بهجت عباس
الحوار المتمدن-العدد: 1135 - 2005 / 3 / 12 - 11:27
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
قصيـدتان
راينر ماريا ريلكه - ترجمة د. بهجت عباس
السَّـجـين Der Gefangene
I
لا تـزال لِيَـدي إشارة واحدة فقط
بهـا تلاحـق البَـلَـلَ المتسـاقطَ
من الصّـُخـور
على الأحجـار القـديمة.
إنّني أسمع فقط هذا التَّـساقطَ
وقلبي يواصل ضرَبـاتِـه
مع وقـع تسـاقط القطـرات
ويخفت شيئاً فشيئاً بخفوتها.
إذا تسـاقطتْ بسرعَـة أكثر،
إذا أتى حيـوان مـرَّةً أخـرى،
كان مكان ما أكثرَ تـألّـُقـاً-،
ولكنْ ماذا نعـرف.
II
تخَـيَّـلْ: مـا يكون الآن سمـاءً وريحاً،
ينعش فمَـكَ بنسيمه ويجعل عينك برّاقـة،
يُصـبح حجـراً حتى الموضـعَ الصَّغـيرَ
الذي يـقع قـلبُـك ويـداك عـنده.
ومـا يُسَـمّى الآن فـيك غـداً، وثُـمَّ:
و مُـؤخَّـراً وفي السَّنة القادمـة ومـا بعدهـا،
يُصبح دُمَّـلَـةً ملآى قـيـحاً-
تتـقيَّـح فقط ولا تنـفجـر.
ومـا كان في الذاكرة، يصبح ذا جنون
ويهـيج فيك من كلِّ جـانب
جاعلاً الفـمَ اللطيفَ الذي لمْ يضحكْ أبداً،
مُـزبِـداً من القهـقهـة.
والذي كان يومـاً إلـهـاً، يصبح الآن سجّـانَكَ
يُـلصِـقُ عينَـه القّـذرةَ بضراوةٍ في الثقب الأخير.
ولكنّـك ما زلتَ تحيـا.
راقصة أسبانية Spanische Tänzerin
كما لو أنَّ في اليد علبةَ كبريت، بيضاء،
تنبعث منها ألسـنةُ تومض في كلِّ اتجـاه
قبل أن تنـفـجـرَ إلى اللهيـب-: يبدأ رقصُـها
الدائـريّ باختلاج، في الدائرة التي يحيط بها
متفـرِّجون يغمرهم حماس، ولمعان وحرارة،
ثم ينتشـر في كلِّ مكان.
وفجـأةً يكـون لـهـيـباً تامّـاً شاملاً.
وبومضةٍ تُـؤلِّـق شَعـرَها وهَجـاً
وتفـتـل فجـأةً بفَـنٍّ هـائـل
ثـوبَـها كلَّـه في هذا الإنفجار الوهّـاج،
ومن هـنا، كالأفـاعي المُـخـيـفة،
تَمـتَـدّ ذراعـان عاريـتان يقظـتان مُـصلصِلتـان.
وثـمَّ: كما لو أنَّ النـارَ قد ضيَّـقتْ عليـها،
تـجمـعـه بأكـمـله وتَـخـلـعـه عـن جسدهـا
بتَـعـالٍ كبيـر، وإيـماءة مُـزدرِيـةٍ
وتـنظـر : وَهُـنـا تَضطجع بسرعة جنـونية على الأرض
وتـواصل التـوهّـجَ ولا تـريد التَّـخَـليَّ عـنـه-.
ولكنْ بانتصـار، وثِـقَـةٍ وبابتسـامة عـذبةٍ مُحيِّـيَةٍ
تـرفع رأسَـها وتختـمُـه بقـدمـيها الصَّغيرتين الصَّلـبتيْـن.
#بهجت_عباس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟