أقبال المؤمن
الحوار المتمدن-العدد: 3926 - 2012 / 11 / 29 - 00:45
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
كثرة في الاونة الاخيرة تداول كلمة ( حشاشة ) في الوسط الشبابي ووسائل الاعلام حتى انها اصبحت تحمل اكثر من معنى و احتلت مساحة لابأس بها في اغلب مفردات وادبيات الشباب من كلا الجنسيين وعالم الانترنيت.
ولكي نصل الى معنى توضيحي لهذه الكلمة او المصطلح مستوحى من طروحات الشباب (الحشاشة ) وجدته كالاتي هو لفظ وضعه الشارع العراقي للتنفيس عن ضغوطات الحياة السياسية والاجتماعية والدينية ,و بمعنى ادق هو الضحك على الذقون و احيانا الضحك من اجل الضحك او الكوميديا السوداء اي الضحك حد البكاء .
الحشاش بأمكانه ان ينتقد و يتكلم بالسياسة و الدين وكافة شؤون الحياة ولكن بدون اي مردود ايجابي (او ما تسمى بالتغدية الراجعة ) اي الكلام من اجل الكلام ,ومن الممكن ان ينتحل اي صفة مهما كانت كأن يكون صحفي اوسياسي او رجل دين او وزير وما الى ذلك .
ولكن بدون تأثير او تغيير لا بالعامة ولا بالخاصة على مبدأ (زمن الديمقراطية المستجدة اتموت وما من احد يسمع رأيك وفي الدكتاتوريه اتموت لو احد سمع رأيك ).
فالتحشيش اليوم في العراق زاد عن حده حد اللعنة و بكل المجالات حتى وصل الى ساسة العراق فأتقنوه بجدارة حتى اصبحنا نضحك حد البكاء على ما يدور في اروقتهم و تصريحاتهم و صفقاتهم و سفراتهم و سرقاتهم وفسادهم و صداقاتهم و علاقاتهم و ديمقراطيتهم و دستورهم وتناقضاتهم لانها كلها تحشيش في تحشيش.
السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي اوصلنا و أوصلهم لهذه الحالة ؟ و لماذا كل هذا التحشيش الذي جعل العباد في البلاد في هسترية من الضحك المميت رغم الدمار والارهاب ؟
التحشيش رغم انه مصطلح جديد في التداول الا انه قديم كسلوك مارسه اغلب من حكم البلاد وكسلوكيات ظهر في العصر العباسي وخاصة بعد ان فقد الانسان قيمته الفردية والاجتماعية ويعود الفضل لهذا العصر الذهبي !!!!
لان القيمة الفردية لكل انسان تقاس بمقدار ايمانه بنفسه وبقدراته وقابلياته ومعرفة نفسه حق المعرفه ولكن للاسف الشديد قتلوا فينا هذا الشعور ومنذ قرون .
بسبب التربية الخاطئه التي تبنتها السياسات الدكتاتوريه والنفعيه فشككو بقدراتنا وقابلياتنا وتنكرنا لاكبر (لا) في تاريخ الوجود بعد ان فجرها ادم واكل من الثمرة المحرمة لاثبات وجوده ولولاها لما كان آدم , وتناسينا اعظم (لا) حطم فيها الحسين (ع ) وكرالظلم والطغيان .
تحولت ( لا) ادم اليوم لنعم , نعم لكل شئ وبثمن لا يذكر كان يكون الثمن سيارة اوبيت او وظيفه وبالتالي خسرنا لذة الوعي النفسي والتمرد ضد الظلم واصبحنا حشاشة حد النخاع .
فقدان الشعور بالوعي النفسي افقدنا الشعوره بالوعي الاجتماعي و المصير التاريخي للوطن والامة اي فقدان الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع فنسينا اننا رواد وقادة في الاصلاح والتغيير وهي المسؤولية الحتمية الثابته والعقيدة الراسخة على مبدء كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .
ويا لنكبة الدهر اصبح التحشيش هو البديل عن هذا الشعور واللامبالات هي العقيدة والضحك على الذقون هي الوسيلة باسم الطائفية والمذهبية والمناطقية .
وعي الانسان بنفسه و مجتمعه من خصائص الانسان النزيه و بهما يمكن للانسان ان يصنع الحضارة والتقدم والعدل لكن ماذا نرى اليوم تجريد نا من اي وعي واصبحنا حشاشه نضحك على انفسنا ويضحك بعضنا على البعض الاخر لا نبالي بما يجري حولنا ابعدونا عن دورنا الانساني الحتمي الموسوم بالتغيير وبأسم الدين والعلم و الديمقراطية .
الى ان اخذ التحشيش بسبب الفراغ والارهاب يلعب دوره بجدارة ومهاره فنية , فسلطته هدفها التشويش والتزيف لعقولنا ووعينا وشعورنا بعد ان ابعدونا عن الهدف الاساسي المتمثل بالوعي لما يدور حولنا الوعي الرباني المرتكز على الوعي بالنفس والمجتمع والحياة .
كان الوعي بين المؤمنين يقتدى به كما في الحديث الشريف مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .فكان الفقير فقير الكل والمريض مريض الكل والمظلوم مظلوم الكل لان احساسهم ومعاناتهم واحدة .
واذا احسوا بخطرأو رأوا ظلما يتركوا كل شئ ويذهبوا للمسجد لمعالجة الامر ومحاسبة المقصر ولو كان الخليفة .
كلنا يعرف الحكاية التي تمت فيها محاسبة خليفة المسلمين عمر (رض ) ولماذا ؟
حاسبوه لانهم شاهدوه يرتدي ثوبا او جبة طويلة اطول من ثيابهم وهي من الغنائم الامر الذي اضطر الخليفة ان يصطحب ابنه كشاهد ليثب صحة ما يقول ولماذا اخذ حصته من القماش ويحضر بنفسه لحل الاشكال لا ان يرسل ممثل او ناطق عنه . ولم يشفع لعمر( رض ) انه الخليفة وفاتح مصر وايران وبلاد الروم و مقيم العدل .
هكذا كان الوعي متقد عندهم اذن مثل هؤلاء لا يحكمهم الا شخص مثلهم لا يعرف التهاون بالحق ولا المساومة على العدل بين الناس وفي الواقع لا يمكن ان يحكم هؤلاء ايضا كل من هب ودب لانهم اناس كانوا يحاسبوا انفسهم قبل غيرهم فبهم عبر الاسلام البحار .
اما لو كانوا حشاشة كما اليوم لكان الشعراء والكتاب يتغنوا بثوب الخليفة وطوله ويبرروا له ما قام به .
التحشيش في عالمنا أذن بدأ منذ العصر العباسي واغرق البلاد بالفساد والظلم وكثرة الاقلام المدفوعة الاجر سلفا .
يذكر لنا التاريخ العباسي صورمن صور التحشيش التي نشاهد منها اليوم ملايين النسخ الا وهي وليمة حفلة زواج جعفر البرمكي والعباسة تمثلت وليمه الحفل باطنان من الطعام والشراب بذخ واسراف ما بعدة اسراف هدر اموال طائلة في ليلة واحدة ولطبقة معينة وعلى حساب الشعب الجائع.
و بعد انتهاء الحفل رمي الاكل المتبقي خارج المدينة وكان جبل من الطعام اكلت منه الطيور والحيوانات الا ان الجبل لم يختل وسبب في ازمه تلوث البيئه مما اضطرهم لتأجير عمال لابعاده عن المدينة وبما ان الكل محشش لم نسمع من حاسب الخليفه او حتى كتب نقدا فيها ولم يؤنبهم لا رجل دين ولا شاعر ولا فقيه بل بالعكس الحشاشة كانت تجول وتصول وتتغنى بعظمة الحفل وكان الفقر والجوع يفتك بالكثير من العوائل انذاك .
وبالطبع الحكم العثماني والصدامي زادوا الطين بله الى ان اصبحنا اغراب عن انفسنا ووطننا اما قمة غربتنا اليوم يعود الفضل فيها للبرلمان المنتخب !!
اكيد اغلبنا رأى الولائم التي كانت تقام لبريمر على غرار الحفل البرمكي وشعبنا يلتوي من الارهاب والبطالة .
ومن منا لم يقرء او يسمع بالملايين الدولارات والنفط التى تم التبرع بها لبلدان اخرى بحجة المساعدة ولا تزال مدراسنا من الطين وشبابنا بدون عمل اليس هذا هو قمة التحشيش .
و بدل ان تعيد الحكومة بناء العراق تذهب لعقد صفقات سلاح خردة مغلفة بالفساد اذن كيف يكون التحشيش المضحك المبكي .
اما التحشيش الاعلامي فقد حرق الاخضر واليابس وأفقدنا المصداقية لاننا نفطر على تصريحاتهم ونتعشى على نقيضها فلتحشيش اصبح وسيلة تعبير سياسية للساسة ولرجال الدين السياسي ,
خذ عندك مثلا محكوم بالاعدام ولا يزال نائب برلماني ورئاسي , مجرم ويتقاضى راتب وهو خارج العراق ولم يحضر اطلاقا ,برلماني ياخذ الملايين وسكنه خارج العراق وتحصيله يقرء ويكتب , برلمانيات يدعن الحرية والديمقراطية ويرافقهن محرم والعراق يدفع لكلا الطرفين , شباب بعمر الزهور واكاديمي ولا يجد عمل , التناحر الحزبي والبرلماني على مرأى ومسمع من الجميع والمصالحة الوطنية تبحث بسوريا على ظاله البعث والدولة تدفع المليارات باسم المصالحة المزيفة .
البعث مجتث لكنه يصول ويجول بكل المؤسسات العراقية, 5000 شهادة دكتوراه مزوره باعتراف النزاهة تعمل في جامعات العراق وتحارب الكوادر الحقيقية ,اقليم وله جيش وعلم وتمثيل دبلوماسي وجيش وسفر وصفقات ولا يسمح للعراقي بالدخول للاقليم الا بدعوة , سفر دائم لكل النواب والوزراء بحجة التعاون المتبادل وعلى حساب اموال الشعب , ناهيك عن المليارات التي صرفت باسم الكهرباء والماء واعادة البناء ولم يرى العراقي منها شيئا , محاصصة افرزت حكومة ومضاد للحكومة , وابعدت الكادر المناسب عن المكان المناسب ,اما الدين السياسي وما فعله بالعراق يحتاج الى مجلدات لانها بالصوت والصورة .
اليس هذا كله تحشيش أذن نحن نعيش بعصر التحشيش الديمقراطي . فيا ساسة العراق كفاكم تحشيش وتذكروا ان الحياء شعبة من شعب الايمان .
د أقبال المؤمن
#أقبال_المؤمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟