|
الاعلان الدستوري الجديد تجاوز على الدستور وهدم لسلطة القضاء
اسماعيل علوان التميمي
الحوار المتمدن-العدد: 3925 - 2012 / 11 / 28 - 08:15
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
في الحادي والعشرين من نوفمبر الجاري اصدر الرئيس المصري محمد مرسي إعلانا دستوريا جديدا يعد حدثا سياسيا مفصليا في المرحلة الانتقالية التي تشهدها حاليا جمهورية مصر العربية منذ تولي الرئيس مرسي لمنصبه . حيث يتضمن هذا الإعلان سبعة مواد ، والحق به قرارين رئاسيين ، الأول عين بموجبه المستشار طلعت إبراهيم محمد عبدا لله بدلا من المستشار عبد المجيد محمود الذي أقاله حكما بذات الإعلان الدستوري ، عندما حدد بالمادة الثالثة من الإعلان مدة خدمة النائب العام بأربعة سنوات تسري بأثر فوري على النائب العام الحالي . والثاني يتضمن شمول المصابين المعوقين والعاجزين كليا من جراء أحداث ثورة يناير بالمعاش المخصص لذوي الشهيد ، وكذلك شمول المصابين بعجز جزئي حسب نسبة العجز منسوبا للمعاش المخصص للشهيد . ولأهمية وخطورة هذا الإعلان الدستوري ، والآثار والتداعيات التي ترتبت وتلك التي يمكن ان تترتب عليه في قادم الأيام ، وجدت من المفيد أن ابحث هذا الإعلان بستة فقرات خصصت فقرة لكل مادة تضمنها هذا الإعلان ، كما خصصت فقرتين لمناقشة القرارين الملحقين بالإعلان الدستوري ، وقمت بتحليلها قانونيا وتقديمها للقارئ الكريم وبأسلوب مبسط كلما كان ذلك ممكنا . أولا- المادة الأولى من الإعلان نصت على انه ( تعاد التحقيقات والمحاكمات في جرائم القتل والشروع في قتل وإصابة المتظاهرين وجرائم الإرهاب التي ارتكبت ضد الثوار بواسطة كل من تولى منصبا سياسيا أو تنفيذيا في ظل النظام السابق وذلك وفقا لقانون حماية الثورة وغيره من القوانين ) يعني هذا القرار إلغاء كافة قرارات الحكم الصادرة بحق المتهمين بجرائم القتل والشروع في قتل وإصابة المتظاهرين التي ارتكبت ضد الثوار من قبل السياسيين والتنفيذيين في النظام السابق . وهذه المادة من الإعلان الدستوري تتعارض صراحة مع أحكام المادة 454من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 المعدل التي نصت على انه ( تنقضى الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائى فيها بالبراءة أو الإدانة. إذا صدر حكم فى موضوع الدعوى الجنائية، فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن فى هذا الحكم بالطرق المقررة فى القانون. وكذلك مع أحكام المادة 455:التي نصت على انه ( لا يجوز الرجوع فى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغيير الوصف القانونى للجريمة ). وإذا أصر الرئيس مرسي على عدم التراجع عن الإعلان الدستوري فستكون هذه المادة سابقة صادمة في تاريخ القضاء المصري حيث لم يسبق للملك فاروق أو احد رؤساء مصر إن أمر بإعادة المحاكمات خلافا لقانون الإجراءات الجنائية المشار إليه . ثانيا- المادة الثانية من الإعلان الدستوري نصت على انه ( الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات السابقة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة في 30 يونيو 2012 وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد تكون نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة ، كما لا يجوز التعرض بقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء وتنقضي جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أية جهة قضائية( لا شك إن تحصين الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات التي يصدرها الرئيس من الطعن بها أمام المحاكم المختصة وبأثر رجعي منذ تسلمه منصبه في 30 يونيو 2012 وحتى نفاذ الدستور الجديد وانتخاب مجلس شعب جديد يترتب عليه الآثار الآتية : 1- إفلات الرئيس المصري بشكل مطلق من الرقابة السياسية لكونها منعدمة اصلا لعدم وجود مجلس الشعب وذلك لحله من قبل المحكمة الدستورية . 2- إفلاته أيضا من الرقابة القضائية بدرجاتها المختلفة بما فيها المحكمة الدستورية التي وان كانت محكمة دستورية إلا إنها تعد محكمة قضائية وكذلك إفلاته من محكمة النقض ومن محكمة القضاء الإداري والمحاكم الأخرى . وهذه سابقة صادمة أيضا للقاء المصري العتيد . ثالثا- المادة الثالثة من الإعلان الدستوري نصت على انه (يعين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار من رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ شغل المنصب ويشترط فيه الشروط العامة لتولي القضاء وألا يقل سنه عن 40 سنة ميلادية ويسري هذا النص على من يشغل المنصب الحالي بأثر فوري( هنا أيضا تجاوز الرئيس على صلاحية مجلس القضاء الأعلى في تعيين النائب العام عندما أقاله حكما بإعلان دستوري بأثر فوري عندما حدد مدة ولايته بأربع سنوات فقط في تحايل مفضوح الهدف منه إقالة النائب العام الحالي وليس تحديد فترة ولايته وهذه أيضا تعد سابقة حقا ان يقال النائب العام بإعلان دستوري . رابعا-المادة الرابعة من الإعلان الدستوري نصت على انه ( تستبدل عبارة تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته 8 أشهر من تاريخ تشكيلها ، بعبارة تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته 6 أشهر من تاريخ تشكيلها الواردة في المادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011( في هذه المادة تجاوز واضح على الإعلان الدستوري الصادر في 30مارس الذي تم الاستفتاء عليه وحددت المادة 60 منه مدة ستة أشهر للجمعية التأسيسية لتقديم مشروع الدستور الجديد للبلاد .وعليه فان تمديد المهلة المحددة للجنة ليس من صلاحية الرئيس لأنها تعد مقررة من قبل الشعب الذي استفتى على الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس. 2011. حيث لا يمكن لرئيس الجمهورية ان يتجاوز مادة دستورية استفتى عليها الشعب لان ما استفتى عليه الشعب لا يلفيه ولا يعدله الا الشعب نفسه وعليه فان تعديل المادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 يعد قرارا منعدما أصلا ولا تترتب عليه أية آثار ولا يتمتع بأية قيمة لا دستورية ولا قانونية.
خامسا-نصت المادة الخامسة من الإعلان الدستوري على انه (لا يجوز لأية جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور )
هنا أيضا تجاوز الإعلان الدستوري على اختصاصات القضاء ومنعه من ممارسة اختصاصه المنصوص عليه في الدستور والقوانين ذات الصلة وهذا يعني منع القضاء من حل مجلس الشورى او الجمعية التأسيسية وان فقدت هاتين المؤسستين احد شروط او عناصر وجودها . سادسا- المادة السادسة من الإعلان الدستوري نصت على (لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد ثورة 25 يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها ، أن يتخذ الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر على النحو الذي ينظمه القانون ( تعد هذه المادة من اخطر المواد التي وردت في الاعلان الدستوري حيث منحت الرئيس والرئيس لوحده صلاحية فرض حالة الطواريء متى ما قرر هو نفسه ان وضع البلاد يحتاج فرض هذه الحالة وهذا الوضع اخطر من حالة الطواريء التي كان يعمل بها نظام مبارك صفوة القول ان الاعلان الدستوري الجديد مخالف صراحة لمباديء الديمقراطية التي نادت بها ثورة 25 يناير وتجاوز على الدستور المصري وللاعلان الدستوري الصادر في 30 مارس وهدم لسلطة القضاء وقانون الاجراءات الجنائية . والمحكمة الدستورية هي المعنية بنقض هذا الإعلان الدستوري واظنها ستنقضه .
#اسماعيل_علوان_التميمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في قضية الشبيبي...تجاوزت السلطات الاتحادية الثلاث حدود اختصا
...
-
مذكرة القبض على الشبيبي واقالته من وجهة النظر الدستورية والق
...
-
مناقشة مؤلمة مع فخامة الرئيس
-
لقد طفح الكيل...استبدل قادتك الامنيين يا دولة الرئيس .
-
دستوريا...هل يحق للرئيس مام جلال الترشح للدورة القادمة؟
-
كيف يتم سحب الثقة من الحكومة بموجب الدستور؟
-
التهديد باعلان محافظات الوسط والجنوب اقليما ... ماذا تعني؟
-
بيوت الصحوات ...بين عبوات القاعدة وكلبجات الشرطة
-
قراءة في قرار المحكمة الاتحادية العليا الخاص بالهيئات المستق
...
-
محنة المتضررين من العمليات الارهابية ...متى تنتهي ؟
-
قراءة هادئة في ربيع عاصف
-
باق واعمار الطغاة قصار من سفر مجدك عاطر موار
-
بعد هروب (ملك ملوك افريقيا)...ما هو المطلوب من المجلس الوطني
...
-
مشروع انهاء اعمال المحكمة الجنائية العليا غير دستوري
-
وجود مدربين امريكيين في العراق يقتضي اتفاقية جديدة والا عد ا
...
-
مناقشة قانونية صرفة لمشروع مجلس السياسات
-
قراءة في استقالة عبد المهدي
-
دور الحكومة الاتحادية في فشل الحكومات المحلية
-
مناقشة...مع كبير مستشاري فخامة الرئيس
-
الناتو يحمي في المتوسط ، ودرع الجزيرة يقمع في الخليج
المزيد.....
-
اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر
...
-
ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا
...
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا
...
-
إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
-
مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
-
مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري
...
-
لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
-
مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|