العاملة عن كفاح الجماهير الشعبية من اجل الديموقراطية واسقاط الفساد والاستبداد.
سادسا: الوعي بالتحديات الحقيقية للصراع الطبقي
35 - منذ أربع سنوات انفجرت في الولايات المتحدة الامريكية ازمة مالية واقتصادية سرعان ما انتقلت بسرعة نحو مختلف البلدان الرأسمالية الكبرى، وأدت الى كساد عميق لم يشهده النظام منذ عقد الثلاثينات من القرن العشرين. ورغم مرور اربع سنوات لا زالت هذه الازمة تتعمق كان من ابرز معالمها ازمة الاورو في اوروبا والاشراف على الافلاسات المتعددة التي طالت دولا مثل اليونان واسبانيا وايطاليا والبرتغال ...
36 - تأثر المغرب بقوة بهذه الازمة الاقتصادية والاجتماعية حيث انعكست على عدة قطاعات كالنسيج والجلد والسيارات والاشغال العمومية والسياحة والصناعة التقليدية وأدت الى تسريحات بالآلاف والى تخفيض الحد الادنى للاجر والى تدخل الميزانية العامة لدعم القطاعات المتضررة، اضافة الى العجز التجاري وعجز ميزان الاداءات ... 37 - اثارة هذه الازمة الاخيرة التي لا زالت متواصلة والتي يؤكد الخبراء الاقتصاديون المجتمعون في دافوس بسويسرا في شهر فبراير ان الازمة ستستمر على الاقل الى غاية سنة 2019، هو من اجل طرح سؤالين مهمين على الجميع ان يطرحهما على نفسه ويحاول الاجابة.
- ما هي حقيقة هذه الازمات الرأسمالية التي بدأت تتعمق بشكل عنيف وتخلف ورائها الملايين من الضحايا من الطبقة العاملة؟ - كيف تواجه البرجوازية هذه الأزمة وما هو انعكاس ذلك على الطبقة العاملة؟
38 - الازمات الاقتصادية الرأسمالية كانت مواكبة لتطور النظام من القرن السادس عشر، لكن هذه الازمات بدأت منذ بداية القرن العشرين تأخذ أحجاما خطيرة تختلف تماما عن ازمات القرنين الثامن والتاسع عشر. قبل سنة 1914، كانت هناك دائما أراضي غير رأسمالية يتم البحث عنها واستعمارها من اجل توسع ارباح النظام، لكن جميع الاراضي غير الرأسمالية انقرضت في بداية القرن العشرين ولم تعد الرأسمالية قادرة على تحقيق نفس الارباح التي كانت تحققها من قبل، فبدأت منذ سنة 1914 تحاول حل أزماتها القوية على حساب بعضها البعض.
39 - هذه الخلاصة الأولى مهمة على مستويين، الأول وهو أن الرأسمالية دخلت مرحلة احتضارها طويل الامد ، المستوى الثاني وهو ان استمرار النظام أصبح يتطلب بقوة اشعال الحروب لتدمير وسائل الانتاج ثم اعادة البناء، أو التراجع عن كل ما منحته البرجوازية للطبقة العاملة سابقا تحت ضغط التنظيمات النقابية القوية واحزابها الاصلاحية ما بين 1871 و1914.
40 - هذا التحول الجذري للنظام الرأسمالي منذ بداية القرن العشرين صاحبه تحول جذري ايضا في العمل النقابي. فقبل 1914 كانت النقابات والاحزاب تتمكن من انتزاع العديد من المكتسبات والتحسينات في شروط العمل وزيادة الاجور، نظرا لأن الرأسمالية كانت تحقق معدلات أباح في تزايد مستمر، وحيث لم تكن تتضرر من ذلك.
41 - لكن منذ سنة 1914، ورغم ما يمكن ان تحققه النقابات نتيجة نضالاتها من تحسينات الا انه يتم تجاوزها بسرعة. كما أن النقابات نفسها بدأت تنحرف شيئا فشيئا من خلال تدخل الدولة البرجوازية في تكوين مجالسها عبر استعمال المال أو التهديد بفضح ملفات الفساد أو الابتزاز.
42 - إذن، فحقيقة الأزمة الاقتصادية الرأسمالية التي تتسم بالتدهور المستمر للأرباح الرأسمالية تدفع البرجوازية المهيمنة بدون شريك الى معالجة أزماتها على حساب الطبقة العاملة، لذلك نسجل منذ سنة 1965 هجوما برجوازيا مستمرا على الأساس المادي الضروري لمعيشة الطبقة العاملة. وعلى نفس المنوال ظل هجوم التحالف الطبقي الحاكم في المغرب على الطبقة العاملة متواصلا ومتصاعدا، وبالموازاة مع هذا الهجوم يتم تسخير البيروقراطية النقابية والمكونات البرجوازية الصغرى المهيمنة على جميع الأحزاب السياسية بيمينها ويسارها واسلامييها، لمباركة هذا الهجوم عبر سلسلة من التبريرات الديماغوجية لخداع الطبقة العاملة وتمزيقها وتكسير نضالاتها.
سابعا: الهجوم البرجوازي في المغرب على الطبقة العاملة
43 - ليست الأزمة الاقتصادية بحد ذاتها هي من يصيب الطبقة العاملة بالهشاشة، بل الهجوم البرجوازي المفضوح على شروط حياة الطبقة العاملة لتعويض تراجع أرباحها نتيجة الأزمة، لذلك فإن دراسة أشكال الهجوم البرجوازي على الطبقة العاملة يرفع من مستوى الوعي الطبقي في وسط الطبقة العاملة ويشكل أحد مقومات النضال النقابي الكفاحي، وفيما يلي بعض أشكال الهجوم البرجوازي الجارية في بلادنا على الطبقة العاملة:
44 – تعميق نهب فائض القيمة من الطبقة العاملة:
تلجأ البرجوازية في هذا الصدد الى العديد من الآليات من بينها ما يلي:
1- التجميد متواصل للأجور؛ 2- تجاهل مطلق لشروط العمل كما تنص على ذلك المواثيق الدولية للحقوق الشغلية؛ 3 - العمل على تشكيل جيش احتياطي للعمل من العاطلين حملة الشهادات وحملة السواعد، حتى يتسنى التحكم في مستوى متدني للأجور يتيح للبرجوازية تعظيم نسبة الربح ورفع مستوى تنافسيتها؛ 4- رفع أسعار السلع والخدمات بشكل يتجاوز الطاقة الشرائة للكادحين؛ 5 - تفكيك المرافق العمومية وخوصصتها وبالتالي رفع اسعار خدماتها 6 - محاربة كتلة التعويضات والإعانات الاجتماعية كإنهاء توفير خدمات العلاج والتعليم بالمجان وتضييق مجال التعويضات العائلية 7 - إنكار الحق في التنظيم النقابي عبر تسهيل عملية طرد أعضاء المكاتب النقابية من العمل والتي تتشكل داخل وحدات الإنتاج حتى لا تتطور أية مقاومة للهجوم البرجوازي
45 - إغراق الكادحين بالقروض الاستهلاكية:
تحقق هذه الآلية هدفين اثنين:
- تؤجل مؤقتا مطالب الطبقة العاملة بالزيادة في الأجور - تزيد من نهب فائض القيمة من الكادحين عبر توفير واسع للقروض الاستهلاكية التي تزيد من تآكل الأجور.
46 - فمصدر رؤوس أموال الإقراض تتأتى من فوائض القيمة الرأسمالية متراكمة المنهوبة والتي لا تجد منافذ استثمارية أخرى لتوظيفها. ومن نتائج توسع القروض الاستهلاكية تعميق هشاشة مداخيل العائلات وتقليص خطير لقدراتهم على الاستهلاك
47 – نهب المزيد من فائض القيمة عبر الضرائب:
ارتفاع حدة الضغط الضريبي وحجم الاقتطاعات الضريبية المفروضة على ذوي الدخل المحدود الصغيرة والمتوسطة، كالضرائب على القيمة المضافة والضريبة على الدخل والضرائب على الاستهلاك. فهذه الضرائب تشكل اقتطاعا كبيرا من الأجور الزهيدة المجمدة لعموم الكادحين، وذلك في مقابل تقليص نسب الضرائب على رأس المال والمهن الحرة كالضريبة على الشركات مثلا والتي يرتقب تقليصها في القانون المالي لسنة 2011 من 30 % الى 25 % فقط.
48 – دعم وحماية أجهزة الدولة للهجوم البرجوازي على شروط عيش الطبقة العاملة:
استعمال أجهزة الدولة الاقتصادية والإدارية والأمنية للتغطية على أشكال الاستغلال البرجوازي للكادحين،
- حيث تنظم المواجهات القمعية ضد كل حركة احتجاجية على الأوضاع الشغلية المتدنية للكادحين، - ومباركة التسريحات الجماعية للعمال - والتماطل في تنفيذ الأحكام الصادرة بالتعويض عن التسريح التعسفي
49 – استعمال البيروقراطية النقابية من داخل المركزيات النقابية لضرب مقاومة الطبقة العاملة:
تحولت المركزيات النقابية الى ملحقات بأجهزة الدولة القمعية من خلال البيروقراطية النقابية المدسوسة، ومن بين أهم وظائفها
- تكسير الإضرابات - دفع الشغيلة للقبول بالإجراءات المتخذة لفائدة أرباب العمل كمرونة الشغل - تجاهل ضرب الحقوق الشغلية والحق النقابي وخوصصة بعض القطاعات ، - وإحباط كل حركة احتجاجية عمالية واسعة تشكل تهديدا لمصالح الباطرونا،
50 - وقد دفعت هذه الممارسات البيروقراطية الى تحويل مهام المركزيات النقابية من الدفاع عن مصالح العمال الى الدفاع عن مصالح رأس المال، وتلعب الارستقراطية النقابية في ظل غياب تام لإعمال الآلية الديمقراطية في اختيار القيادات العمالية، سدا منيعا يصطدم عند عتبته كل فعل نضالي عمالي لانتزاع مطالبها
51 – ضمان تواطؤ الأحزاب السياسية مع الهجوم البرجوازي:
استطاعت الدولة البرجوازية ضمان صمت وتواطؤ الأحزاب اليسارية الاشتراكية والشيوعية الرسمية "البرجوازية" مع عملية تشديد استغلال الطبقة الكادحة وضرب قوتها اليومي وخوصصة المرافق العمومية وفبركة إيديولوجيات كفيلة بتخدير الطبقة العاملة عبر مقولات "السلم الاجتماعي" والمقاولة المواطنة وإمكانيات الإصلاح وتخليق الادارة والتنمية المستدامة عبر الآليات الانتخابوية والبرلمانية والتي أكدت بالملموس للطبقة العاملة عجزها وعدم جدواها في تحسين أوضاعها ومع تزايد وعي الكادحين توسعت نسب المقاطعين لمهازلها.
ثامنا: انعكاسات الهجوم البرجوازي على الطبقة العاملة
52 - هذا الهجوم البرجوازي العنيف على الشروط المادية للطبقة العاملة، حتى وان كان يعمق من الوعي الطبقي لدى الكادحين ويصلب قدرتهم على المقاومة الا أنه يصيب أيضا الجماهير الكادحة بكاملها بنوع من التفكك والتحلل واستغلال هذا الوضع من طرف قوى معادية لمصالح الطبقة العاملة.
53 - تطور نوعي في مقاومة الطبقة العاملة للهجوم البرجوازي
يدو أن الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء وباقي الكادحين استوعبوا جيدا الهجوم البرجوازي المتواصل على شروط عيشهم المادية، لذلك لم تتوقف الجماهير الشعبية لحظة عن المقاومة ويمكننا في ما يلي التذكير بأبرز أشكال هذه المقاومة الشعبية:
- ظلت الطبقة العاملة في جميع القطاعات الانتاجية وفي مختلف المدن تخوض معارك نضالية ضد تدني شروط عيشهم وشروط عملهم وضد الاستغلال البرجوازي حيث شاهدنا نضالات العمال الزراعيين في العديد من الضيعات الفلاحية والمناطق كشتوكة آيت باها والجديدة وبني ملال ... كما تتبعنا نضالات عاملات وعمال النسيج الذين يعيشون منذ أكثر من عشر سنوات هجوما قويا يستهدف تسريحهم وتقليص أجورهم وتشديد استغلالهم نفس الشيء بالنسبة للعديد من عمال شركات الخدمات في مجالات النقل والماء والكهرباء .. أيضا نضالات العمال المنجميين كمناجم ايميني وبوزار ومناجم الفوسفاط بخريبكة ... اضافة إلى عمال الموانئ وبواخر الصيد والملاحة البحرية ... - حركة الفلاحين الفقراء المطالبة باسترجاع الأراضي المستولى عليها من طرف البرجوازية الوكيلة والشركات الخاصة؛ - نضالات نسائية حول مختلف الهجومات التي تستهدفهم وتستهدف الطبقة العاملة، كمناهضة ارتفاع الاسعار والاستيلاء على الأراضي كمنطقة بكارة بالعرائش وحركة النساء السلاليات المحرومات من حقوقهم في أراضي آبائهم، وحركة لعيالات جيات الممثلة للمرأة القاعدية ..؛ - نضالات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والحركة تلاميذية لمواجهة السياسة التعليمية ومخططاتها التصفوية؛ - نضالات سكان مدن القصدير وضحايا الهدم وجشع المضاربين العقاريين؛ - نضالات سكان المناطق المعزولة والمهمشة للمطالبة بفك الحصار عن القرى والبوادي وإنجاز البنيات التحتية الأساسية من طرق ومدارس ومستشفيات وماء وكهرباء...؛ - تمرد الشباب ضد الحكرة والبطالة والتهميش بخريبكة واليوسفية واسفي وبوعرفة وبني بوعياش وتازة وأكلموس ...؛ - الحركات الاحتجاجية الشعبية مثل انتفاضات سيدي افني وتاماسينت وتالسينت وبوعرفة والحسيمة وصفرو وأزيلال، بالاضافة الى حركة تنسيقات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، ثم حركة 20 فبراير ...؛
تاسعا: خطورة التحلل والتفكك الذي اصاب الطبقة العاملة
54 - إن هجوم البرجوازية على شروط عيش الطبقة العاملة مع عجزها عن منح أي أفق لهذه الأخيرة اضافة الى عدم قدرة البروليتارية على تأكيد أفقها الاشتراكي الثوري، فإن هذا الواقع يؤدي الى ظاهرة التفكك العام وتعفن المجتمع. فلا يمكن لأي نمط انتاج أن يعيش، ويتطور، ويقوم على قاعدة صالحة، ويضمن الانسجام الاجتماعي، إذا لم يكن قادرا على تقديم أفق الى مجموع أفراد المجتمع الذي يهيمن عليه. تلك هي حالة النظام الرأسمالي حاليا محليا ودوليا.
55 - ففي غياب الثورة العمالية الاشتراكية العالمية لتغيير نمط الانتاج الرأسمالي الاستغلالي، فلا خيار أمام المجتمع الرأسمالي بين التفكك والتحلل أو الحرب العالمية الشاملة. أي أن الانسانية هي اليوم بين خيار الاشتراكية أو البربرية الرأسمالية.
56 - إن مظاهر تفكك المجتمع وتحلله نتيجة تعمق الأزمة الاقتصادية والسياسية للنظام عديدة نذكر من بينها:
- الاتساع المتواصل لمعدلات البطالة خاصة بين أوساط الشباب، فهذا التزايد الخطير للبطالة، له انعكاساته الوخيمة على واقع العاطلين خصوصا الشباب منهم، فالعطالة المتواصلة تؤدي الى اليأس والانتحار والجريمة والتعاطي للمخدرات والدعارة ... - نفس الأعراض من التفكك والتحلل تطال أوساط الطبقة العاملة، نظرا لانسداد الأفق أمامها وأمام ابنائها وانغماس مطلق في الفقر الذي لا ينتهي، فهذه الوضعية تعمق من حدة التخلف والامية والانسياق وراء الطوائف الغيبية والاثنية والشعودة، وازدياد مظاهر الجريمة والفساد؛ - الفساد المنتشر والمتزايد في أوساط النخب السياسية المتعاونة، فالعديد من الشخصيات السياسية والنقابية المتعاونة تبرز بشأنها ملفات الفساد التي كانت غارقة فيه، مما يفضح كون التحالف الطبقي الحاكم يتمكن من افساد العديد من الشخصيات لضمان تعاونها لتمرير هجومها على الطبقة العاملة. وينتشر هذا الفساد بالعدوى في جميع الشرائح والطبقات؛ - ظهور الارهاب، كوسيلة متطرفة في حسم الصراع السياسي، على حساب "القوانين" التي يقرها التحالف الطبقي الحاكم من أجل "تقنين" المنازعات بين الفصائل الطبقية المهيمنة؛ - التزايد المتواصل للجريمة، وانعدام الأمن، والعنف المتنامي في المراكز الحضرية، والذي يشترك فيه بشكل متزايد الأطفال الذين، أصبحوا أكثر فأكثر ضحية للدعارة؛ - تطور التشاؤم والانتحار واليأس والكراهية والعنصرية والعنف خلال الملتقيات الرياضية والتي تصبح مناسبة للتنفيس ونشر الرعب؛ - تصاعد تعاطي المخدرات، والاتجار فيها، وارشاء كبار المسؤولين السياسيين والاداريين، وتستهف المخدرات على الخصوص الشباب اليائس من المستقبل تدفعه الى الهروب نحو الأوهام بل والانسياق نحو الجنون والانتحار؛ - انتشار الطوائف الغيبية، والعودة القوية للفكر الديني، واستبعاد الفكر العقلاني، المنسجم، المبني، حتى في بعض الأوساط الأوساط "العلمية"، والتي تأخذ في مجال الاعلام مكانة مرجحة خصوصا في وصلات الإشهار، والبرامج الحوارية؛ - الغزو الاعلامي بمشاهد العنف، والرعب، والدماء، والابادات، بما في ذلك البرامج والمجلات التي تخصص للأطفال؛ - فراغ، وانحراف، مختلف الانتاجات الفنية والادبية والموسيقية والرسم والهندسة، والتي لا تعبر سوى عن الرعب واليأس وانفجار الفكر والعدم؛ - الانانية والفردانية والتهميش وتدمير العلاقات العائلية وتهميش الأشخاص المسنون واعدام العواطف واستبدالها بالمشاهد البرنوغرافيا، الرياضة التسويقية والاشهارية، تجمعات جماهير الشباب في حفلات هستيرية على سبيل الغناء والرقص، النكبات حلت محل التضامن والأماكن الاجتماعية الغائبة كليا.
57 - يمكننا الاسترسال في تعداد مظاهر التفكك والتحلل التي أصابت المجتمع وعلى الخصوص الطبقة العاملة والتي طالت مختلف جوانب حياتهم وبيئتهم، وتؤدي مظاهر التفكك والتحلل المجتمعي الى عواقب تدميرية تفوق الدمار الذي تخلفه الحروب على المجتمعات. ويعتبر من الأهمية القصوى أن تعي البروليتارية وطليعتها الثورية التهديد القاتل الذي يشكله التفكك بالنسبة للمجتمع بكامله. فكلما تأخرت البروليتارية في قلبها للنظام الرأسمالي كلما تزايدت مخاطر الآثار الوخيمة للتفكك والتحلل المجتمعي نتيجة تعمق الازمة الاقتصادية والسياسية.
58 - إن الطبقة العاملة مدعوة في هذا الاطار الى ما يلي:
- الوعي بالرهانات المهمة للظرفية التاريخية الراهنة، وعلى الخصوص المخاطر القاتلة التي تهدد المجتمع بالتفكك والتحلل؛ - اتخاد قرارها الحاسم بمتابعة، تطوير وتوحيد صراعها الطبقي؛ - قدرتها على تجاوز المصائد المتعددة والتي تنصبها لها البرجوازية في طريقها، مما يمكن الطبقة العاملة ارجاع الضربة نحو النظام الرأسمالي بكامله، - مسؤولية الطليعة العمالية في المشاركة بنشاط في تطوير المعارك البروليتارية.
عاشرا: العمل النقابي كأداة لمقاومة الطبقة العاملة
59 - من بين التساؤلات الملحة حول العمل النقابي هو مدى صلاحية هذا العمل لخوض الطبقة العاملة للصراع الطبقي؟ ثم كيف يمكن التعامل مع الواقع المتحول للنقابات في ظل الهجوم البرجوازي والبيروقراطي المشار اليه؟
60 – هل تشكل النقابة اطارا مناسبا للصراع الطبقي؟
بالنسبة لهذا السؤال هناك رأيان:
- يقول الرأي الأول أن النقابات عبارة عن مؤسسات برجوازية تتحول فيها قياداتها الى ارستقراطية نقابية ثم بالتالي الى مكونات متعاونة مع الطبقة البرجوازية المهيمنة بدون شريك، ثم ان مختلف النضالات العمالية التي تتم داخل النقابات عبارة عن نضالات فلكلورية سرعان ما يصيبها الاحباط والفشل، وانه حتى في حالة تحقق بعض النتائج الجزئية كالزيادة في الأجر وتحسين شروط العمل، سرعان ما يتم تجاوز هذه التحسينات بفعل التضخم وغلاء الاسعار وتفكك المرافق العمومية. ويستدل هذا الرأي على حقيقة استنتاجاته من هجران الطبقة العاملة للمركزيات النقابية، فمقابل حوالي عشرون مركزية نقابية هناك فقط 8 في المائة من المنقبين من الطبقة العاملة، وأن 92 في المائة من الطبقة العاملة تنظر بعين الريبة وانعدام الثقة في المركزيات النقابية والمناضلات والمناضلين النقابيين، باعتبارهم متعاونين طبقيين مع اعدائها.
إذن فهذا الرأي يعتبر أن لا جدوى من العمل داخل المركزيات النقابية وأنه من المحبذ البحث عن آليات أخرى لنضال الطبقة العاملة من أجل تحقيق أهدافها الاستراتيجية، ومن بين هذه الآليات خلق لجان ومجالس عمالية تضم مختلف مكونات الطبقة وفئاتها وفروعها من أجل النضال الاقتصادي والسياسي في نفس الوقت.
- هناك وجهة نظر ثانية، تعتبر أنه على الرغم من الطابع الاصلاحي للمركزيات النقابية وقدرة البرجوازية على التحكم في هذه المركزيات بواسطة الارستقراطية النقابية المتعاونة، فإن دور الطليعة النقابية العمالية هو استغلال مختلف هذه الاطارات حتى الصفراء منها، من أجل تنمية الوعي الطبقي البدائي وسط الطبقة العاملة، وذلك من خلال الممارسة النضالية اليومية لكي تتمرس على النضال والوعي بالهجوم البرجوازي ثم الاستعداد للمرور نحو مرحلة ثانية من الوعي السياسي والانتظام في أداتها السياسية من أجل حسم الصراع لفائدة الهدف الاستراتيجي للطبقة العاملة.
61 - يبدوا أن الواقع المغربي غير مستعد حاليا للتطور في اتجاه الرأي الأول، نظرا لحجم التشتت والانقسامات التي استطاعت البرجوازية المهيمنة احداثها وسط الطبقة العاملة، ونظرا أيضا لمستوى القمع الوحشي الذي تمارسه الاجهزة القمعية اتجاه المناضلات والمناضلين الكفاحيين.
62 - لذلك يبقى الاختيار المتاح هو العمل من داخل المركزيات النقابية القائمة على الرغم من خضوعها للبيروقراطيات النقابية المتعاونة، فعلى الأقل يتمكن المناضلات والمناضلون المبدئيون من الانغراس وسط الطبقة العاملة والعمل معها على الرفع من وعيها الطبقي وخلق روح من التضامن والنضال الجماعي والرد السريع على كافة هجومات البرجوازية المهيمنة. وبالفعل فإنه من خلال النضال اليومي للطبقة العاملة تتمكن من تقوية ذاتها وبناء أداتها السياسية الموجهة نحو تحقيق أهدافها الاستراتيجية. احدى عشر: النضال النقابي الكفاحي في ظل الواقع المتحول للنقابات تحت وقع الهجوم البرجوازي
63 - يطرح على المناضلات والمناضلين النقابيات والنقابيين مسألة التعامل مع الواقع المتحول للنقابات تحت وقع الهجوم البرجوازي والبيروقراطي العنيف. وهنا يمكن طرح تجربة الصراع الدائر حاليا داخل الاتحاد المغربي للشغل، والذي انفجر للعلن منذ 5 مارس 2012 وتطور سريعا ليأخذ أبعادا غير مسبوقة. فما العمل أمام هذا الاستئصال العنيف للآلاف من المناضلات والمناضلين والقطاعات الوطنية الكبرى كجامعات الجماعات المحلية والتعليم والاتحاد النقابي للموظفين والاتحادات الجهوية. فلقد صمد المناضلات والمناضلين في الجولة الاولى وتبين ان اختيار جامعة قطاع التعليم كان موفقا لتنظيم الصمود بل وللمرور نحو الهجوم التنظيمي والنضالي. وقد تابعت كل من جامعة موظفي وعمال الجماعات المحلية والاتحاد النقابي للموظفين نفس المنهجية في فك الارتباط على مستوى القانون الاساسي مع الاستمرار في التشبث بالاتحاد المغربي للشغل.
64 - لكن مقابل هذه التجارب من الصمود في وجه الاستئصال، ظل رفاقا آخرون متشبثون بجامعاتهم رغم ما تعرضوا له من اضطهاد داخل هذه الجامعات، وهي تجربة الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب حيث لا زال هناك تردد في موجهة البيروقراطية داخلها، رغم كونها آخذة في استئصال المناضلات والمناضلين الشرفاء.
65 - ثم هناك تجربة ثالثة، تميز بها قطاع البريد، حيث قام عدد من النقابيين الديموقراطيين بالاحتجاج على القيادة النقابية الوطنية لجامعة قطاع البريد أولا على انخراطها في المسلسل الاستئصالي دون استشارة القواعد وثانيا من أجل محاسبتها على اثنى عشر سنة من الانفراد بتدبير هذه النقابة دون محاسبة مالية أو ادارية أو نضالية وحيث هناك عدة مؤشرات على فساد الطغمة البيروقراطية المهيمنة على هذا القطاع.
66 - هناك تجربة رابعة، تزعمها عدد قليل من المناضلين، والذين فضلوا البقاء مع القيادة البيروقراطية المتنفذة عن طريق الاعتراف بقراراتها الصادرة يوم 5 و22 مارس 2012، هدفهم معاكسة سياسية لفصيل النهج الديموقراطي وأيضا طمعهم في تسجيل اختراق نقابي وسط الاتحاد المغربي للشغل خصوص بعد الفراغ الذي تركته العملية الاستئصالية التي حدثت.
67 - إذن فأمام هذا التمزق النقابي داخل الاتحاد المغربي للشغل، وأمام الهيمنة البيروقراطية داخل الكنفدرالية الديموقراطية للشغل والفيدرالية الديموقراطية للشغل، في واقع يتميز بهجوم برجوازي عنيف على الطبقة العاملة والذي سيخلق لديها المزيد من التفكك والهشاشة، ما هي أساليب النضال النقابي الممكنة؟
اثنى عشر: آفاق العمل النقابي الكفاحي
68 - إن ما هو مطروح على المناضلات والمناضلين هو ايجاد المخارج السريعة من التمزق النقابي الحاصل، عبر أساليب تنظيمية مبتكرة من بينها تجاوز الهشاشة التنظيمية عبر فك الارتباط على المستوى القانون الاساسي، وجعل عملية فضح ومواجهة البيروقراطية النقابية المتعاونة مع الباطرونا فرصة للنضال والتوسع، في مختلف قطاعات المأجورين.
69 - إن اختيار اعادة البناء التنظيمي والنضالي تطرح على التوجه النقابي الديموقراطي وضع خارطة طريق تنظيمية ونضالية يتم بلورتها وتجديدها باستمرار وسط النضالات النقابية اليومية. ولا يمكن هنا سوى طرح المبادئ العامة لهذا النضال التنظيمي والنضالي.
1 – تقوية مقاومة الطبقة العاملة برفع مستوى وعيها الطبقي
70 - إن أي عمل نقابي مكافح الا ويتوخى تقوية مناعة الطبقة العاملة أمام الهجوم الايديولوجي للبرجوازية المهيمنة، وجعلها تدرك أهدافها الاستراتيجية في التحرر والاشتراكية، إن السبيل لتحقيق هذه الغاية تبقى هي رفع الوعي الطبقي للطبقة العاملة. وتعتبر هذه المهمة المركزية لأي عمل نقابي جاد، فمواكبة النضالات اليومية للطبقة العاملة تتطلب برامج متطورة من التكوين والنقاش والتحليل الملموس للواقع الملموس، حسب دورات تكوينية دورية. وتعتبر هذه الدورات التكوينية قاعدة أساسية يجب أن يمر منها جميع النقابيات والنقابيين، وبالتالي اشراك الطبقة العاملة في هذه الدورات التكوينية وبحصص نظرية وأخرى تطبيقية.
71 - إن الوعي الطبقي يشكل قطب الرحى الذي يمر منه كافة المناضلات والمناضلين للارتقاء بالوعي التنظيمي والنضالي، وفهم التحديات الكبرى التي تواجه الطبقة العاملة والمهام الملقات عليها، وتلقينها اساليب التنظيم الذاتي الديموقراطي والنقد والنقد الذاتي وأسس الديموقراطية العمالية ...
72 - إن اهمال الوعي الطبقي وسط الكادحين كان أحد عوامل هشاشة التوجه النقابي الديموقراطي، فلم يكن هذا التوجه يولي في السابق كبير الاهتمام للتكوين والوعي الطبقي وبالتالي كان من السهل على البيروقراطية الدخول في عملياتها الاستئصالية دون مقاومة عمالية تذكر بل انخرط فيها فقط النقابيون المتجدرون.
2 – مبادئ العمل النقابي الكفاحي
73 - إن صيرورة الوعي الطبقي وسط الطبقة العاملة يجب ان يندرج في اطار النضال الديموقراطي الجماهيري اليومي انطلاقا من شعار ان لكل معركة جماهيرية صداها داخل النقابة.
74 - ان الانخراط في هذه العملية تتطلب التمييز بين واجهتين، الواجهة النقابية الداخلية حيث يجب تعميق ثقافة الديموقراطية العمالية على أساس العمل الجماعي باساليب النقد والنقد الذاتي وتدبير الخلافات الداخلية وعقد الجموعات العامة كلما تم طرح اعتماد قرارات نضالية كبرى. فالاحتكام الدائم للجموعات العامة واعطاء الصلاحيات لهذه الجموعات العامة لصناعة القرارات وكذا محاسبة الاجهزة المنفذة حول انجازهم للمهام الملقاة عليهم، سيحدث دينامية نضالية تبعث الثقة لدى الطبقة العاملة للسير في طرق أهدافها الاستراتيجية. 75 - ثم هناك الواجهة النضالية الخارجية والتي تتمثل في دعم المعارك العمالية وفضح السياسات الحكومية المتواطئة مع الباطرونا والرامية الى نقل الازمة الاقتصادية على كاهل الطبقة العاملة، خصوصا خلال محطات ما يسمى بالحوار الاجتماعي وفترة مناقشة الميزانية السنوية، فيجب مواكبة هذه المحطات بالندوات والمقالات وحلقات النقاش وسط العمال من اجل التصدي للهجمات البرجوازية التي لا تنتهي والتي يتم تمريرها اذا ما استكان النضال النقابي الكفاحي.
76 - تطرح على عاتق التوجه النقابي الديموقراطي مسألة مواجهة التوجه النقابي البيروقراطي الفاسد والذي يعمل على اخضاع العمل النقابي لمصالح الباطرونا وسياسات الدولة البرجوازية، لذلك يجب شحد كافة الاسلحة لإحباط مناورات هذا التوجه وخططه وفضح عمليات الفساد التي ينغمس فيها والتي تشكل أساس تحكم النظام في القيادات البيروقراطية، فكل من ثبت فساده يجب أن تتم محاكمته عماليا، وبالتالي ابعاده عن العمل النقابي. فبقاء هذه العناصر الفاسدة من شأنها أن تلوت كافة البنية النقابية الكفاحية.
77 - لا يمكن الحديث عن عمل نقابي كفاحي بدون الحديث عن عنصر التضامن العمالي والذي يجب تجسيده قولا وممارسة. وأول اجراء يجب تبنيه هو خلق صندوق للتضامن العمالي، يتم تمويله بالتبرعات ومبيعات مصنوعات عمالية، فمن شأن هذا الصندوق دعم مادي حقيقي للعمال المضربين الذين يفقدون أجورهم، كما يستعمل في التضامن مع بعض الفئات العمالية في معاركها اليومية. كما يجب أن يتجاوز مبدأ التضامن المساعدة المالية الى الدعم النضالي المعنوي عن طريق التحاق قطاعات نقابية معينة بمعارك قطاعات نقابية أخرى، فمن خلال هذا التضامن المتبادل يتم توحيد المعارك النقابية وتعميمها وتمديدها نحو مختلف القطاعات. ويدخل في باب التضامن تنظيم اجتماعات دورية تضم العديد من القطاعات يتم التداول خلالها حول واقع الهجوم البرجوازي وآثاره على كل قطاع وكيفية ابداع المواجهات الجماعية لهذه الهجومات. ويمكن أن تتأسس خلال هذه الجموعات المشتركة لجان تنسيقية مشتركة من اجل انجاز مهام محددة.
78 - ويدخل في مجال التضامن العمالي التنسيق مع اطارات نقابية أخرى من اجل خوض معارك وحدوية مشتركة، العمل أيضا على تنظيم زيارات ميدانية لمختلف الأماكن التي تنفجر فيها النضالات العمالية من أجل الانخراط في معاركها ودعم مطالبها. فالتضامن العمالي يجب ان تحدث لها لجان لتتبعها وتعبئة المناضلات والمناضلين للانخراط فيها.
79 - أخيرا يجب التفكير في كيفية مد جسور التعاون والتضامن مع الحركة العمالية العالمية في زمن أصبحت فيه الشركات الامبريالية تتواجد بفروعها الانتاجية في مختلف البلدان، محققة أممية الاستغلال الرأسمالي للطبقة العاملة لمختلف البلدان. ففتح قنوات التعاون مع الطبقة العاملة يمكن أن يتم على مستوى نفس القطاع الانتاجي كصناعة السيارات والمناجم والنسيج وعمال الموانئ ... كما قد يتخذ صبغة تواصل مع المركزيات النقابية المكافحة في باقي بلدان القارات الأخرى. فالثورة العمالية لن تكون الا عالمية لذلك يجب بناء أسسها المادية من خلال ربط أواصر التضامن والتعاون مع مختلف قطاعات الطبقة العاملة دوليا.
#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكومة أحرقت ما تبقى من القدرة الشرائية وبنكيران يريد حل ال
...
-
تاريخ -اقتصاد الريع- في المغرب
-
البطالة وارتفاع أعداد العاطلين بالمغرب
-
ألا يمكن للطبقة العاملة أن تناضل خارج المركزيات النقابية؟
-
حتى لا تنتحر الطبقة العاملة بكاملها يأسا من واقعها المزري
-
اليوم الدولي للقضاء على الفقر
-
خروتشوف كذب، لنعيد الاعتبار للرفيق استالين
-
صناعة رأي عالمي جديد بعيدا عن كوارث تعمق أزمة النظام الرأسما
...
-
نموذج التراكم الرأسمالي البدائي في المغرب والمقاومة البروليت
...
-
تأسيس تيار ماركسي لينيني مغربي
-
على هامش ندوة وحدة اليسار
-
نحو -يونانية- الأزمة في المغرب !!!
-
القطار الفائق السرعة
-
الأداة السياسية للطبقة العاملة
-
مستجدات الحراك النقابي والسياسي في المغرب
-
الوحوش البيروقراطية النقابية تهيمن عبر قرارات لا ديمقراطية
-
ضد ذبح الديمقراطية العمالية داخل الاتحاد المغربي للشغل
-
نقاش سياسي على هامش مؤامرة البيروقراطية النقابية بالاتحاد ال
...
-
الأزمة الاقتصادية العالمية وآثارها على الطبقة العاملة ودورها
...
-
إشكالية العمل النقابي في المغرب !
المزيد.....
-
مخاوف من تكرار سيناريو أوكرانيا.. هل يجد العمال الهنود أنفسه
...
-
فرصة ذهبية..سجل تجديد منحة البطالة الجزائرية anem.dz في جميع
...
-
برلين تتعامل بهدوء مع إهانة ماسك للمستشار الألماني على -إكس-
...
-
سلفة 25 مليون دينار للموظفين والمتقاعدين بفترات سداد مجدولة
...
-
مستوطنون يهاجمون المزارعين في رام الله وبيت لحم
-
UITBB: Seminar on Health and Safety organised by Flemacon
-
رابط التسجيل في منحة البطالة 2024 الجزائر… وأهم الشروط اللاز
...
-
“تستاهلو كثر اخواتي الجزائرين”.. المالية الجزائرية تعلن المن
...
-
وزارة المالية توضح حقيقة زيادة الرواتب للمتقاعدين في الجزائر
...
-
النسخة الألكترونية من العدد 1822 من جريدة الشعب ليوم الخميس
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|