|
ماذا بعد قرار الاعتراف ؟
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3927 - 2012 / 11 / 30 - 19:17
المحور:
القضية الفلسطينية
بعد خمسة وستون عاماً ، صوتت الجميعة العامة للامم المتحدة ، على قرار يعترف بفلسطين دولة غير عضو في الاسرة الدولية ، على حدود الرابع من حزيران عام 1967 ، وكانت هذه الجمعية قد اصدرت عام 1947 قراراً بتقسيم فلسطين الانتدابية في حينه ، الى دولتين / فلسطين / واسرائيل / ، ولم يحترم القرار لسببين ، اولاً : استخفاف اسرائيل مدعومة من اميركا ( ترومان ) واستمرت في حربها على الشعب الفلسطيني متجازوة كل خطوط قرار التقسيم ، حتى بقي من فلسطين ما مساحته 22% ، ثانياً : لان القيادة القومية الفلسطينية ، والتي لم تستطع التقاط اللحظة التاريخية السياسية ، رفضت القرار ، ولم تسعى لحشد اممي لانفاذ القرار ، فكان ان اهمل واستعيض عنه فيما بعد باعتباره يوم للتضامن مع الشعب الفلسطيني . واستمرت الانظمة العربية ، متمسكة بعلاقاتها مع صديقتها بريطانيا ثم وريثها اميركا ، في عداء سافر للاتحاد السوفياتي الدولة المساندة لحركات التحرر وحق الفلسطينين في دولة ، ، لتصبح العربة الاميركية في المنطقة يقودها حصانين العربي والاسرائيلي ، ودون ان تسعى لتجسيد الدولة الفلسطينية اتجهت الى ضم ما عرف بالضفة الغربية لنهر الاردن الى المملكة الاردنية في اجراء غريب احتوائي، وتم وضع قطاع غزة تحت الاشراف العسكري المصري ، الى ان وقعت حرب حزيران ،واليوم بعد مسيرة عذاب وتضحية هائلة ، نعود للامم المتحدة ، لتقرر ان دولة فلسطين موجودة وتحتاج الى فترة لاستكمال قبولها العضوية الكاملة ؟! وتختلف المناخات السياسية العالمية والاقليمية والمحلية عن سنوات الاربعينات من القرن الماضي ، فلم تعد اميركا صاحبة القرار الدولي رغم غياب الاتحاد السوفياتي، فقد ادى ظهور تعارض مصالح بين الحلفاء الاطلسين ، وبروز كتل دولية صاعدة هامة تستطيع القطع برأيها دون احتساب للموقف الاميركي، منها البرازيل ومجموعات دول اميركا اللاتنية ، والهند وتركيا وغيرها مما جعل القرار الاممي اكثر موضوعية واحترام ، وعلى الصعيد الاقليمي فقدت البلدان العربية قدرتها على القرار السياسي ، بعدما انتقل مركز هذا القرار الى بلدان الخليج ، وتبديد دور الحركة القومية العربية ، وتراجع اليسار العربي ،وانحراف دور ما ( اطلق عليه ) الربيع العربي الى حالة ( فوضى خلاقة ) كانت فكرة عرضتها قبل عشر سنوات ( كونداليسا رايس ) ، لتغرق تلك البلدان في صراع تقسيمي وتقاسمي ، قد يطول بالزمن ، ويضعف الدور السياسي بالانقسامات ، وعلى الصعيد الفلسطيني ، فان العودة لقرأة الخارطة السياسية في الثلاثينيات ، لا نجدها تختلف بعيداً عن الوضع الراهن ، فالقيادة المتنفذة ذاتها مع اختلاف المسميات والانقسام بين المتعارضين كبير ، واليسار في المرحلتين محاصر ومحصور ، اضافة الى ان مختلف كتل ( اليسار ) والاصح المعارضة للقيادة الممتنفذة ، غير متوافقة وغير منسجمة ، وهي مؤشرات تدفع الى اليقين بعدم امكانية الاستفادة من القرار الاممي الجديد ، رغم ان المصلحة العالمية تقتضي اليوم بانهاء الاحتلال وترسيخ الدولة الفلسطينية ، كخيار اخلاقي ديمقراطي . ان الصراع لا يجري في المجهول ، ولا زالت القوى المعادية تمتلك قدرات فاشية ، فالضرورة ، تقتضي ترتيب البيت الفلسطيني كتلة واضحة محددة تلتقي على برنامج ، وليس توافقات عشائرية في النهاية ، وعلى ضرورة احداث تغيرات في المواقع السياسية ، ادراكاً لتغير طبيعية المعركة ، غير ان الجاري لا يأخذ الامر بهذه الصورة فهو يهرب الى الامام ، تحت شعار المصالحة ، وكأن هذه المصالحة هي طريق الجنة ، دون الانتباه الى ان الانقسام اساساً ، كان خلافاً سياسياً وبرنامجياً ، وان الحركات الاسلامية صاحبة الانقسام تلتزم بفكر خرافي ، وامتداد خارجي ، وقناعة اسلاموية على حساب الوطنية ، وهذا الجانب الاخطر في الانقسام ، وان كان مفهوم المصالحة هو ( التقاسمية ) فان المضمون سيكون تراجع في الخط الديمقراطي الوطني ، والتشارك في الحكم ، مما يغيب كثيراً من فرص مواصلة التخاطب الديمقراطي مع العالم وقواه المتعددة ، ويعمق الخلافات الداخلية ، ولا يعبئ الجماهير بقدر ما يطرح امامها مستقبل دولة تحد من الحريات وتنقلها الى عصور سلفية ، تشجع الشباب على المهاجرة ، والمغتربين على البقاء خارجاً ، واخافة المستثمرين ، وفي النهااية عدم قيام دولة منسجمة معاصرة ، او تحت وصاية ما !!! فالمستوجب اقامة جبهة وطنية فلسطينيةعبر ( م.ت.ف ) التي تحتاج الى انتباه وتفعيل ، والالتزام بالمنهج الديمقراطي ، باجراء انتخابات بشكل دوري ومنهجي ، وطرح خطة وطنية واضحة تدفع للالتفاف واسع حولها وتضم كافة القوى الى جانب مثقفين واكادمين واوساط تقدمية ، والكف عن سياسية الاقصاء والاستحواذ ومعادة القوى الاخرى ، والاكتفاء بالحلفاء فقط مؤيدين ضمن موكب الصراع بين اطراف اليمين الفلسطيني المختلف سواء وطني او اسلاموي ، هذه الطريق المحتومة لمستقبل النضال الوطني وهذه رسالة للعالم الذي تضامن معنا ، لنؤكد التزامنا المطلق باحترام حقوق المواطنين رأياً وفكراً وتوجهاً لنكون من ضمن اسرة الشعوب المناضلة من اجل مستقبل افضل للبشرية ، معادين للامبريالية بصيغها المتعددة ، وللتخلف الفكري ، مواصلين الحياة نحو افق المساواة والحرية .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا عن سوريا الكبرى!؟
-
قراءة للانتخابات المحلية الفلسطينية
-
لمصلحة من اجهض الربيع العربي
-
الامم المتحدة والخيارات الاخرى
-
طريق الشعب بدل طريق اوسلو
-
الراهن الفلسطيني والانتخابات المحلية
-
الشرعية الثورية والشرعية الانتخابية
-
عن اليسار والشيوعية والثورة
-
رؤية لخطة طريق الثورة المضادة
-
اليقظة العربية والصحوة الاسلامية
-
حكاية اسد
-
عن الختان وثقافة القهر
-
الكم والكيف في الثورات العربية
-
الدولة الدينية بدعة
-
اغتيال ابو عمار
-
الاممية والقومية الروسية
-
الاسلام السياسي الى اين ؟!
-
حول الخلافة الاسلامية
-
وجوه فلسطينية قلقة
-
الديمقراطية هي الحل !!
المزيد.....
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|