أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - السينما المتربة















المزيد.....

السينما المتربة


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 272 - 2002 / 10 / 10 - 03:15
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                  

                                                        

  قبل أيام قليلة من رحيله المفاجئ عن عالمنا خلال شهر أيلول الماضي وفي لقاء صحافي ، طرح المخرج  المبدع رضوان الكاشف مجموعة من الآراء والملاحظات العميقة والجديدة المضمون كليا. في الأسطر التالية  استذكار لما قاله على سبيل التحية لذكراه وإبداعه الجميل :

  جعل الكاشف من حياة الناس البائسين والمهمشين في المجتمع المصري موضوعا محوريا لأفلامه المتميزة وخصوصا "عرق البلح " و " ليه  يا بنفسج " و أخيرا " الساحر " أما فلمه الجديد " نحن " والذي خصصه لحياة و إحباطات جيله فقد ظل للأسف حبرا على ورق إذ اختطفته يد المنون قبل أن ينجزه .

" ليه يا بنفسج " كان قصيدة شفافة وعذبة تفيض صدقا وحبا وشجنا وخفة دم تميز بها الناس المدقعون . أما "عرق البلح" الذي يعالج حياة شريحة اجتماعية مهمة من فلاحي الصعيد الذين تركوا حقولهم وبساتينهم وسافروا الى الأقطار العربية النفطية ليعودوا بقبضة من الدولارات وبعض أجهزة التسجيل والتلفزيونات المصنوعة في تايوان مقابل خراب الزراعة المصرية وهيمنة القمح الأمريكي على القرار السياسي للبلاد ، فقد كان وباعترافه هو ينطوي على جرعة مكثفة من اليأس والحزن . فلمه الأخير " الساحر " اعتبره النقاد  أكثر مرحا وفرحا وبهجة وبالمناسبة فعنوان الفلم الأصلي هو " نظرية البهجة " . يقول الكاشف ( عندما يصاب المرء بالاكتئاب يحاول قدر الإمكان البحث عن أية لحظة سعادة تقاوم هذا الاكتئاب الخانق . في "الساحر " حاولت كسر الهزيمة والإحباط بهذا القدر القليل من الفرح ..) ثم ، و برؤياوية عجيبة حقا ، وكأنه يشم رائحة موته القريب  يضيف ( كنت راغبا في تحقيق " الساحر " كنوع من مناصرة الحياة مادمت على قيد الحياة ..)

يتحدث الكاشف عن القاهرة فيصفها  بأنها مدينة كاريكترية وتدعو للضحك ثم ينظر الى أفخم شوارعها " شارع الزمالك " فيرى فيه ( أفخم أنواع السيارات بجانبها تسير باصات قديمة ومتهرئة مع حمير وبشر . هذا الكوكتيل يوفر قدرة على التعايش والاختلاط .) وقد نختلف مع هذا التفسير ، فلا نرى في المشهد القاهري والعربي عموما  سوى حالة من الدوران الحضاري على الذات ، أو الارتهان الى الحلول التلفيقية التي تريد دمج جزء ميت من الماضي بأخر شديد الحيوية من المستقبل غير المتجسد وتلك عملية دوران في حلقة مفرغة وليست   دخولا حقيقيا  في الحداثة والعالم المعاصر . غير أن الذي لا مراء في صوابيته هو الانحياز الواضح لموضوع وطريقة معالجة وطرح موضوع  الكاشف وجمهوره من بائسين ومهمشين يشكلون الأغلبية الساحقة من السكان في مصر وفي غيرها من دولنا العربية والعالمثالثية .  ومع ذلك، فالسينما السائدة والتي يسميها بعض الظرفاء  سينما " الأكلِ عَيَشِنْ " والتي تدور حول "الباش مهندسين" والأطباء والسندريلات الجميلات وأصحاب الأطيان والعقارات والمصانع حيث الناس " تعيش في سحر براني " كما يقول الكاشف ، هذه السينما البراقة لا تقيم اعتبارا أو تهتم بجدية بحياة الأغلبية الساحقة من الناس  . السينما السائدة هي التي تخاطب الأغنياء وأبناء الطبقة الوسطى ولا تعترف بالأغلبية المحرومة بل وتقاوم السينما الريادية التي بدأت تهتم بها، ولهذا أطلق ممثلوها على أفلام الكاشف ونظرائه  اسم " السينما المتربة " أي الوسخة والتي تغوص في وحل وأتربة الأحياء الشعبية  لتهتم بحياة بشر حقيقيين   يطحنهم الفقر والبؤس .   ففي مصر- يوضح الكاشف - والتي يبلغ عدد سكانها سبعين مليون إنسان تقريبا ، ثمة 69 مليون من المتربين " البائسين " ! الأفلام التي قدمها الكاشف للشاشة العربية لم تعجب السينما البراقة إذن ، ولكنه يكشف أمرا في غاية الأهمية وهو أن تلك الأفلام التي حوصرت وهوجمت قد حققت مردودية مالية جيدة وخصوصا في دور السينما التي تقع في الأقاليم والمناطق والأحياء الشعبية . أما عن  إشكالات الإنتاج السينمائي فيوضح المخرج الراحل أن المنتج هو المنتج في كل مكان ،وهدفه واحد هو البحث عن الأرباح ،ولكنه يكشف سرا حين يؤكد أن المنتج الأجنبي ليس بريئا تماما  بل أن له خططه وشروطه " الخاصة "ويروي  أنه حين عرض فلمه "عرق البلح" على شركة فرنسية منتجة تسلم منها بعد فترة  تقريرا من ثمان صفحات يحتوي على طلب توضيحات ويقترح إضافات على الفلم فما كان منه إلا أن رفض التعامل مع تلك الشركة الفرنسية .

وداعا رضوان الكاشف ..ستبقى حيا بإبداعك الجميل   في ضمائر المتربين والبائسين الذين لم تخذلهم قط ولن يخذلوا ذكراك أبدا .

======================

جريدة الزمان / الثلاثاء 8/10/2002

 

 



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات سريعة على مقالة الأخ مالك جاسم ..
- الحزب الشيوعي العمالي و العدوان الوشيك على العراق : دوغما ست ...
- لكلٍّ منا إمبراطورهُ .
- دعوا الانتفاضة تنتصر وإلا فانسحبوا من الواجهة !
- لبراليون من نوع آخر !
- كيف رد علي بن أبي طالب على جورج بوش زمانه !
- الإرهاب الفكري في الفضائيات
- بيان الخمسة وثلاثين مثقفا عراقيا : الصمت على العدوان الأمريك ...
- انتحار مدينة فاضلة !
- جريدة ابن الرئيس والتهجم على الشيعة : تخرصات واستفزازات خط ...
- أبو العلاء الآخر ..وهموم الحاضر .
- التاوي والسحّاب والحرب !
- الظاهرة الطائفية في العراق : التحولات والبدائل . - الجزء ال ...
- أول الغيث " بامرني " : تركيا الأطلسية تريد مياه الرافدين ونف ...
- الظاهرة الطائفية في العراق : تفكيك الخطاب والأدلوجة .- الجزء ...
- الظاهرة الطائفية في العرق:محايثة التاريخ والوقائع -الجزء ال ...
- الظاهرة الطائفية في العراق :التشكل الطائفي والرموز . - الجزء ...
- توثيق حول مجزرة الوثبة المجيدة 1948 !
- الظاهرة الطائفية في العراق :المقدمات والجذور - الجزء الأول
- الحصاد المر للتجربة الملكية في العراق :


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - السينما المتربة